هل يشرع التطوع منفردا بين ركعات التراويح ؟

[منتدى اهل الحديث]

بسم الله الرحمن الرحيم



بعض الأئمة ربما أطال الراحة والجلوس بين بعض ركعات التراويح[خاصة المساجد التي تكون صلاة التراويح فيها طويلة تمتد لساعات]، فيستغل بعض المأمومين ذلك الوقت ليتطوع بركعتين أو أكثر.

فهل هذا مشروع ؟

- الجواب: كره جماعة من العلماء التطوع بين ركعات التراويح.

- قال الإمام أحمد: (فيه عن ثلاثة من الصحابة كراهيته؛
عبادة بن الصامت و عقبة بن عامر،و أبوالدرداء).

- وذكروا لأحمد في ذلك رخصة عن بعض الصحابة.
فقال:(باطل).

أي: لايصح عنده عن أحد من الصحابة الترخيص فيه، وإنما يروى هذا عن بعض من كان بعدهم."1"


- وهذا تخريج مختصر للآثار الثلاثة التي ذكرها أحمد"2":


1/ أما أثر عبادة؛ فقد رواه ابن أبي شيبة3/403 وغيره.

- وأشار إلى إعلاله البخاري"3"،والعقيلي في الضعفاء1/155وابن عدي في الكامل2/56 والذهبي في الميزان1/299 وابن حجر في اللسان2/263 وغيرهم."4"


2/ وأما أثر عقبة بن عامر فقد ذُكر في مختصر المقريزي لكتاب قيام رمضان للمروزي ص93 دون إسناد. فالله أعلم بحاله


3/ وأما أثر أبي الدرداء، ولفظه: (أن أبا الدرداء أبصر قوما يصلون بين التراويح، فقال: ما هذه الصلاة ؟!
أتصلي وإمامك قاعد بين يديك ؟!
ليس منا من رغب عنا).

- فقد رواه الأثرم، وقد ذكر ابن عبدالبر في التمهيد 8/118 إسناد الأثرم إلى أبي الدرداء."5"

- وهو إسناد جيد إلى راشد بن سعد، لكن في سماع راشد بن سعد من أبي الدرداء نظر. كما قال ابن حجر في"التهذيب" 3/226"6"، ونص في"التقريب" على أن راشدا كثير الإرسال."7"


- فمن أثبت آثار الصحابة الواردة في النهي، ولم يعلم مخالفا لهم من الصحابة= قال بالنهي في هذه المسألة."8"

- ومن لم يثبتها، وهو الظاهر لنا نحن المتأخرين مما وقفنا عليه من طرق= فالأصل أنه لانهي بالأثر، ولكن قد ينهى عنه لمعان أخرى كسوء الظن[يظن به الافتيات على الإمام أو انتقاصه والرغبة عن موافقة الجماعة"9"].
ولكن الظاهر أن جنس هذا التعليل في طرده نظر، وأنه إنما يصلح في أحوال مخصوصة تتبين فيها حال سوء الظن. والله أعلم

- وعلى القول بعدم ثبوتها عندنا= هناك أيضا مأخذ آخر دقيق لم أر من نبه عليه، ظهر لي من ظاهر تعامل الإمام أحمد مع آثار بعض الصحابة في بعض أبواب الفقه، وملخص صورته= أن أحمد قد يعامل أفراد آثار الصحابة التي يكون كل واحد منها ضعيف السند= معاملة الطرق الضعيفة المتعددة التي يقوي بعضها بعضا؛ ليصير الحديث عن واحد ثابتا لغيره، فتلك في الحديث عن واحد؛كالنبي صلى الله عليه وسلم وحده، وأما في آثار الصحابة المتعددة التي يكون كل واحد منها ضعيف السند= فهو عن مجموعة لكنهم يعاملون معاملة الطرق عن واحد، فكأن ثلاثة الآثار صارت ثلاثة طرق عن صحابي ما[صحابي واحد مبهم].


والله أعلم والحمد لله

----------------------------------------

"1" انظر التمهيد8/118، الاستذكار5/163، المغني2/607، الفروع1/549، الإنصاف2/183.

"2" وأصله تتبع وتخريج كتبته قديما، وإن كنا لانستبعد وقوفه رحمه الله على طرق أخرى لهذه الآثار، ولكننا نحكم بما بلغنا. والله أعلم

"3" نقله عنه العقيلي في الضعفاء وابن عدي في الكامل.

"4" وانظر العلل لابن أبي حاتم1167.

"5" ثم ذكر ابن عبدالبر إسناده المعتمد في كتابه إلى الأثرم.

"6" وانظر:السلسلة الضعيفة للألباني4/431.

"7" تنبيه: وقع في إسناد الأثرم خطأ مطبعي في كلتا طبعتي التمهيد"8/118"و"4/99"؛ حيث جاء فيهما أن شيخ الأثرم في هذا الأثر اسمه:أحمد بن حباب،والظاهر أن صوابه:أحمد بن جناب. أي:المصيصي.
فإن ابن جناب هو الذي اشتهر بالرواية عن عيسى بن يونس[أحد رجال إسناد الأثرم]، وروايته عن عيسى في صحيح مسلم وغيره، وأما أحمد بن الحباب[وهو الحميري النسابة] فلاتعرف له رواية عن عيسى، وإنما اشتهر بالرواية عن مكي بن إبراهيم، ثم إن اسم أبيه إنما يذكر-غالبا- معرفا باللام. وانظر الثقات لابن حبان8/53
وأبعد من ذلك أن يكون المذكو رفي الإسناد هو أحمد بن الحباب المقرئ. وانظر:تاريخ بغداد4/123.
-وكأن ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه3/23 استحضر التباس أحدهما بالآخر في بعض الأسانيد فأشار إلى التفريق بينهما؛ فالحميري بالحاء، والمصيصي بالجيم. والله أعلم

"8" وللنهي هنا عدة مآخذ، منها حجية قول الصاحب والإجماع السكوتي. عند القائلين بتلك الأدلة

"9" كالظاهر من التعليل المروي عن أبي الدرداء. وسبق لفظه
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك