مفهوم الحج
بين استدارة الزمان من الشرك إلى الإلحاد
وضرورة إحياء الدين
د. خاطر الشافعي
استدار الزمان بقوة، ووصلت البشرية إلى ما كانت عليه أيام الخليل إبراهيم - عليه السلام، بعدما ضرب (الإلحاد) على الفكر العالمي، في صورة مماثلة لما كان عليه (الشرك)!
إذاً قضية الأمس هي نفس قضية اليوم!!، فإذا كانت خمسة آلاف سنة تفصلنا عن دعوة إبراهيم - التي احتاجت ألفين وخمسمئة سنة للتحقيق ببعث سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلَّم - فلا توجد أدنى مسافة نستطيع قياسها بين مفهوم (الشرك) قديماً، ومفهوم (الإلحاد) حديثاً، إلا أنَّ أمراً واحداً ينبغي ألا يغيب عنا، وهو أن (الصراع الفكري) لن يتوقف حتى تقوم الساعة... فماذا نحنُ فاعلون؟!.
إنَّ العمل الحقيقي للحاج لا ينتهي بانتهاء (مشاعر الحج)، بل المفهوم أوسع بكثير، إذ أن (الحج المبرور) هو ما يكون (البداية الحقيقية) لعملٍ جادٍ دؤوب على طريق (إحياء الدين)، في ظل الحروب التي لا تتوقف على ديننا وقِيَمنا ومبادئنا الإسلامية، التي من أجلها كانت أعظم التضحيات.
(لبيك اللَّهم لبيك) هي عهدٌ مع الله، والعهود لا تكون نهاية لأي عمل، بل العهود (بداية) لعملٍ ما من أجله كانت المعاهدة، والتزامٌ بالطاعة والامتثال، وهكذا حال (المؤمن) مع (الحج المبرور)، إذ تمثل عودته (بداية جديدة) لحياة بنمط جديد، بعدما أبرم العهد مع الله، فمسؤولية الحاج بعد (أدائه المشاعر) تنقله من (إطار العهد) إلى (مقام العمل)، في (إيقاعٍ مُتناغم) يترجم به (لبيك اللَّهم لبيك) في هجرةٍ إلى الله، وأمرٍ بالمعروف، ونهيٍ عن المنكر، وإظهارٍ لجمال ورقي (شخصية المسلم الحق).
إن (ضرورة إحياء الدين) ينبغي أن تُبذَل من أجلها كل التضحيات، وينبغي أن تكون أولى الأولويات، في ترجمة حقيقية لمفهوم (الحج المبرور).
وصلِّ اللَّهم وسلِّم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك