شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى الفقه
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: بدون ترديد الاطفال - مقسم صفحات ثابتة واضحة مصحف الحصري المعلم 604 صفحة كامل المصحف المصور فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1442 عام 2021 سورة 109 الكافرون (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1442 عام 2021 سورة 097 القدر (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1442 عام 2021 سورة 096 العلق (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1442 عام 2021 سورة 108 الكوثر (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1442 عام 2021 سورة 095 التين (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1442 عام 2021 سورة 107 الماعون (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1442 عام 2021 سورة 106 قريش (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1442 عام 2021 سورة 094 الشرح (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحرم المكي 1442 عام 2021 سورة 093 الضحى (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 06-11-2015, 05:33 AM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي صيام يوم الشك وكتاب القاضي ابي يعلى بن الفراء الحنبلي ورد الخطيب البغدادي

صيام رمضان يثبت برؤية الهلال فان كان صحوا ولم ير الهلال لم نصمه وان غم فالجمهور على انه منهي عن صومه باعتقاد انه من رمضان الاران هناك رواية عن احمد بن حنبل يوجب فيها الصوم نقلها الاثرم وغيره كما ذكر القاضي ابو يعلى واعتمد فيها على كلام بعض الصحابة لان اصوم يوما من رمضان احب الي من ان افطر يوما من رمضان وبفعل ابن عمر رضي الله عنهم وقد قال شيخ الاسلام بن تيمية ان صيام يوم الشك ليس في نصوص احمد ولا اصحابه بشي يثبتون فيه الصيام الا ان جماعة من متاخري اصحابه اعتقدوا وجوب ذلك وصنف القاضي ابو يعلى جزء في وجوب صوم يوم الشك ورد عليه الخطيب البغدادي في هذا ذكر هذا الكلام محيي الدين النووي رحمه الله تعالى وانا اذكر كلامه من المجموع شرح المهذب:({فرع} اعلم أن القاضي أبا يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن الفراء الحنبلي صنف جزءا في وجوب صوم يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون مطلع الهلال غيم ثم صنف الخطيب الحافظ أبو بكر بن احمد بن علي بن ثابت البغدادي جزءا في الرد على ابن الفراء والشناعة عليه في الخطأ في المسألة ونسبته إلى مخالفة السنة وما عليه جماهير الأمة وقد حصل الجزءان عندي والله الحمد وأنا أذكر إن شاء الله تعالى مقاصديهما ولا اخل بشئ يحتاج إليه مما فيهما مضموما إلى ما قدمته في الفرع قبله وبالله التوفيق
* قال القاضي ابن الفراء جاء عن الإمام أحمد رحمه الله فيما إذا حال دون مطلع الهلال غيم ليلة الثلاثين من شعبان ثلاث روايات (إحداها) وجوب صيامه عن رمضان رواها عنه الأثرم والمروزي ومهنا وصالح والفضل بن زياد قال وهو قول عمر بن الخطاب
وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن العاص وأنس ومعاوية وأبي هريرة وعائشة وأسماء وبكر ابن عبد الله المزني وأبي عثمان وابن أبي مريم وطاوس ومطرف ومجاهد فهولاء ثمانية من الصحابة وسبعة من التابعين (والثانية) لا يجب صومه بل يكره إن لم يوافق عادته (والثالثة) إن صام الإمام صاموا وإلا أفطروا وبه قال الحسن وابن سيرين قال ابن الفراء وعلى الرواية الأولى عول شيوخنا أبو القاسم الحزقى وأبو بكر الخلال وأبو بكر عبد العزيز وغيرهم
* واحتج بحديث ابن عمر السابق " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له " وقد سبق بيانه وأنه من الصحيحين وفي رواية لأبي داود زيادة عن ابن عمر " أنه إذا كان دون منظره سحاب صام " قال والدلالة في الحديث من وجهين
(أحدهما)
أن رواية ابن عمر " وكان يصبح في الغيم صائما " ولا يفعل ذلك إلا وهو يعتقد أنه معنى الحديث وتفسيره قال (فإن قيل) فقد روي عن ابن عمر أنه قال " لو صمت السنة لأفطرت هذا اليوم يعني يوم الشك " وروي عنه " صوموا مع الجماعة وأفطروا مع الجماعة " (قلنا) المراد لأفطرت يوم الشك الذي في الصحو وكذا الرواية الأخرى عنه قال (فإن قيل) يحتمل أنه كان يصبح ممسكا احتياطا لاحتمال قيام بينة في أثناء النهار بأنه من رمضان فنسمي إمساكه صوما (قلنا) الإمساك ليس بصوم شرعي فلا يصح الحمل عليه ولأنه لو كان للاحتياط لأمسك في يوم الصحو لاحتمال قيام بنية بالرؤية (الوجه الثاني) أن معنى " اقدروا له " ضيقوا عدة شعبان بصوم رمضان كما قال الله تعالي (ومن قدر عليه رزقه) أي ضيق عليه رزقه قال وإنما قلنا إن التضييق بأن يجعل شعبان تسعة وعشرين يوما أولى من جعله ثلاثين لأوجه (أحدها) أنه تأويل ابن عمر راوي الحديث
(والثاني)
أن هذا المعنى متكرر في القرآن (والثالث) أن فيه احتياطا للصيام (فإن قيل) فقد روى مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين " فيحمل المطلق على المقيد (قلنا) ليس هذا بصريح لأنه يحتمل رجوعه إلى هلال شوال لأنه سبقه بقوله (وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم) يعني هلال شوال فنستعمل اللفطين على موضعين وإنما يحمل المطلق على المقيد إذا لم يكن المقيد محتملا ويدل عليه رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم
عليكم فاقدروا له ثلاثين يوما ثم أفطروا " ويستنبط من الحديث دليل آخر وهو أن معناه اقدروا له زمانا يطلع في مثله الهلال وهذا الزمان يصلح وجود الهلال فيه ولأن في المسألة إجماع الصحابة روي ذلك عن عمر وابنه وأبي هريرة وعمرو بن العاص ومعاوية وأنس وعائشة وأسماء ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة عن سالم بن عبد الله قال " كان أبي إذا أشكل عليه شأن الهلال تقدم قبله بصيام يوم وعن أبي هريرة " لأن أتعجل في صوم رمضان بيوم أحب إلي من أن أتأخر لأني إذا تعجلت لم يفتني وإذا تأخرت فاتني " وعن عمرو بن العاص " أنه كان يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان وعن معاوية أنه كان يقول " إن رمضان يوم كذا وكذا ونحن متقدمون فمن أحب أن يتقدم فليتقدم ولأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان " وعن عائشة وقد سئلت عن اليوم الذي يشك فيه فقالت " لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان " قال الراوي فسألت ابن عمر وأبا هريرة فقالا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بذلك منا وعن أسماء أنها كانت تصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان قال (فإن قيل) كيف يدعي الإجماع وفي المسألة خلاف ظاهر للصحابة فقد روى منع صومه عن عمر وعلي وابن مسعود وعمار وحذيفة وابن عباس وأبي سعيد وأنس وعائشة ثم ذكر ذلك بأسانيده عنهم من طرق وفي الرواية عن علي قال " إن نبيكم صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن صيام ستة أيام من السنة يوم الشك والنحر والفطر وأيام التشريق " وعن عمر وعلي " أنهما كانا ينهيان عن صوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان " وعن ابن مسعود " لأن أفطر يوما من رمضان ثم أقضيه أحب إلي من أن أزيد فيه ما ليس منه " وعن ابن عباس " لا تصوموا اليوم الذي يشك فيه لا يسبق فيه الإمام " وعن أبي سعيد " إذا رأيت هلال رمضان فصم وإذا لم تره فصم مع جملة الناس وأفطر مع جملة الناس " ونهى حذيفة عن صوم يوم الشك فهذا كله يخالف ما رويتموه عن الصحابة من صومه (قلنا) يجمع بينهما بأن من نهى عن الصيام أراد إذا كان الشك بلا حائل سحاب وكان صيامهم مع وجود الغيم ويحتمل
أنهم نهوا عن صومه تطوعا وتقدما على الشهر ومن صام منهم صام على أنه من رمضان قال (فإن قيل) فنحن ايضا نتأول ما رويتموه عن الصحابة أن من صام منهم صام مع وجود شهادة شاهد واحد وقد روي ذلك مسندا عن فاطمة بنت الحسين " أن رجلا شهد عند علي رضي الله عنه برؤية هلال رمضان فصام وأحسبه قال وأمر الناس بالصيام وقال لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان " (قلنا) لا يصح هذا التأويل لأنه إذا شهد واحد خرج عن أن يكون من شعبان وصار يوما من رمضان يصومه الناس كلهم وفيما سبق عن الصحابة أنهم قالوا " لأن نصوم يوما من شعبان " وهذا إنما يقال في يوم شك ولأن ابن عمر كان ينظر الهلال فإن كان هناك غيم أصبح صائما وإلا أفطر وهذا يقتضي العمل باجتهاده لا بشهادة ولانهم سموه يوم الشك ولو كان في الشهادة لم يكن يوم شك قال (فإن قيل) ليس فيما ذكرتم أنهم كانوا يصومونه من رمضان فلعلهم صاموه تطوعا وهذا هو الظاهر لأنهم قالوا " لأن نصوم يوما من شعبان " فسموه شعبان وشعبان ليس بفرض (قلنا) هذا لا يصح لأن ابن عمر كان يفرق بين الصحو والغيم ولأن ظاهر كلامهم أنهم قصدوا الاحتياط لاحتمال كونه من رمضان وهذا المقصود لا يحصل بنية التطوع وإنما يحصل بنية رمضان ومن القياس أنه يوم يسوغ الاجتهاد في صومه عن رمضان فوجب صيامه كما لو شهد بالهلال واحد واحترزنا بيسوغ الاجتهاد عن يوم الصحو ولهذا يتناول ما أطلقه الصحابة على الصحو لأنه روي صريحا عن ابن عمر ولأنه عبادة بدنية مقصودة فوجبت مع الشك كمن نسي صلاة من صلاتين واحترزنا ببدينة عن الزكاة والحج وبمقصوده عمن شك هل أحدث أم لا فلا شئ عليه في كل ذلك قال واحتج المخالف بحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن صيام ستة أيام اليوم الذي يشك فيه من رمضان ويوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق " وجوابه من وجهين
(أحدهما)
حمله على من صامه تطوعا أو عن نذر أو قضاء
(والثاني)
حمله على الشك إذا لم يكن غيم قال واحتج أيضا بحديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة
قبله ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة " وجوابه أنه محمول على ما إذا لم يكن غيم
* واحتج بحديث ابن عباس وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال دونه غمامة فأكملوا العدة ثلاثين " (وجوابه) أن معناه أكملوا رمضان ودليل هذا التأويل أنه جاء في حديث أبي هريرة " فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين " ويعود الضمير في رؤيته إلى هلال شوال لأنه أقرب مذكور وفي رواية عن أبي هريرة " فأتموا العدة ثلاثين ثم أفطروا " ومثله من رواية ابن عباس وهكذا الجواب عن حديث ابن عمر في صحيح مسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين " معناه غم هلال شوال قال واحتج بحديث أبي البختري السابق قال " أهللنا هلال رمضان فشككنا فيه فبعثنا إلى ابن عباس رجلا فقال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل أمده لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " (قلنا) هذا محمول على مااذا كان الإغمام من الطرفين بأن يغم هلال رمضان فنعد شعبان تسعة وعشرين يوما ثم نصوم ثلاثين فيحول دون مطلع هلال شوال غيم ليلة الحادي والثلاثين فإنا نعد شعبان من الآن ثلاثين ونعد رمضان ثلاثين ونصوم يوما فيصير الصوم واحدا وثلاثين كما إذا نسي صلاة من يوم فاتته فإنه يلزمه صلوات اليوم وقد روي عن أنس أنه قال " هذا اليوم يكمل إلى أحد وثلاثين يوما " قال واحتج بحديث حذيقة إن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا شعبان ثلاثين ثم صوموا فإن غم عليكم فعدوا رمضان ثلاثين ثم أفطروا الا ان تروه قبل ذلك " وجوابه ما سبق قبله أنه محمول على ما إذا كان الإغمام في طرفي رمضان قال " فان قيل) هذا التأويل باطن لوجهين (أحدهما) أنه قال " فعدوا شعبان ثلاثين ثم صوموا " والصوم إنما هو أول الشهر
(والثاني)
أنه قال بعد ذلك " فإن غم عليكم فعدوا رمضان ثلاثين ثم افطرروا " فدل على أن الإغمام في أوله وفي آخره والذى في أوله يقتضى الاعتداد به في أول رمضان وعلى هذا التأويل يقتضي أن الاعتداد به في آخر رمضان (قلنا) التأويل
صحيح لأنا نكمل عدة شعبان في آخر رمضان ونصوم يوما آخر فيكون قوله ثم صوموا راجعا إلى هذا اليوم (وأما) قوله بعده " فإن غم عليكم فعدوا رمضان ثلاثين ثم أفطروا " فمعناه إذا غم في أوله وغم في آخره ليلة الثلاثين من رمضان فإنا نعد شعبان ثلاثين ثم نصوم يوما وهو الحادى والثلاثون من رمضان فنعد رمضان ثلاثين ونصوم يوما آخر فقد حصل العددان
(أحدهما)
بعد الآخر ويتخللها صوم يوم قال واحتج بأنه لو علق طلاقا أو عتاقا على رمضان لم يقع يوم الشك وكذا لا يحل فيه الذين المؤجل إلى رمضان فكذا الصوم (وجوابه) أنا لا نعرف الرواية عن أصحابنا في ذلك فيحتمل أن لا نسلم ذلك ونقول يقع الطلاق والعتق ويحل الدين ويحتمل أن نسلمه وهو أشبه ونفرق بين المسألة بوجهين
(أحدهما)
انه قد يثبت الصوم بمالا يثبت الطلاق والعتق والحلول وهو شهادة عدل واحد (والثاني) أن في إيقاع الطلاق والعتاق وحلول الدين إسقاط حق ثابت لمعين بالشك وهذا لا يجوز بخلاف الصوم فإنه إيجاب عبادة مقصودة على البدن فلا يمتنع وجوبها مع الشك كمن نسي صلاة من الخمس وكذا الجواب عن قولهم إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث لا وضوء عليه للأصل ولو شك هل طلق لا طلاق عليه لأن الطلاق والبضع حق له فلا يسقطان بالشك وكذا الجواب عن قولهم لو تسحر الرجل وهو شاك في طلوع الفجر صح صومه لأن الأصل بقاء الليل ولو وقف بعرفات شاكا في طلوع الفجر صح وقوفه لأن الأصل بقاء الليل والفرق أن البناء على الأصل في هاتين المسألتين لم يسقط العبادة لأن الصوم والوقوف وجدا (وأما) في مسألتنا فالبناء على الأصل يسقط الصوم (وجواب) آخر وهو أن طلوع الفجر يخفى على كثير من الناس فلو منعناهم السحور مع الشك لحقتهم المشقة لأنه يتكرر ذلك وليس كذلك في إلزامهم صوم يوم الشك لأنه إنما يجب لعارض يعرض في السماء وهو نادر فلا مشقة فيه وكذلك الحج لو منعناهم الوقوف مع الشك لفتهم وفيه مشقة عظيمة قال واحتج بأنه شك فلا يجب الصوم كالصحو (وجوابه) أنه يبطل بآخر رمضان إذا حال غيم فإنه يجب الصوم ولأنه إذا كان صحو ولم يروا الهلال فالظاهر عدمه بخلاف الغيم فوجب صومه احتياطا قال واحتج بأن كل يوم صامه في الصحوا لا يجب في الغيم
كالثامن والعشرين من شعبان (وجوابه) أن الفرق بين الصحو والغيم ما سبق ولأنا تحققنا في الثامن والعشرين كونه من شعبان بخلاف يوم الثلاثين ولهذا لو حال الغيم في آخر رمضان ليلة الثلاثين صمنا ولو حال ليلة الحادي والثلاثين لم نصم قال واحتج بأنها عبادة فلا يجب الدخول فيها حتى يعلم وقتها كالصلاة (وجوابه) أن هذا باطل في الأصل والفرع (أما) الأصل فإنه يجب الدخول في الصلاة مع الشك وهو إذا نسي صلاة من الخمس (وأما) الفرع فإن الأسير إذا اشتبهت عليه الشهور صام بالتحري (وجواب) آخر وهو أن اعتبار اليقين في الصلاة لا يؤدي إلى إسقاط العبادة بخلاف مسألتنا قال واحتج أنه لا يصح الجزم بالنية مع الشك ولا يصح الصوم إلا بجزم النية (وجوابه) أنه لا يمتنع التردد في النية للحاجة كما في الأسير إذا صام بالاجتهاد ومن نسي صلاة من الخمس فصلاهن (فإن قيل) لو حلف أن الهلال تحت الغيم (قلنا) لا يحنث للشك مع أن الأصل بقاء النكاح وكذا لو حلف أنه لم يطلع ولا هو تحت الغيم كما لو طار طائر فحلف أنه غراب أو أنه ليس بغراب أو تجهلناه (فإن قيل) لو وطئ في هذا اليوم (قلنا) تجب الكفارة (فإن قيل) هل يصلي التراويح هذه الليلة (قلنا) اختلف أصحابنا فقال أبو حفص العكبري لا يصلي وقال غيره يصلي وهو ظاهر كلام أحمد ولأنه من رمضان (فإن قيل) لم لم يحكموا بالهلال تحت الغيم في سائر الشهور (قلنا) لا فائدة فيه بخلاف مسألتنا فإن فيه احتياطا للصوم ولهذا يثبت هلال رمضان بشاهد واحد بخلاف غيره (فإن قيل) لو حلف ليدخلن الدار في أول يوم من رمضان (قلنا) لا يبر في يمينه حتى يدخلها في يومين يوم الشك والذي بعده كمن نسي صلاة من صلوات يوم وجهلها فحلف ليدخلن الدار بعد أن يصليها فإنه لا يبر حتى يدخل بعد جميع صلوات اليوم وإن كنا نعلم أن الذي في ذمته واحدة هذا آخر كلام القاضي أبو يعلى بن الفراء رحمه الله تعالى
* قال الخطيب الحافظ أبو بكر البغدادي في الرد عليه وقفت على كتاب لبعض من ينتسب إليه الفقه من أهل هذا العصر ذكر فيه أن يوم الشك المكمل
لعدة شعبان يجب صومه عن أول يوم من رمضان قال الخطيب واحتج في ذلك بما ظهور اعتلاله يغني الناظر فيه عن إبطاله إذا لحق لا يدفعه باطل الشبهات والسنن الثابتة لا يسقطها فاسد التأويلات ومع كون هذه المسألة ليس فيها التباس فربما خفي حكمها عن بعض الناس ممن قصر فهمه وقل بأحكام الشرع علمه وقد أوجب الله على العلماء أن ينصحوا له فيما استحفظهم ويبذلوا الجهد فيما قلدهم ويهجوا للحق سبل نجاتهم ويكشفوا للعوام عن شبهاتهم لاسيما فيما يعظم خطره ويبين في الدين ضرره ومن أعظم الضرر إثبات قول يخالف مذهب السلف من أئمة المسلمين في حكم الصوم الذي هو أحد أركان الدين وأنا بمشيئة الله تعالى أذكر من السنن المأثورة وأورد في ذلك من صحيح الأحاديث المشهورة عن رسول رب العالمين وصحابته الأخيار المرضيين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وعن خالفيهم من التابعين ما يوضح منار الحق ودليله ويرد من تنكب سبيله ويبطل شبهة قول المخالف وتأويله ثم روى الخطيب بإسناده حديث أبي هريرة السابق في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقدموا صوم رمضان بيوم ولا يومين إلا أن يكون صوما يصومه رجل فليصم ذلك الصوم " ثم ذكر حديث أبي هريرة السابق في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه نهى عن صوم ستة أيام اليوم الذي يشك فيه ويوم الفطر والنحر وأيام التشريق " ثم ذكر الأحاديث الصحيحة السابقة " لا تصوموا حتى تروا الهلال " وحديث حذيفة الصحيح السابق عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة إذا غم الهلال ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة " وحديث ابن عباس السابق في صحيح مسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله أمده للرؤية " وحديث " أحصوا عدة شعبان لرمضان " وسبق بيانه ثم قال: باب الأمر بإكمال العدة إذا غم الهلال: قال روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله والبراء بن عازب وأبي بكرة وطلق بن علي ورافع بن خديج وغيرهم من الصحابة ثم ذكر رواياتهم بأسانيده من طرق وألفاظها كما سبق في
الفرع الأول وفي جميع رواياته " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين " ثم قال الخطيب أجمع علماء السلف على أن صوم يوم الشك ليس بواجب وهو إذا كانت السماء متغيمة في آخر اليوم التاسع والعشرين من شعبان ولم يشهد عدل برؤية الهلال فيوم الثلاثين يوم الشك فكره جمهور العلماء صيامه إلا أن يكون له عادة بصوم فيصومه عن عادته أو كان يسرد الصوم فيأتي ذلك في صيامه فيصومه قال فمن منع صوم يوم الشك عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وابن عمر وابن عباس وأنس وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعائشة وتابعهم من التابعين سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وأبو وائل وعبد الله ابن عكيم الجهني وعكرمة والشعبي والحسن وابن سيرين والمسيب بن رافع وعمر بن عبد العزيز ومسلم ابن يسار وأبو السوار العدوي وقتادة والضحاك بن قيس وإبراهيم النخعي وتابعهم من الخالفين والفقهاء المجتهدين ابن جريج والاوزاعي والليث والشافعي واسحق بن راهويه
* وقال مالك وأبو حنيفة لا يجوز عن رمضان ويجوز تطوعا (وأما) أحمد بن حنبل فروي عنه كمذهب الجماعة أنه لا يجب صومه ولا يستحب وروي عنه متابعة الإمام في صومه وفطره وروي عنه أنه إن كان غيم صامه وإلا أفطره قال الخطيب وزعم المخالف أن الرواية التي عليها التعويل عنده عن أحمد وجوب صوم يوم الشك عن أول يوم من رمضان وأراه عول على قول العامة
* خالف تعرف
* واحتج لقوله بما سنذكره إن شاء الله تعالى فمن ذلك حديث ابن عمر السابق " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له " قال الخطيب قال المخالف ودلالته من وجهين فذكر الوجهين السابقين في كلام ابن الفراء ومختصرهما أن ابن عمر كان يصوم يوم ليلة الغيم وهو الراوي فاعتماده أولى (والثاني) أن معنى " اقدروا له " ضيقوا شعبان بصوم رمضان قال الخطيب (أما) حديث ابن عمر فاختلفت الروايات عنه اختلافا يؤل إلى أن يكون حجة لنا فإن بعض الرواة قال في حديثه عنه " فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما " ثم روى عنه " فأكملوا العدة ثلاثين " وفي رواية عنه " فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين " ثم ذكر الخطيب بأسانيده من طرق جميع هذه الألفاظ وقد سبق بيانها وأنها صحيحة ثم قال الخطيب فقد ثبت برواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما فسر المجمل وأوضح المشكل وأبطل شبهة المخالف وكشف عوار تأويله الفاسد لأن قوله صلى الله عليه وسلم " فاقدروا له " مجمل فسره برواية " فعدوا له ثلاثين يوما " " وفأكملوا العدة ثلاثين " " وفأقدروا له ثلاثين " مع موافقة أبي هريرة ابن عمر على روايته مثل هذه الألفاظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الخطيب رواية أبي هريرة من طريقين في بعضها " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين " وفي الثانية " فإن غم عليكم فاقدروا له " قال الخطيب (وأما) تعلق المخالف بما روي عن ابن عمر أنه كان يصوم إذا غم الهلال فقد روي أنه كان يفعل ويفتي بخلاف ذلك وفتياه أصح من فعله يعني لتطرق التأويل إلى فعله ثم روى الخطيب بإسناده عن عبد العزيز بن حكيم قال " سألوا ابن عمر فقالوا نسبق قبل رمضان حتى لا يفوتنا منه شئ فقال ابن عمر أف أف صوموا مع الجماعة وأفطروا مع الجماعة " إسناده صحيح إلا عبد العزيز بن حكيم فقال يحيى ابن معين هو ثقة وقال أبو حاتم ليس بقوي يكتب حديثه وعن ابن عمر قال " لا أتقدم قبل الإمام ولا أصله بصيام " وعن عبد العزيز بن حكيم قال " ذكر عند ابن عمر يوم الشك فقال لو صمت السنة كلها لأفطرته " قال الخطيب وهذا هو الأشبه بابن عمر لأنه لا يجوز الظن به أنه خالف النبي صلى الله عليه وسلم وترك قوله الذي رواه هو وغيره من العمل بالرؤية أو إكمال العدة فيجب أن يحمل ماروى عن ابن عمر من صوم يوم الشك على أنه كان يصبح ممسكا حتى يتبين بعد ارتفاع النهار هل تقوم بينة بالرؤية فظن الراوي أنه كان صائما ويدل عليه أنه كان لا يحتسب به ولا يفطر إلا مع الناس ويدل عليه أيضا قوله " لا أتقدم قبل الإمام " وقوله " لو صمت السنة لأفطرته " يعني يوم الشك قال الخطيب وهذا تصريح منه بأنه كان لا يعتقد الصيام في ذلك وإنما كان ممسكا (فإن قيل) فما الفائدة في إمساكه بلا نية للصوم لأنه لو ثبت كونه من رمضان لم يجزه (قلنا) فائدته تعظيم حرمة رمضان وكيف يظن بابن عمر مخالفة السنة وهو المجتهد في اقتفاء آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بأفعاله وطريقة ابن عمر في ذلك مشهورة محفوظة قال الخطيب وقد تأول المخالف قول ابن عمر
" لو صمت السنة لأفطرت يوم الشك " على أن معناه لم أصمه تطوعا وإن تطوعت بجميع السنة قال ويحتمل أن يكون يوم الشك في الصحو قال وهكذا قوله " صوموا مع الجماعة " المراد مع الصحو قال الخطيب وهذا تأويل باطل لأن المفهوم من هذا الكلام في اللغة والعرف أنه لا يصومه بحال وكذا المعروف عندهم من يوم الشك إنما هو مع وجود السحاب لا مع الصحو مع أن ما تأوله على ابن عمر لو لم يكن له وجه الا ماقاله لم يكن فيه حجة لثبوت السنن الراتبة الصريحة بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما ادعى المخالف ولا يجوز تركها لفعل ابن عمر ولا غيره ثم روى بإسناده عن ابن عباس قال " ليس أحد من الناس إلا يؤخذ من قوله ويترك غير النبي صلى الله عليه وسلم " قال الخطيب وقد جعل المخالف العلة في تفسير الحديث المجمل الذي رواه ابن عمر مجرد فعله مع احتماله غير ما ذهب إليه وكان يلزمه ترك رأيه والأخذ بحديث ابن عباس ثم ذكره بإسناده عن ابن عباس قال " تمارى الناس في رؤية هلال رمضان فقال بعضهم اليوم وقال بعضهم غدا فجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنه رآه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال نعم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا فنادى في الناس صوموا ثم قال صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا ولا تصوموا قبله يوما " قال الخطيب وهذا الحديث أولى أن يأخذ به المخالف من حديث ابن عمر لما فيه من البيان الشافي باللفظ الواضح الذي لا يحتمل التأويل ولأن ابن عباس ساق السبب الذي خرج الكلام عليه قال الخطيب والمراء في رؤية الهلال إنما يقع إذا كان في السماء غيم فلو كان الحكم ما ادعاه المخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالصوم من غير شهادة الأعرابي على الرؤية قال الخطيب وقد روي عن عبد الله بن جراد العقيلي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا فيه كفاية عما سواه فذكره باسناده عنه ثم قال " أصبحنا يوم الاثنين صياما وكان الشهر قد أغمي علينا فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأصبناه مفطرا فقلنا يا نبي الله صمنا اليوم فقال أفطروا إلا أن يكون رجل يصوم هذا اليوم فليتم صومه لأن أفطر يوما من رمضان متماريا فيه أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان ليس منه " يعني ليس من رمضان
قال الخطيب وأما ما ذكره المخالف أنه حجة له من جهة الاستنباط وقوله إن معنى " اقدروا له " ضيقوا شعبان لصوم رمضان فهو خطأ واضح لأن معناه قدروا شعبان ثلاثين ثم صوموا في الحادى والثلاثين وقدرت الشئ وقدرته بتخفيف الدال وتشديدها بمعنى واحد بإجماع أهل اللغة ومنه قوله تعالى (فقدرنا فنعم القادرون) ثم روى الخطيب بإسناده عن يحيى بن زكريا الفراء الإمام المشهور قال في قوله تعالى (فقدرنا فنعم القادرون) ذكر عن علي وأبي عبد الرحمن السلمي أنهما شددا وخففها الأعمش وعاصم قال الفراء ولا يبعد أن يكون معناهما واحدا لأن العرب قد تقول قدر عليه الموت وقدر عليه الموت وقدر عليه رزقه وقدر عليه رزقه بالتخفيف والتشديد ثم روى الخطيب عن ابن قتيبة التشديد والتخفيف ثم عن ابن عباس ومقاتل بن سليمان وكان أوحد وقته في التفسير ثم الفراء ثم ثعلب إنهم قالوا في تفسير قوله تعالى (فظن أن لن نقدر عليه) معناه أن لن نقدر عليه عقوبة قال وكذلك قاله غيرهم من النحاة فهذا قول أئمة اللغة على أن في الحديث مالا يحتاج معه الي غيره في وضوح الحجة وإسقاط الشبهة وهو قوله صلى الله عليه وسلم " فاقدروا له ثلاثين " أي فعدوا له ثلاثين وهو بمعنى عدوا وكله راجع إلى معنى قوله صلى الله عليه وسلم " فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " قال الخطيب قال المخالف وليس في قوله صلى الله عليه وسلم " فاقدروا له " ما يدل علي وجوب تقدير شعبان بثلاثين إذا ليس تقديره بثلاثين أولى من تقديره بتسعة وعشرين لأن كل واحد من العددين يكون قدرا للشهر لقوله صلى الله عليه وسلم حين نزل من الغرفة وقد آلى شهرا فنزل لتسع وعشرين " إن الشهر تسع وعشرون " وعن ابن مسعود " ما صمنا تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين " قال الخطيب ما أعظم غفلة هذا الرجل ومن الذى تازعه في أن الشهر تارة يكون تسعا وعشرين وتارة يكون ثلاثين وأي حجة له في ذلك وقوله ليس التقدير بثلاثين أولى من التقدير بتسع وعشرين باطل ومحال لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على تقديره في هذه الحالة بتمام العدد والكمال وهو قوله صلى الله عليه وسلم
" فاقدروا له ثلاثين " قال الله تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم) قال الخطيب قال المخالف (فإن قيل) لم كان حمله على تسع وعشرين أولى من حمله على ثلاثين (قلنا) لوجوه (أحدها) أنه تأويل ابن عمر الراوي وهو أعرف
(والثاني)
أنه مشهور في كتاب الله تعالى في غير موضع (الثالث) أن فيه احتياطا للصوم قال الخطيب (أما) تأويل ابن عمر فقد ذكرنا ما يفسده من معارضة ابن عباس له بالرواية التي لا تحتمل تأويلا وذكرنا عن ابن عمر من الروايات ما يوجب تأويل فعله على غير ما ذهب إليه المخالف وكذلك تفسير ما ادعاه من الآيات فلا حاجة إلى إعادته (وأما) قوله إن فيه احتياطا فالاحتياط في اتباع السنن والاقتداء بها دون الاعتراض عليها بالآراء والحمل لها على الأهواء ومنزلة من زاد في الشرع كمنزلة من نقص لا فرق بينهما قال الخطيب قال المخالف (فإن قيل) قد روى مسلم " فاقدروا له ثلاثين " من رواية ابن عمر (قلنا) هذا التفسير ليس بصريح لاحتمال رجوعه إلى هلال شوال
* قال الخطيب لا يجوز لاحد ان يزيل الكلام عن أصله الموضوع وظاهره المستعمل المعروف ويعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل وحقيقة قوله صلى الله عليه وسلم " فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين " راجع إلى الغيم في ابتداء الصوم وفي انتهائه وقد بين النص ما اقتضاه ظاهر هذا اللفظ وعمومته وحقيقته وهو قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه غمامة أو ضبابة فأكملوا شعبان ثلاثين ولا تستقبلوا رمضان بصوم يوم من شعبان " وعن ابن عباس أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطرو لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا ولا تصوموا قبله بيوم " وفي رواية عنه " فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " عن أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا لرويتة وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " رواه البخاري في صحيحه
* قال الخطيب واستدل المخالف على أن قوله صلى الله عليه وسلم " فإن غم عليكم فاقدروا له " راجع إلى غم هلال شوال بحديث أبي هريرة الآخر " فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا " قال الخطيب وليس في هذا أكثر من بيان حكم غم الهلال آخر الشهر
وأنه يجب إكمال عدة الصوم ونحن قائلون به (فأما) بيان حكم غمه في أول رمضان فمستفاذ من الأحاديث السابقة وهو قوله صلى الله عليه وسلم " فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " ثم صوموا وفي الرواية الأخرى " فعدوا شعبان " وفي الأخرى " فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا " وحديث عائشة رضي الله عنها " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام " قال الخطيب قال المخالف هذه الألفاظ محمولة على ما إذا غم هلال رمضان فإنا نعد شعبان تسعة وعشرين يوما ثم نصوم ثلاثين يوما فإن حال دون مطلع هلال شوال ليلة الحادي والثلاثين غيم عددنا حينئذ شعبان ثلاثين ثم نعد رمضان ثلاثين ونصوم يوما آخر فيكون إحدى وثلاثين
* قال الخطيب من خلت يداه من الدليل وعدل عن نهج السبيل لجأ إلى مثل هذا التأويل ومع كونه إحدى العظائم والكبر وأعجب ما وقف عليه أهل النظر فإن صاحبه لم يسنده إلى أصل يرده إليه ولا أورد أمرا يحتمل أن يقفه عليه ولو جاز تخصيص الحديث العام بغير دليل لبطلت دلالة الأخبار ولم يثبت حكم بظاهر وتعلق كل مبطل بمثل هذه العلة ولئن ساغ للمخالف هذا التأويل الباطل ليسوغن لغلاة الرافضة الذين يسبقون الناس في الفطر والصوم أن يتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " أن المراد تقدم الصيام للرؤية وتقدم الفطر للرؤية قال الخطيب ومخالفنا يعلم فساد هذا التأويل الذى قاله فيقال له أسمعت هذا التأويل عن أحد فإن زعمه فليأت بخبر واحد يتضمنه وأن واحدا من السلف كان إذا غم عليه هلال شوال استأنف عدد شعبان فإن لم يجده في خبر ولا أثر وهيهات أن يجده فليعلم أن ما تأوله خلاف الصواب فالحق أحق أن يتبع (فإن قال) استخرجته بنظري (قلنا) الاستخراج لا يكون إلا من أصل ولا سبيل لك إليه
* قال الخطيب وزعم المخالف أن إجماع الصحابة في هذه المسألة على وفق مذهبه وهذه دعوى منه ليس عليها برهان ولا يعجز كل من غلب هواه علي شىء أن يدعي إجماع الصحابة عليه
* قال الخطيب وأنا أذكر هنا ما ثبت عند أهل النقل في ذلك عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء الخالفين (فأما) الرواية عن عمر بن الخطاب فرواها بإسناده عن عبد الله بن عكيم أنه كان يخطب الناس كلما أقبل رمضان ويقول في خطبته ألا ولا يتقدمن الشهر منكم أحد يقولها ثلاثا وفى رواية أن عمر كتب
إلى أمراء الأجناد المجندة " صوموا لرؤية الهلال وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم صوموا وأفطروا " وبإسناده عن الإمام أحمد بن حنبل قال كان عثمان لا يجيز شهادة لواحد في رؤية الهلال على رمضان فقلت له من ذكره قال ابن جريج عن عمرو ابن دينار قلت له من ذكره عن ابن جريج قال عبد الرزاق وروح قال الخطيب فإذا لم يقبل عثمان شهادة الواحد فالغيم أولى أن لا يعتمده وعن مجالد عن الشعبي عن علي أنه كان يخطب إذا حضر رمضان ويقول في خطبته " لا تقدموا الشهر إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة " وكان يقول ذلك بعد صلاة الفجر وصلاة العصر وعن مجالد عن الشعبي " أن عمر وعليا كانا ينهيان عن صوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان " قلت مجالد ضعيف والله أعلم
* قال الخطيب واحتج المخالف بخبر يروى عن علي أنه قال " أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان " قال الخطيب ولا حجة فيه لأن عليا كان لا يقبل شهادة العدل الواحد في الصوم ثم روى بإسناده عن علي أنه كان يقبل شهادة رجلين لهلال رمضان ثم رأى علي قبول شهادة واحد ثم روى عن فاطمة بنت الحسين أن رجلا شهد عند علي على رؤية هلال رمضان فصام وقال " أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أفطر يوما من رمضان " فصيام علي رضي الله عنه كان بشهادة الرجل الواحد بعد أن كان لا يقبل شهادة الواحد فلما بلغه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في قبول الواحد صار إليه
* قال الخطيب ويدل على أن عليا كان لا يصوم الا للرؤية أو اكمال العدد لشعبان ما أخبرناه أحمد وذكر إسناده إلى الوليد بن عتبة قال " صمنا على عهد علي رضي الله عنه ثمانية وعشرين يوما فأمرنا علي بقضاء يوم " قال الخطيب وكان شهر رمضان تلك السنة تسعة وعشرين يوما وشعبان تسعة وعشرين وغم الهلال في آخر شعبان فأكمل علي والناس العدد لشعبان ثلاثين وصاموا فرأوا الهلال عشية اليوم الثامن والعشرين من الصوم ولو كان علي يقول في الصوم كقول المخالف من اعتماد الغيم لم ير الناس الهلال بعد صوم ثمانية وعشرين يوما (وأما) ابن مسعود فروى عنه الخطيب بإسناده " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين " وفي رواية عنه " لأن أفطر يوما من رمضان ثم أقضيه أحب إلي من أن أزيد فيه يوما ليس منه " وعن صلة قال " كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه من رمضان فأتى بشاة فتنحى بعض القوم فقال عمار من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " وعن حذيفة " أنه كان ينهى عن صوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان " وعن ابن عباس قال " لا تصلوا رمضان بشئ ولا تقدموه بيوم ولا يومين " وعنه " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى الله ورسوله " وعن أبي هريرة " إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " قال الخطيب (وأما) ما رويناه عن معاوية ابن صالح عن أبي مريم قال " سمعت أبا هريرة يقول " لأن أتقدم في رمضان أحب إلي من أن أتأخر لأني إن تقدمت لم يفتني " فرواية ضعيفة لا تحفظ إلا من هذا الوجه وأبو مريم مجهول فلا يعارض بروايته ما نقله الحفاظ من أصحاب أبي هريرة عنه
* قال الخطيب ومما تعلق به المخالف ما رواه يحيى بن أبي إسحق قال رأيت هلال الفطر إما عند الظهر أو قريبا منها فأفطر ناس فأتينا أنسا فاخبرناه فقال " هذا اليوم يكمل إلى أحد وثلاثين يوما لأن الحكم بن أيوب أرسل إلي قبل صيام الناس أني صائم غدا فكرهت الخلاف عليه فصمت وأنا متم يومي هذا إلى الليل " قال الخطيب قال المخالف ولا يتقدم أنس على صوم الجماعة إلا بصوم يوم الشك
* قال الخطيب فيقال له قد قال أنس إنه لم يصمه معتقدا وجوبه وإنما تابع الحكم بن أيوب وكان هو الأمير على الإمساك فيه ولعل الأمير عزم عليه في ذلك فكره مخالفته والمحفوظ عن أنس أنه أفطر يوم الشك كذا روى عنه محمد بن سيرين وحسبك به فهما وعقلا وصدقا وفضلا ومن ذلك عن عائشة " لأن أصوم يوما من شعبان أحب لي من أن أفطر يوما من رمضان " قال الخطيب أرادت عائشة صوم الشك إذا شهد برؤية الهلال عدل فيجب صومه ولو كان قد شهد بباطل في نفس الأمر وأرادت بقولها مخالفة من شرط لصوم رمضان شاهدين والدليل على هذا أن مسروقا روى عنها النهي عن صوم يوم الشك ثم رواه الخطيب بإسناده ومن ذلك عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت إذا غم الهلال تقدمته وصامت وتأمر بذلك قال الخطيب ليس في هذا أكثر من تقدمها بالصوم ويحتمل أنه تطوع لا واجب وإذا احتمل ذلك لم يكن للمخالف فيه
حجة مع أن الحجة إنما هي في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله قال الخطيب ومما جاء عن التابعين فيه مارويناه فذكر بإسناده عن عكرمة " من صام يوم الشك فقد عصى رسول الله صلى الله عليه وسلم " وأمر رجلا أن يفطر بعد الظهر وعن القاسم بن محمد " لا تصم اليوم الذي تشك فيه إذا كان فيه سحاب وفي رواية عنه " لا بأس بصومه إلا أن يغم الهلال " وعن الشعبي أنه سئل عن اليوم الذي يقول الناس إنه من رمضان قال " لا يصم إلا مع الإمام " وفي رواية عنه " لو صمت السنة كلها ما صمت يوم الشك " وعن الضحاك بن قيس لو صمت السنة كلها ما صمت يوم الشك وعن ابراهيم قال مامن يوم أبغض إلى أن أصومه من اليوم الذي يقال إنه من رمضان وعن إبراهيم وأبي وائل والشعبي والمسيب بن رافع أنهم كانوا يكرهون صوم اليوم الذي يقال إنه من رمضان وعن الحسن البصري قال لأن أفطر يوما من رمضان لا أتعمده أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان أصل به رمضان أتعمده وعن الحسن وابن سيرين أنهما كرها صوم يوم الشك قال الخطيب وذكر المخالف شبها من القياس ولم يختلف من اعتمد الآثار من العلماء أن كل قياس ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص يخالفه فهو باطل ويحرم العمل به وقد قال أبو حنيفة وهو إمام أهل العراق مع توسعه في القضاء بالقياس البول في المسجد أحسن من بعض القياس وهذا صحيح وهو إذا قابل القياس نص يخالفه أو كان فاسدا لنقص أو معارضة الفرع للأصل كقياس المخالف وجوب صوم يوم الشك على من نسي صلاة من صلوات يوم فهذا قياس باطل لثبوت النص بخلافه ولأن الصلاة لم تجب بالشك بل لأنا تيقنا شغل ذمته بكل صلاة وشككنا في براءته منها والأصل بقاؤها بخلاف الصوم ولا طريق له إلى الصلاة المنسية إلا بفعل الجميع وإنما نظير مسألة يوم الشك أن يشك هل دخل وقت الصلاة أم لا فلا تلزمه الصلاة بالاتفاق بل لو صلى شاكا فيه لم تصح صلاته قال المخالف وقياس آخر وهو القياس على ما إذا غم الهلال في آخر رمضان فإنه يجب صوم ذلك اليوم قال الخطيب ليس بهذا المخالف من الغباوة ما ينتهي إلى هذه المقالة لكنه ألزم نفسه أمرا ألجأه إليها وكيف استجاز أن يقول يوم الشك أحد طرفي الشهر مع أن هذا الوصف لا
يلزمه ولا يسلم له (فإن قال) بنيته على أصل (قيل) له هو مخالف للنص فيجب اطراحه ويقال له أو قلت يوم الشك أحد طرفي رمضان فأت بحجة على ذلك وهيهات السبيل إلى ذلك (وإن قلت) الشك أحد طرفي شعبان (قيل) أصبت ولا يجب صوم شعبان (ثم يقال) الأصل بقاء شعبان فلا يزول بالشك قال الخطيب قال المخالف لا يمتنع ترك الأصل للاحتياط كما في مسألة من نسي صلاة من الخمس وكما لو شك ماسح الخف في انقضاء مدته فلا يمسح ولو شكت المستحاضة في انقطاع الخيص تلزمها الصلاة قال الخطيب (أما) مسألة الصلاة فسبق جوابها (وأما) ماسح الخف فشرط مسحه بقاء المدة فإذا شك فيها رجع إلى الاصل وهو غسل الرجلين (واما) السمتحاضة فسقطت عنها الصلاة بسبب الحيض فإذا شكت فيه رجعت إلى الأصل ومقتضى هذا في مسألتنا أن لا يجب صوم يوم الشك لأن الأصل بقاء شعبان هذا آخر كلام الخطيب رحمه الله تعالى)

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 02:05 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات