12-26-2022, 04:33 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 357,566
|
|
الحماية الزائدة وأثرها على الأطفال
الحماية الزائدة وأثرها على الأطفال
عدنان بن سلمان الدريويش
الحماية الزائدة هي حمايةٌ مبالَغ فيها لا تعطي للطفل مساحة للتصرف أو التعرف على البيئة التي يعيش فيها، وتتضمن تدخلًا دائمًا في حياته وقراراته، وخاصة ما يكون من الأم التي تشعر بأن طفلها سيتعرض للأذى في كل لحظة، ومن دون قصد تملأ نفس الطفل بأن هناك مئات من الأشياء غير المرئية في المجتمع تشكل خطرًا عليه، ومن ثَم يشعُر الطفل بالخوف، ويرى أن المكان الوحيد الذي يُمكن أن يشعر فيه بالأمان والاطمئنان هو بجوار أمِّه، لدرجة أن يخاف الوالدان عليه؛ حتى يحوِّلانه إلى كائن ساكن ليس لديه أيةُ مبادرات.
ومن مظاهر هذا الخوف، منعه من اللعب مع أقرانه، وإجباره على ارتداء ملابس كثيرة، إرغامه على تناول أطعمة معينة، وتدليله من خلال الاستجابة لجميع طلباته، ومعاملته طوال الوقت كطفلٍ رضيعٍ لا يستطيع الاعتمادَ على نفسه وتحمُّل المسؤولية، وهذا بدوره يمنع نموَّ شخصية الطفل، ويمنع الطفلَ من تحقيق الاستقلال الذاتي.
هذا الطفل يشعر بالخوف دائمًا، ولا يستطيع أن يَعبُرَ الطريقَ وحدَه، أو يستمتع بالجري أو اللعب أو السباحة في البحر؛ لأنه يتوقع في كل لحظة أن يُصاب بأذى، ويظل منطويًا خجولًا بعيدًا عن محاولة فعل أي شيءٍ خوفًا من إصابته بأي أذى.
فهُما لم يَسمحا له أن يخطئ، وإذا أخطأ حملوا عنه خطأَه، وفرَّ له الأبوان جميع ألوان الراحة والملهيات والأدوات الداعمة، وبين يديه السائق والخادمة... (شُبِّيك لُبِّيك).
وقد يلجأ الوالدان إلى هذا الأسلوب لعدة أسباب، ومنها:
• إذا كان الطفل وحيدًا.
• الإنجاب بعد فترة زمنية طويلة من الزواج.
• إذا كان الصبي الوحيد بين بنات، أو العكس.
• الجهل بأساليب التربية الصحيحة.
• قد يكون الوالدان تلقَّوْا في طفولتهم الأسلوب نفسَه في التربية.
• مَرِضَ الطفل مرضًا مزمنًا.
لذا اترُكه يعيش حياته الطبيعية، دعْه يُخطئ ويتعلم من خطئه، نحن نوفر له الحماية التي تحفَظه من الأخطار فقط، أما الحماية من كل شيء، فتجعل الطفلُ ينشأ مُفسدًا، ثم يقع في شرِّ أعماله، وللحماية الزائدة تأثير سلبي على الطفل في كافة المستويات، ومن تلك التأثيرات:
• عدم تقدير مشاعر الآخرين، بل دائمًا يتوقع المزيدَ منهم دون إعطاء المقابل.
• تنمية الطباع السيئة، سواء كانت تلك الطباع غرورًا، أو عدوانية أو أنانية، ويصبح طفلًا اعتماديًّا غير مسؤول، وقد يتنمر على الآخرين.
• الكسل: عندما تؤدي الأمُّ كلَّ المهام والوظائف بالنيابة عنه، قد يعتاد الطفل ذلك مع نموِّه ونُضجه، ويصبح شخصًا كسولًا اعتماديًّا على غيره في المقام الأول، ولا يستطيع تلبية احتياجاته الأساسية.
• لا يعترف بأخطائه، ولا يعتذر عنها، فهذا يجعل منه شخصية غير مبالية لا تعترف بأخطائها ولا تعتذر عنها.
• تدنِّي احترام الذات: إن الطفل الذي عانى من الحماية المفرطة، ينضج وهو يعاني من تدني احترام وتقدير الذات، وقد يفتقر إلى المرونة والثقة الضروريتين لمواجهة العالم، وذلك بسبب الرسالة التي يتم توجيهُها للطفل دائمًا بأنه غير مؤهَّل بما يكفي لإدارة حياته بنفسه.
• التعرُّض للاكتئاب والقلق: إن الإفراط في الحماية في الصغر يسبِّب القلق والاكتئاب في الكبر؛ حيث يعتاد الطفل على قلق والديه المستمر عليه، وينمو وهو مضطر للتفاعل تحت القلق الدائم من حدوث شيءٍ ما.
أسأل الله العظيم أن يُصلح لنا أنفسنا وأزواجنا وذريَّاتنا، ويُجملنا بالخلق الحسن وبالعمل الصالح، وصلى الله على سيدنا محمد.
__________________
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|