نُوَّاب إبليسَ في الأرض!!

[منتدى اهل الحديث]

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي - حفظه الله- نفعنا الله وإياكم بها.

نُوَّاب إبليسَ في الأرض!!

الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إنَّ العزيز العظيم أخبرنا في كتابه الكريم أن الشيطان الرجيم سيسعى بكل الوسائل وشتى الطرق لإبعاد الناس عن الطريق المستقيم ، بل أٌقسم إبليس اللعين على أن يجتهد في إغواء الناس أجمعين إلا من لم يتمكن منه من عباد أرحم الراحمين الـمُخلَصين ،حيث قال كما أخبرنا عنه أرحم الراحمين :( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ ص:82-83].
يقول الإمام الشوكاني – رحمه الله- :" فأقسم – أي الشيطان- بعزّة الله أنه يُضلّ بني آدم بتزيين الشهوات لهم ، وإدخال الشبه عليهم حتى يصيروا غاوين جميعاً، ثم لما علم أن كيده لا ينجع إلا في أتباعه،وأحزابه من أهل الكفر،والمعاصي، استثنى من لا يقدر على إضلاله، ولا يجد السبيل إلى إغوائه، فقال :{إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين } أي:الذين أخلصتهم لطاعتك ، وعصمتهم من الشيطان الرجيم". فتح القدير (4/446).
وقد انتهج عدو العزيز العلام في محاولة صرف بعض أهل الإسلام عما جاء به خير الأنام عليه أفضل الصلاة و السلام أيها الكرام أساليب متنوعة وطرقا ماكرة ،فجاء لطائفة من المسلمين فزين لهم الغلو والتشدد في الدين، وجاء لجماعة أخرى فزين لهم التقصير والتفريط في العمل بما أمرهم رب العالمين، فاللعين لا يبالي بما يَظفر من الصنفين،لأنَّ همه الوحيد هو إفساد الدين وانحراف المسلمين عن الطريق المستقيم والحق القويم ،يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله-:"قال بعض السلف : ما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر".إغاثة اللهفان (1/110)
ولكي ينجح في هذا المخطط الخبيث والعمل المشين جند أعوانا له من الآدميين! لأنه يعلم أن هؤلاء تأثيرهم أشد وأخطر على عامة المسلمين، فتنوعت أعمال هؤلاء الأعوان بين الإضلال في الدين، وتزيين معصية رب العالمين.
فمن جنوده ونوابه من أعانوه على محاربة التوحيد وأهله والدعوة إليه، واجتهدوا معه في نشر الشرك و الخرافات و التنديد وتنكيس الفطرة التي خلق العزيز الحميد عليها العبيد، فعن عِيَاضِ بن حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ – رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:" قال الله جلَّ وعلا :" إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهم، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي ما لم أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ". رواه مسلم ( 2865)
يقول القاضي عياض – رحمه الله- :" قوله (فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ) يعني الشياطين، أي: استخفتهم فذهبت بهم وساقتهم إلى ما أرادوه منهم ".مشارق الأنوار (1/165)
ويقول الشيخ السعدي- رحمه الله- :"إنَّ الله تعالى خلق عباده حنفاء مفطورين على قبول الحق وإيثاره، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن هذا الخلق الجميل، وزينت لهم الشر والشرك والكفر والفسوق والعصيان،فإن كل مولود يولد على الفطرة ولكن أبواه يُهوِّدانه أو يُنصرانه أو يُمجسانه،ونحو ذلك مما يغيرون به ما فطر الله عليه العباد من توحيده،وحبه ومعرفته، فافترستهم الشياطين في هذا الموضع،افتراس السبع والذئاب للغنم المنفردة، ولولا لطف الله وكرمه بعباده المخلصين، لجرى عليهم ما جرى على هؤلاء المفتونين، وهذا الذي جرى عليهم من توليهم عن ربهم وفاطرهم وتوليهم لعدوهم المريد لهم الشر من كل وجه، فخسروا الدنيا والآخرة،ورجعوا بالخيبة والصفقة الخاسرة".تفسير السعدي(ص 204)
ومن أوليائه من تكفَّل بمهمة أخرى ألا وهي :دعوة الناس إلى البدع و المحدثات و إبعادهم عن سنة وهدي خير البريات، و هؤلاء الـمُضلين هم من أحبِّ الجنود إلى إبليس اللعين من أهل المعاصي المفسدين!، لأنَّ البدعة في الدين أحبُّ إليه من معصية رب العالمين،يقول الإمام سفيان الثوري –رحمه الله-:" البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية، المعصية يُتاب منها، والبدعة لا يُتاب منها". شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (1/132)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :"ومعنى قولهم (أن البدعة لا يُتاب منها):أن المبتدع الذي يتخذ دينا لم يشرعه الله ولا رسوله،قد زُيِّن له سوء عمله فرآه حسنا،فهو لا يتوب ما دام يراه حسنا لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه، أو بأنه ترك حسنا مأمورا به أمر إيجاب أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسنا وهو سيء في نفس الأمر فإنه لا يتوب, ولكن التوبة منه ممكنة وواقعة بأن يهديه الله ويرشده حتى يتبين له الحق كما هدى -سبحانه وتعالى- من هدى من الكفار والمنافقين وطوائف من أهل البدع والضلال، وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه،فمن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم ". مجموع الفتاوى (10/9)
و من جنوده أيضا من اجتهد في تشويه صورة العلماء الربانيين والطعن فيهم، وذلك برمي هؤلاء الأجلاء الأتقياء الذين هم ورثة الأنبياء بما ليس فيهم من عيوب ونقائص!ومن ذلك قولهم وادعائهم : أن هؤلاء العلماء لا يفقهون واقع الأمة اليوم! و ما يدور في الخفاء! وهذا كله من أجل صرف عوام المسلمين عن علمائهم الربانيين ،يقول الشيخ الألباني –رحمه الله-:"لئن كان في الخروج على الحكّام من الشّر ما برهن عليه تواطؤ النصوص الشرعية مع الأخبار الواقعية،كما ظهر من صنيع حدثاء الأسنان في كل الأزمان،فشر منه الخروج على العلماء بإهدار حقهم،وعدم اعتماد فتاواهم إلا ما وافق أهواء الحركيين، واستصغار شأنهم في السياسة،ورميهم بعلماء بيت الوضوء! وما أشبهها من الألقاب التي يَنْبِز بها المبتدعة صاغرا عن صاغر العلماء السلفيين كابرا بعد كابر؛ وفي هذا إهدار للشريعة بتجريح حملتها وشهودها، والله الموعد". مدارك النظر للشيخ عبد الملك الرمضاني( ص232)
وكذلك من أعوان ونواب الشيطان أيها الأحبة والإخوان من يُزهد ويثبط المسلمين عن حضور مجالس العلماء الربانيين وطلاب العلم المجتهدين من أجل صدهم عن التفقه في الدين،يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله- :"نُوَّاب إبليسَ في الأرض وهم الذي يثبطون الناس عن طلب العلم والتفقه في الدين، فهؤلاء أضر عليهم من شياطين الجن، فإنهم يحولون بين القلوب وبين هدى الله وطريقه". مفتاح دار السعادة (1/160)
وأيضا من أولياءه المقربين جماعة من الأشرار الحاقدين المفرقين الذين يُعينونه على إفساد ذات البَين، فعن جَابِرٍ – رضي الله عنه- أن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ على الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ منه مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فيقول: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فيقول: ما صَنَعْتَ شيئا، قال ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فيقول: ما تَرَكْتُهُ حتى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قال: فَيُدْنِيهِ منه، وَيَقُولُ: نِعْمَ أنت فَيلتَزمُهُ". رواه مسلم (2813)
يقول الإمام النووي – رحمه الله- :" قوله (فَيُدْنِيهِ منه، وَيَقُولُ: نِعْمَ أنت) هو بكسر النون وإسكان العين وهى نعم الموضوعة للمدح فيمدحه لإعجابه بصنعه وبلوغه الغاية التي أرادها، قوله (فَيلتَزمُهُ ) أي: يضمه إلى نفسه ويعانقه ".
الشرح على صحيح مسلم ( 17/ 157)
ويقول الملا علي قاري – رحمه الله- :"قوله (فَأَدْنَاهُمْ)أي: أقربهم( منه) أي: من إبليس (مَنْزِلَةً )مرتبة (أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً) أي: أكبرهم إضلالاً ، أو أشدَّهم ابتلاء .(يَجِيءُ أَحَدُهُمْ)جملة مبينة لقوله:(أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً) ( فيقول) أي:أحدهم (فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا) أي:أمرت بالسرقة ، وشرب الخمر مثلاً (فيقولُ )أي: إبليس(ما صَنَعْتَ شيئا) أي: أمراً كبيراً،أو شيئاً معتداً به(قال ) أي: النبي صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فيقول: ما تَرَكْتُهُ) أي: فلاناً (حتى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ) هذا وإن كان بحسب الظاهر أمراً مباحاً وظاهره خير،ولذا قال تعالى : (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ)[ النساء:130 ]، ولكنه من حيث أنه قد يَجر إلى المفاسد يصير مذموماً، ويحث عليه الشياطين ويفرح به كبيرهم ". مرقاة المفاتيح (1/232)
يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله- :" فهذا الوصال – أي بين الزوجين- لما كان أحبَّ شيء إلى الله ورسوله كان أبغضَ شيء إلى عدو الله ، فهو يسعى في التفريق بين المتحابِّين في الله المحبة التي يُحبها الله، ويُؤلف بين الاثنين في المحبة التي يُبغضها الله ويَسخطها وأكثر العُشاق من جنده،وعسكره،ويرتقي بهم الحال حتى يصير هو من جندهم وعسكرهم، يقود لهم ويزين لهم الفواحش، ويؤلف بينهم عليها ".روضة المحبين (ص 218)
ومن جنود إبليس في الأرض اليوم أيضا من يُصوِّر المرأة المسلمة بمفاتنها ويجعل منها الممثلة!والمغنية!والراقصة! ويثني على تبرجها!! ويزين لها الاختلاط بالأجانب!مع ما فيه من ضرر كبير،وشر مستطير،يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-:" اختلاط أحد المصنفين بالآخر سبب الفتنة فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب ". الاستقامة ( 1 /361)
ومن نوابه كذلك أيها الإخوة والأخوات من أنشؤوا جمعيات و أسَّسوا منظمات ورفعوا شعارات وعقدوا مؤتمرات تنادي بالمساواة بين الرجال والنساء في جميع الحقوق والواجبات حتى في القوامة! مع أن رب الأرض السموات يقول : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) [ النساء: 34].
يقول الشيخ السعدي – رحمه الله- :" يخبر تعالى أن الرِّجَال { قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن، ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: { بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } أي: بسبب فضل الرجال على النساء وإفضالهم عليهن، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع. وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله. وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء، ولعل هذا سر قوله: { وَبِمَا أَنْفَقُوا } وحذف المفعول ليدل على عموم النفقة. فعلم من هذا كله أن الرجل كالوالي والسيد لامرأته، وهي عنده عانية أسيرة خادمة،فوظيفته أن يقوم بما استرعاه الله به، ووظيفتها: القيام بطاعة ربها وطاعة زوجها ". تفسير السعدي ( ص177)
ولم يكتفوا بهذا الشر! والمكر ! بل زادوا عليه بأن انتَقصوا من مكانة المسلمة العفيفة المتحجبة الممتثلة لأمر ربها العزيز المقتدر، الذي قال لها :(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ)[الأحزاب : 33]
يقول الشيخ السعدي – رحمه الله- :"{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } أي: اقررن فيها، لأنه أسلم وأحفظ لَكُنَّ، { وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى } أي: لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات، كعادة أهل الجاهلية الأولى، الذين لا علم عندهم ولا دين، فكل هذا دفع للشر وأسبابه.
ولما أمرهن بالتقوى عمومًا، وبجزئيات من التقوى، نص عليها لحاجة النساء إليها، كذلك أمرهن بالطاعة، خصوصًا الصلاة والزكاة اللتان يحتاجهما، ويضطر إليهما كل أحد، وهما أكبر العبادات، وأجل الطاعات، وفي الصلاة الإخلاص للمعبود، وفي الزكاة الإحسان إلى العبيد". تفسير السعدي (ص 422)
وكذلك من جُندِ الشيطان من الأنام أيها الأحبة الكرام من يستغلون وسائل الإعلام لإبعاد أبناء أمة رسول العزيز العلام عليه الصلاة والسلام عن تعاليم الإسلام، وذلك بتزيين المعاصي والآثام من شرب المسكرات وتعاطي المخدرات وغير ذلك من المنكرات والملهيات كالغناء الذي هو من أخطر الأدواء ومن أسباب البلاء حيث أشغل الكثير! عن قراءة كلام العزيز القدير ودعاهم لكل رذيلة وجنبهم كل فضيلة، يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله- :"قرآن الشيطان فلا يجتمع هو وقرآن الرحمن في قلب أبدا، وأيضا فإن أساس النفاق : أن يُخالف الظاهر الباطن وصاحب الغناء بين أمرين، إما أن يتهتك فيكون فاجرا أو يظهر النسك فيكون منافقًا، فإنَّه يظهر الرغبة في الله والدار الآخرة وقلبه يغلي بالشهوات ومحبة ما يكرهه الله ورسوله من : أصوات المعازف وآلات اللهو وما يدعو إليه الغناء ويُهيجه فقلبه بذلك معمورٌ، وهو من محبة ما يحبه الله ورسوله وكراهة ما يكرهه قفرٌ - خالٍ- ، وهذا محض النفاق".إغاثة اللهفان(1/250)
ومن نواب إبليس أيضا وإخوانه!من يدعو الناس إلى الإسراف و التبذير، مع ما في هذا الفعل من زجرٍ وتحذير، يقول العزيز القدير: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين و كان الشيطان لربه كفورا)[ الإسراء :27].
يقول الشيخ السعدي-رحمه الله- :"لأن الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة، فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك، فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير،والله تعالى إنما يأمر بأعدل الأمور وأقسطها، ويمدح عليه ، كما في قوله عن عباد الرحمن الأبرار". تفسير السعدي (ص 456)
فهؤلاء أيها الأحبة والإخوان هم من نُواب الشيطان فينبغي الحذر من الوقوع في شِراكهم أو التأثر بهم، وعلينا أن نبين للمسلمين خطرهم وضررهم، وأنهم لهذه الأمة داء و على الكثير من أبناءها وباء، ولنحذر أشد الحذر من خطواتهم فإنها من خطوات كبيرهم اللعين التي حذرنا منها أرحم الراحمين، حيث قال رب العالمين : (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)[البقرة :208].
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله-:"ومن مكايده أنه يسحر العقل دائما حتى يكيده ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله، فيزين له الفعل الذي يضره حتى يخيل إليه أنه من أنفع الأشياء، وينفر من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له حتى يخيل له أنه يضره، فلا إله إلا الله كم فتن بهذا السحر من إنسان!، وكم حال به بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان، وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة، وشنع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة، وكم بهرج من الزيوف على الناقدين، وكم روج من الزغل على العارفين". إغاثة اللهفان(1/110)
ولنعلم أننا إذا صَدقنا النية مع العزيز الوهاب ثم بذلنا معه ما يُعيننا على جهاد ودفع الشيطان وأعوانه وجنده ونوابه من أسباب فسنوفُق بإذن القدير التواب إلى كل خير وصواب،يقول جلَّ وعلا :(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )[العنكبوت :69].
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- :" عَلق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا، وأفرض الجهاد جهاد النفس،وجهاد الهوى وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا، فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد".الفوائد (ص 59)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يُعيذنا وإياكم من إبليس وذريته وجنوده و أعوانه ونُوابه، وأن يحفظ المسلمين في كل الأقطار والأمصار من شر الأشرار و كيد الفجار، فهو سبحانه ولي ذلك، و العزيز الجبار.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أبو عبد الله حمزة النايلي

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك