باب: (فضل المنيحة)
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ َقَالَ: «مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةً، غَدَتْ بِصَدَقَةٍ، وَرَاحَتْ بِصَدَقَةٍ، صَبُوحِهَا وَغَبُوقِهَا»، ولمسلم في رواية: أَلاَ رَجُلٌ يَمْنَحُ أَهْلَ بَيْتٍ نَاقَةً ».
وأما البخاري فروى الحديث بلفظ: «نِعمَ المَنيحةُ اللِّقحةُ الصَّفِيُّ منحة، والشاة الصفيُّ تَغْدو بإِناء وتَروحُ بإناء».
شرح ألفاظ الحديث:
(( مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةً)): منح: أي أعطى، و المنيحة: هي العطية و منحة اللبن: أن يعطيهم ناقة أو شاة يُنتفع بلبنها ويعيدها؛ [انظر النهاية مادة (منح)].
ومنحُ الناقة في حديث الباب على صورتين؛ إما يعطيهم الناقة يشربون لبنها مدة ثم يردونها إليه، أو أنه يُملكهم إياها بمنافعها مؤبدة مثل الهبة، وسواء كانت المنيحة ناقة أو غيرها من الحيوانات أو الثمار.
((غَدَتْ بِصَدَقَةٍ )): الغدو: هو الذهاب (بُكرة)؛ أي: أول النهار، ومثله الرواية الأخرى: (تغدو بعُس)، (تغدو بإناء).
((َرَاحَتْ بِصَدَقَةٍ)): الرواح: هو الذهاب (عشية)؛ أي آخر النهار، ومثله الرواية الأخرى: (تروح بعُس)، (تروح بإناء).
((صَبُوحها وغَبُوقها)): الصبوح: بفتح الصاد هو الشرب أول النهار، والغَبوق: بفتح الغين هو الشرب آخر النهار وأول الليل.
(( تغدو بعُس وتروح بعُس )): العُس: بضم العين وتشديد السين وهو الإناء الكبير الضخم. وضبطت بوجه آخر ((تروح بِعشاء وتغدو بِعشاء))، ورواه الحميدي: (بعَساء).
((اللقحة)): هي الناقة ذات اللبن القريبة العهد بالولادة، وهي مكسورة اللام ويجوز فتحها، والمعروف أن اللقحة بفتح اللام المرة الواحدة من الحلب، ويقال: ناقة لقُوح: إذا كانت غريزة اللبن، وناقة لاقح: إذا كانت حاملًا؛ [انظر النهاية في غريب الحديث مادة (لقح)، وانظر الفتح (5/300) حديث (2629) ].
((الصفيُّ)): بفتح الصاد وكسر الفاء وهي الكريمة الغزيرة اللبن، ويقال لها أيضًا الصفية؛ [انظر النهاية مادة (صفا) وانظر الفتح (المرجع السابق)].
من فوائد الحديثين:
الفائدة الأولى: الحديث فيه دلالة على (فضل المنيحة) وهكذا بوَّب البخاري على حديث الباب وكذا النووي، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "غَدَتْ بِصَدَقَةٍ، وَرَاحَتْ بِصَدَقَة"، ووجه ذلك أن نفعها متعدٍّ مستمر ما دامت تحلب، ولا سيما إذا أعطاهم إياها هبة، فإنهم سينتفعون بها انتفاعًا مؤبدًا.
الفائدة الثانية: الحديث فيه دلالة على أن الصدقة قد تقع على المنافع دون الأصل، وذلك حينما يمنح رجل ناقته لأهل بيت أو شاته يحلبونها وينتفعون بلبنها ثم يردونها، وهكذا المسلم فإنه إن عجز ولم يستطع هبة الأصل لحاجته، فإنه لا يعدم الخير في أن يهب منافعها أيًّا كانت العطية كالزروع والثمار ونحوها مما ينتفع به الناس اليوم كالسيارات والأواني ونحوها مما يعطى لينتفع به.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك