12-23-2022, 09:16 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 357,566
|
|
لست فاشلا
لست فاشلا
صالح الشناط
كم استشرى اليوم داءُ الفشل، والاقتناع بأن الإنسان لا يستطيع؛ إذا رسب في دراسته مرّة قال: "أنا فاشل"، أو استحدثت مشكلة بعد الزواج قال:" أنا لا أصلح"، أو فقد حبيباً فقال: "أنا انتهيت".
إذا كررت تلك الكلمة "أنت فاشل" على مسامع أبنائك فذلك يعني وأدَهم دون تراب، وإعدامهم دون مشنقة، فأي قتل أعظم من قتل الطموح والتقدم والثقة؟
لا يعني أنه لم أنجح في بعض الميادين أن أستسلم لمقولة "أنا فاشل"، فمن ذا الذي تمت له الدنيا؟ إنه لا يجتمع الخير بكل جوانبه في شخص ولا الشر بكل جوانبه بشخص واحد؛ لذلك على الإنسان أن يقول: لا أستطيع ولا يقول: أنا فاشل، لأن مقولة أنا فاشل تعني الاستسلام، الاستسلام للرسوب، وللطلاق، وللسمنة، وللعزلة، وللجهل، والمعصية.. إذا سقطت فقم، وإذا فشلت فحاول مرة أخرى، جرب في هذا الميدان وفي ذاك، ولا تقل: إنني فاشل، بل قل: لم أوفق وسأحاول مرّة أخرى.
إن الفشل هو بداية النجاح، والتجربة هي إحدى طرق النجاح، وربما ما كان في نظرك أو نظر الناس فشلاً هو النجاح بعينه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "واعلم ان النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً".
وما أدراك لعل الفشل هو النجاح بنظرة مختلفة، تماماً كما ترى الرقم 6 ويراه من يقف في الجهة المقابلة 9، وإليك هذا المثال لزيد بن حارثة رضي الله عنه، والذي كان يسمى زيد بن محمّد قبل أن يُحرم التبني في الإسلام، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم زوّجه ابنة عمته زينب رضي الله عنها، غير أن هذا الزواج كان نهايته الطلاق. فظاهر الأمر أنه زواج فاشل، غير أن الأمر ليس كذلك..
فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك زينب فهو خيرٌ لها من زوجها زيد.
ومن خلال زواج النبي صلى الله عليه وسلم بطليقة زيد والذي كان في نظر الناس ابن النبي صلى الله عليه وسلم إبطالٌ للتبني حيث إن الأب لا يتزوج زوجة ابنه السابقة فعلم الناس أن التبني محرم بطريقة عملية متدرجة.
وتزوج زيد بن حارثة امرأة أخرى فأنجبت له أسامة، أسامة بن زيد، أتدري من هو؟ هو الذي قاد جيشاً في عمر الخامسة عشرة، فيه كبار الصحابة وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم.
ومن واقعنا المعاصر، يتخرج طالبان في الاختصاص نفسه، فيتقدم أحدهم إلى وظيفة ويرتقي بها حتى يصبح مديراً عاماً لأحد البنوك، والثاني يتقدم لعدة وظائف غير أنه لم يوفق، فما كان أمامه سوى العمالة في إحدى المهن براتب قليل جداً، حتى أتقن تلك المهنة، وفتح متجراً، ثم وظّف أشخاصاً، وتحول المتجر إلى شركة، وشيئاً فشيئاً حتى صار أحدَ أثرياء المدينة، فيقدر الله أن يأتيه صاحبُه مدير البنك متذللاً إليه كي يكون أحد زبائنه في البنك ويفتح حساباً في بنكهم.
في ظاهر الأمر مدير البنك ناجح والعامل فاشل، ولكن ما آلت إليه الأمور أن الله وفق الثاني للكسب والغنى الحلال، بيد أن الأول ماله محرم كونه يعمل في بنك ربوي.
فدائماً حديث نفسك: "لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً"، "وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً". فبئر يوسف طريق لملك مصر، وحضن فرعون كان طريق الخلاص..
فإلى مدمني قول "هذا مستحيل"، و"أنا فاشل" أقول:
اعلم أن الله قد أعطاك قدرات وطاقات عظيمة فأحسن استغلالها واعلم أنه ليس هناك مستحيلٌ سوى ما قدره الله كوناً، وما أوجبه أو حرمه الله شرعاً فذلك لا يتغير.
إياك والقبول بالفشل بل حاول وحاول، كما حاول إديسون الذي اخترع المصباح قرابة الألف مرة وكان النجاح بعدها، ولا تقل إذا فشلتَ مرة أو مراراً: أنا فاشل بل قل لم أوفق.
استعن بالله وامضِ حيث أمرك، واستعن بالله ولا تعجز، وقل آمنت بالله ثم استقم، وقد قيل: لو أن أحدكم همَّ بإزالة الجبل وهو واثق بالله لأزاله.
فإلى من يشتكي السمنة ويقول مستحيل أن أضعف: لا مستحيل، تستطيع ولكنك تحتاج إلى الإرادة.
وإلى من يتمنى صلاة الفجر في جماعة ويقول صعبة: استعن بالله وخذ بالأسباب.
وإلى من يخاف ترك الوظيفة وأصبح عبداً لصاحبها: اعلم أن الرزق بيد الله، فخذ بالأسباب، وعلق قلبك بالله متوكلاً.
وإلى من يخشى الموت ويعيش في قلق: اعلم أن الأجل إذا جاء لن يؤخر ولو اجتمع أعلم أطباء العالم، فقد كتبه الله قبل ولادتك فلا تقلق، واستعد للموت بدل الخوف منه.
والى المريض الذي ظنّ أنها نهاية الحياة: ثق بالله، واعلم أن عظم البلاء من عظم الجزاء، فهو رفعة في الدرجات، وتكفير للسيئات.
إلى كل من رأى أنه لا يصلح للحياة، وأنها ليست له، وأنه فاشل أو انتهى.. راجع حساباتك واعلم أن الدنيا لن تكتمل أو تدوم لأحد، ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك، ولا بدّ من أن يصيبك البلاء، ولكن النظرة الإيجابية وحسن الظن بالله، والتفاؤل يخفف من قساوتها.
__________________
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|