12-31-2022, 07:04 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 359,472
|
|
أكره زوجتي ولا أستطيع طلاقها أو الزواج عليها!
أكره زوجتي ولا أستطيع طلاقها أو الزواج عليها!
أ. فيصل العشاري
السؤال:
♦ الملخص:
رجل متزوج ولديه أولاد، كان على علاقة بزوجته قبل الزواج، والآن تأتيه أفكارٌ سلبية، وصار يكره أولاده وزوجته.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا رجلٌ متزوج منذ 7 سنوات، قبل زواجي تعرَّفتُ إلى زوجتي، وحصل بيننا قرب عاطفي، وكنتُ أظنُّ أنها على خُلُق، لكن فوجئتُ بأنَّ لديها علاقات عاطفية، وكانتْ تُحبُّ شخصًا آخر، وقد وقعت في الحرام.
كان كلُّ همي وقتها أنْ أَجِد لها حلًّا، وأقف معها وأُساعدها، وكنتُ أحيانًا أقابلها لأناقشَ معها بعض الحلول لمشكلتها، لكن تَمَكَّنَ مني الشيطان وأغواني وهي كذلك أغوتني.. وقد تبتُ من المعاصي التي ارتكبناها، وهي كذلك تابتْ!
بعد الزواج وإنجاب الأطفال بدأتْ تنتابني ذكرياتُ علاقتي معها، وأشعر أني ديوثٌ، وبدأتُ أكره أولادي، بل وبدأتُ أكرهها، بالرغم مِن محبتي الشديدة لها قبل الزواج وبعده.
أصبحتْ تأتيني أفكارٌ بأنها ربما لها علاقات بعد الزواج، وأسأل نفسي: وما أدراني أنها ليستْ على علاقةٍ بأيِّ شاب؟
فكَّرتُ في الطلاق، لكني لا أستطيع أنْ أُطلِّقَها، ولا أستطيع أن أعيشَ معها، ولا أستطيع أن أتزوَّجَ عليها بسبب ظروفي المادية والاجتماعية.
أعيش في جحيم فماذا أفعل؟
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم في شبكة الألوكة.
في واقع الأمر إن كانتْ هناك مِن نصيحةٍ سريعةٍ تُريد أن تسمعها، فإنها: إياك أن تتهور وتَهدِم بيتك بسبب هذه الأفكار فقط، وعليك بتفهُّم الأمور، والنظر في حقيقة الأفكار التي تدور برأسك.
لا شك أنَّ ما وَقَعَ منك ومنها قبل الزواج كان خطيئةً تستوجب التوبةَ والإنابة، وقد فعلتُما ذلك، وكانتْ علامة توبتكما هو أن تُؤسِّسا بيتًا وحياةً زوجيةً نظيفةً وأسرة مستقرة، ولديكما الآن أطفال!
وقد ذكَر الله عز وجل حال المخطئين الذين يَتوبون مِن الزنا، وأنه يُبدِّل سيئاتهم حسنات، وقد قيل في بعض تفسيرها: إن السيئات السابقة تنقَلِب إلى حسنات!
يقول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 68 - 71]، وجاء في تفسيرِها عن ابنِ عباس: أنَّ ناسًا مِن أهْلِ الشرك قَتَلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتَوْا محمدًا صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنَّ الذي تقول وتدعو إليه لَحَسنٌ لو تُخبرنا أنَّ لِمَا عملنا كفارةً، فنَزَلَتْ: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ﴾ [الفرقان: 68]... إلى قوله: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].
وعن ابن عبَّاسٍ أيضًا قال: أتى وَحْشيٌّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، أتيتُك مستجيرًا فأجِرْني حتى أسمعَ كلام الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((قد كنتُ أحبُّ أنْ أراك على غير جِوَارٍ، فأما إذ أتيتني مُستجيرًا فأنتَ في جواري حتى تسمعَ كلام الله))، قال: فإني أشركتُ بالله، وقتلتُ النفس التي حرَّم الله تعالى، وزنيتُ؛ هل يقبل اللهُ مني توبةً؟ فصَمَتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلتْ: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴾ [الفرقان: 68]... إلى آخر الآية، فتلاها عليه، فقال: أرى شَرْطًا، فلعلي لا أعمل صالحًا، أنا في جوارك حتى أسمعَ كلام الله تعالى، فنزلتْ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، فدعا به فتلاها عليه، فقال: ولعلي ممن لا يشاء، أنا في جِوارك حتى أسمع كلام الله، فنزلتْ ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 53]، فقال: نعم، الآن لا أرى شرطًا، فأسلَمَ.
وروى ابنُ أبي حاتمٍ بسندٍ صحيحٍ عن مَكْحُول، قال: جاء شيخٌ كبيرٌ هرم قد سقَط حاجباه على عينيه، فقال: يا رسول الله، رجل غدَر وفجَر، ولم يدعْ حاجةً ولا داجةً إلا اقْتَطَعَها بيمينه، لو قُسمتْ خطيئته بين أهل الأرض لأَوْبَقَتْهم، فهل له مِن توبة؟ فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أسلمتَ؟))، قال: أمَّا أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((فإنَّ الله غافرٌ لك ما كنت كذلك، ومُبدِّل سيئاتك حسنات))، فقال: يا رسول الله، وغدَراتي وفجَراتي؟ فقال: ((وغدراتك وفَجَراتك))؛ فَوَلَّى الرجلُ يُهلِّل ويكبِّر.
تعمَّدتُ إيراد هذه النصوص والأحاديث بيانًا لسعة رحمة الله تعالى بعباده، وأنهم إن تابوا حقًّا فإن الله يقبل توبتهم، ويُصلح أمورهم؛ لذلك لا داعي للقلق، ما دمتُما قد تبتُما وحسُنَتْ توبتكما، وعليكما أن تستأنِفَا حياتكما الجديدة بعيدًا عن التفكير فيما مضى، فنخشى أن يَتَحَوَّل هذا التفكير عندك إلى نوعٍ مِن الوسواس القهري الذي يُلازمك دومًا، ويُنغِّص عليك حياتك، فإن وصلتْ بك الأمور إلى هذا المنحى، فعليك بزيارة الطبيب النفسي، وعلاج هذا الوسواس القهري.
شعورُك أنك ديوث، وأنَّ هؤلاء ليسوا أولادك، وشكوكك المستمرة حولها - مؤشراتٌ على وُجودِ حالةٍ مِن الوسواس؛ لذلك نأمل أن تبتعدَ تمامًا عن هذه الأفكار، وأن تدفنها في مكانٍ بعيدٍ في صحراء النسيان، وألا تعود إليها مطلقًا.
نرجو أيضًا ألا تُشعر زوجتك بهذه الشكوك فتَتَكَدَّر حياتُها معك، وربما تَصِلان إلى الانفصال بسبب هذه الوساوس؛ لذا احرِصْ على بيتك، وحافظْ على أسرتك.
ختمتَ رسالتك بأنك لا تستطيع أن تُطلِّقها، ولا أنْ تعيشَ معها، وأنك تعيش في جحيم، وكلُّ هذه مؤشرات على ضرورة زيارتك لطبيب ومعالج نفسي، الأول لوصف الدواء، والثاني لوضع خطة سلوكية للتعامل مع هذه الشكوك.
نسأل الله تعالى أن يُيَسِّرَ أمرك، وأن يَشْرَحَ صدرك، وأن يُزوِّدك التقوى والله الموفق
__________________
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|