01-18-2016, 09:19 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 356,970
|
|
بين تيه بني إسرائيل وتيه امة محمد
إن وضع امة الإسلام بصورة عامه وأهل هذا البلد بصورة خاصة وما تعانيه من فواجع ومواجع وما نعيشه من نكبات وأحباطات وهذا التعثر الذي يصاحب خطانا كل خطوه نحو الأمام تعقبها خطوات نحو الخلف.
كل ذلك يشرحه الحال بأبلغ مقال والإشارة تغني عن العبارة.
وبكل حال فأن الحاجة إلى تغيير هذا الوضع مطلب ملح لا يحتمل الانتظار ولا التأخير ولكن هذا التغيير لا يهبط من السماء ولا يستورد من الأرض ولا يتم في أروقة الأمم المتحدة أو مجلس الأمن ولا يستجدى بالمساومات الرخيصة.
إن التغيير خاضع لقانون الهي هو في قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الروم11 وقوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يك مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).الانفال53
فالذي يريد التغيير لابد له أن يغير ما بداخله حتى يغير الله ما به.
هذا التغيير المطلوب هو انقلابا يعيد بناء النفوس بالإيمان لا انقلاب عسكري وأدوات هذا الانقلاب هي
أولا .المنهج الرباني من قران كريم وسنة نبوية شريفه
ثانيا . المربي الذي يتعهد بهذا التغيير
فبالقرآن توحد المسلمون الأوائل على هدف واحد، وبه ارتفعوا إلى السماء وتخلصوا من جواذب الأرض. ولقد أكد على هذا المعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (أبشروا، فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تُهلكوا ولن تضلوا بعده أبدا) صحيح / رواه الطبراني في الكبير ، وأورده الألباني في صحيح الجامع،ج 34
وأما المربي فأهم دور يضطلع به هو الإشراف على عملية التغيير ومتابعته، ليكون النتاج صالحا، فلا يحدث تضخم في جانب وضمور في جانب آخر. لذلك فمن طبيعة وظيفته:
أولا: تربية من معه على التوازن والاعتدال
ثانيا: ضبط الفهم الصحيح عند الأفراد لمراتب الأحكام وفقه الأولويات مع النظرة الشاملة للإسلام
ولنقف على مثلين خالدين يريان كل ذي عينيين وبصيرة ما يصنع التغيير بالإيمان في واقع الحياة.
المثل الأول. القصة العجب في قصة السحرة مع فرعون .هذه القصة التي لا تفنى عجائبها فالسحرة في البداية أتوا فرعون باستجداء يقولون (أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين (الشعراء41
ويخاطبونه بعبودية فيقولون(بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون)الشعراء44
فلما استبان لهم الحق وآمنت قلوبهم بعبوديتهم لله وخالط الإيمان بشاشة القلوب . حدث تغير عجيب وانقلاب غريب فإذا الذين كانوا يقولون (بعزة فرعون) إذا بهم يلهجون (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ( الاعراف121و122
وإذا الذين كانوا يستجدون الأعطيات (أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين) يقولون باستعلاء المؤمنين (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَاإِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ )طه72و73
ويستقبلون تهديده ووعيده(فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ)طه71 بقولهم . (قالوا إنا إلى ربنا منقلبون وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين )الأعراف 125و126
ما الذي نفخ في روع هذه النفوس حتى اشرأبت واستعلت ؟ بل ما هو الغيث الذي نزل على هذه الأرض الهامدة حتى اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج؟ انه الإيمان الذي لا يفزع ولا يتزعزع .انه الإيمان الذي لا يخضع ولا يخنع الذي يجعل الطغيان الفرعوني عاجزا أمام القلوب التي اختارت جوار الله.فكانوا كما قال ابن عباس(كانوا اول النهار سحره وآخره شهداء).
المثال الثاني في اثر التغير الإيماني للقلوب على الأمم والشعوب.
قبل بعثة محمدﷺ بثلاث وستين سنه أرسل القيصر من الشام إلى عملاءه في الحبشة يكلفهم أن يأمروا عملاءهم في اليمن أن يهدموا الكعبة واليمن كانت آنذاك عميلة للحبشة والحبشة عميلة للروم وسارت الأفيال من اليمن بقيادة ابرهه الأشرم لا يردها راد ولا يصدها صاد حتى وصلت منى .
أما أهل مكة فاستجمعوا قواهم للفرار إلى رؤوس الجبال إلا رجلا واحدا هو عبد المطلب جاء إلى ابرهه يطالبه برد الإبل التي أخذها جيش ابرهه يقول له
(أبلي أعطوني ابلي أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه)
وبعد سبعين سنة من هذا الحادث انتفضت مكة برجال غيروا الجزيرة العربية كلها وساروا من الجزيرة إلى اليمن؟ لا إلى الحبشة؟لا فالحبشة فتحت بكتاب من محمدﷺ. طيب إلى أين ساروا؟ لقد ساروا إلى القيصر نفسه في بلاد الشام يدكون عرشه ويقوضوا سلطانه ما لذي تغير؟هل اكتشف العرب سلاحا جديدا؟ أم دخلوا حلف الناتو؟هل تحالفوا مع البيت الأبيض أو البيت الأحمر؟ما لذي جعل الذين يفرون أمام عملاء قيصر يغزون قيصر في عقر داره؟وإذا مكة التي أنقذتها من الفيلة معجزة إلهيه تصبح أعظم مدينة في العالم. ما الذي تغير؟لقد مات الإنسان العربي الجاهلي وولد الإنسان المسلم فتغير كل شيء حوله.
هل تطلبون من المختار معجزة يكفيه شعب من الأجداث أحياهم
غير العرب ما بأنفسهم فغير الله ما بهم
إن هذين المثالين الخالدين لا يحتاجان إلى إسهاب وشرح ولكن ما مدى هدايتنا إليهما؟ لقد أصيبت الأمة بالإنهاك نتيجة الاحباطات المتوالية عليها نتيجة توجهها لرب البيت الأبيض تارة ولرب البيت الأحمر تارة أخرى دون أن تتوجه إلى رب البيت العتيق . فهي تعيش اليوم تيها كتيه بني إسرائيل وإذا كان تيه بني إسرائيل أربعين سنة فان تيه الأمة بلغ أكثر من ثمانية وستين سنه فمنذ عام 1948م وهي ترث العناء مضاعفا وتورث الضعفين للأبناء مع العلم أن طريقها واضح وسبيلها مستقيم بينه لها ربها جل في علاه بقوله(وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )الأنعام 153
فبمسكه بسيطة لهذا الطريق تغيير لواقع ألامه ومستقبلها وقديما قال الإمام مالك رحمه الله (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها وما لم يكن بالأمس دين لا يكون اليوم دين)
فهيا إلى العمل
إذا كان القرآن هو مشروع الأمة الإسلامية القومي للنهضة، وهو السبيل لعودة مجدها وعزها، فلابد أن ينتفض كل غيور ويبدأ بنفسه ويعود إلى القرآن، ويقبل عليه بكيانه كله.
لابد أن نعمل على تبليغ هذه الدعوة في كل مكان، وأن نرشد الناس إلى كيفية العودة إلى القرآن، والانتفاع الحقيقي به، وأن نلح عليهم بذلك. وشيئا فشيئا ستسري هذه الدعوة في أعماق الأمة، وستجد لها – بمشيئة الله – آذانا صاغية.
فلنبدأ من الآن، ولنعد إلى القرآن، فكفى ما مضى من أعمارنا ونحن بعيدون عن هذا الكنز العظيم. ولنستبشر جميعا، فما هي إلا سنوات قليلة حتى نجد نور القرآن يسري في النفوس، ليبدأ التغيير في جنبات الأمة، ويصطلح الناس مع ربهم، ويعودوا إليه.وتخرج الأمة من التيه
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|