أمهات مطحونات إليكنّ الحلول خير لكِ من خادم
أمهات مطحونات إليكنّ الحلول خير لكِ من خادم
عندما ذهبت سيدة نساء العالمين البضعة النبوية "فاطمة الزهراء" – رضي الله عنها- مع زوجها الكريم على بن أبي طالب – رضي الله عنه- يطلبان من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوفر لهما خادما.. فقد أثرت الرحى في يد السيدة فاطمة، وكان من المتعذر أن يلبي عليه الصلاة والسلام هذا الأمر، لأنه وهو الشفوق الرحم على أصحابه وأمته، ورغم حبه الكبير لابنته، إلا أنه كان قائدا وحاكما عادلا رحيما، فقال: "وَاللَّهِ لَا أُعْطِيكُمَا, وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ, تَطْوَ بُطُونُهُمْ, لَا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ عَلَيْهِم"..
ولكنه صلى الله عليه وسلم أرشدهما إلى خير عظيم، وباب واسع لطلب العون والقوة من رب العباد، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما: ((أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها, أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنْ الرَّحَى, وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ, فَلَمْ تُصَادِفْهُ, فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ, فَلَمَّا جَاءَ, أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ, قَالَ: فَجَاءَنَا, وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا, فَذَهَبْنَا نَقُومُ, فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا, فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا, حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي, فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا, إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا, أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا؟ فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ, وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ, فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ)).
هذا الحديث العظيم يخصنا جميعنا.. يخص كل من شعر بأن أمرا ما أعياه، بأن مسؤولياته كثيرة، بأنه يحتاج للمساعدة.. إليكِ أيتها الزوجة والأم المسلمة.
ومما لا شك فيه أن طلب خادم هو أمر جائز، ولكن في كثير من الأحيان ولأسباب مختلفة قد لا يتوفر للمرأة من يساعدها في الخدمة، كما قد تعرض لها من الأمور ما لا يمكن أن يؤديه سواها.. وهنا تتجلى عظمة التوجيه النبوي بالذكر، وأتطرق فيه هنا لبعض الفوائد:
1ـ قوة الذكر:
قال ابن القيم – رحمه الله- : يقول ابن القيم في الوابل الصيب: قيل أن من داوم على ذلك وجد قوة في يومه مغنيه عن خادم ، ويقول : إن الذكر يعطي الذاكر قوة حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه.
وأنتِ أيتها الأم المثابرة، المتعبة من كثرة الأعباء.. ثقي بأن الذكر سيمددك بقوة، قال تعالى:"فاذكروني أذكركم".. تصوري ذلك الذاكر الذي يذكره ربه، كيف إذا ذكرك الله تعالى..
2- قبل النوم:
هذا الذكر مخصوص بزمن معين، وهو فترة قبل النوم.. عندما يأخذ الإنسان فراشه ويبدأ يشعر بتعب اليوم كله، ويثقل عيناه.. هنا يذكر وسبح ويحمد ويكبر، لن ينتهي اليوم ويبدأ يوم جديد وتمضي دوامة سريعة دون ذكر رب السماوات والأرض، دون اتصال بالقوي العليّ القدير.
إنك في هذه اللحظات من الوهن.. وقبل أن تغمضي عينيك وتودعي اليوم بما فيه، تذكرينه جلّ في علاه، تطهرين قلبك مما عدا الله..
تسبحينه فهو المنزه عن كل نقص، وهو القادر أن يبرئك من النقص والقصور.
تحمدينه على ما أمدك من نعم وإنجازات وتوفيق وعافية.. فيزدك خيرا ويمدك بفتوحات وبركات وقوة.. "سمع الله لمن حمده".
تكبرينه.. فهو أكبر من كل همومك، أكبر من حاجاتك، أكبر مما تخافين وتحذرين، أكبر مما تشعرين أنه ثقل عليك.. من مسؤولياتك المتشعبة.. فإذا كنتِ ضعيفة بنفسك، فأنتِ قوية به.
أيتها الأم المثقلة.. اطلبي خادما إن كان الأمر يناسبك، استخدمي من الأجهزة والأدوات ما يعينك على أداء مهامك.. فوضي ما تستطيعين تفويضه من أمور دون إخلال بإشرافك ومتابعتك.. وسواء استطعت أن تفعلي ذلك، أو لم تستطيعي وكان عليك وحدك أن تضطلعي بالأعباء.. فثقي أن الذكر خير لك من كل معين على الأرض..
لا تتصوري أن هذا التوجيه النبوي العظيم الذي أرشد النبي ابنته الغالية وزوجها الكريم إليه مجرد عمل صالح.. إنه بحق خير معين لنا في هذه الحياة، إنه مدخلنا إلى القوة واجتماع الشمل وبركة الأيام والصحة والتوفيق في الأمر كله.
أ - مى عباس
المصدر:
منتديات بيت حواء - من قسم:
الأسرة
Hlihj l'p,khj Ygd;k~ hgpg,g odv g;A lk oh]l
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك