تعايشي مع السمنة وتقبلي لها كان من مبدأ الأمر الواقع رغم سوء وكارثية وضع جسدي. ومثل غالبية أصحاب الكروش الكبيرة :splat:، كنت أحاول التغلب على المواقف المحرجة بالإبتسامة والدعابة أو التغافل وفي التغافل نصف الفطنة:kaioken:. تأقلمت على مضض مع جسدي السمين الذي أنهكني ماديا ونفسيا، على سبيل المثال لا الحصر، الملابس تتوفر في متاجر محدودة وبالسعر الذي يرتضيه التجار دون حتى مجرد التفكير في المفاضلة بين قطعة وأخرى ليقينهم بأننا فئة من البشر لا يحق لها الاختيار بعد التكاسل والتبلد في الحجم العائلي:O_SHH_:.
سنة بعد سنة يزداد الوزن دون مزدجر حتى أصبحت 133.5 حتى وصلت لمرحلة تعيسة من الفشل والاستسلام للأمر الواقع والصور المرفقة تدلل على الظاهر وما خفي كان أعظم. تفاقمت المشاكل الصحية شئيا فشيئا من عدم انتظام ضغط الدم على الرغم من الحبوب اليومية وأثارها الجانبية والنفسية المدمرة وبعد تراكم الزيادات "والديفوهات " في جميع أنحاء الجسم حتى أصبحت دبدوب يتدحرج وينقطع نفسي بمجرد التفكير في الكلام. لجأت للعديد من الحميات المختلفة ووصفات الأعشاب والإبر و البراشيم من نوعية قاهر الدهون والحارق الخارق وخلافه التي لا تحرق إلا النقود وتنتهي بإنتكاسة وزيادة جديدة في الوزن أكثر مما سبق تراخيا وتكاسلا مني :nosweat:. وفي أحدى الزيارات للعمرة بمكة المكرمة كان السفر من الكويت بالطريق البري وكانت المعاناة على ما أشدها واستقر في ضميري أن السفر قطعة العذاب بسبب الجلوس ليومين متواصلين وأصحاب الكروش دائما على مذهب التمدد وفرد الظهر حتى لا يتكور الكرش وتسببت على الرغم مني في أذى جاري في الحافلة لأني كنت أشغل مقعدي ونصف مقعده:kaioken:.
كانت نقطة التحول الحقيقية والتي معها قررت أن أتغير حينما سمعت عن فيلم "اكس لارج" للمبدع أحمد حلمي – شفاه الله– بالبداية لم تكن لي رغبة في مشاهدة الفيلم حتى لا ننكأ جراح لم يشفيها الزمن ومن مبدأ عدم تقليب المواجع، حتى كان اليوم الذي رأيت أحد اصدقائي يشاهد الجزء الأول من الفيلم على موقع يوتيوب وهو الجزء الذي يبدو للبعض الطريف الظريف والمواقف التي تبدو أنها فكاهية ولكنها وياللحسرة تسرد المأساة التي كانت فصولها عرض مستمر:gr4uu:.
منذ ذلك الحين عزمت النية واتخذت القرار ألا أضعف مهما كانت المغريات حتى وإن كانت صينية باشميل أو فطير مشلتت أو ما نسميه في الصعيد "مطبق" بالسمن البلدي وساعدني أحد أصدقائي الأعزاء وكان بالمناسبة نحيف ويزن 60 كجم في الاصرار على قراري وللمصادفة كان الوزن الزائد لدى يقارب وزن صديقي النحيف الذي كنت امازحه وأقول له سأخسر – إن شاء الله – من الوزن ما يعادل وزنك فكيف لقلبي ومفاصلي أن تتحمل شخصين وما الذي يجبرني على حمل شخص آخر واتنفس بصعوبة من اجله. يجب على أن أطرحك من فوق أكتافي فلقد أتعبتني وبدات القصة:_019:.
بعد عمل التحاليل اللازمة وفحص الغدة الدرقية والتأكد من أن زيادة الوزن سببها "طفاسة" :_019:مني وليس نتيجة مرض عضوي، شرعت في نظام غذائي صارم ورياضة لانهما جناحي النجاح وكاذب من يعتمد على أحدهما فقط.
مفتاح النجاح انني كنت أراقب وأدون السعرات الحرارية التي استهلكها يوميا بحيث لا تزيد عن الف سعرة حرارية بأي حال من الأحوال ونسيت الشاي والقهوة المحلى بالسكر وأصبحت كل مشروباتي بدون سكر وتخليت طواعية عن الخبز والنشويات تماما في الثلاث أشهر الأولى وفي البداية كانت اقصى رياضة اتحملها رياضة المشي لمدة نصف ساعة وبعد ذلك تطور الوضع للعب البينج بونج نصف ساعة مع صديقي النحيف وخسرت في الثلاث أشهر الأولى 23 كجم :clap::clap: ولم يكن التغيير ملحوظا جدا كما هو الآن حيث أن كمية الدهون والمياه المحتبسة بالجسم بشعة وخسارة بعضها لا يلفت انتباه إلا من يعرفني عن قرب. ودعت الحلاوة الطحينية بالمكسرات وقلت للمقليات نلتقي في الجنة وطلقت المحمرات ثلاثا إلا المم. جربت بعض أنواع حبوب التخسيس والخلطات وكان انفعها لي شاي رويال للتخسيس ولحسن الحظ كان أقلها تكلفة وهو متوفر في مصر العبوة الكاملة 12 جنيه أو ثلاث دنانير بالجمعيات ولكن احذر من استعماله لمدة طويلة حيث يؤدي لكسل المعدة وامساك مزمن بعد التوقف عن استعماله لذلك يستعمل لمدة شهر على الأكثر حتى يتخلص الجسم من المياه الزائدة المحتبسة داخلة ويساعد في خسارة بعض الدهون التي لا تحرقها غير الرياضة والرجيم.
كنت لا أنسى أن يكون في نهاية كل أسبوع وجبه واحدة مفتوحة لمكافأة نفسي على ما أحرزته خلال الاسبوع المنقضي لأكل ما تشتهي نفسي من وجبات صحية لكن دون إسراف. وكان النظام الغذائي المتبع لا يهدف أطلاقا إلى التجويع لفترات طويلة لأن الضرر النفسي والبدني للرجيم العشوائي خطير للغاية والجسم البشري لديه قدر رائع من الذكاء والمرونة للتأقلم على الكميات القليلة من الطعام وتخفيض مستوى التمثيل الغذائي وبذلك يحدث ثبات للوزن رغم النظام الغذائي والرياضة لذلك التنوع مطلوب واختلاف كميات وأنواع الطعام أثناء الرجيم تحقق المستهدف تماما وتتغلب على مقاومة الجسم لفقد المزيد من الوزن الزائد.
فكرت كثيرا في العمليات الجراحية لتنزيل الوزن وهي في بعض الحالات تكون ضرورة حتمية ولكن في حالتي وبعد استشارة طبيب نصحني بالرجيم والرياضة لتجنب الأثار الجانبية لتلك العمليات ولتفادي مخاطرها التي لا تخفى على عاقل، لذلك خسارتي للوزن لم تكن عن طريق أي جراحة نهائيا بل توفيق من الله ثم عزيمة قوية وتشجيع من زوجتي واسرتي وأصدقائي واحبائي وأخص منهم بالذكر أخي وصديقي النحيف حسام حيث كنا نعمل في نفس مكان العمل وكان يشجعني ويراقب وجباتي. وكان من الضروري استشارة طبيب من حين لآخر وتابعت لفترة بسيطة مع أخصائي تغذية لظروف العمل في منطقة بعيدة عن المدينة لذلك استعنت بنصائح مواقع الانترنت الموثقة والعلمية مثل برنامج التفاح الاخضر وثقف تفسك على الفيس بوك بموضوعاته الشيقة والمفيدة والتي كان لها أكبر الأثر في رحلة النجاح في خسارة الوزن حتى استطعت والحمد لله تغيير عاداتي الغذائية وارتضيت نمط حياة منظم لحد ما حيث يجب ألا ننصاع لشهواتنا البهيمية بأكل جميع المتاح ومسح الصحون العملاقة :rerrerek::rerrerek:.
وبعد نسف ما يزيد عن 50 كيلو خلال ثمانية أشهر أستمر في مراقبة ما أكله جيدا حتى وإن نازعتني نفسي، والنفس أمارة بالسوء، في التهام وجبه دسمه أو أكل كمية أكبر من المخطط لها فيكون التعويض في اليومين التاليين بتخفيض كمية الوجبات وزيادة مدة الرياضة قليلا وأصبحت ثلاجتي لا تخلوا مطلقا من التفاح الأخصر والخيار كبديل صحي للمقرمشات والمكسرات وقاطعت العديد من أحب المأكولات بنفس راضية والحمد لله :gr4uu::gr4uu:.
ولا أبلغ من كلام ابن القيم حيث يشخص الداء ويصف الدواء في كلمات بسيطة توزن بميزان الذهب وبحروف من نور:
قال ابن القيم :
اقتباس:
( إنَّ مخالفة الهوى مُطردة للَّداء عن القلب والبدن ومُتابعته مَجلبة لداء القلب والبدن فأمراض القلب كُلها من متابعة الهوى ولو فتَّشت على أمراض البَدن لرأيت غالبها من إيثار الهوى على ما ينبغي تركُه).
هذا ما أود عرضه على أصدقائي من أصحاب الاوزان الثقيلة واحتسب الاجر عند الله ولا أحتاج إلا تشجيعكم للاستمرار واقول لهم ولنفسي الصحة تاج على رؤوس الأصحاء ويمكنك تحقيق هدفك ما دامت العزيمة والإصرار متوفرة ولا بأس من الفشل والمحاولة مرة أخرى و كل نجاح حقيقي سبقه سنين من التجارب والفشل والتعثر ولعل موضوعي هذا يساعد البعض ممن يعاني السمنة فيجد الحافز والتشجيع وليعلموا أن أجسامنا نعمة كبيرة من الله تستحق المحافظة عليها وتستحق الاعتناء بها
« آخـــر الــمــواضــيــع »
دعوة في الحرم نسفت بدانتي
العرض العادي
