بيان الفرق بين بعض العبارات الجهمية الصريحة وبين العبارات المجملة التي يقولها عامة المسلمين
نجيب المار
اعلم - أخي المسلم - أن الجَهْمِيَّة منذ ظهورهم قد صرحوا بالقول بخلق القرآن بعباراتٍ صريحةٍ؛ مثل قولهم: (القرآن مخلوق)، أو ( كلام الله مخلوق)، أو (كتابتي للقرآن مخلوقة)، أو (سماعي للقرآن مخلوق)، أو (رؤيتي للقرآن مخلوقة)، أو قولهم: (لفظي بالقرآن مخلوق)، لكن هذه العبارة الأخيرة قد ظنَّ بعض الإخوة أنها عبارةٌ مجملةٌ، والصواب أنها عبارةٌ صريحةٌ؛ لأن اللفظ هو لفظ الله، وليس لفظ المخلوق؛ لأنه هو مفعول العبد بكلام ربه، والمفعول هنا هو القرآن الملفوظ، فمن قال هذه العبارة، فقد قال: إن القرآن الملفوظ مخلوق، ووقع في التجهُّمِ حتمًا، إلا أن يكون مخطئًا؛ ولذلك نجد الإمام البخاري رحمه الله كان يتبرأ من هذه العبارة؛ لأنه عَرَف أنها عبارةٌ صريحةٌ؛ وكان يقول: "من زعم لكم أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كذَّاب؛ فإني لم أقلْه"[1]، والآن نأتي إلى بعض العبارات المجملة؛ لنبيِّن الفرق بينها وبين الصريحة، ولكي تتضح الأمور أكثر، وهذه العبارات المجملة؛ مثل عبارة: (لفظي مخلوق)؛ فهذه عبارةٌ مجملةٌ، فإن قصد صاحبها بها لفظ نفسه، فلفظه مخلوق، ولا شك في ذلك؛ لأن لفظه هو فعله، وفعله مخلوق، وإن قصد أن لفظه لكلام الله مخلوق، فقد تجهَّم، وهناك عبارةٌ قد ظن الناس أنها جهميةٌ صريحةٌ، والصواب أنها ليست كذلك، بل هي من أقوال أهل السُّنَّة؛ مثل قولهم: (صوتي بالقرآن مخلوق)، فهذه العبارة صحيحةٌ ولا إشكال فيها؛ لأن الصوت هنا هو صوت القارئ، وليس صوت الله؛ ولذلك يُقال: هذا القرآن بصوت فلان بن فلان؛ فالصوت هو فعل العبد، وليس هو فعل الله، بخلاف اللفظ، فإنه لفظ الله؛ فتفهَّموا الفرق رحمكم الله.
[1] سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك