أعمال اليوم الثامن وفضل الحج
أ. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.
من الأعمال التي يعملها الحاج في هذا اليوم ما يلي:
1- الإحرام بالحج للمتمتع، وصفته كصفة الإحرام بالعمرة: (من الاغتسال، والطيب، وقص الشعر، وتقليم الأظافر، والتجرد من المخيط، ونحوها، إلا أنه يقول: ((لبيك حجًّا))، أو ((اللهم لبيك حجًّا))، أما المفرد والقارن، فقد سبق لهم قبل ذلك.
2- التلبية: حيث يقول: (( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)).
ومما يجب التنبيه عليه هو شكر الله - سبحانه وتعالى - على نعمة الوصول إلى المشاعر المقدسة، وأولى ما يشكر به هو الاهتمام بإكمال المناسك على الوجه الأكمل لتحقيق الثواب العظيم المترتب على ذلك، ومنه ما أخرجه البخاري وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سُئِل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟ قال: ((إيمان بالله ورسوله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((جهاد في سبيل الله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حج مبرور))[1].
وله أيضًا من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد؟ قال: لا، ولكن الجهاد حج مبرور[2].
ما هو الحج المبرور؟
قيل: هو الحج المقبول، وقيل: الذي لا يخالطه شيء من الإثم، وقال القرطبي: الحج الذي وُفِّيت أحكامُه، ووقَع موقعًا لِما طُلِب من المكلَّف على الوجه الأكمل، وقيل: الذي لا رياء فيه.
وهل يعرف الحج بأنه مبرور؟
قيل: إن رجع خيرًا مما كان، عُرِف بأنه مبرور.
لماذا سُمِّي الحج جهادًا؟
لما فيه من المشقة، ومجاهدة النفس[3].
ومما يدل على فضل الحج ما أخرجه البخاري أيضًا من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمِعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من حج فلم يرفُث، ولم يَفسِق، رجَع كيوم ولدته أُمُّه))[4].
والرفث والفسوق ورد النهي عنهما بقوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197]، والرفث كلمة جامعة للجماع ودواعيه.
والفسوق يعني: جميع المعاصي[5]، وخص بالسباب، قاله ابن عباس[6].
ولا جدال في الحج، قيل فيه أقول:
• لا مجادلة في وقت الحج، في مناسكه، وفي: لا جدال في وقته ولا موضعه.
• المخاصمة[7].
((رجع كيوم ولدته أمه))؛ أي: بغير ذنب، وظاهره غفران الصغائر، والكبائر، والتَّبعات[8].
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العمرة إلى العمرة كفَّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))[9].
[1] كتاب الحج برقم 1519.
[2] كتاب الحج برقم 1520.
[3] انظر: ابن حجر؛ فتح الباري 3 / 382، 1 / 78.
[4] كتاب الحج برقم 1521.
[5] انظر: القرطبي؛ الجامع لأحكام القرآن 2 / 270، 271.
[6] انظر: ابن كثير في تفسيره 1 / 238.
[7] انظر: ابن كثير في تفسيره 1 / 238، والقرطبي في تفسيره 2 / 272.
[8] انظر: ابن حجر، فتح الباري 3 / 283.
[9] كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة، صحيح مسلم مع الشرح النووي 9 / 117.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك