جهود علماء هراة في السنة وعلومها من القرن الأول إلى القرن السادس

[ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران]

جهود علماء هراة في السنة وعلومها من القرن الأول إلى القرن السادس
مسعود عزيزي بن محمد معصوم

الحمد لله وحده، والصلاة على نبيِّه، وعلى آله وأصحابه المتأدبين بآدابه، أما بعد:
إن البحث في التاريخ الإسلامي المشرق، والغوص في هذا الخضمِّ العميق، يصلنا إلى أعلام مكنونة في الصدفات، ونماذج مغمورة بالراسبات، وهذا يتطلب من العلماء السعي الدؤوب لإبراز جهودهم، واستعراض ثمرات كدِّهم حتى نُجدِّد الرجاء في نفوس الطلاب الباحثين، ونبعث بارقة الأمل في صدورهم، والمتأمل في تاريخنا الإسلامي يدرك تمامًا أن العلماء عمومًا والمحدثين خصوصًا قد بذلوا جهودًا جبَّارة في خدمة الحديث روايةً، وكتابةً، ودراسةً، ودرايةً، فعلوم الحديث لم تصل إلى ذروة المجد، ومكانته المرموقة إلا ببذل جهود جماعية من قبل جميع علماء أقطار الأرض وأنحاء العالم الإسلامي، ومن الذين أسهموا في بناء هذا الحصن المنيع والبرج المشيد علماء هراة ومُحدِّثوها.

إن إبراز جهود علماء هراة ومُحدِّثيها في خدمة الحديث وعلومه يتطلب سعيًا حثيثًا وإحاطة تامة ينبو إعطاء حقها عن مقدرتي، ويتطاول على وصول نبلتي، فلينطلق في هذا المضمار مَن امتطى الساطي والفريغ لا من ركوبته الأحَقُّ والشَّئِيتُ، فليس مقصدي من هذا المقال الوجيز إلا فتح باب البحث في هذا المجال، وإراءة مقتطفات من جهود تلك السادة الأعلام حتى ينفسح المجال أمام استباق الفطاحل والجهابذة في هذا المضمار.

ولکي تتضح للقارئ الصورة يستعرض الباحث مقتطفات من جهود علماء هراة ومُحدِّثيها موزَّعة على مطلبين مختصرين:
المطلب الأول: مقتطفات من جهود علماء هراة في رواية الحديث والرحلة في طلبه:
يتضح بالرجوع إلى المصادر والمراجع أن علماء هراة قد بذلوا في سبيل رواية الحديث والرحلة في طلبه جهودًا مضنية، وأوقفوا فيها قسطًا كبيرًا من أعمارهم حيث إن استقطاب جهودهم في هذا المقال وحشر عبارات العلماء والمحدثين العباقرة في هذا المقال المختصر عسير غير يسير، فنكتفي بإلقاء نظرة خاطفة على تراثهم وإنجازاتهم الهائلة.


أولًا: مقتطفات من جهود علماء هراة في الرحلة في طلب الحديث:
إن مما يلفت نظر كل باحث شغفَ علماء هراة وولعهم بالرحلة في طلب علم الحديث، وقطع الفيافي والمَهامِه لتحصيل علوِّ الإسناد وقدم السماع، ولقاء المُتْقِنين الحُفَّاظ، فقد رحلوا إلى نيسابور، وبغداد، ودمشق، ومكة والمدينة وغيرها من البلدان، واحتمال كل هذه المتاعب والأعباء يُعَدُّ مؤشِّرًا على مدى حبِّهم وولعهم بالحديث النبوي روايةً، ودرايةً، وحفظًا وتفقُّهًا.


وصف أبو عبدالله الحاكم أحمد بن أبي رجاء الهروي بقوله: "إمام عصره بهراة في الفقه والحديث، طلب الحديث مع أحمد بن حنبل وكتب بانتخابه عن الشيوخ"[1]، ومحمدَ بنَ المنذر الهروي بقوله: "أحد الرحَّالة المجودين في طلب الحديث بخراسان والجبال والعراقيين وخوزستان والحجاز ومصر والشام"[2]، وقال ابن عساكر في أحمدَ بن حمزة أبي إسماعيل الهروي: "سافر الكثير، ولقي المشايخ وطاف بالبلاد"[3]، وفي أحمد بن عبدالله المغفلي الهروي: "من أعيان أهل خراسان، رحل وسمع بدمشق، وبهراة، وبالعراق، وبمصر جماعة"[4]، ومِمَّا قال الخطيب في أحمد بن محمد الماليني: "أحد الرحَّالين في طلب الحديث، والمكثرين منه، كتب ببلاد خراسان، وما وراء النهر، وببلاد فارس، وجرجان، والري، وأصبهان، والبصرة، وبغداد، والكوفة، والشامات، ومصر، ولقي عامة الشيوخ والحُفَّاظ الذين عاصرهم"[5].

ونعت أبو بكر البزار أحمدَ بن محمود أبا الحسن الهروي بقوله: "رحل في طلب الحديث ثلاثًا وثلاثين مرة"[6]، والذهبي سويدَ بن سعيد الهروي بقوله: "رحال، جوال، صاحب حديث وعناية بهذا الشأن"[7]، وابن الجوزي محمدَ بنَ علي الهروي بقوله: "خرج من هراة إلى الحجاز سنة عشرين وأربعمائة، وركب البحر، وخرج إلى عدن، وزبيد، ووصل إلى مكة بعد سنتين، وسمع بها، ثم انصرف إلى بغداد وسمع بها، وبهراة، ونيسابور، وسجستان، وغير ذلك من البلاد"[8]، وقال أبو النضر الفامي في إسحاق بن إبراهيم القراب الهروي: "إن عدد شيوخه زاد على ألف ومائتي نفس"[9]، وذكر الحسين بن محمد الكتبي الهروي في تاريخه أن شيخ الإسلام الأنصاري سافر إلى نيسابور سنة سبع عشرة وأربعمائة، طالبًا للحديث والفقه، ورؤية المشايخ، والاستفادة منهم، والتبرُّك بصحبتهم[10].

ولم يكن احتمال هذه الأعباء والمشاق إلا لشغفهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإقبالهم عليه، ولقد علموا لمن اختار تعب الأسفار على راحة الأمصار، وكتابة الأسفار على النوم في الأسهار إنه لذو حظٍّ عظيم، وعقل رزين، قال جعفر بن حيدر أبو المعالي الهروي: "الصوفي إذا سافر فقد اختار الخراب على العمران يعني التعب على الراحة؛ لكن الكنوز توجد في الخربات ولا يوصل إلى الفوائد إلا بتعب النفس لا بالراحات"[11].

وما نقلناه عن الأعلام والمحدِّثين الكِبار لم يكن إلا إلقاء نظرة خاطفة ولمحة سريعة على علماء هراة ومُحدِّثيها واستقصاء هذا البحث، وسرد جميع الأقوال وتحليلها لا تتسع له رقعة هذا المقال الوجيز.

ويمكن أن نستدل على الجهود التي بذلها علماء هراة في طلب الحديث، والأعباء التي احتملوها في سبيل رواية الحديث بما يحكيه الحافظ عبدالأول بن عيسى الهروي عن نفسه حيث يقول: "رحلت لسماع الصحيح ماشيًا مع والدي من هراة إلى الداوودي ببوشنج، ولي دون عشر سنين، فكان والدي يضع على يدي حجرين ويقول: احملهما، فكنت من خوفه أحفظهما بيدي، وأمشي وهو يتأمَّلني، فإذا رآني قد عييت، أمرني أن ألقي حجرًا واحدًا، فألقي، ويخف عني، فأمشي إلى أن يتبين له تعبي، فيقول لي: هل عييت؟

فأخافه وأقول: لا، فيقول: لم تقصر في المشي؟ فأسرع بين يديه ساعة، ثم أعجز، فيأخذ الآخر فيُلقيه، فأمشي حتى أعطب، فحينئذٍ كان يأخذني ويحملني.

وكنا نلتقي جماعة الفلاحين، وغيرهم، فيقولون: يا شيخ عيسى، ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك إلى بوشنج، فيقول: معاذ الله أن نركب في طلب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بل نمشي، وإذا عجز أركبته على رأسي إجلالًا لحديث رسول الله، ورجاء ثوابه ... ولم يبق من أقراني أحد سواي، حتى صارت الوفود ترحل إليَّ من الأمصار"[12].

ثانيًا: مقتطفات من جهود علماء هراة في الرحلة في رواية الحديث:
كان من ثمرات تعب علماء هراة في طلب علم الحديث، أن أهل الأقطار والآفاق ارتحلوا إليهم، وكانوا مثوبة للناس ينسلون إليهم من كل حدب وصوب، يقول يوسف بن أحمد الشيرازي: "لما رحلت إلى شيخنا رحلة الدنيا ومسند العصر أبي الوقت (الهروي)، قدر الله لي الوصول إليه في آخر بلاد كرمان، فسلمت عليه، وقبلته، وجلست بين يديه. فقال لي: ما أقدمك هذه البلاد؟ قلت: كان قصدي إليك، ومعولي بعد الله عليك، وقد كتبت ما وقع إليَّ من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي، لأدرك بركة أنفاسك، وأحظى بعلوِّ إسنادك"[13].

ويقول تقي الدين العراقي عن صاعد بن سيار: "عقد له مجلس الإملاء بنيسابور، فأملى مجالس فأفاد الطلبة وعاد إلى هراة ينشر بها علمه وما جمعه"[14]، وقال ابن الجوزي عن علي بن يعلى الهروي: "جلس لوداع أهل بغداد عند السور... وحزر الجمع يومئذٍ، فكانوا نحو خمسين ألفًا، وكان يُورِد الأحاديث بأسانيدها، وينصر أهل السنة"[15].

قال أبو النضر الفامي في وصف محمود بن القاسم الهروي: "وكانت إليه الرحلة من الأقطار والقصد لأسانيده"[16]، ولما قدم الهياج بن بسطام الهروي بغداد وحدث الناس، اجتمع عليه من الخلائق ما لا يحصون، فلما أراد الخروج مع الناس، قال أصحاب الحديث: فني ما في جراب الخراساني فهو يهرب، ففاسخ الكراء، وأقام فيهم أشهرًا يحدثهم، وقال سعيد بن هناد: "ما رأيت محدثًا أفصح لسانًا من الهياج بن بسطام الحنظلي، ولقد حدث بالعراق، واجتمع عليه مائة ألف من الناس يتعجَّبون من فصاحته يكتبون عنه"[17]، وقد حدث عبدالأول بن عيسى الهروي بخراسان وأصبهان وكرمان وهمذان وبغداد، وتكاثر عليه الطلبة[18]، وقعد بين يديه الحُفَّاظ والوزراء، وكان عنده كتب وأجزاء، سمع عليه مَن لا يُحصَى ولا يُحصَر[19].

وقصة محمد بن إسحاق الموصلي حيث ارتحل إلى هراة لسماع حديث واحد من الشيخ الحافظ علي بن محمد الجكاني الهروي طلبًا لعلوِّ الإسناد من روائع القصص التي تستحق المراجعة، ولولا ضيق المقام لأوردتها بطولها، ومن يريد مراجعتها فليراجع تاريخ دمشق لابن عساكر[20].

ويفصح عن اهتمام علماء هراة بالحديث، ووضعه في بؤرة اهتمامهم أن رواية الحديث لم تكن مقتصرة على الرجال؛ بل اهتمت بها النساء أيضًا، وهذا مؤشر يدل على ذياع صيت الحديث وشهرته الشاسعة في بلدة هراة، ومن تلك المحدثات بيبي بنت عبد الصمد، يقول عنها أبو سعد السمعاني: "صالحة، عفيفة، عندها جزء من حديث ابن أبي شريح، تفردت به، سمعه منها عالم لا يحصون"[21]. ومنهن جوهرناز بنت أبي طاهر، وهي من شيوخ السمعاني وقال فيها: "امرأة من بيت الحديث، صالحة، معمرة، حسنة السيرة"[22].

ومن الجدیر بالذكر أن مُحدِّثي هراة قد رووا كتب الحديث وعلومه من مصنفاتها أو من دونهم من الشيوخ والأعلام، وذكر جميع هذه المصنفات والمؤلفات لا يتسع في إطار هذا المقال الوجيز، وعلى سبيل المثال من تلك الرواة: أبو ذر عبد بن أحمد الهروي حيث روى «صحیح البخاري» عن الثلاثة: المستملي، والحموي، والكشميهني، وروى «علل الحديث» و«الإلزامات» لأبي الحسن الدارقطني عن مؤلفه، و«الجرح والتعديل» لأبي حاتم الرازي عن أبي علي حمد بن عبدالله عن مؤلفه، وكتاب «الضعفاء والمتروكين من المحدثين» و«المؤتلف والمختلف» و«المدبج» للدارقطني عن مؤلفه، وكتاب «الوجازة في صحة القول بالإجازة» لأبي العباس السرقسطي عن مؤلفه، وسمع عبدالله بن أحمد الهروي كتاب «صحیح البخاري» من الفربري، وسمع من عيسى بن عمر السمرقندي كتاب «الدارمي»، وسمع من إبراهيم بن خزيم الشاشي «مسند عبد» وتفسيره، وروى أبو نصر عبدالعزيز الترياقي الكروخي الهروي «الجامع الكبير» للترمذي عن عبدالجبار الجراحي عن أبي العباس المحبوبي عن مؤلفه[23].

ومن مفاخر محدثي هراة أن أصحاب الكتب الستة قد رووا عنهم أكثر من ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين حديثًا بحذف المكررات حسب اطلاعي، وتلك الأعلام والشيوخ هياج بن بسطام، وعبيدالله بن عبدالله العتكي، وعبدالله بن واقد، وعبدالسلام بن صالح، وعائذ بن حبيب، وسويد بن سعيد، وحسين بن عبدالرحمن الأشجعي، وإسماعيل بن إبراهيم الهذلي، وأحمد بن أبي رجاء، وإبراهيم بن عبدالله، وإبراهيم بن طهمان الهرويون.

فإبراهيم بن عبدالله شيخ ابن ماجه، وأحمد بن أبي رجاء شيخ البخاري، وإسماعيل بن إبراهيم شيخ البخاري، ومسلم وأبو داود، وسويد بن سعيد شيخ مسلم وابن ماجه.

المطلب الثاني: مقتطفات من جهود علماء هراة في تدوين السنة:
لقد قام علماء هراة ببذل جهود عملاقة لتدوين السنة وعلومها؛ حيث إنهم بدءوا في طلب الحديث وعلومها في آخر زمان الصحابة الصغار، ومن أقدم مُحدِّثي هراة الحسين بن عبدالرحمن؛ حيث روى عن سعد بن أبي وقاص، وإبراهيم بن طهمان، وهو الذي ارتحل في طلب العلم فقدم بغداد، وحدَّثَ بها، وروی عنه أبو حنيفة النعمان رحمه الله، ثم سكن مكة حتى مات بها[24]، وقد صنَّف كتاب السُّنَن ورتَّبه على الأبواب الفقهية، وبذلك يُعَدُّ إبراهيم بن طهمان أول الهرويين أو من أوَّلِهم في وضع لبنة التصنيف في الحديث وتدوين السنة[25]، ونحن نشير هنا إلى بعض مصنفات الهرويين في الحديث النبوي، وعلومه، وتراجم الرجال والطبقات باختصار حيث لا يسع المجال في هذا المقال الوجيز للتفصيل.

أولًا: مقتطفات من تصانيفهم في الحديث النبوي:
لقد اهتمَّ الهرويُّون بتدوين الحديث النبوي، وجمعه في الأجزاء، والمسانيد والمستدركات والمخرجات، وهذا ينمُّ عن اعتنائهم واهتمامهم بتدوين الحديث النبوي، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

فمن مصنفاتهم في المسانيد: «مسانيد المؤطأ» لأبي ذرٍّ عبد بن أحمد الهروي، و«المسند الصحيح المؤلف على الصحيحين» له أيضًا، و«المسند في الحديث» لأبي الفتح نصر بن إبراهيم الهروي الحنفي[26].

ومن تصانيفهم في الأجزاء والفوائد الحديثية: جزء من حديث أبي ذرٍّ عبد بن أحمد الهروي، وجزء من حديث نصر بن سيار الهروي، وجزء فيه مجلس أبي الفضل الهروي، وجزء مالك بن سليمان الهروي، والجزء الأول والثاني من حديث يحيى الهروي[27].

ومن تصانيفهم في الأربعينات والمائة والألف: «المائة» و«الأربعين» لشيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي، و«الأربعين في الحديث» لأحمد بن محمد بن محمد القاشاني، و«أربعين الصوفية» للحافظ أبي سعيد أحمد بن محمد بن أحمد الهروي الماليني الصوفي، و«العيدين» لإبراهيم بن طهمان، و«أحاديث» للإمام العلامة الحافظ أبي ذر الهروي، و«الدعاء»، و«العيدين»، و«الفوائد»، و«شهادة الزور»، و«معيشة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم عن الدنيا» له أيضًا[28].

ومن تصانيفهم في المخرجات: تخريج أبي عبدالله محمد بن العباس بن أحمد الضبي الهروي على صحيح مسلم، وتخريج أبي حامد أحمد بن محمد الشازكي، الفقيه، الشافعي، الهروي على صحيح مسلم أيضًا، وتخريج أبي ذرٍّ الهروي على إلزامات الدارقطني للشيخين[29].

ومن مصنفاتهم أيضًا في الحديث النبوي: كتاب «الأمالي في الحديث» لإسماعيل بن محمد البوشنجي أبي سعيد الهروي، و«دلائل النبوة»، و«السنة» له أيضًا، و«المستدرك على صحيح البخاري ومسلم» لأبي ذر الهروي، و«الجامع» له أيضًا، و«المسلسلات» لعبدالله بن عطاء الهروي، و«الجمع بين الصحيحين» لإسماعيل بن إبراهيم بن محمد السرخسى الهروي[30].

ومن هذا العرض يتبيَّن أن علماء هراة لم يقتصروا على نوع واحد من أنواع التصنيف في الحديث النبوي؛ بل تنوَّعوا وتفنَّنوا في أسلوب تصنيف الحديث النبوي، وكان محمد بن أحمد الجارودي أول من سنَّ بهراة تخريج الفوائد وشرح الرجال والتصحيح.

ثانيًا: مقتطفات من تصانيفهم في علوم الحديث:
يتبيَّن بالرجوع إلى المصادر والمراجع أن علماء هراة لم يهتموا بجمع الأحاديث النبوية وتدوينها في الكتب فحسب؛ بل اهتموا أيضًا بعلوم الحديث النبوي.

ولا شَكَّ أن تدوين علماء هراة لعلوم الحديث يدل على معرفتهم وخبرتهم بالحديث النبوي وعلله، فقد قال الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي في إسماعيل بن إبراهيم الهروي القراب: "كان في عدة من العلوم إمامًا، منها القراءات والحديث والفقه ومعاني القرآن والأدب، وله تصانيف فيها في غاية الحسن"[31]، ووصف أبو النضر الفامي محمدَ بن أحمد الهروي الجارودي بقوله: "كان عديم النظير في العلوم خصوصًا، فيعلم الحفظ والتحديث"[32]، ومدح ابن عساکر أبا محمد المزني المغفلي الهروي بقوله: "جمع وصنف وتقدم في معرفة الحديث والعلوم"[33]، وقال أحمد بن كامل القاضي في وصف أبي عبيد القاسم بن سلام: "كان أبو عبيد القاسم بن سلام فاضلًا في دينه، وفي عمله ربانيًّا مُتفنِّنًا في أصناف من علوم الإسلام من القرآن، والفقه، والعربية، والأخبار، حسن الرواية، صحيح النقل"[34]، ونقل عن حاتم بن محمد في نعت أبي ذر الهروي قوله: "كان أبو ذر حبرًا فاضلًا متقللًا من الدنيا بصيرًا بالحديث وعلله وتمييز الرجال"[35]، وكان إسحاق بن إبراهيم الحافظ أبو يعقوب القراب، الهروي زاهدًا مقلًّا من الدنيا. وكان ممن يرجع إليه في العلل، والجرح والتعديل[36].

ولما ورد شيخ الإسلام عبدالله الأنصاري الهروي نيسابور مع خلق كثير أخرج الإمام أبو عثمان الصابوني لخاله الإمام أبي الفضل بن أبي سعد الزاهد مجلسًا في الحديث ليُمليه بنيسابور، فنظر فيه الأنصاري ونبَّه على خلل في رجال الحديث وقع فيه، فقبل الصابوني قوله، وعاد إلى ما قال، وأحسن الثناء عليه، وأظهر السرور به، وقال شيخ الإسلام الأنصاري الهروي: "أنا أحفظ اثني عشر ألف حديث أسرِدُها سَرْدًا"، وقط ما ذكر في مجلسه حديثًا إلا بإسناده، وكان يشير إلى صحته وسقمه[37].

لقد كان لعلماء هراة باع طويل في شرح غريب الحديث، وابتكروا في شرح غريب الحديث أساليب جديدة، وتفنَّنوا فيه، و"كتاب غريب الحديث" أول من عمله أبو عبيدة معمر بن المثنى، وقطرب، والأخفش، والنضر بن شميل، ولم يأتوا بالأسانيد، وعمل أبو عدنان النحوي البصري كتابًا في غريب الحديث، ذكر فيه الأسانيد، وصنفه على أبواب السنن والفقه إلا أنه ليس بالكبير، فجمع أبو عبيد عامة ما في كتبهم، وفسَّره، وذكر الأسانيد، وصنَّف المسند على حدته، وأحاديث كل رجل من الصحابة والتابعين على حدته، وأجاد تصنيفه، فرغب فيه أهل الحديث، والفقه، واللغة، لاجتماع ما يحتاجون إليه فيه"[38].

وقال أبو عبيد الهروي: "كنت في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها في موضعها من الكتاب، فأبيتُ ساهرًا فرحًا مني بتلك الفائدة، وأحدكم يجيئني فيُقيم عندي أربعة أشهر أو خمسة أشهر، فيقول: قد أقمت الكثير"[39].

وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: "عرضت كتاب غريب الحديث لأبي عبيد على أبي، فاستحسنه، وقال: جزاه الله خيرًا"[40].

قال الهلال بن العلاء الرقي: "مَنَّ الله على هذه الأُمَّة بأربعة في زمانهم: بالشافعي تفقَّه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وبأبي عبيد القاسم بن سلام، فسَّر الغريب من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لولا ذلك لاقتحم الناس في الخطأ"[41].

ومن خلال هذه النقول يتضح مكانة أبي عبيد المرموقة في شرح غريب الحديث، حيث صار الناس بعده عيالًا على كتابه، ثم بعد قرن ونصف تقريبًا صنَّف أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي كتاب «غريبي القرآن والحديث»، وهو كتاب قد سار مسير الشَّمْس في الآفاق، وأخذ عنه العلماء، وتزاحَمَ على روايته الفقهاء، وقال محمد صدیق خان: "فلما كان زمان أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي ... صنَّف كتابه المشهور في الجمع بين غريبي القرآن والحديث ورتَّبَه على حروف المعجم على وضع لم يسبق فيه، وجمع ما في كتب مَنْ تقدَّمه فجاء جامعًا في الحسن إلا أنه جاء الحديث مفرقًا في حروف كلماته، فانتشر فصار هو العمدة فيه وما زال الناس بعد يتبعون أثره"[42].

ومن مصنفاتهم في غريب الحديث كتاب «معاني شواهد غريب الحديث»، وكتاب «تفسير شواهد غريب الحديث»، لمحمد بن أحمد الأزهري الهروي، وكتاب «الرد على أبي عبيد في غريب القرآن»، وكتاب «غريب الحديث» للحافظ عبدالواحد بن أحمد الهروي المليحي[43].

ومن مصنفاتهم في تراجم الرجال «المعجم في تسمية رجال الشيخ الحافظ أبي ذرٍّ» لأبي ذرٍّ عبد بن أحمد الهروي، و«المعجم في مشتبه أسامي المحدِّثين» للحافظ أبي الفضل؛ عبيدالله بن عبدالله الهروي، و«تاريخ السنين» لإسحاق بن إبراهيم أبو يعقوب القراب الهروي الذي صنَّفه في وفيات أهل العلم من زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سنة وفاته سنة تسع وعشرين[44].

ومن مصنفاتهم في شرح الحديث النبوي «شرح الجامع الصحيح للبخاري»، و«شرح الجامع الصحيح لمسلم» لإسماعيل بن محمد البوشنجي أبي سعيد الهروي، و«خلاصة في شرح حديث كل بدعة ضلالة» لأبي إسماعيل عبدالله بن محمد الأنصاري الهروي[45].

ومن مصنفاتهم في علوم الحديث أيضًا «المؤتلف والمختلف» لحفص بن الخليل الأنصاري الهروي، و«المؤتلف والمختلف» لأبي سعد الهروي الماليني الصوفي، وقال الذهبي رحمه الله في وصف محمد بن الحسين بن أبي سعد الهروي: "إمام كبير، عارف بعِلَل الحديث. له جزء فيه بضعة وثلاثون حديثًا من الأحاديث التي بيَّن عللها، قد أخرجها مسلم في صحيحه"[46].

ولم یکن هذا إلا عرضًا وجيزًا للجهود التي بذلها علماء هراة في رواية الحديث والرحلة في طلبه، وتحصيل علوم الحديث درايةً وكتابةً؛ لكن تسليط الضوء على جميع جوانب هذا البحث لا يسع في هذه العجالة، ومهما يتغلغل الباحث في تراجم هذه الأعلام، ويراجع إنجازاتهم ينفتح أبواب جديدة أمامه، وليس بعيدًا عن الإنصاف أن يختصَّ لترجمة أمثال شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري، وأبي عبيدة القاسم بن سلام، وعبدالأول بن عيسى وإبراهيم بن طهمان، وأبي ذرٍّ الهروي، والحافظ أبي يعقوب القراب وغيرهم من الجبال الراسيات رسائل على حدة حتى ينقشع عن الباحثين تعب تصفُّح الأوراق ومراجعة كتب التاريخ والتراجم.


وفي المحصلة نستطيع أن نشير إلى عدة من النقاط التي توصلنا إليها خلال هذا البحث الوجيز، منها:
1- ارتحل علماء هراة إلى أقطار العالم وأكنافه طلبًا لعلوِّ الإسناد وقدم السماع، ولقاء المُتْقِنين الحُفَّاظ.

2- إن العزائم والمعالي تكتسب بقدر الكَدِّ والتعب، فكان من ثمرات كدِّهم في طلب الحديث، واختيارهم عذاب السفر على عذوبة الحضر أن أهل الأقطار والآفاق ارتحلوا إليهم، وصاروا رحلة العباد من المحدِّثين والزُّهَّاد.

3- انتشر صيت الحديث في هراة، وعبق بأريج السنة الزكي الأبيات، فلم تقتصر طلبه على الرجال؛ بل تعلمها وتنافس في طلبها النساء المخدَّرات.

4- إن علماء هراة من رواة كتب أهل السنة، ومنها جامع الإمام الترمذي، وصحيح البخاري، ومسند عبد بن حميد وغيرها من المصنفات والكتب المعتبرات.

5- يعد علماء هراة شيوخ أصحاب الكتب الستة، قد رووا عنهم أكثر من ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين حديثًا بحذف المكررات.

6- لقد قام علماء هراة بتدوين الكتب في الحديث النبوي من المسانيد، والأجزاء، والأربعينات، والمخرجات، وغيرها، وتدوين الكتب في علوم الحديث من غريب الحديث، والمعاجم، والشروح، والوفيات.


يأمل الباحث أن يواصل الدارسون والعلماء البارزون البحث والدراسة في هذا المجال، وأرجو العزيز الجبار أن يفصح عن زلَّاتي وعثراتي، إنه ولي ذلك وهو حسبي ونعم الوكيل.

[1]انظر: المزي، يوسف بن عبدالرحمن، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى: 1400 هــ، رقم الراوي: 56 (1/ 365).

[2]انظر: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاریخ دمشق، الناشر: دار الفكر، الطبعة الأولى: 1415 هــ، رقم الراوي: 7028 (56/ 31).

[3]انظر: ابن عساكر، تاريخ دمشق لابن عساكر، رقم الراوي:9610 (71/ 97).

[4]ابن عساکر، تاريخ دمشق لابن عساكر، رقم الراوي: 9686 (71/ 238).

[5]البغدادي، أحمد بن علي، تاریخ بغداد، الناشر: دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى: 1422 هــ، رقم الراوي: 2511 (6/ 24).

[6]انظر: ابن عساکر، تاريخ دمشق لابن عساكر، رقم الراوي: 260 (6/ 4).

[7]الذهبی، شمس الدین محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى: 1405 هــ، رقم الراوي: 97 (11/ 410).

[8]انظر: الجوزي، عبدالرحمن بن علي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى: 1412 هــ، رقم الراوي: 3665 (17/ 36).

[9]السبكي، عبدالوهاب بن تقي الدين، طبقات الشافعية الكبرى، الناشر: هجر، الطبعة الأولى: 1413 هــ، رقم الراوي: 362 (4/ 264).

[10]زين الدين، عبدالرحمن بن أحمد، ذيل طبقات الحنابلة، الناشر: مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى: 1425 هــ (1/ 137).

[11]انظر: السلفي، أحمد بن محمد، معجم السفر، الناشر: المكتبة التجارية، الطبعة الأولى: 1400 هــ، رقم الراوي: 752 (1/ 231).

[12]الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، الناشر: دار الحديث، الطبعة الأولى: 1427 هــ، رقم الراوي: 5007 (15/ 101).

[13]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الناشر: دار الحديث، رقم الراوي: 5007، (15/ 101).

[14]العراقي، إبراهيم بن محمد، المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور، الناشر: دار الفكر، الطبعة الأولى: 1414 هــ، رقم الراوي: 842 (1/ 281).

[15]الجوزي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، رقم الراوي: 3665 (17/ 36).

[16]السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، رقم الراوي: 538 (5/ 327).

[17]البغدادی، تاریخ بغداد، رقم الراوي: 7387 (16/ 124).

[18]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الناشر: دار الحديث، رقم الراوي: 5007 (15/ 101).

[19]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الناشر: دار الحديث، رقم الراوي: 5007 (15/ 101).

[20]ابن عساکر، تاريخ دمشق لابن عساكر، رقم الراوي: 5060 (43/ 205).

[21]الذهبي، سير أعلام النبلاء ، الناشر: دار الحديث ، رقم الراوي: 4293، (13/ 489).

[22]السمعاني، محمد بن منصور، المنتخب من معجم شيوخ السمعاني، الناشر: دار عالم الكتب، الطبعة الأولى: 1417 هـ (1/ 1872).

[23]انظر: الذهبی، سير أعلام النبلاء، الناشر: مؤسسة الرسالة، رقم الراوي:370 (17/ 554)، والإشبيلي، محمد بن خير، فهرسة ابن خير، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى: 1419 هــ، (ص: 171، 172، 176، 178، 185، 186، 226)، والذهبی، سير أعلام النبلاء، الناشر: مؤسسة الرسالة، رقم الراوي: 363 (16/ 492) والوادي آشي، محمد بن جابر، برنامج الوادي آشي، الناشر: دار المغرب العربي، الطبعة الأولى: 1400 هــ، (ص: 196).

[24]انظر: البغدادی، تاريخ بغداد، ت بشار، رقم: 3096 (7/ 13).

[25]انظر: ابن النديم، محمد بن إسحاق، الفهرست، الناشر: دار المعرفة، الطبعة الأولى: 1417 هــ (ص: 280).

[26]انظر: الإشبيلي، فهرسة ابن خير، رقم الكتاب: 143، 656 (ص: 77، 254)، والباباني، إسماعيل بن محمد، هدية العارفين، الناشر: وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية إستانبول، الطبعة الأولى: 1951 هــ (2/ 491).

[27]العسقلاني، أحمد بن علي، تجريد أسانيد الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى: 1418 هــ، رقم الكتاب: 1184، 1603 ، 1615، (ص: 283، 373، 376).

[28]انظر: العسقلاني، تجريد أسانيد الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة، رقم الكتاب: 1493 (ص: 347)، وزين الدين، ذيل طبقات الحنابلة، (1/ 138)، والباباني، هدية العارفين، (1/ 70)، والبغدادی، تاريخ بغداد، ت بشار، رقم: 2511 (6/ 24)، وابن النديم، الفهرست (ص: 280)، والذهبي، سير أعلام النبلاء، الناشر: دار الحديث، رقم الراوي: 4002 (13/ 212).

[29]انظر: الذهبي، محمد بن أحمد، تذكرة الحفاظ، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى: 1419 هــ، رقم الراوي: 940 (3/ 141)، وحاجي خليفة، مصطفى بن عبدالله، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، الناشر: مكتبة المثنى، الطبعة الأولى: 1941 هــ (1/ 555)، والإشبيلي، فهرسة ابن خير، رقم الكتاب: 327 (ص:172).

[30]انظر: الباباني، هدية العارفين (1/ 211، 438)، كحالة الدمشق، عمر بن رضا، معجم المؤلفين، الناشر: مكتبة المثنى (6/ 83)، الباباني، هدية العارفين (1/ 209).

[31]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الناشر: دار الحديث، رقم الراوي: 3867 (13/ 115).

[32]الذهبي، سير أعلام النبلاء، الناشر: دار الحديث، رقم الراوي: 3872 (13/ 117).

[33]انظر: ابن عساکر، تاريخ دمشق لابن عساكر، رقم الراوي: 9686 (71/ 238).

[34]انظر: البغدادی، تاريخ بغداد، ت بشار، رقم: 6820 (14/ 392).

[35]اليعمري، إبراهيم بن علي، الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، الناشر: دار الكتب العلمية (ص: 217).

[36]انظر: الذهبی، سير أعلام النبلاء، الناشر: مؤسسة الرسالة، رقم الراوي: 376 (17/ 570).

[37]زين الدين، ذيل طبقات الحنابلة (1/ 138).

[38]البغدادی، تاریخ بغداد، رقم الراوي: 6820 (14/ 392).

[39]البغدادی، تاریخ بغداد، رقم الراوي: 6820 (14/ 392).

[40] -البغدادی، تاریخ بغداد، رقم الراوي: 6820 (14/ 392).

[41]البغدادی، تاریخ بغداد، رقم الراوي: 6820 (14/ 392).

[42]القونجي، محمد صديق خان بن حسن، الحطة في ذكر الصحاح الستة، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى: 1405 هــ (ص: 98).

[43]الحموي، ياقوت بن عبدالله، إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، الناشر: دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى: 1414 هــ، رقم الراوي: 965 (5/ 2321)، والباباني، هدية العارفين (1/ 634).

[44]انظر: الإشبيلي، فهرسة ابن خير، رقم الكتاب: 215 (ص: 130)، والبصيري، عبدالله بن محمد، معجم أهم مصنفات التراجم المطبوعة، الطبعة الأولى: 1422 هــ (ص: 534)، السبكي، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (4/ 264)،

[45]الباباني، هدية العارفين (1/ 211، 452).

[46]انظر: الكتاني، محمد بن أبي الفيض، الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، الناشر: دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى: 1421 هــ (ص: 103)، والبغدادی، تاریخ بغداد، رقم الراوي: 6820 (14/ 392)، الذهبی، سير أعلام النبلاء، الناشر: مؤسسة الرسالة، رقم الراوي:310 (14/ 538).

المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك