حقوق الإنسان بين نظرة الإسلام وإعلان هيئة الأمم المتحدة
علي محمد مقبول الأهدل
أولاً: إعلان هيئة الأمم المتحدة:
عدم التوازن بين الحقوق والواجبات، فتنظر إلى الإنسان باعتباره مخلوقاً نفعياً، مبلغ همه في الدنيا تحقيق أقصى درجات اللذة والاستمتاع، وهو منحى ينزل الإنسان منزلة تجعله أكثر قرباً من "الحيوانية" التي أداها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [محمد: 12].
فالإنسان في الغرب يركض دائماً وراء ما هو له، ولا يهتم بما هو عليه، فهو يدور حول حاجته، ولا يدور حول قيمه وأخلاقه:
1- لا تنظر إلى الإنسان بوصفه مخلوقاً صاحب رسالة، أو مكلفاً بإعمار الأرض والدفاع عن الحق والفضيلة.
2- تأسست على مبدأ النسبية الذي يرفض الاعتقاد بثبات القيم والأخلاق والعقائد الدينية.
3- تأسست على مبدأ وعقيدة معينة هي الفكر العلماني الغربي الحديث منذ نشأته في القرن الثامن عشر الميلادي وحتى الآن.
4- لا تتوفر فيها الشروط الآتية:
أ- العدل بين الناس دون تمييز.
ب- الرحمة بالإنسان وتكريمه.
ت- غياب التصور الشامل للإنسان من حيث تكوينه الروحي والجسمي وغاياته القريبة والبعيدة.
ثانياً: مزايا حقوق الإنسان في الإسلام:
تتميز حقوق الإنسان في الإسلام بالمزايا الآتية:-
1- مصدر هذه الحقوق مبني على أن السيادة والحاكمية لله سبحانه ، قال تعالى: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴾ [الأنعام: 57]، وقال تعالى: ﴿ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62].
فاستناد الحق إلى الله سبحانه وشريعته يؤدي إلى اقتران الحق بالواجب، واقتران حق الفرد بحق الجماعة، واقتران الحقوق الفكرية والسياسية بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ومن خلال أداء الواجبات ترعى الحقوق، إذ ما من حق لفرد أو جماعة إلا كان واجباً على غيره، وحقوق المحكومين إنما هي واجبات على الحكام، وحقوق المستأجرين إنما هي واجبات على المالكين، وحقوق الأولاد إنما هي واجبات على الوالدين[1].
2- الثبات، فلا تتغير بتغير الزمان وتبدل الظروف والأحوال.
3- الشمول وسمو الهدف، فحقوق الإنسان في الإسلام شملت الرجال والنساء والأطفال، كما شملت المسلمين وغير المسلمين في داخل دولة الإسلام وخارجها؛ لأن البر في الإسلام إنساني عالمي، قال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].
4- انطلاقها من مقام الإحسان، أي: من المقام الذي يكون فيه العبد تحت مخافة الله سبحانه ، فيضمن حمايتها ورعايتها، ويرعى وجودها وحرمتها، ويسأل المرء عنها أمام الله في السر والعلن.
5- إضافة إلى السبق الزمني لحقوق الإنسان في الإسلام على غيره، فإن هذه الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان لم تتحقق عبر صراعات فكرية أو ثورات ومطالبات كما هو الشأن في تاريخ حقوق الإنسان في النظم الديمقراطية، وأسباب نشأتها، كالحال في فرنسا وبريطانيا، وإنما تلقت مبادئها وأحكامها وحياً من عند الله سبحانه دون سابق حديث عنها أو تطلع إليها أو كفاح في سبيلها.
6- التوازن بين الحقوق والواجبات، قال صلى الله عليه وسلم: "أدوا الحق الذي عليكم، وأسألوا الله الذي لكم"[2].
7- أنها واقعية ومرتبطة بالحياة، وتلمس حاجة الإنسان.
[1] د. فتحي عثمان. حقوق الإنسان بين الشريعة والقانون الغربي.
[2] سنن البيهقي الكبرى (16392) (8/157).
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك