08-01-2015, 10:37 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 356,127
|
|
(0166)الفرع الثالث-فقد العالم القيادة الهادية العادلة بترك الجهاد
إذا قعد المسلمون عن الجهاد في سبيل الله فقدوا بذلك الإمامة التي منحهم الله إياها، بإيمانهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وفقدهم هذه الإمامة ينزل بالعالم كله خسارة فادحة، لأن الإمامة الإسلامية إمامة هدى وعدل تسعد العالم كله، وتنشر فيه العدل الذي قامت عليه السموات والأرض وتقوده إلى الخير وتوصله إلى رضا الله سبحانه.. بخلاف قيادة الكفر فإنها قيادة ضلال وظلم يشقي بهما العالم كله.
قال الأستاذ أبو الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله- مبيناً تأثير الإمامة الإسلامية في حياة العالم العامة: "إن هذا الرعيل من أتباع محمد صَلى الله عليه وسلم، كان خليقاً بأن يسعد النوع الإنساني في ظله وتحت حكمه، وأن يسير بقيادته سديد الخطى، ورشيد الغاية مستقيم السير، وأن يعمر ويطمئن العالم في دوره، وتخصب الأرض وتأخذ زخرفها..
فإنهم كانوا خير القائمين على مصالحها حارسين لها، ولا ينظرون إلى هذه الحياة كقفص من حديد أو غل في عنق فيعادونه ويكسرونه، ولا ينظرون إليها كفرصة من لهو ونعيم ومتعة لا تعود أبداً، فينتهزونها ويهتبلونها، ولا يضيعون منها ساعة ولا يدخرون من طيباتها..
وكذلك لا يعدونها عذاباً وعقوبة بجريمة فيتخلصون منها، ولا ينظرون إلى الدنيا كمائدة ممدودة فيتهالكون عليها وإلى ما في الأرض من نعماء وخزائن وخيرات، كأنها مال سائب يتقاتلون عليه، وإلى الأمم الضعيفة كفريسة يتسابقون في اقتناصها.
بل يعدون هذه الحياة نعمة من الله هي أصل كل خير وسبب كل بر، يتقربون فيها إلى الله ويصلون إلى كمالهم الإنساني الذي قدر لهم، وفرصة من عمل وجهاد لا فرصة بعدها..{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك:2]. {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف:7].
ويعدون هذا العالم مملكة الله التي استخلفهم فيها..
أولاً: من حيث أصل الإنسان الذي جعله خليفة في الأرض.
{.. إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً..} [البقرة: من الآية30].
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة: من الآية29].
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:70].
وثانياً: من حيث إنه إنسان أسلم لأمر الله وانقاد لحكمه، فاستخلفه في الأرض واسترعاه أهلها..{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55].
ومنحهم حق التمتع بخيرات الأرض من غير إسراف وتبذير..{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعا..} [البقرة: من الآية29].{..وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: من الآية31].{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف:32].
وجعل لهم الولاية على أمم الأرض وجماعات البشر، يراقبون سيرها ورغباتها، فيرشدون الضال ويردون الغاوي ويصلحون الفاسد، ويقيمون الأود ويرأبون الصدع، ويأخذون للضعيف من القوي، وينتصفون للمظلوم من الظالم ويقيمون في الأرض القسط ويبسطون على العالم جناح الأمن..{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران:110].{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ...} [النساء:135، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ص131-132].
هذه الولاية التي جعلها الله لهم على أمم الأرض وجماعات البشر لهدايتها من الضلالة ونشر العدل والأمن عليها يفقدها العالم بقعود هذه الأمة عن الجهاد في سبيل الله، وفقدها من أعظم الأضرار والخسران على هذا العالم. لأن هذه القيادة إذا فقدها المسلمون الهداة العدول تولاها الكافرون المضلون الظلمة. [انتهى]
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|