شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى الفقه
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف حسام محمد الاجاوي 18 سورة برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف عبد الرحمن الشوربجي سورتان الفاتحة و الغاشية (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمد نجيب سورة نوح برواية ورش (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمد نجيب 7 سور برواية حفص برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحسين سيد عبد العاطي 14 سورة برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف زكرياء زيني المغربي سورة الفاتحة برواية ورش (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف عبد الرؤوف الجزائري سورة سبأ برواية حفص (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف بدر احمد المغربي 4 سور رواية حفص عن عاصم (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف فهد بن علي قحل 7 سورة برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف يوسف الدغوش 10 سور برواية حفص برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 12-17-2014, 03:49 AM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي (044)الجهاد في سبيل الله-أثر الحج وصلة الرحم في تزكية النفس


والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، قال تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}. [آل عمران: 97]. وسبقت الأحاديث الدالة على كونه خامس أركان الإسلام.

أما أثر الحج في تزكية النفس وتطهيرها، فإنه يؤدي بها إلى تقوى الله كالصيام، مع شيء من التفصيل في امتثال الأوامر المقربة إلى الله، واجتناب النواهي المبعدة عنه سبحانه، فالحاج مأمور بذكر الله سبحانه، إذ يدخل في الإحرام بقوله: (لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك) [البخاري رقم1549 ـ فتح الباري (3/408) ومسلم (2/841)].

وهو مأمور بالمداومة على هذا الذكر وغيره أثناء إحرامه [راجع البخاري رقم1670، فتح الباري (3/519) ومسلم (2/931)]. وله في كل نسك يؤديه، ذكر عام أو خاص، كما أنه يدرب النفس على طاعة الله تعالى بعدم تعاطي بعض الطيبات والمباحات في الأصل، كالجماع وما يؤدي إليه والألبسة المعتادة غير ثوبي الإحرام ـ بالنسبة للرجال ـ والطيب، وتغطيته الرأس، وقص الشعر ونتف الإبط وتقليم الأظافر، ونحو ذلك من المحظورات التي وردت بها النصوص. كذلك قتل صيد البر وأكله ـ مطلقاً أو إذا صيد من أجله ولو صاده غيره.

فالحاج مأمور بترك الرفث وهو الجماع وما يتصل به، فتكون زوجه معه في سفره يجمعهما مكان واحد، وقت النوم ووقت اليقظة، فلا يمد يده إليها إلا لحاجة كما يمد يده لعامة الناس، ولا يتكلم معها بكلام تشم منه رائحة التعريض، بما كان يباح له التصريح به.

كما أنه مأمور بترك الفسوق من قول أو فعل ـ وهو مأمور بذلك كل وقت ولكنه في الحج أعظم وآكد ـ وهو مأمور بترك الجدال، إلا إذا دعت الحاجة لمصلحة. وبذلك يكون الحاج قد تزود من زاد التقوى.

كما قال تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وما تفعلوا من خير يعلمه الله، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب} [البقرة: 197].

والحاج أهل لهداية الله بعد أن تزود من تقواه: {فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين} [البقرة: 198].

وزاد التقوى الذي يمنحه الله للحاج من حجه، يزيده تقرباً إلى الله ودواماً على طاعته، حتى تصبح طاعته لربه أحب إليه من أي محبوب آخر، ولذلك لا يفتأ ذاكراً له: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً} [البقرة:200].

والحاج يؤدي ما أمر به من الأنساك في الحج، عبادة لربه، وهو يعلم أن كل ذلك لا ينفعه عند الله، إلا إذا اتجه بقلبه وقالبه إلى الله، وامتلأ قلبه بتقوى الله وخشيته: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها، ولكن يناله التقوى منكم، كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين} [الحج:37].

ويذهب الحاج إلى بيت الله الحرام لتأدية مناسك الحج، وقد أثقلته الذنوب والمعاصي ورانت على قلبه محبة الشهوات، فيزكيه حجه ويطهره، ويدرب نفسه على طاعة ربه في فترة زمنية معينة، فيترك ما نهاه الله عنه من الرفث والفسوق، فيعود وقد غفر الله له، حتى غدا مثل من ولد لتوه لا ذنب له ولا إثم عليه، بل هو في طاعة، وله أجر وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. كما في حديث أبي هريرة رَضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: {من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه}.

وكما في حديثه أيضاً أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قال: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءاً إلى الجنة) [البخاري رقم 1773، فتح الباري (3/597) ورقم 1820 فتح الباري (4/20) ومسلم (2/983)].

ولما كان الحج فيه مشاق النفقة والسفر والتعرض للمخاطر المتنوعة، كالخوف والجوع والعطش والحر والبرد والزحام وغير ذلك، جعله صلّى الله عليه وسلم للنساء بمنزلة الجهاد للرجال، كما في حديث عائشة رَضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: (لا، ولَكُنَّ أفضلُ الجهاد حجٌ مبرور) [البخاري رقم الحديث 1520، فتح الباري (3/381)]. قال الحافظ: "وسماه جهاداً لما فيه من مجاهد النفس" [فتح الباري (3/382)].

والذي وفقه الله تعالى لأداء مناسك الحج، يعلم سبب تسمية الرسول صلّى الله عليه وسلم الحج جهادا،ً فإن سفر الحج فيه شبه كبير بسفر الجهاد، لما يلتزم به الحاج من التقشف، ولما يقتضيه أداؤه من الالتزام بالنظام، والسير مع عامة الناس في وقت واحد، وفي مكان واحد، لا سيما يوم التروية وما بعده، إذ ترى الناس يصعدون إلى منىً في وقت واحد، وينزلون بها لأخذ أماكنهم، ويصلون بها الصلوات الخمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم الفجر، مستعدين لمغادرتها صبيحة اليوم التاسع كلهم إلى عرفات.

وهناك يقفون كلهم، بعد أن يصلوا الظهر والعصر قصراً وجمع تقديم في وقت واحد، ثم إذا غربت الشمس، تحركوا جميعاً نحو مزدلفة ينزلون بها جميعاً، ويصلون بها المغرب والعشاء جمع تأخير، قبل أن ينزلوا متاعهم، ثم ينامون مبكرين استعداداً لأعمال يوم النحر.

فإذا أصبحوا صلوا الفجر ودعوا الله وذكروه حتى يسفروا، ثم يتجهون جميعاً إلى منىً، فيبدءون برمي جمرة العقبة ضحى يوم النحر، ثم يذهب من عليه نحر لينحر، ثم يحلقون ثم يطوفون طواف الإفاضة، ثم يعودون إلى منىً للبقاء فيها، ذاكرين الله تعالى، رامين الجمرات في اليومين التاليين ليوم النحر أو الثلاثة.

ثم يتجهون إلى بيت الله لطواف الوداع، وفي التزامهم كلهم بذلك النظام ما فيه من المشقة والزحام وغير ذلك، والحاج الذي يقوم بذلك كله مع التزامه بطاعة الله في نيته وفي سلوكه، لا يعود إلا وقد تزكت نفسه وألفت الطاعة والجندية الإسلامية.

ولعل ذلك يبين شيئاً من حكمة ذكر الجهاد في سبيل الله، بعد ذكر الآيات المتعلقة بالحج كما قال تعالى: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور، أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله. ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز} [الحج: 38 ـ40].

الحج والأقصى الأسير!

إن حجاج بيت الله الحرام ليبذلون المال، ويعدون العدة للسفر، ويحرمون، ويلبون -والتلبية عهد على طاعة الله ورسوله- ويطوفون ويسعون، ويقومون بكل مناسك الحج، ومنها ركنه الأعظم الوقوف بعرفات.

ثم يؤدون ركن الحج العظيم - طواف الإفاضة - ويزورون مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبعض الأماكن التي تذكرهم برجال الجهاد، كالبقيع، وأحد، والخندق....

فهل يتذكرون صنو المسجدين العظيمين وثالثهما: ذلك المسجد الأسير " الأقصى" الذي يدنسه أبناء القردة والخنازير. فهل يتذكر حجاجُ بيت الله الحرام، أبناءَ الصحابة والتابعين في الأرض المباركة، الذين يقذفهم اليهود بالقنابل والرشاشات والمدافع، والطائرات والدبابات، ويهدمون منازلهم ويخرجونهم منها في العراء، ويحاصرونهم في قِطَع من الأرض، حتى لا يقدر القريب أن يزور قريبه، ويمنعون عنهم وصول الغذاء والدواء والملبس والمشرب؟ هل يتذكر الحجاج قبلتهم الأولى، ومسرى نبيهم صلّى الله عليه وسلم ومعراجه؟
هل بتذكر الحجاج أن من أهم ثمرات حج بيت الله الحرام، أن الله قد أذن للذين يقاتلهم أعداء الله بقتال أولئك الأعداء؟ وأن من ثمرات الحج دفع العدوان عن بيوت الله، وأن المسجد الأقصى له عليهم حق في تحريره والدفاع عنه؟.

وها هم اليهود يدنسون المسجد الأقصى بنعالهم ويحرقون فرشه بسلاحهم الذي يطلقونه على من تمكن من المسلمين من الدخول للصلاة فيه، مع الحصار الشديد لمن يؤمه منهم للصلاة فيه، ويسمحون للمتطرفين اليهود في الدخول فيه، ويعزمون على تقسيمه وقتا ومكانا لبين المسلمين واليهود، كما فعلوا بامسجد الخليلي، ودول العالم الإسلامي، ومنهم العرب يتفرجون على ما يفعله اليهود، بالمسجد الأقصى، ولا يحركون ساكنا، مع العدون اليهودي على المسلمين في القدس وفي غيرها.

http://www.al-rawdah.net/vb/showthre...DD%F6%ED%E4%F3

هل قرأ حجاج بيت الله وتدبروا وتفكروا في هذه الآيات الواردة في الحج، وكيف ختمت بقتال المسلمين من يقاتلهم ظلما وعدوانا، وبدفع المسلمين الاعتداء على المساجد والمعابد من أن تهدم أو تمس بسوء. عليكم يا حجاج بيت الله أ، تقرؤوا هذه الآيات، وتصبروا على قراءتها تقبل الله حجكم، ورزقكم الجهاد في سبيل الله لرد العدوان عن أنفسكم وإخوانكم، ودفع العدو عن تدنيس المساجد وتهديمها، وبخاصة المسجد الأقصى الأسير الذي دنسه أرذل خلق الله في الأرض "اليهود" فدفع العدوان عن إخوانكم، ودفعه عن مساجدكم ينبغي أن يكون من ثمرات حجكم:

بدأت الآيات المتعلقة بالحج من الآية السادسة والعشرين من سورة الحج، وهي قوله: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود} (26)

وانتهت بالآية السابعة والثلاثين، وهي قوله تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين} (37)

ثم أتبعها تعالى بقوله: {إن الله يدافع عن الذين ءامنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور(38) أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (39) الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} (40)

وإنه ليبدو لي من ذكر هذه الآيات الأخيرة بعد آيات الحج، أن من أهم آثار الحج في حياة المسلمين، أن يقاتلوا من يقاتلهم من الأعداء، وأن يحموا بيوت الله من عدوان من أراد إفسادها ماديا أو معنويا، لأن في مناسك الحج تدريبا على التعب والصبر والنظام والانضباط، وبذل المال، وشد الرحال، وأهم من ذلك كله التزكية الإيمانية والطاعة لله والإخلاص له، وفي ذلك كله شبه بمشاق الجهاد ونظامه....

هل تذكرتم يا حجاج بيت الله الحرام، أن الجبن عن دخول الأرض المقدسة لإخراج العدو منها، هو من صفات اليهود، وليس من صفات المسلمين؟! فقد حكى الله موقف اليهود عندما أمرهم موسى عليه السلام بدخول الأرض المقدسة في هذه الآيات، وهي واضحة في الدلالة على جبنهم:

{وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وءاتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين (20) يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين (21) قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون} [المائدة].

هاهو الأقصى الحزين يذكرنا، إن لم نكن قد تذكرنا. فهل من سامع للتذكير، وهل من مجيب لمستغيث؟! اللهم امنح حجاج بيتك الحرام والمسلمين في الأرض، إرادة وقوة على تحرير بيتك الثالث: "المسجد الأقصى" من أعدائك اليهود، الذين احتلوه وأحرقوه ودنسوه، وداسوا كرامة أهله، ليؤمهم فيه، كما أمهم في صنويه: البيت الحرام، ومسجد الرسول صلّى الله عليه وسلم. يارب العالمين، يا أرحم الراحمين.

لقد فتح القدس في صدر الإسلام عمر، وحررها من الصليبيين صلاح الدين، فهل سيجد من قادة المسلمين السياسيين والعسكريين شبيها لهما أو لأحدهما؟ لعل الله يأتي باليوم الذي ينطلق فيه حجاج بيت الله الحرام من أول المساجد الثلاثة بعد أداء مناسكهم، لتحرير بيته الثالث "المسجد الأقصى" ليتحقق هذا الترتيب الرباني في كتابه في واقع المسلمين اللهم آمين. وبهذا يظهر أثر الحج في تزكية النفس وتطهيرها وتضحيتها وأهليتها لتكون مجاهدة في سبيل الله.

أثر صلة الرحم في تزكية النفس

المقصود بالرحم ـ هنا ـ القرابة، والمقصود بالصلة البر والإحسان، أي البر بذوي القربى والإحسان إليهم، وهذه الصلة تتفاوت درجات وجوبها بحسب درجة ذي القربى قرباً وبعداً، والصلة قد تكون صلة بتعليم ذوي القربى أمور دينهم التي يجهلونها ـ لا سيما الواجبات العينية ـ وقد تكون بالإحسان المادي إليهم أو ما شابه ذلك.

والإنسان الذي يقطع رحمه ولا يصلها، عاصٍ لله ولرسوله صلّى الله عليه وسلم، مرتكب لما حرم الله سبحانه وتعالى عليه، قاطع ما أمر الله به أن يوصل، وقد ذمه الله تعالى ذماً شديداً، وأوجب عليه لعنته، وجعله معرضاً لطمس بصيرته.

كما قال تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [محمد: 22 ـ23]. وقد أخذت الرحم وعداً من الله تعالى - والله لا يخلف وعده - بأن يصل من وصلها ويقطع من قطعها. كما في حديث أبي هريرة رَضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (خلق الله الخلق فلما فرغ منه، قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: (مه)؟ قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: (ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعكِ)؟ قالت: بلى يا رب. قال: (فذاك) [البخاري رقم4830 فتح الباري (8/579) ومسلم (4/1980)].

وفي حديث جبير بن مطعم رَضي الله عنه أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلم يقول: (ألا لا يدخل الجنة قاطع) [البخاري رقم 5984 فتح الباري (10/415) ومسلم (4/1981)].

والنصوص في الواردة في صلة الرحم والنهي عن قطعها كثيرة، منها العام، كما مضى، ومنها الخاص بنوع من القرابة، (كالوالدين) وغيرهما. والمقصود أن الذي لا يجاهد نفسه على صلة رحمه، ليس أهلاً للجهاد في سبيل الله، لأنه عاصٍ لله ولرسوله قاطع لرحمه، وقد يكون سبباً في منع الله نصر المؤمنين على أعدائهم، وقد يكون غير قادر على الصبر والمصابرة أمام الأعداء.

لهذا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم من استأذنه في الجهاد معه دون أن يستأذن والديه، أن يرجع إليهما ويجاهد في طاعتهما والقيام بحقوقهما، كما في حديث عبد الله بن عمرو رَضي الله عنهما، قال: جاء رجل النبي صلّى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد، فقال: (أحي والداك) قال: نعم. قال: (ففيهما فجاهد) [البخاري رقم 3004 فتح الباري (6/140) ومسلم (4/1975)].

قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: "هذا كله دليل لعظم فضيلة برهما وأنه آكد من الجهاد، وفيه حجة لما قاله العلماء: إنه لا يجوز الجهاد إلا بإذنهما إذا كانا مسلمين، أو بإذن المسلم منهما.. هذا كله إذا لم يحضر الصف ويتعين القتال، وإلا فحيئذٍ يجوز بغير إذن، وأجمع العلماء على الأمر ببر الوالدين وأن عقوقهما حرام من الكبائر". [شرح النووي على صحيح مسلم (16/104)].

وقد يُعَرِّض عاقُّ والديه نفسَه لغضبهما، ودعائهما عليه، ودعوة المظلوم مستجابة ولو كان كافراً، والعدل واجب ولو لكافر. كما في حديث أنس بن مالك رَضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً، فإنه ليس دونها حجاب) [أحمد في المسند (3/153) والأحاديث الصحيحة للألباني (2/407)].

وقال تعالى في وجوب العدل، ولو كان لمن يبغضهم المؤمن في الله وهم الكفار: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله، شهداء بالقسط، ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [المائدة: 8].

ولقد أخبر الرسول صلّى الله عليه وسلم أصحابه رَضي الله عنهم، بقصة جريج الراهب ـ وهو رجل من بني إسرائيل _محذراً إياهم من عقوق الوالدين. كما في حديث أبي هريرة رَضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: (لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى، وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج، كان يصلي جاءته أمه فدعته، فقال: أجيبها أو أصلي؟ فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات. وكان جريج في صومعته، فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى، فأتت راعياً فأمكنته من نفسها، فولدت غلاماً، فقالت: من جريج، فأتوه فكسروا صومعته فأنزلوه وسبوه. فتوضأ وصلى، ثم أتى الغلام فقال: من أبوك يا غلام، قال: الراعي، قالوا نبني صومعتك من ذهب، قال: لا إلا من طين) [البخاري رقم 3436 فتح الباري (6/476) ومسلم (4/1976)].

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 07:58 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات