حوار مع (ابن الصلاح)

[منتدى اهل الحديث]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه سلم.
وبعد، ،
فإن تيسير طرق تحصيل العلم من أهم المقاصد التي اشتغل بها المؤلفون والمدرسون عبر العصور وقد أدى هذا الاهتمام إلى تعدد وسائل وطرائق التأليف والتدريس. ولما كانت الكتابة التعليمية في الشبكة تستدعي إحداث بعض محفزات القراءة، رأيت أن الطريقة الحوارية أدعى لاستئناس القارئ وإقباله على المادة المكتوبة. وقد عمدت إلى مقدمة ابن الصلاح فصغتها على شكل محاورة بين الطالب والشيخ، دون تغيير في أصل الكتاب إلا ما تستدعيه الصياغة من حذف بعض حروف المعاني. والله المسئول أن يجعل هذه الفكرة نافعة لمن يقرأ هذا العمل البسيط، موصلة للوقوف على المادة العلمية لهذا الكتاب النافع.

(حوار مع ابن الصلاح)

الطالب: شيخنا بعد التحية والسلام، يسرنا استخباركم عن حالكم؟

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم ( ربنا ءاتنا من لدنك رحمة وهيىء لنا من امرنا رشدا )، الحمد لله الهادي من استهداه، الواقي من اتقاه، الكافي من تحرى رضاه، حمدا بالغا أمد التمام ومنتهاه، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا وآل كل، ما رجى راج مغفرته ورحماه، آمين.

الطالب:شيخنا اشتهر عنكم الاشتغال بعلم الحديث وتدريسه والتأليف فيه، فهلا اخبرتمونا عن فضيلة هذا العلم وفائدته؟

الشيخ: علم الحديث من أفضل العلوم الفاضلة، وأنفع الفنون النافعة، يحبه ذكور الرجال وفحولتهم، ويعنى به محققو العلماء وكملتهم، ولا يكرهه من الناس إلا رذالتهم وسفلتهم، وهو من أكثر العلوم تولجا في فنونه. لا سيما الفقه الذي هو إنسان عيونها، ولذلك كثر غلط العاطلين منه من مصنفي الفقهاء، وظهر الخلل في كلام المصلين به من العلماء.

الطالب: هل يمكنكم يا شيخ أن تخبرونا عن حال علم الحديث قديما وما آل إليه اليوم؟

الشيخ: لقد كان شأن فيما مضى عظيما عظيمة جموع طلبته، رفيعة مقادير حفظه وحملته، وكانت علومه بحياتهم حية، والفنان فنونه ببقائهم غضة، ومغانيه بأهله آهلة، فلم يزالوا في انقراض ولم يزل في اندراس حتى آضت به الحال إلى أن صار أهله إنما هم شرذمة قليلة العدد، ضعيفة العدد. لا تعنى على الأغلب في تحمله أكثر من سماعه غفلا، ولا تعنى في تقييده بأكثر من كتابته عطلا، مطرحين علومه التي بها جل قدره، مباعدين معارفه التي بها فهم أمره.

الطالب: وماذا كان صنيعكم يا شيخ في هذه الحال؟

الشيخ: فحين كاد الباحث عن مشكله لا يلغي له كاشفا، والسائل عن علمه لا يلقى به عارفا، من الله الكريم -تبارك وتعالى- علي -وله الحمد- أن أجمع بكتاب معرفة أنواع علم الحديث، هذا الذي باح باسراره الخفية، وكشف عن مشكلاته الأبية، وأحكم معاقده، وقعد قواعده، وأنار معالمه، وبين أحكامه، وفصل أقسامه، وأوضح أصوله، وشرح فروعه ومفصوله، وجمع شتات علومه وفوائده، وقنا شوارد نكته وفرائده، فالله العظيم الذي بيده الضر والنفع والإعطاء والمنع أسأل، وإليه أضرع وأبتهل، متوسلا إليه بكل وسيلة، متشفعا إليه بكل شفيع، أن يجعله مليا بذلك وأملى، وافيا بكل ذلك وأوفى، وأن يعظم النفع والأجر به في الدارين، إنه قريب مجيب. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أني.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك