البراجماتية
عرض المنهج ونقد الواقع
غادة الشامي
• تعريف الفلسفة البراجماتية:
البراجماتية تعد منهجًا في التفكير أكثر منها نظرية عامة.
كلمة البراجماتية في أصلها اللغوي مشتقة من كلمة يونانية تعني: العمل النافع، أو المزاولة المجدية، ويصبح المقصود منها هو "المذهب العملي"، أو "المذهب النفعي"؛ (الخراشي، 1435هـ).
وعرفها المعجم الفلسفي بأنها: مذهب يرى أن معيار صدق الآراء والأفكار إنما هو في قيمة عواقبها عملاً، وأن المعرفة أداة لخدمة مطالب الحياة، وأن صدق قضية ما هو كونها مفيدة، والبراجماتي بوجه عام: وصف لكل من يهدف إلى النجاح، أو إلى منفعة خاصة).
والفلسفة "البراجماتية" هي: فلسفة تصور العصر العلمي الذي نعيش فيه اليوم بصفة عامة، وتصور الحياة العملية التي يعيشها الأمريكيون في مدنيتهم الصناعية الحديثة بصفة خاصة؛ (الحجيلي، ص 278 - 279).
• أبرز الشخصيات وأسباب النشأة:
نشأت (البراجماتية) كمذهب عملي في الولايات المتحدة الأمريكية مع بداية القرن العشرين: وقد وجدت في النظام الرأسمالي الحر الذي يقوم على المنافسة الفردية خير تربة للنمو والازدهار.
ومن أبرز رموز المذهب وأغلبهم من الأمريكيين:
• تشارلس بيرس 1839 - 1914م، ويعد مبتكر كلمة البراجماتية في الفلسفة المعاصرة، عمل محاضرًا في جامعة هارفارد الأمريكية، وكان متأثرًا بدارون، ووصل إلى مثل آرائه، وكان أثره عميقًا في الفلاسفة الأمريكيين الذين سنذكرهم فيما يلي:
• وليم جيمس 1842 - 1910م، وهو عالم نفسي، وفيلسوف أمريكي من أصل سويدي، بنى مذهب البراجماتية على أصول أفكار بيرس، ويؤكد أن العمل والمنفعة هما مقياس صحة الفكرة، ودليل صدقها، كان كتابه الأول: مبادئ علم النفس 1890م الذي أكسبه شهرة واسعة، ثم توالت كتبه: موجز علم النفس 1892م، وإرادة الاعتقاد 1897م، وأنواع التجربة الدينية 1902م، والبراجماتية 1907م، وكون متكثر 1909م يعارض فيه وحدة الوجود، ويؤكد جيمس في كتبه الدينية أن الاعتقاد الديني صحيح؛ لأنه ينظم حياة الناس، ويبعث فيهم الطاقة.
• جون ديوي 1856 - 1952م فيلسوف أمريكي، تأثر بالفلسفة البراجماتية، وكان له تأثير واسع في المجتمع الأمريكي، وغيره من المجتمعات الغربية؛ إذ كان يعتقد أن الفلسفة مهمة إنسانية قلبًا وقالبًا، وعلينا أن نحكم عليها في ضوء تأثرها الاجتماعي أو الثقافي، كتب في فلسفة ما بعد الطبيعة (الميتافيزيقا)، وفلسفة العلوم والمنطق، وعلم النفس، وعلم الجمال والدين، وأهم مؤلفاته: دراسات في النظرية المنطقية 1903م، وكيف تفكر؟ 1910، والعقل الخالق 1917م، والطبيعة الإنسانية والسلوك 1922م، وطلب اليقين 1929م.
• شيلر 1864 - 1937م، وهو فيلسوف بريطاني، كان صديقًا لوليم جيمس، وتعاطف معه في فلسفة البراجماتية، وقد آثر أن يطلق على آرائه وموقفه: المذهب الإنساني أو المذهب الإرادي. (الذرائعية (البرجماتية)، 1435هـ).
• الأفكار والمعتقدات البراجماتية:
من أهم أفكار ومعتقدات البراجماتية ما يلي:
1- أن أفكار الإنسان وآراءه ذرائع يستعين بها على حفظ بقائه أولاً، ثم السير نحو السمو والكمال ثانيًا.
2- إذا تضاربت آراء الإنسان وأفكاره وتعارضت، كان أحقَّها وأصدقَها أنفعُها وأجداها، والنفع هو الذي تنهض التجرِبة العملية دليلاً على فائدته.
3- أن العقل خُلق أداة للحياة، ووسيلة لحفظها وكمالها، فليست مهمته تفسير عالم الغيب المجهول، بل يجب أن يتوجه للحياة العملية الواقعية.
4- الاعتقاد الديني لا يخضع للبيئات العقلية: والتناول التجريبي الوحيد له هو آثاره في حياة الإنسان والمجتمع؛ إذ يؤدي إلى الكمال، بما فيه من تنظيم وحيوية.
5- النشاط الإنساني له وجهتان: فهو عقل، وهو أداة، ونموه كعقل ينتج العلم، وحين يتحقق كإرادة يتجه نحو الدين؛ فالصلة بين العلم والدين ترد إلى الصلة بين العقل والإرادة.
6- العالم متغير باستمرار، ويعد الوصول إلى حقيقة الكون وكيفية وجوده أمرًا بعيد المنال.
7- يُعد كل فرد جزءًا من المجتمع، وله دور معين فيه.
8- تنظر إلى الحقيقة أنها غير مطلقة، وتضع ثقتها في قدرة الإنسان على المساهمة الفاعلة في بناء المجتمع وتطويره، وحل المشكلات التي تواجهه، أو التخفيف من حدتها على الأقل.
9- لا تؤمن بوجود قوانين أخلاقية مطلقة، وما يصدر من أحكام يعتمد على نتيجة تطبيق هذا الشيء من ناحية، والنفع أو الفائدة من ناحية أخرى.
10- ترى أن طبيعة الإنسان متكاملة؛ فعقله وجسمه ومشاعره ليست أجزاء منفصلة، بل هي خصائص لعضو متكامل، وأن كل فرد له طبيعته وشخصيته الخاصة به.
11- أن الفكرة لا بد أن تكون قابلة للتنفيذ، وأن يكون لدينا اعتقاد بإمكانية تطبيقها فعلاً، وأن الفكرة أو القضية التي ليست لها نتائج عملية أو تأثير في السلوك هي قضية أو فكرة لا وجود لها.
12- أن "المنهج البراجماتي" لا يهتم بمصدر الأفكار، ولا بكيفية ظهورها، وإنما يهتم بنتائجها العملية المؤثرة على السلوك والحياة.
13- الفكر البراجماتي ينطلق من المستقبل متجاهلاً الماضي، وجاعلاً الحاضر لحظة إعداد؛ لتحقيق برنامج نصنعه للمستقبل، فهو يُحدِث قطيعة مع الماضي، ويرفض البحث في المبادئ الأولية، وفي كل أشكال المطلق.
14- العقل عند البراجماتية أداة لفهم العالم وتغييره، والنظريات الفلسفية وسائل تقود لإنجاز الأهداف المحددة في المستقبل.
(مرعي والحيلة، 1432، ص123) (الذرائعية (البرجماتية)، 1435هـ).
(سعادة وإبراهيم، 1428هـ، ص77) (الحجيلي، ص299 - 308).
يتبع
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك