شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى العقيدة
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: ناشئ في رحاب القران القارئ عبدالعزيز البوارد ح760 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: برنامج التفسير الفقهي من سورة المؤمنون من ايه 45 مع معالي الشيخ د سعد بن ناصر الشثري ح461 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ضيف حلقة وتواصوا بالحق الأحد 20-4-1447 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: تغطية: تواصل مؤسسة المشاركة المجتمعية الأهلية تقديم مشاريعها وبرامجها للمجتمع (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: صور من حياة الصديق رضي الله عنه: مُرُوا أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ ح17 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: اضاءات نظامية: حماية حقوق الفكرية ح17 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: كما أنزل: تمهيد ح8 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: برنامج مجالس الفقه سنن الصلاة ج2 ح151 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: برنامج الرعيل الأول مع عبدالله الحنيشل ح16 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: نور على الدرب مع معالي الشيخ عبدالسلام السليمان ح274 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 04-14-2015, 12:52 PM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي حكم التسمي بأسماء الله عزوجل

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ لله عزوجل أسماءً يُعرفُ ويُسمى بها، وصفاتٍ يُوصفُ بها، وأفعالاً مُتعلقةً بمشيئته وقدرته يُوصف بها. الاسمُ: ما دلَّ على الذّات والوَصْف معًا، فيشترط فيه الدَّلالة على الذات أو العَلميّة على الذات، وجميع أسماء الله أعلامٌ وأوصافٌ، والوصْف بها لا يُنافي العَلميّةَ، بخلاف أوصاف العباد فإنَّها تُنافي عَلَميتهم، فقد يُسمَّى الإنسان سعيدًا ووصفهُ شقِيّ، ويُسمَّى جميلاً ووصفهُ مِن أقبح الخلْق، ويُسمَّى فائزًا وهو خاسر، بخلاف أسمائه تعالى فإنَّها أعلام وأوصاف. كما وردَ عن أسماء الله تعالى كإسم الربّ والرحيم في قوله تعالى (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) (يس: 58)، وفي قوله تعالى (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين ) (الزمر: 75 )(1).

والوصفُ: نعتُ كمالٍ ثابِتٍ في النقْل، قائمٍ بذات الله لا يقوم بنفسِه ولا ينفصل عن الموصوف؛ كالعِلم والرحمة، والعِزَّة والحِكمة، والسمع والبصر. أمَّا وصفُ الذاتِ: كلُّ وصف كمالٍ قائِم بذات الله ثابِت في النَّقْل لا يتعلَّق بمشيئته، ولا يتصوَّر وجود الذات الإلهيّة بغيره؛ كالحياة والعِلم، والقُدرة والعِزَّة، والحِكمة والقوَّة. كما وردَ عن صفة العِلم في قوله تعالى : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) (فاطر: 11). و كذلك عن صفة العِزَّة في قوله تعالى: ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (الصافات: 180)، وفي قوله تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ) (فاطر: 10). أمَّا وصفُ الفعلِ: كلّ وصْف كمال قائِم بذات الله ثابتٌ في النقل يتعلَّق بمشيئته وقُدرته؛ كالإحياء والتقدير، والتعليم والإعزاز. كما وردَ في وصف التقدير المتعلقِ بقدرتهِ على التقدير، في قوله تعالى: ( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ) (الفرقان: 2). وفي وصفِ التنزيلِ المتعلقِ بقدرتهِ على التنزيل، في قوله تعالى : ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ) (الإسراء: 106). وفي وصف التفضيل المُتعلقِ بمشيئتهِ في التفضيلِ، في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) (الإسراء: 70)(1).

قال الشيخ ابن عثيمين في "تفسير القرآن للشيخ ابن عثيمين": قوله - تعالى -: ( وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (البقرة: 260). يقول: إثباتُ اسمين مِن أسماء الله؛ وهما: "العزيز" و"الحكيم"؛ وإثبات ما تضمَّناهُ من الصِّفة؛ وهي العِزَّة، والحِكمة؛ لأنَّ كلَ اسمٍ من أسماءِ اللهِ فهو متضمِّن لصفة ولا عكس؛ يعني: ليس كلُّ صفةٍ يُؤخَذ منها اسم؛ لكن كل اسم يُؤخَذ منه صفة؛ لأنَّ أسماء الله - عزَّ وجلَّ – أعلام ،لأنها تدل على ذات الله، وأوصاف، لأنها نعوت الكمال القائمة بذات الله؛ فكلُّ اسم مِن أسمائه متضمِّن للصِّفة التي دلَّ عليها اشتقاقه أو لوازمها. يعني أنَّ الإسمَ المشتقُ من الصفة يدلُ عليها؛ كدلالة اسمُ العليم على صفةِ العلمِ المشتقُ منها، وكدلالة إسم الرحيم على صفة الرحمة المُشتق منها وهكذا. والمقصود "بلوازمها" أي أنَّ الإسمَ يدلُ على الصفة التي هو من لوازمها؛ كاسم العليم الذي يدلُ على صفة العلمِ لأنَّه من لوازمِ من لهُ صفةُ العلمِ، وكاسم البصير الذي يدلُ على صفةِ البصرِ لأنَّه من لوازم من له صفةُ البصرِ، وهكذا.

وقال الشيخ ابن عثيمين في "القواعد المُثلى": القاعدة الثانية: أسماء الله تعالى أعلامٌ وأوصاف:
أعلامٌ باعتبار دَلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلَّتْ عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأوَّل مُترادِفة لدلالتها على مسمًّى واحد، وهو الله - عزَّ وجلَّ - وبالاعتبار الثاني متباينة لدَلالة كلِّ واحد منهما على معناه الخاص؛ فـ"الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم"، كلها أسماء لمسمًّى واحد، وهو الله - سبحانه وتعالى - لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا.

وإنَّما قُلنا بأنها أعلام وأوصاف؛ لدَلالة القرآن عليه، كما في قوله - تعالى -: ( وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [يونس:107]، وقوله: ( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ) [الكهف: 58]، فإنَّ الآية الثانية دلَّتْ على أنَّ الرحيم هو المتَّصف بالرحمة، ولإجماع أهل اللُّغة والعُرف أنه لا يُقال: عليم إلا لمَن له عِلم، ولا سميع إلا لمَن له سمع، ولا بصير إلا لمَن له بصر، وهذا أمرٌ أبين مِن أن يحتاج إلى دليل.

فأسماء الله: كلُّ ما دلَّ على ذات الله مع صِفات الكمال القائِمة به, مثل: القادر، العليم، الحكيم، السَّميع، البصير، فإنَّ هذه الأسماءَ دلَّتْ على ذات الله، وعلى ما قام بها مِن العلم والحِكمة والسَّمْع والبَصَر. أمَّا الصِّفاتُ فهي نعوتُ الكمال القائمة بالذات؛ كالعِلم، والحِكمة، والسمع، والبَصَر، فالاسم دلَّ على أمرين، والصِّفة دلَّتْ على أمرٍ واحدٍ(1).

قال ابن تيميَّة في شرْح العقيدة الأصفهانية (ص: 19): "الأسماء الحُسنى المعروفة هي التي يُدْعَى الله بها، وهي التي جاءتْ في الكتاب والسُّنة، وهي التي تقتضي المدحَ والثناءَ بنفسها".

قال ابن القيم "بدائع الفوائد" (1 /28):
"أسماء الربِّ تَعالى هي أسماءٌ ونعوت، فإنَّها دالةٌ على صِفات كماله، فلا تنافي فيها بين العلميَّة والوصفية، فالرحمن اسمُه تعالى ووصفُه لا تُنافي اسميتُه وصْفيتَه، فمن حيثُ هو صفةٌ جرى تابعًا على اسمِ الله، ومن حيث هو اسمٌ ورَدَ في القرآن غير تابع، بل ورودَ الاسم العَلَم".

أمّا الفارق في التمييز بين أسماء الله تعالى التي يمكن أن يُسمّى بها الإنسان وبين تلك التي لا يجوز تسمية الإنسان بها، هو أنّ أيّ اسم من أسماء الله تعالى يَصلُح أن يسمّى به أيُّ أحدٍ من البشر دون إستثناء، يجوز إطلاقه على البشر كاسم الرحيم السميع البصير الكريم القويّ. بينما الاسم الذي يصلُح أن يُطلق على بعض البشر دون غيرهم هو الإسم الذي يختصُ الله عزّوجلّ به وحده لا شريك له كاسم العظيم، واسم الجلالة، واسم الله. والعلة في ذلك أنّ الأسماء التي يُمكن تسمية جميع الناس بها هي أسماءٌ متضمنةٌ لصفاتٍ أصيلةٍ فيهم فطرهم وخلقهم الله عزّوجلّ عليها كصفة الرحمة والسمع والبصر والقوّة والكرم ولو لم تكن كذلك لما كان جائزاً إطلاقها على جميع الناس فهي صفاتٌ كامنةٌ في ذات الإنسان بإمكانه التحلّي بها أو الإعراض عنها، قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:7-10) وقوله عليه الصلاة والسلام (إذا ضربَ أحدُكُم فليتجنَّبِ الوجهَ ولا يقولنَّ أحدُكُم قبَّحَ اللَّهُ وجهَكَ فإنَّ اللَّهَ خلقَ آدمَ علَى صورتِهِ) ( الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنّة - الصفحة أو الرقم: 520 خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن صحيح)، أي أنّ الله خلق آدم سميعاً بصيراً متكلّماً ، إذا شاء ، ذا وجه ويد وذا قدم والله تعالى هو سميعٌ بصيرٌ متكلّمٌ إذا شاء ، وله وجهٌ ويدٌ وقدمٌ جلّ وعلا . ولكن ليس السمع كالسمع ، وليس البصر كالبصر ، وليس التكلّم كالتكلّم ، بل لله جلّ وعلا صفاته التي تليق بجلاله وعظمته ، وللعبد صفاته التي تليق به ، صفات يعتريها الفناء والنقص ، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء، وبما أنّ الله عزّوجلّ جبل بني آدم على هذه الصفات فيُمكن تسمية جميع الناس بالأسماء المتضمنة لهذه الصفات كاسم الرحيم والسميع وغيره.

أمّا الأسماء التي تُطلق على بعض الناس دون غيرهم كالتي تدلُ على العَظمةِ والجَبروتِ والمُلكِ هي أسماءٌ متضمّنةٌ لصفاتٍ مكتسبةٍ بواسطة ما كواسطة القوّة والمال أو النفوذ والجاه والسلطان وهي غيرُ أصيلةٍ فيهم لأنّها لو كانت أصيلةً لسُمِّي بها جميع الناس، وأصحاب هذه الصفات المكتسبة اكتسبوها كي يتميّزوا عن غيرهم ويتكبّروا عليهم فلا يكون كمثلهم شيءٌ موجودٌ فيصيروا أنداداً لله عزّوجلّ بإدعائهم وزعمهم صفات الربوبيّة والألوهيّة والعظمةِ والجبروتِ والمُلكِ لأنفسهم، فالله عزّوجلّ وحده لا شريك له هو فقط ليس كمثله شيء لقوله تعالى (ليس كمثله شيء) (الشورى:11) وهو المتكبّر، قال تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) (الحشر:23 )، ونَبْرَأُ إلى الله عزوجل من هكذا جريمة. ونجد ذلك في قوله تعالى عن فرعون اللعين (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) (النازعات:24) الذي نسب إلى نفسه إسم الربوبيّة وإسم الألوهيّة لأنَّ من يتصف بالربوبية يخلق ومن يخلق يتصف بالألوهية لأنَّ من يَخلُقُ يُعبَد كالله عزوجل لكنْ من يُعبَدُ ليس بالضرورة أن يَخلُق كالأصنام. و في قوله تعالى عن نمرود اللعين: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ) (البقرة:258 ) الذي وصف نفسه بأفعال تتعلّق بمشيئة الله سبحانه وتعالى وقدرته كالإحياء والإماتة.

وإذا قيل: إنّ اسمَ الربِّ ذُكر في القرآن الكريم بمعنى سيد ليدُل على بشرٍ كما في قوله تعالى :( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ) (يوسف: 42)، يُقال :إن ذلك نُسخ في شريعة الإسلام بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :( لا يَقُلْ أحدُكم : اسقِ ربَّك . أطعِمْ ربَّك . وضِّئْ ربَّك . ولا يقلْ أحدُكم : ربِّي . ولْيقُلْ سيِّدي . مولاي . ولا يقل أحدُكم : عبدي . أمَتي . ولْيَقُلْ : فتايَ .فتاتي . غلامي ) ( الراوي: أبو هريرة- المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2248 خلاصة حكم المحدث: صحيح ). فاسم الرّب دون أن يكون مُضافاً هو خاص بالله عزوجل وحده لا شريك له في شريعة الإسلام، أما إذا كان مُضافاً يجوز إطلاقه على الإنسان كقول: (ربُّ البيتِ) بمعنى سيد البيت. كذلك إذا قيل: إنَّ اسمَ عظيمٌ ذُكر في القرآن الكريم لغير الله عزوجل، يُقال: إنّ جميع الأشياء التي وصفت بوصفٍ عظيمٍ هي أشياءٌ غيرُ عاقلةٍ كالخُلق والكيد والعرش كما في قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4 )، وفي قوله تعالى :( فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (يوسف:28 )، وفي قوله تعالى: (إنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) (النمل: 23 ). أمّا الموجوداتُ العاقلةُ كالإنسان لا يجوز أن نصفها بصفة العظمة، لأنَّه الموجوداتُ العاقلة قد تزعم صفات الربوبية والألوهية لأنفسِها ظلمًا وعدوانًا، ولو كان هنالك أحدٌ جديرٌ بلقب عظيم لكان الرسول صلّى الله عليه وسلم أولى باسم عظيم من بين البشر، أمّا ما وردَ في قوله تعالى عن مشركي قريش: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ منَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ )(الزخرف:31) فتسمية رجلٍ من القريتين باسم عظيم هو قول الكافرين وليس قولَ أيِّ نبيّ من الأنبياء أو قولَ أحدٍ من المؤمنين وبالتالي هو ليس بحجّة على جواز تسمية الإنسان باسم عظيم. أيضاً إذا قيل: أنّ اسمَ الملكِ ذُكر في القرآن الكريم لغير الله كما في قوله تعالى: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) (الكهف: 79 )، وفي قوله تعالى :(كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ) (يوسف: 76 ). يُقال :إنّه لو كان هنالك أحدٌ جدير بلقب الملكِ لكان الخلفاءَ الراشدين أولى بهذا اللقب من بين البشر ولكنهم إختاروا لقبَ أمير المؤمنين ورعاً وتقيةً وخشيةً من الله عزّوجلّ، ما يعني أنّ الملك هو لقبٌ ابتدعه من جاء بعد الصحابة رضي الله عنهم جميعاً من المسلمين, فالملك :هو اسم من أسماء الله الحسنى، قال تعالى (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (الحشر: 23)، وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى شاهان شاه ملك الأملاك لا مَلِك إلا الله تعالى) ( الراوي: -المحدث: الصنعاني- المصدر: سبل السلام – الصفحة أو الرقم: 4/153 خلاصة حكم المحدث: صحيح). وفي رواية أخرى (أخنع الأسماء عند الله يوم القيامة رجل تسمى ملك الأملاك ، لا مالك إلا الله) (الراوي: أبو هريرة المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 303 خلاصة حكم المحدث: صحيح)

أمّا إذا أُطلِقَ على البشر فإنّه يجبُ أن يكون مُضافاً كقول (مَلِكُ البلادِ). لأنَّ العظمة والجبروت والمُلك هي صفات كمالٍ لا يُوصف بها إلاَّ الله عزوجل، أمَّا إذا وُصف بها الإنسانُ فيجب أن تكون مضافةً لإفادة التخصيص والتعريف؛ ومثل ذلك قول ملكُ الرومِ أو عظيمُ الرومِ فخُصِصَت صفةُ الملك وقُيدت بالإضافة فالمعنى أنَّه ملكٌ على الروم فقط وليس على غيرهم فلا يصح أن نقول أنَّه ملك الفرسِ أما الله عزوجل فهو ملك العالمين. وكذا قولُ عظيمُ الرومِ يعني أنَّه عظيم على الرومِ فقط وليس على غيرهم فلا يصح أن نقول عظيم الفرس أمَّا الله عزوجل فهو العظيم على العالمين. أمّا الرسول صلى الله عليه وسلم فقد شرّفه الله سبحانه وتعالى وإخوانَه الأنبياء بلقب الرسول أو النبيّ الذي يُعتبر أشرفُ وأعظمُ لقباً من لقب الملك والسلطان وغير ذلك.

إذًا حكمُ التسمي بأسماء الله عزوجل الدالة على العظمة والجلال والجبروت و القوة هو شركٌ أكبر إذا كان عن إيمانٍ بأنَّ المُعظَّم هو النافع الضار ومالكُ النعمةَ، وشركٌ أصغر إذا كانَ عن توقيرٍ و تفخيمٍ وتعظيمٍ ولكنه من أشد أنواع الشرك الأصغر جرمًا لإنَّه فيه إشراكٌ في تعظيم اللهِ. ولكن قد يقول قائلٌ أنَّ الحكمَ هو شركٌ أكبر قياسًا على حكم السجود لغير الله بجامع التعظيم في كليهما بل أنَّ التعظيم في التسمي بأسماء الله أكثرُ منه في السجود لغير الله. فمن العلماء من لم يفصل بين فعل السجود ونية الساجد وأطلقَ الكفرَ على الساجد لغير الله حتى ولو كان بغير نيةِ العبادة، ومنهم من فصل بين فعل السجود ونية الساجد واعتبر السجود لغير اللهِ على وجه التعظيم هو من الكبائر العظام إذا كان بغيرِ نيةِ العبادة(2).

أقول أنَّ الأتقى والأورع في حقوق العباد هو الحكمُ الذي يردعُ الناسُ عن ظلم العباد بالتعدي على حقوقهم. أمَّا في حق الله فإنَّ الأتقى والأورع هو الحكمُ الذي لا يُقنِّطُ العبادَ من رحمة الله فيبقى العبدُ قلبُه متعلقًا بالله عزوجل لأنَّه لا يقنط وييأسُ من رحمة الله إلا القوم الكافرون لقوله تعالى ( يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) (يوسف:87)، لأنهم يظنون أنَّه لو شاء الله لما ضلَّ الضالُ عن سبيله فيَيْأسوا من رحمة الله وهدايته لهم إذا رجوا الهداية والرحمة منه عزوجل؛ فذلك قوله تعالى (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ) (الأنعام: 148). إذًا خلاصة القول أنَّ حكم التسمي بأسماء الله الدالة على العظمة والملك والجبروت بنية التفخيم والتوقير والتعظيم هو شركٌ أصغر عظيم على القول الأورع والأتقى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المراجع:
1) تعريف الأسماء الحسنى وما الفرق بين الاسم والوصف والفعل؟ بقلم محمد بن موسى بن عياد.
2) المصدر: موقع إسلام ويب الإلكتروني (www.islamweb.net).

الكاتب: أخوكم خالد صالح أبودياك.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 02:55 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات