08-27-2015, 03:20 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 358,535
|
|
الحج مشاعر وشعائر
الحج مشاعر وشعائر
الحج مشاعر وشعائر
إن الله اصطفى لحج بيته عبادًا، وجعل لهم مواسمَ وأعيادًا، وهيَّأ لهم على فراش كرامته مِهادًا، وكتب لهم زيارة بيته ليكونوا لدينه عمادًا، يتذاكرون الماضي، ويعيشون الحاضر، ويبنون المستقبل، على درب الأولين من الأنبياء والمرسلين.
في الأيام العشر، في قمة الصالحات، يؤدي المسلمون مناسك الحج، فيتقدمون من كل حَدَب وصَوْب، من أطراف المعمورة، بالبر والبحر والجو، قاصدين الديارَ المقدسة؛ ليطوفوا بالبيت العتيق، الذي جعله الله مثابة للناس وأمنًا، مشهد ضخم، ومَيْدان رحب، يَعِجُّ بالملبِّين، لينةٌ في طاعة الله أعضاؤهم، خاشعةٌ لأوامر الله قلوبُهم، تَلهَج بالذكر والدعاء ألسنتُهم، تعطِّر الجوَّ والتاريخ أنفاسُهم، نشيد ثائر، وهتاف صادق، وشعار رائع: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، لا شريك لك لبيك"، مظاهرة متلاطمة الأمواج للعباد الذين ذهبوا طاعة لله - عز وجل - يرجون رحمته ويخافون عذابه.
الحج موسمٌ من مواسمِ الطاعة، وعمود من أعمدة الدين، وركيزةٌ من ركائز الإسلام، شعائرُ ومشاعر، يجب أن يعيشها المسلمُ، ويحياها المؤمن؛ ليأخذ منها الدرسَ والعِبرة، ويستخلصَ منها السلوكَ والتطبيق، في هذا الموسمِ تزدان الأرض بوفود الرحمن، وتُضاء السماء بنور القرآن، وتَكتَسِي الكعبةُ بروح الإيمان، في وسط الدنيا، وصرة الأرض، ومركزِ المعمورة، وبؤرة التقى والصلاح، ومصدرِ الصفاء والإخاء، ومنبعِ النقاء والنماء.
الحج قوة سياسية بالتشاوُرِ والتحالف، وقوة اقتصاديةٌ بالبيع والشراء، وقوة اجتماعية بالاتحاد والإخاء، وقوة روحيةٌ بالذكر والدعاء، نعم فهو موسم تجارة في كل الحالات مع الله: ( يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) [القصص: 57]
أحلَّ الله فيه البيع والشراء: ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ) [البقرة: 198]
وهو مؤتمر عبادة يجمع بين العبادة البدنية (صلاة، وطواف، ورمي، وسعي)
والعبادة الروحية (تلبية، وذكر، وتهليل، وتسبيح).
الحج أعظم وحدة عَرَفتْها الدنيا؛ فالحجيج لنبِيٍّ واحد يتَّبعون، ولكتابٍ واحد يقرؤون، ولقِبْلة واحدة يتَّجهون، ولمناسكَ واحدةٍ يؤدون، ولربٍّ واحد يعبدون: ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) [الأنبياء: 92].
الإسلام يوحِّد الأمة، فلماذا تتفرق؟!
يَهدِي الأمةَ، فلماذا تضل؟!
( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [آل عمران: 101].
الحج أخلاق تُكتسب: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ) [البقرة: 197]
وشعائرُ تُعظَّم: ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) [الحج: 32].
إنها مشاعرُ لا توصف، وأحاسيسُ لا تُكتب، وشعائرُ لا تُحكى، إنما يستطعمها الذي يؤدِّيها، ويستشعرها الذي يحضرها، ويحسُّها الذي يلبِّي نداءها، فينظر الكعبة، ويعانق الحَجَر، ويصلي عند المقام، يسعى كما سَعَتْ هاجر، ويطيع كما أطاع إسماعيلُ، ويضحِّي كما ضحى إبراهيمُ - عليهم السلام - ويطوف كما طاف محمدٌ - عليه الصلاة والسلام - ويقبِّل الحجر كما قبَّل عمر - رضي الله عنه - فقط عن حبٍّ ورغبة وإخلاص، لعل قدمًا تأتي مكان قدم، وطوافًا يأتي مكان طواف، وسعيًا يأتي مكان سعي، فيزداد الإيمان، ويتنزل الغفران، وينتشر الأمن ويأتي الأمان.
اللهم ارزقنا حجًّا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا، وسعيًا مشكورًا.
أ - خميس النقيب جزاه الله خير
المصدر: منتديات بيت حواء - من قسم: الحج,2
hgp[ lahuv ,auhzv
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|