12-31-2022, 07:04 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 358,535
|
|
التعدد من ناحية نفسية
التعدد من ناحية نفسية
أ. فيصل العشاري
السؤال:
♦ الملخص:
رجلٌ مُتزوج يُريد الزواج مِن زوجةٍ أخرى؛ لاعتقادِه أنَّ راحته نفسيًّا ستكون في الزواج، ولما علمتْ زوجتُه بذلك طلبت الطلاق.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا رجل متزوج منذ 14 عامًا، لديَّ أولاد، وزوجتي لا يعيبها شيء ولله الحمد.
بعد سنوات مِن زواجي تَطلَّعتُ للزواج الثاني، لا لنَقْصٍ في زوجتي، لكن لشعوري أنَّ السعادةَ ستكون في الزواج الثاني!
أحيانًا أشعر أني أَمُرُّ باكتئابٍ وغيابٍ عن الإحساس بملذات الحياة، لكني كنتُ أكتم ذلك، وأُساير أمور الحياة، وأتصنع السعادة.
بدأتُ أُفكِّر جديًّا في التعدد، فتَقَدَّمْتُ لفتاة، ثم أخْبَرْتُ زوجتي بعد إتمام الخطوبة، فثارتْ ثائرتها وثار أهلها، وطلبوا الطلاق فتراجعتُ عن إتمام الزواج!
شعرتُ أني بعد الخطبة تَحَسَّنْتُ نفسيًّا، ولَم أعُدْ أشعُر بشيءٍ مما كنتُ أشعُر به قبل الخطبة، ولَمَّا ألغي الزواجُ انْتَكَسَتْ حالتي بشدة!
راجعتُ طبيبًا نفسيًّا، وأخذتُ علاجًا للاكتِئاب لمدة عامٍ، لكن للأسف زادتْ حالتي سوءًا، وزاد الاكتِئاب والأَرَق.
والعجيبُ أنَّ زوجتي بعد إلغاء الزواج أصبحتْ تُعاني الأعراضَ نفسها التي أشعُر بها، فهل يُؤدِّي اقتصار الرجل على زوجةٍ واحدةٍ إلى هذا التعَب النفسيِّ!
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكركم على تواصُلكم معنا، وثقتكم في شبكة الألوكة.
عرَضتَ في رسالتك أنك تشعُر بحاجتك للزواج من ثانية، وأنك تعتقد غالبًا أنَّ هذا الأمر سيَزيد مِن سعادتك، ويُخَلِّصك مما أنت فيه مِن تعاسةٍ واكتئاب، بالرغم مِن عدم وُجود أي مشكلات مِن زوجتك الحالية، وعدم وُجود نقص في الجوانب التي تطلبها منها.
إن التعدد يكون بحسب ظروف المعدِّد نفسه، وهو الرجلُ الذي يَنوي الزواج مِن ثانية، فقد تحيط به ظروف نفسية مُعينة تُؤثِّر على قراره الصائب في موضوع التعدُّد، فقد يرغَب بشدة في التعدُّد، كما قد يَمتنع بشدة عن التعدُّد دون مُسوِّغ مفهوم أمام الآخرين.
ولعلَّ هذا السبب ربما انطبق عليك، فأنت تقول: إنك لا تُعاني تقصيرًا مِن ناحية زوجتك، كما أنك ترغب في التعدُّد مِن أجل تحسين حياتك النفسية فحسب!
والنتيجةُ هي أنَّ سببَ تعاستك ليستْ (زوجتك الحالية)، وإنما هو أمرٌ نفسيٌّ يَتعلَّق بك.
ومِن الجميل أنك قمتَ بزيارة الطبيب النفسي، وأعطاك دواءً للاكتئاب، لكنك لم تُبَيِّن لنا طبيعةَ التشخيص الذي خرَج به الطبيب النفسي، وحبذا لو قمتَ بزيارةٍ أخرى إلى المختص النفسي، وليس الطبيب النفسي، فالمختصُّ سيكون غالبًا أَقْدَر على التعامُل مع النواحي النفسيَّة، بينما الطبيب النفسيُّ يهتم كثيرًا بالناحية الدَّوائيَّة والسَّريريَّة.
بَقِيَتْ نقطتان مهمتان:
الأولى: أنَّ طبيعة معاناتك هي معاناة نفسيَّة، لا علاقة لها بالزواج مِن ثانيةٍ وثالثةٍ ورابعةٍ، فقد تَتَزَوَّج وتستمر تعاستُك، وليس مضمونًا أنَّ تعاستك النفسية ستنتهي بالزواج الثاني.
أمَّا ما لاحظتُه مِن تحسُّن لنفسيتك أثناء الخطبة، فليس دليلًا دقيقًا على ذلك، فهي مجرد فُقاعة نفسيَّة بسبب التوقُّع النفسي المفرِط في التفاؤل، فلما زال السببُ عادت التعاسةُ مرة أخرى، ونذكُر هنا أن التعاسة ليس عنوانها: (افتقاد زوجة ثانية)، وإنما قد يكون لها عنوانٌ آخر يَحتاج منك إلى شيءٍ مِن بذل الجهد لتبحثَ عنه، ولتصل مع المختص النفسي إلى التشخيص الدقيق.
الثانية: حتى مع زوال المشوش النفسي لا بد مِن توقع المشكلات المترتبة على الزواج الثاني، ونعني بها: رد فِعل الزوجة الأولى، والتي تبينتَ عدم موافقتها الصريحة ووصول الأمر إلى طلب الفراق، وهذا لا شك أنه موقف خطأ منها، لكن لا بد مِن مراعاته مِن جانبك؛ لئلا تَتَشَتَّت الأسرة في سبيل البحث عن السعادة الموهومة في الزواج الثاني.
نسأل الله تعالى أن يرزقك العافية والشفاء مِن كل داء، وأنْ يهديك مِن أمرك رشدًا والله الموفق
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|