إنه يحب الله ورسوله
السيد مراد سلامة
عن عُمَر أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) كَانَ اسْمُهُ عَبْدَاللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)، وَكَانَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم): (لا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إلا إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[1].
دروس وعبر:
(منها): بيان تحريم شرب الخمر، وهو مجمَع عليه، وهو من الكبائر؛ فإن الحدَّ لا يكون إلا على ارتكاب كبيرة.
(ومنها): بيان وجوب الحد على شارب الخمر، سواء شرب قليلًا، أو كثيرًا.
(ومنها) في الحديث قوله: (لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله)، فيه الإنكار على من خالف منهج الإنكار، قد يكون المنكر المعروف ارتكب خطأً، فينكر عليه، ولهذا قد يخطئ الناصح، وقد يخطئ المنكِر.
الرجل الذي كان ينصح أخاه في الحياء، يعظ أخاه في الحياء، هل أقره النبي عليه الصلاة والسلام، أم أنكر عليه، أنكر عليه، قال: دعه، هو ينصح أخاه، قصده سليم، قال: دعه، فإن الحياء لا يأتي إلا بخير، كذلك هنا أخطؤوا في الإنكار عليه، لعنوه، ولو كان قصدهم الإنكار، فقد يقع صاحب تغيير المنكر في منكرٍ آخر، لا تلعنوه، أيضًا في الحديث الترفق بالمنكر عليه، ولو تكرَّر المنكر، إذا عُلِمَ منه أنه يحب الخير.
(ومنها): وفي الحديث أيضًا فيه ذكر ما في صاحب المعصية من خصال الخير، لعل ذلك يكون دافعًا له لترك الشر، وأيضًا لتذكير المنكرين بالترفُّق مع المنكر عليه، يشرب الخمر مرارًا ويجلد، ثم لَما لُعن نهاهم عن اللعن - عليه الصلاة والسلام - وقال: والله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله.
(ومنها) أيضًا: أن مرتكب الكبيرة لا يَكفُر، خلافًا لمن كفر كالخوارج، ومن سار على نهجهم، لا يكفر، الخمر من كبائر الذنوب، وتكرَّر شربُه، ومع هذا لم يكفر، بل يحب الله ورسوله، فعلى دعاة الخير أن يعلموا هذه الأصول وتلك الفروع في مسائل الإنكار، كم من محبٍّ للخير جلب على نفسه شرًّا، وجلب على المدعوين شرًّا، لعدم فقهه بهذه المسائل الشرعية العظيمة.
(ومنها): الرد على من زعم أن مرتكب الكبيرة كافر للنهي عن لعنه، والأمر بالدعاء له.
(ومنها): أنه لا تنافي بين ارتكاب الكبيرة وثبوت محبة الله ورسوله في قلب المرتكب.
[1] صحيح البخاري (12/ 77 رقم 6780).
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك