شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى السيرة النبوية
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: صلاح شمس الدين المصحف المجود سورة لقمان (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: محمد حماد المصحف المجود سورة الأحزاب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: فتحي محمد سليمان المصحف المجود سورة الشعراء (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: فتحي قنديل المصحف المجود سورة لقمان (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: فتحي العطار المصحف المجود سورة الأنفال (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: فؤاد العروسي المصحف المجود سورة البقرة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عوضين المغربي المصحف المجود تلاوات خاشعة 2 سوره الإسراء و طه (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: علي سليم المصحف المجود سوره الاحزاب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الواحد زكي راضي المصحف المجود سورة الأحزاب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: دروس و محاضرات عبد الله حماد الرسي الموسوعة الصوتية 185 درس و محاضرة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 01-30-2015, 12:24 PM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي ملخص البداية والنهاية لابن كثير (سنة أربع وعشرين)

ثم استهلت سنة أربع وعشرين
فَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهَا دُفِنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْأَحَدِ
وَبَعْدَ ثَلَاثِ أَيَّامٍ , بويع أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه.
كان عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ جَعَلَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ شُورَى بَيْنَ سِتَّةِ نَفَرٍ , وَهُمْ:
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ،
وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ،
وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ،
وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ،
وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وقَّاص،
وَعَبْدُ الرَّحمن بْنُ عَوْفٍ , رَضِيَ الله عنهم.
وتحرَّج أن يجعلها لِواحد مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى التَّعْيِينِ، وَقَالَ: لَا أَتَحَمَّلُ أمرهم حَيًّا وَمَيِّتًا، وَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِكُمْ خَيْرًا يَجْمَعْكُمْ عَلَى خَيْرِ هَؤُلَاءِ، كَمَا جَمَعَكُمْ عَلَى خَيْرِكُمْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم،
ومن تمام ورعه أنه لم يذكر في الشُّورَى سَعِيد بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، لِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ , خَشِيَ أَنْ يُرَاعَى فَيُوَلَّى لِكَوْنِهِ ابْنَ عَمِّهِ، فَلِذَلِكَ تَرَكَهُ , وَهُوَ أَحَدُ الْعَشْرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ.
وَقَالَ لِأَهْلِ الشُّورَى: يَحْضُرُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَهُ - وليس إليه من الأمر شيء - يعني بَلْ يَحْضُرُ الشُّورَى وَيُشِيرُ بِالنُّصْحِ وَلَا يُوَلَّى شَيْئًا.
وَأَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ بالنَّاس صُهَيْبُ بْنُ سنان الرومي ثلاث أَيَّامٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ الشُّورَى،
وَأَنْ يَجْتَمِعَ أَهْلُ الشُّورَى , وَيُوَكَّلَ بِهِمْ أُنَاسٌ حَتَّى يَنْبَرِمَ الْأَمْرُ،
وَوَكَّلَ بِهِمْ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ , وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ مُسْتَحِثًّا: أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ، وَالْمِقْدَادَ بْنَ الْأُسُودِ الْكِنْدِيَّ،
وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا أَظُنُّ النَّاسَ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ أَحَدًا، إِنَّهُمَا كَانَا يَكْتُبَانِ الْوَحْيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ.
قَالُوا: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأُحْضِرَتْ جِنَازَتُهُ تَبَادَرَ إِلَيْهَا عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ أَيُّهُمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ،
فَقَالَ لَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: لَسْتُمَا مِنْ هذا في شيء، إِنَّمَا هَذَا إِلَى صُهَيْبٍ الَّذِي أَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يُصَلِّيَ بالنَّاس , فَتَقَدَّمَ صُهَيْبٌ وَصَلَّى عَلَيْهِ،
ونزل في قبره مَعَ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ أَهْلُ الشُّورَى سِوَى طَلْحَةَ , فَإِنَّهُ كَانَ غَائِبًا،
فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ شأن عمر , جمعهم المقداد ابن الْأَسْوَدِ فِي بَيْتِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ.
فَجَلَسُوا فِي الْبَيْتِ , وَقَامَ أَبُو طَلْحَةَ يَحْجُبُهُمْ،
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْقَوْمَ خَلَصُوا مِنَ النَّاسِ فِي بَيْتٍ يَتَشَاوَرُونَ فِي أَمْرِهِمْ،
فَكَثُرَ الْقَوْلُ، وَعَلَتِ الْأَصْوَاتُ
وَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: إِنِّي كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ تَدَافَعُوهَا وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنْ تَنَافَسُوهَا،
ثُمَّ صَارَ الْأَمْرُ بَعْدَ حُضُورِ طَلْحَةَ إِلَى أَنْ فَوَّضَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثَةٍ،
فَفَوَّضَ الزُّبَيْرُ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْإِمَارَةِ إِلَى عَلِيٍّ،
وَفَوَّضَ سعد ما له فِي ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
وترك طلحة حقه إلى عثمان ابن عفَّان رضي الله عنه،
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِعَلِيٍّ وَعُثْمَانَ: أَيُّكُمَا يَبْرَأُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَنُفَوِّضَ الْأَمْرَ إِلَيْهِ , وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ لَيُوَلِّيَنَّ أَفْضَلَ الرَّجُلَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ
فَأُسْكِتَ الشيخان علي وعثمان،
فقال عبد الرحمن: إني أَتْرُكُ حَقِّي مِنْ ذَلِكَ , وَاللَّهُ عَلَيَّ وَالْإِسْلَامُ أَنْ أَجْتَهِدَ فَأُوَلِّيَ أَوْلَاكُمَا بِالْحَقِّ،
فَقَالَا: نَعَمْ!
ثُمَّ خَاطَبَ عبد الرحمن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا فِيهِ من الفضل، وأخذ عليه العهد والميثاق لئن ولاه ليعدلن , ولئن وَلَّى عليه ليسمعن وَلَيُطِيعَنَّ،
فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: نَعَمَ , ثُمَّ تَفَرَّقُوا،
ثُمَّ نَهَضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَشِيرُ النَّاسَ فيهما , ويجمع رأي المسلمين برأي رؤس الناس وأقيادهم جَمِيعًا وَأَشْتَاتًا، مَثْنَى وَفُرَادَى، وَمُجْتَمِعِينَ، سِرًّا وَجَهْرًا، حَتَّى خَلَصَ إِلَى النِّسَاءِ الْمُخَدَّرَاتِ فِي حِجَابِهِنَّ، وَحَتَّى سَأَلَ الْوِلْدَانَ فِي الْمَكَاتِبِ، وَحَتَّى سَأَلَ مَنْ يَرِدُ مِنَ الرُّكْبَانِ وَالْأَعْرَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، فَلَمْ يَجِدِ اثنين يختلفان في تقدُّم عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، إِلَّا مَا يُنْقَلُ عَنْ عَمَّارٍ وَالْمِقْدَادِ , أَنَّهُمَا أَشَارَا بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ بَايَعَا مَعَ النَّاس عَلَى مَا سنذكره،
فسعى في ذلك عبد الرحمن ثلاث أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا لَا يَغْتَمِضُ بِكَثِيرِ نَوْمٍ إِلَّا صَلَاةً وَدُعَاءً وَاسْتِخَارَةً، وَسُؤَالًا مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ عنهم، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَعْدِلُ بِعُثْمَانَ بْنِ عفَّان رضي الله عنه،
فلما كانت الليلة يُسْفِرُ صَبَاحُهَا عَنِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ مَوْتِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ أُخْتِهِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فَقَالَ: أَنَائِمٌ يَا مِسْوَرُ؟ وَاللَّهِ لَمْ أَغْتَمِضْ بِكَثِيرِ نَوْمٍ مُنْذُ ثلاث، اذهب فادع إليَّ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ
قَالَ الْمِسْوَرُ: فَقُلْتُ بِأَيِّهِمَا أَبْدَأُ؟
فَقَالَ بِأَيِّهِمَا شِئْتَ،
قَالَ فَذَهَبْتُ إِلَى عَلِيٍّ فَقُلْتُ: أَجِبْ خَالِي،
فَقَالَ: أَمَرَكَ أَنْ تَدْعُوَ معي أحداً؟
قُلْتُ: نَعَمْ!
قَالَ: مَنْ؟
قُلْتُ: عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ،
قَالَ: بِأَيِّنَا بَدَأَ؟
قُلْتُ لَمْ يَأْمُرْنِي بذلك، بل قال: ادع لي أَيَّهُمَا شِئْتَ أَوَّلًا، فَجِئْتُ إِلَيْكَ،
قَالَ: فَخَرَجَ مَعِي , فَلَمَّا مَرَرْنَا بِدَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , جَلَسَ عليٌّ حَتَّى دَخَلْتُ , فَوَجَدْتُهُ يُوتِرُ مَعَ الفجر،
فَقَالَ لِي كَمَا قَالَ لِي عَلِيٌّ سَوَاءً، ثم خرج , فدخلت بهما عَلَى خَالِي وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي،
فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ عَنْكُمَا , فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَعْدِلُ بِكُمَا أَحَدًا، ثُمَّ أَخَذَ الْعَهْدَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْضًا لَئِنْ وَلَّاهُ لَيَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ وَلَّى عَلَيْهِ لَيَسْمَعَنَّ وَلِيُطِيعَنَّ،
ثُمَّ خَرَجَ بِهِمَا إِلَى الْمَسْجِدِ , وَقَدْ لَبِسَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَامَةَ الَّتِي عممه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَلَّدَ سَيْفًا، وَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَنُودِيَ فِي النَّاس عَامَّةً الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ،
فَامْتَلَأَ الْمَسْجِدُ حَتَّى غَصَّ بِالنَّاسِ، وَتَرَاصَّ النَّاسُ وَتَرَاصُّوا , حَتَّى لَمْ يَبْقَ لِعُثْمَانَ مَوْضِعٌ يَجْلِسُ إِلَّا فِي أُخْرَيَاتِ النَّاس - وَكَانَ رَجُلًا حَيِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
ثُمَّ صَعِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابن عَوْفٍ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَقَفَ وُقُوفًا طَوِيلًا، وَدَعَا دُعَاءً طَوِيلًا لَمْ يَسْمَعْهُ النَّاسُ , ثمَّ تكلَّم فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سألتكم سراً وجهراً بأمانيكم , فَلَمْ أَجِدْكُمْ تَعْدِلُونَ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ , إِمَّا عَلِيٌّ وَإِمَّا عُثْمَانُ، فَقُمْ إِلَيَّ يَا عَلِيُّ،
فقام إليه تَحْتَ الْمِنْبَرِ , فَأَخَذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وسنَّة نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟
قَالَ: اللَّهُمَّ لَا , وَلَكِنْ عَلَى جُهْدِي مِنْ ذَلِكَ وَطَاقَتِي،
قَالَ: فَأَرْسَلَ يَدَهُ وقال: قم إلي يَا عُثْمَانُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبَايِعِي عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وسنَّة نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟
قَالَ: اللَّهم نَعَمْ!
قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ الْمَسْجِدِ , وَيَدَهُ فِي يَدِ عُثْمَانَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْمَعْ وَاشْهَدْ، اللَّهُمَّ اسْمَعْ وَاشْهَدْ، اللَّهُمَّ اسمع واشهد، اللَّهم إنِّي قد خلعت ما في رقبتي من ذلك فِي رَقَبَةِ عُثْمَانَ.
قَالَ: وَازْدَحَمَ النَّاسُ يُبَايِعُونَ عُثْمَانَ حَتَّى غَشَوْهُ تَحْتَ الْمِنْبَرِ،
قَالَ فَقَعَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَقْعَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَجْلَسَ عُثْمَانَ تَحْتَهُ عَلَى الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ النَّاسُ يُبَايِعُونَهُ،
وَبَايَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوَّلًا، وَيُقَالُ: آخِرًا.
وَكَانَ أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا الْخَلِيفَةُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِالْمُسْلِمِينَ صَلَاةُ الْعَصْرِ، خرج فصلى بالناس الْعَصْرَ، وَزَادَ فِي أُعْطِيَّاتِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا فَرَضَ لَهُ عُمَرُ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَوَفَّدَ أَهْلَ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَعَ ذلك.
وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَعَلَ لِكُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ دِرْهَمًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يُفْطِرُ عَلَيْهِ، وَلِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ دِرْهَمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ،
فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ أَقَرَّ ذَلِكَ وَزَادَهُ،
وَاتَّخَذَ سِمَاطًا فِي الْمَسْجِدِ أَيْضًا لِلْمُتَعَبِّدِينَ، وَالْمُعْتَكِفِينَ، وأبناء السبيل، وَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ عَلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي تَحْتَ الدَّرَجَةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقِفُ عَلَيْهَا،
فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ نَزَلَ دَرَجَةً أُخْرَى عَنْ دَرَجَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،
فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ قَالَ: إِنَّ هَذَا يَطُولُ، فَصَعِدَ إِلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَزَادَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ، قَبْلَ الْأَذَانِ الَّذِي كَانَ يُؤُذَّنُ بِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ،
وَأَمَّا أول حكومة حكم فيها , فَقَضِيَّةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،
وَذَلِكَ أَنَّهُ غَدَا عَلَى ابْنَةِ أَبِي لُؤْلُؤة قَاتِلِ عُمَرَ فَقَتَلَهَا، وَضَرَبَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا يُقَالُ لَهُ: جُفَيْنَةُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، وَضَرَبَ الْهُرْمُزَانَ الَّذِي كَانَ صَاحِبَ تستر فقتله،
وكان قد قيل: إنهما مالآ أَبَا لُؤْلُؤَةَ عَلَى قَتْلِ عُمَرَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ قَدْ أَمَرَ بِسَجْنِهِ لِيَحْكُمَ فِيهِ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ،
فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ وَجَلَسَ لِلنَّاسِ , كَانَ أَوَّلَ مَا تُحُوكِمَ إِلَيْهِ فِي شَأْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ،
فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا مِنَ الْعَدْلِ تَرْكُهُ، وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ،
وَقَالَ بَعْضُ الْمُهَاجِرِينَ: أَيُقْتَلُ أَبُوهُ بِالْأَمْسِ , وَيُقْتَلُ هُوَ الْيَوْمَ؟
فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَدْ بَرَّأَكَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، قَضِيَّةٌ لَمْ تَكُنْ فِي أَيَّامِكَ , فَدَعْهَا عَنْكَ،
فَوَدَى عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُولَئِكَ الْقَتْلَى مِنْ مَالِهِ، لِأَنَّ أَمْرَهُمْ إِلَيْهِ، إِذْ لَا وَارِثَ لَهُمْ إِلَّا بَيْتُ الْمَالِ، وَالْإِمَامُ يَرَى الْأَصْلَحَ فِي ذَلِكَ، وَخَلَّى سَبِيلَ عُبَيْدِ اللَّهِ.
ثُمَّ كَتَبَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى عُمَّالِهِ عَلَى الْأَمْصَارِ , أُمَرَاءِ الْحَرْبِ، وَالْأَئِمَّةِ عَلَى الصلوات، والأمناء على بيوت المال , يأمرهم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَيَحُثُّهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى الِاتِّبَاعِ وَتَرْكِ الِابْتِدَاعِ.
قَالَ ابْنُ جرير: واختُلف فيمن حَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ , فَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ: حَجَّ بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَمْرِ عُثْمَانَ.
وَهُوَ الْأَشْهَرُ , فَإِنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْحَجِّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لِأَجْلِ رُعَافٍ أَصَابَهُ مَعَ النَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ , حَتَّى خُشِيَ عَلَيْهِ , وَكَانَ يُقَالُ لِهَذِهِ السَّنَةِ: سَنَةُ الرُّعَافِ،
وَفِيهَا افْتَتَحَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ الرَّيَّ , بَعْدَمَا نَقَضُوا الْعَهْدَ الَّذِي كَانَ وَاثَقَهُمْ عَلَيْهِ حذيفة ابن الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،

وَفِيهَا تُوُفِّيَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ بْنُ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيُّ , وَيُكَنَّى بِأَبِي سُفْيَانَ،
كَانَ يَنْزِلُ قُدَيْدًا ,
وَهُوَ الَّذِي اتَّبَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُرَيْقِطٍ الدِّيَلِيَّ حِينَ خَرَجُوا مِنْ غَارِ ثَوْرٍ قَاصِدِينَ الْمَدِينَةَ , فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُمْ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ , لَمَّا جَعَلُوا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَأَبِي بَكْرٍ مائة مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، فَطَمِعَ أَنْ يَفُوزَ بِهَذَا الْجُعْلِ , فَلَمْ يُسَلِّطْهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.


البداية والنهاية ط إحياء التراث (7/ 163)

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 12:35 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات