02-12-2016, 12:31 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 356,970
|
|
فن التعامل مع الحاقد والحاسد في الاسلام
* بين الحقد والحسد
معنى الحقد كما يذكر الغزالي " أن يلزم المرء قلبه استثقال المغضوب عليه والبغض له والنفور منه وأن يدوم ذلك ويبقى"
* سمات الحقود والحسود : قد تجتمع صفة أو أكثر من صفات الشخصية الحاسدة في شخص واحد فالإنسان ليس خيّراً تماماً أو شريراً كلية ويبقى باب التوبة لرب العالمين مفتوحا لمن يرى في نفسه شيئا من هذا المرض . أما عن مظاهر الحسد التي قد يبديها الحاسد ويعجز عن كتمانها، وكيف يمكن التصرف إزاءها فهي:
1- يريك المحبة وقلبه ملئ بالحقد عليك .
وفي هذا يقول الشاعر :
وكم مُضْمرٍ بُغضاً يريك محبهَّ وفي الزند نارُوهو في اللمس باردُ
وقال آخر:
إن الحسود إذا أراك مــودة بالقول فهـو لك العدو المجتهد
2- الحاقدون هم أهل المكر والخديعة :
ويؤكد على هذه الحقيقة الشيخ محمد الغزالي داعياً إلى ضرورة مساندة ضحاياهم الذين قد يقعون فريسة لمكرهم فيقول: " دسائس الحاقدين ومكايدهم ومؤامراتهم لا تنتهي حتى تبدأ وهم يصلون في أحيان كثيرة إلى ما يشتهون من سوءوكم من عبقريات مرغتها في الوحل خصومات خسيسة إن الحال في كل زمان تحتاج إلي أمداد سريعة من المساندة أو العزة لتعيد إلي الموهوبين ثقتهم بأنفسهم وتشجعهم على المضي في طريقهم دون يأس أو إعياء وذلك لكثرة ما يصيبهم من تعويق المثبطين وإيذاء الناقمين والشامتين أجل إنهم في حاجة لأن يقال لهم: لا تأسوا فإن ما تتوجسون من نقد أو تجاهل هو كفاء ما أوتيتم من طاقة ورسوخ "
3- السخرية والتكلم بما لا يحل والشماتة وإفشاء السر ومنع حق المحسود.
وهذه كلها صفات ذكرها الغزالي و قد أشار إلى هذه الصفات السلبية السابقة أيضاً ابن الجوزي حين تساءل أين الأصدقاء ؟ ويقول: أكثرهم حساد على النعم وأعداء لا يسترون زلة ولا يعرفون لجليس حقاً ولا يواسون من مالهم صديقاً ويرجع هذا إلى أن الحق سبحانه يغار على قلب المؤمن أن يجعل له شيئاً يأنس به فهو يكدر عليه الدنيا وأهلها ليكون أنسه به "
* التحليل النفسي لشخصية الحاسد والحاقد
يتفق التحليل النفسي لشخصية الحاسد في علم النفس الحديث مع آراء علماء الإسلام السابقين في القول بأن الحسد إما مباح أو مذموم أو محرم فالمباح هو المنافسة على طاعة الله وفعل الخير للناس قال تعالى: " وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" المطففين: آيه26 ويقول الرسول:r " لاحسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله عز وجل مالاً فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله عز وجل علما فهو يعمل به ويعلمه للناس " أما الحسد المحرم فهو وارد في قوله تعالي: " أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ" النساء: آية 54 ، والحاسد هنا يتمنى أن يزول عن غيره ما فيه من نعمة وجاه فيتحاسد المتحاسدون بعضهم بعضا بغياً وحقداً وتنشغل عقولهم بأهواء باطلة ويتركوا الحق ويبتعدوا عن الخير حسداً بينهم (إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ)التوبة:50
وقد قال r " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " والحسد شر من البخل كما في الحديث الذي رواه أبو داود عن النبيr "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار " وذلك أن البخيل يمنع نفسه والحسود يكره نعمة الله على عباده .
وعن السبب النفسي وراء الحسد فيكشف عنه آلان اكسيلرود وجيم هولتج بالقول:" يُعد الحسود أسوأ الزملاء الذين يمكن أن تقابلهم وهؤلاء الحسّاد غالبا ما تنشأ نقمتهم عليك بسبب قلة تقديرهم لذاتهم " الشعور بالنقص " ولهذا يبذلون جم جهدهم للتقليل من شأنك
v ماذا يفعل الإنسان إذا وجد في نفسه حسداً لغيره ؟ ماذا لو كنت أنت الحاسد أوالحاقد ؟
1- التقوى والصبر وعدم الإعانة على ظلمه :
يذكر ابن تيمية أن الحسد لا يخلو منه إلا قلة من الناس ولكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه وقد قيل للحسن البصري : أيحسد المؤمن ؟ فقال: ما أنساك أخوة يوسف لا أبا لك ؟ ولكن عمه(اكتمه) في صدرك فإنه لا يضرك ما لم تعدُ به يداً ولساناً ، أي إن الإنسان ما دام لم يأخذه حسده أو حقده على الآخرين إلى الوقوع في معصية الله في التعامل معهم من ارتكاب للمآثم السابق ذكرها بل استعان بالصبر والتقوى معهم فلا بأس وفي هذا يقول: " فمن وجد في نفسه حسداً لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر فيكره ذلك من نفسه وكثير من الناس الذين عندهم دين لا يعتدون علي المحسود فلا يعينون من ظلمه ولكنهم أيضاً لا يقومون بما يجب ( عليهم ) من حقه بل إذا ذمه أحد لم يوافقوه على ذمه ولا يذكرون محامده وكذلك لو مدحه أحد لسكتوا وهؤلاء مدينون في ترك المأمور في حقه مفرطون في ذلك لا معتدون عليه ، جزاؤهم أنهم يُبخسون حقوقهم فلا يُنصفون أيضاً في مواضع ولا ينصرون على من ظلمهم كما لم ينصروا هذا المحسود وأما من اعتدى بقول أو فعل فذلك يُعاقب ومن اتق الله وصبر فلم يدخل في الظالمين نفعه الله بتقواه "
وفي زهر الآداب " لو صبر الحاسد على ما به لكان خيراً له لأنه كلما أراد أن يطفيء نور الله أعلاه ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون "
2- البشاشة والرفق والدعاء له في غيبته والثناء عليه .
وفي هذا يقول الغزالي " ولا ينتهي قلبك عن بغضه حتى تمتنع عما كنت تتطوع به من البشاشة والرفق والعناية والقيام بحاجاته أو الدعاء له والثناء عليه ، والتحريض على بره ومواساته فهذا كله مما ينقص درجتك في الدين وإن كان لايعرضك لعقاب "
أي أن امتناعك عن التعامل معه بهذه الفضائل السابقة لهو بلا شك دليل ضعف دينك وما دمت لم تتعد ذلك إلى الإضرار به قولا، أو فعلا فلن يعاقبك الله تعالى.
3- العفو والصفح أو المعاتبة :
وهو السبيل لدفع الحقد من النفس وكما يقول ابن الجوزي : " الحقد هو بقاء أثر القبيح من المحقود وعلاجه بالعفووالصفح وأن يرى الإنسان الأشياء من المقدر "
والعفو والصفح هما السبيل للعيش في هناءة وأمن وسلامة مع الآخرين وبدونهما يظل الإنسان في نكد وكمد وغل وكما يقول الشاعر :
يا طالب العيش في أمـن وفي دعة رَغْـدا بـلا قتر صَفْواً بـلا رنق
خلص فؤادك مـن غلٍ ومن حسدٍ فالغِلُّ في القلب مثل الغل في العنق
ولبعض الأدباء ينصح الحسود :
لا يحـزنك فقر إن عـراك ولا تتبع أخاً لك في مـال له حسدا
فـإنه في رخــاء في معيشته وأنت تلقى بـذاك الهم والنكدا
وآخر يكشف عن أثر الحقد والحسد في نفس الإنسان وأنه لابد من الصفح والعفو أو المعاتبة ليخلص الإنسان من آلامه التي سببها هذا الحقد وثناء الله على العافين من الناس فيقول ابن السروجي:
يا دافن الحقد في ضعفى جوانبه ساء الدفين الذي أضحت له جدثا
الـحقد داء دويّ لا دواء لـه يري الصدور إذا مـا جمره حرثا
فاستشف منه بصفح أو معاتبة فـإنما يبرئ المصدور مـا نفثـا
فالعفو أقرب للتقوى وإن جرمُ مـن مجرم جرح الأكباد أو فرثـا
يكفيك في العفو أن الله قـرظّه وحيا إلى خير من صلى ومـن بعثا
والعفو من صفات معالي القوم وبواسطته يستطيع الإنسان أن يبدِّل من حال المذنبين والآثمين في حقه
وكما يقول الشاعر:
شهدت أنـك لـو أذنبت ساءك أن تلقى أخـاك حقوداً صدره شرثا
إذن وسرك أن ينسى الـذنوب معـاً وأن تصادف مـنـه جانبا دمثاً
إني إذا خـلـط الأقـوام صـالحهم بسيئ الـفعـل جداً كان أو عبثا
جعلت قـلبي كظـرف السبك حينئذ يستخلص الفضة البيضاء لا الخبثا
ولست أجعلـه كـالحوض أمـزجه بحفظ ما طاب من ماء وما خبثا
* علاج الحسد والحقد عند علماء الإسلام .
- عند ابن قدامة
ينصح ابن قدامة من يقوم بهذا الفعل المشين بأن يكون على وعي بأن:
1- التيقن بأن الحسد لا يضر المحسود وإنما ينفعه وفي هذا يقول ابن قدامة عليك أن تعرف حقيقة أن الحسد ضرر عليك في الدين والدنيا وأنه لا يضر المحسود في الدين ولا في الدنيا بل ينتفع به والنعمة لا تزول عن المحسود بحسدك"
ثم يوضح أنه حتى ولو لم يكن الإنسان مؤمناً فإن العقل أن يحذر الإنسان من أن يكون من الحاسدين لما في الحسد من ألم القلب مع عدم النفع فكيف وأنت تعلم ما فيه من العذاب في الآخرة ؟
ثم هو يوضح كيفية انتفاع المحسود في الدنيا والآخرة بقوله:" لأن ما قدره الله له من نعمة لابد أن تدوم إلى أجله الذي قدره ولا ضرر عليه في الآخرة لأنه لا يأثم هو بذلك بل ينتفع به لأنه مظلوم من جهتك لا سيما إذا أخرجت الحسد إلى القول والفعل وأما منفعته في الدنيا فهو أن غرض الإنسان هو أن يغم عدوه ولا عذاب أعظم مما أنت فيه من الحسد إذ مكنته من نفسك والنتيجة لذلك أن تصبح أيها الحاسد عدوا لنفسك ومن تحسده صديق لعدوك فعليك أن تخمد نار الحسد التي توقدها في قلبك"
وما سبق يمثل العلم النافع الذي يحاول ابن قدامة غرسه في نفس كل من يترك نفسه لداء الحسد وأنه يجب على من لديه عقل أن ينتفع بهذه الحجج الصحيحة في ترك الحسد.
2- أما العمل النافع الذي علي الإنسان القيام به للتخلص من هذا الداء فهو كما يقول أن يتكلف نقيض ما يأمر به الحسد فإذا بعثه على الحقد والقدح في المحسود كلف نفسه المدح له والثناء عليه وإن حمله الكبر ألزم نفسه التواضع له وإن بعثه على كف الإنعام عنه ألزم نفسه زيادة في الإنعام ثم هو يعترف بأن هذه أدوية نافعة للحسد جداً إلا أنها مرة وربما يسهّل شربها أن يعلم أنه إذا كان لا يكون كل ما تريد فأرد ما يكون وهذا هو الدواء الكلي
- علاج الحسد عند الغزالي :
" ينحصر في تأديب النفس وتبصيرها بخطر هذه الرذيلة فإن الحاسد إنما ينكر في غيره نعمة أنعم الله بها عليه ومن واجب الرجل أن يُشغل بنفسه وأن يحفظ وقته فلا يضيعه فيما لا يغني ولا يفيد فليس أضيع من وقت يُصرف في بغض نعمة لا يملك المرء زوالها عن سواه "
علاج الحسد عند فخر الدين الرازي :
يذهب فخر الدين الرازي إلى أن الحسد شر من البخل وذلك لأن البخيل لا يحب أن ينال أحد شيئاً مما يملكه والحسود يحب أن لا ينال أحد غيره شيئا مما لا يملكه وأن الحسد داء من أدواء النفس عظيم الأذى لها ولبدنه .
1- فأما أذى الجسد فلأنه يسبب طول السهر وسوء الاغتذاء ورداءة اللون وسوء السحنة أو الهيئة وفساد المزاج .
2- وأما بالنفس فلأنه يذلها ويعذب فكرها ويسبب طول الحزن ويرىأنه يمكن الإقلاع عن الحسد عن طريق أن يتأمل العاقل أحوال الناس في ترقيهم في المراتب ووصوله إلى الطلب
- كيف تتعامل مع الحاسد أو الحاقد؟
يمكن إجمال الأسلوب الذي ينبغي التعامل به مع من يتصف بالحسد والحقدبطريقتين :
الأولى: أسلوب المداراة والتي تعني اللين والحكمة في التعامل معه.
الثانية: أسلوب الدفاع عند ظهور ضرره ومكيدته.
فبالنسبة للطريقة الأولى فتشمل الآتي :
1- محاولة بذل الجهد للتقرب منهم وإشعارهم باحترامهم والتقدير لهم وذلك إذا كان التعامل معهم مما ليس منه بد وكما يقول صاحب كتاب 201 طريقة للتعامل مع ذوي الطباع الصعبة: " هؤلاء الحساد يبذلون جم جهدهم في التقليل من شأنك في محاولة منهم للظهور بمظهر جيد فلا تنزلق إلى هذه اللعبة ولتداوم علي التصرف معهم بطريقة متحضرة ولتغير أسلوبك في التعامل معهم بأن تعترف بقدراتهم وتشجعهم على تطوير أنفسهم مهنيا فلن تجني شيئاً من ضمهم إلى خانة الأعداء ولو بذلت جهداً لرفع تقدير شركائك في العمل لأنفسهم فقد تنجح في تعطيل المحرك الأساسي للحسد "
2- الإنفاق والسخاء والهدايا تطفئ نار الحقد :
وفي هذا يقول ابن قدامة:" كان جماعة من السلف إذا بلغهم أن شخصاً اغتابهم أهدوا إليه هدية "
والشيرازي جمع بين الإحسان والصبر في التعامل مع الحساد قائلا:" وعذَّب حسادك بالإحسان إليهم وعود نفسك الصبر على من خانوك من ذوي النصيحة وإن ابتليت من سفيه سفاهة فإياك أن تحتذي مثله وتعارضه بسفه "
3- التبسم وإظهار السرور عند رؤيته والألفة والرفق في التعامل معه لدفع شرهم عنك وذلك مع الاحتراز منهم وأخذ الحيطة في التعامل معهم وفي هذا يقول الشافعي رضي الله عنه:
إني أحيي عدوي عند رؤيته لأدفع الشر عـني بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه كأنما قـد حشي قلبي محبات
الناس داء دواء الناس قربهم وفي اعتزالهم قطـع المودات
وعن النبي (ص)أنه قال : " المؤمن آلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس "
- الطريقة الثانية للتعامل مع من يُخشى ضرره وأذاه من الحاسدين والحاقدين
1- الاستعاذة بالله من الحاقدين والحاسدين :
يقول الشيخ عائض القرني من خاف حاسداً فعليه :
1- بالمعوذات مع الأذكار والدعاء عموماً: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }الفلق:5
2- كتمان أمرك عن الحاسد: {لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ متفرقة}يوسف:67
3- الابتعاد عنه {وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ}الدخان:21
4- الإحسان إليه لكف أذاه:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }المؤمنون:96
2- العقاب إن أظهر حسده قولا أو فعلا أو العفو اختياريا
وفي هذا يقول ابن تيمية: "فالحاسد المبغض للنعمة على من أنعم الله عليه بها ظالم معتد ..وهذا الحسد إن عمل بموجبه صاحبه ( أظهره قولا وفعلاً ) كان ظالماً معتديا مستحقاً للعقوبة إلا أن يتوب"
- ماذا عن المحسود؟ ما موقفه من الحاسد ؟هنا يقول ابن تيمية " وكان المحسود مظلوماً مأموراً بالصبر والتوقي فيصبرعلى أذى الحاسد ويعفو ويصفح عنه كما قال تعالى:)وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة:109
ثم ضرب مثلاً عمليا على الحسد من قصة يوسف uوالذي ابتلي بحسد أخوته وكان من باب المصائب التي من لم يصبر عليها صبر الكرام سلا سلوّ البهائم ولهذا قال تعالي : (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) يوسف:90
وقد ساق لنا الغزالي الحديث القدسي الذي يحث فيه رب العالمين على أن لا نقابل إساءة الآخرين
بمثلها فهذه ليست صفة المؤمنين يقول الله تعالي:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}يونس:57 فلمَ لا تحسنون إلا لمن أحسن إليكم ولا تصلون إلا من وصلكم ولا تكلمون إلا من كلمكم ولا تطعمون إلا من أطعمكم ولا تكرمون إلا من أكرمكم؟ وليس لأحد على أحد فضل إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله الذين يحسنون إلى من أساء إليهم ويصلون من قطعهم ويعفون عمن حرمهم ويكلمون من هجرهم ويكرمون من أهانهم وإني بكم لخبير "
3- الكتمان والستر .
وفي هذا يقول الماوردي:" اعلم أنه بحسب فضل الإنسان وظهور النعمة عليه يكون حسد الناس له فإن كثر فضله كثر حساده وإن قلَّ قلّوا لأن ظهور الفضل يثير الحسد وحدوث النعمة يضاعف الكَمَد ولذلك قال(ص): " استعينوا على قضاء الحوائج بسترها فإن كل ذي نعمة محسود " وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: ما كانت نعمة الله على أحد إلا وجه لها حاسداً
4- عدم الاكتراث لحسدهم والاستعانة بالله في قضاء الأعمال .
وكما ذكر أحدهم "مبديا التغافل" واضعا حداً لهذا العراك بين أولي الفضل والمحرومين منه فقال :
إن يحسدوني فإني غير لائمهم قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بهموا ومـات أكـثـرنـا غيظا بما يجـد !!
ويقول الشاعر العربي في تجاهل السفهاء:
لو أن كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخـر مثقالاً بدينار
5- البعد عنه والاحتراز منه وأن يكثر الإنسان الشكاية منهم لمن فوقهم
فالحقود لا يتورع عن الشر متبجحا به وهناك صنف آخر من الحساد على المرء أن يعدد نعم الله عليه أمامهم ليكشف حقيقتهم وهذا ما أشار إليه الفارابي حين تقسيمه الأعداء إلى صنفين:
أحدهما : ذوو الأضغان والأحقاد وينبغي للمرء أن يحترس منهم كل الاحتراس ويبحث عن أحوالهم ويستطلع أخبارهم بكل ما أمكنه وما اطلع منهم على مكر أو خديعة أو تدبير يدبرونه فليقابلهم بما يناقض تدبيرهم ويكثر الشكاية منهم إلى الرؤساء وأمناء الناس ليعرفوا بعداوته حتى لا تنجح مكايدهم ولا يتفق عليه قولهم فيه وليصيروا متهمين عند الناس في أقوالهم وأفعالهم بما ظهر عند الناس من عداوتهم إياه "
- والصنف الآخر من الأعداء هم الحساد وينبغي للمرء أن يظهر أبداً ما يغيظهم وما يؤذيهم بأن يلقي إليهم ذكر النعم التي يختص بها المرء ليذوّب بها نفوسهم ويحترز مع ذلك من دسيسهم ويحتال لإظهار حسدهم فيه وفي غيره من الناس ليعرفوا بذلك "
3- طلب المساعدة من الآخرين إذا حاول وضع العراقيل الهدامة
هذا ما نصح به أحد الكتاب الغربيين قائلا: "هناك من الأفراد من يعمل على عرقلتك وتدمير أنشطتك ووضع حد لإيقاف ما تحاول أنت إنجازه عن طريق قيامهم بالعديد من المحاولات الهدامة وعلى الأرجح إن ما يدفعهم إلى القيام بذلك هو غضب من جانبهم لأن من تقدم بالفكرة الجديدة هو شخص آخر دونهم وحتى نتأكد من إبطال المفعول السام الذي يوجهه هؤلاء الأشخاص نحوك والطريقة التي تمكنك من ذلك هي اشتراك عدد أكثر من الأفراد في مساعدتك ومن أجل تحجيم العوائق والسيطرة عليها بشكل كامل "
([1]) الأخلاق عند الغزالي صـ224، مختصر منهاج القاصدين صــ185 ، أمراض القلوب وشفاؤها صـ39 .
([4]) مجاني الأدب، ج4/107 نقلاَ عن أبيات للمتنبي وللحريري جرت مجرى الأمثال .
([5]) المرجع السابق، ج3/صـ144 .
([6]) جدد حياتك، محمد الغزالي صـ173 .
([8]) صيد الخاطر، ابن الجوزي صـ450
([10]) السلوك الإنساني بين التفسير الإسلامي وأسس علم النفس المعاصر، د/ عبد المجيد سيد أحمد ، زكريا أحمد ، إسماعيل محمد ص407
([11]) أمراض القلوب وشفاؤها، ابن تيمية صـ38 وما بعدها .
([12]) 201 طريقه للتعامل، صـ16 .
([13]) أمراض القلوب وشفاؤها: ابن تيمية صـ35 ، 36 .
([15]) زهر الآداب وثمر الألباب: للقيرواني صـ183 .
([16]) إحياء علوم الدين، ج3 / 181 .
([17]) الطب الروحاني : ابن الجوزي الباب الثاني عشر
([18]) زهر الآداب، ج3 / 114 .
([19]) زهر الآداب، ج3/ صـ81
([20]) مختصر منهاج القاصدين، صــ189 وما بعدها .
([21]) الأخلاق عند الغزالي، صـ227 .
([22]) الطب الروحاني: فخر الدين الرازي صـ73-78 .
([30]) 201 طريقة للتعامل مع ذوي الطباع الصعبة : ألان اكسيلرور وجيم هولتج صـ16
([31]) مختصر منهاج القاصدين، صـ190 .
([32]) الطب الروحاني، للشيرازي صـ21 ، علم النفس في التراث الإسلامي ج2/صـ69
([33]) أدب الدنيا والدين، صـ132 .
([34])أدب الدنيا والدين ،ص106
([36]) المرجع السابق، صـ142.
([39]) أمراض القلوب وشفاؤها : ابن تيمية صـ32 وما بعدها .
([40]) مجموعة الرسائل للغزالي، صـ611 من كتاب المواعظ في الأحاديث القدسية الموعظة العاشرة .
([41]) أدب الدنيا والدين، صـ199 .
([49]) الموعظة للفارابي، مخطوط ورقة 10 معهد المخطوطات العربية.
([54]) إدارة الوقت: ترجمة دار الفاروق صـ164 .
للوصول الينا ومتابعة كل جديد اكتبي بمحرك البحث (منتدى عـدلات) او (3dlat)
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|