02-09-2016, 07:05 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 357,251
|
|
فن تربية الابناء في الاسلام
* واجب الآباء نحو أبنائهم
1- حسن التربية لهم
قال رسول الله r " ...من كان له ثلاث بنات فأدبهن وأنفق عليهن حتى يمتن أو يبنى بهن أوجب الله له الجنة البتة إلاّ أن يعمل عملاً لا يغفر الله تعالى له(1) فناداه رجل من الأعراب فقال: يا رسول الله أو اثنتين؟ قال: أو اثنتين "
2- إطعامهم من حلال و التوسعة عليهم
يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني في "الغُنية" من حق الولد على والده أن يوسِّع عليه حاله كي لا يفسق" (2) ولكن بشرط ألا يكون ذلك يمثل محور الاهتمام في حياة الإنسان وشغله الشاغل وهذا ما حذر الله تعالى ورسوله منه حين يتحول هذا الأمر إلى فتنة تدفع الإنسان إلى نسيان رسالته في هذه الحياة والوقوع في المعاصي قال الله عز وجل: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) التغابن:14 وقال النبي r :"لا يكن أكثر شغلك بأهلك وولدك فإن يكن أهلك وولدك أولياء الله فإن الله لا يضيع أولياءه و إن يكونوا أعداء الله فهمك شغلك بأعداء الله"(3)
* دور الآباء في تحقيق النضج الاجتماعي لأبنائهم
ومن أهم صفات النضج الاجتماعي التي يستطيع الآباء و المدرسون أن يساعدوا الأطفال على
اكتسابها:
1- الثقة بالنفس 2- الاهتمام بالأفراد الآخرين
3- النأي عن التعصب أي يتميز باتجاهات نفسية قوية سوية حيال نفسه و حيال الآخرين
1- الثقة بالنفس
ومن مظاهر هذه الثقة القدرة على أن يتخذ لنفسه قراراتها لكنه يسعى للنصيحة عندما يحتاج إليها كما يرسم خططًا واضحة لحياته المقبلة ثم يحاول أن يحققها في حياته الواقعية (4)
والمنبع الأول لشعور الطفل بثقته في العالم المحيط به هو حب والديه وحمايتهما له فحاجة الأطفال للحب كحاجتهم للغذاء و الشمس ....و الطفل لا يستطيع أن يكسب ثقته بنفسه إلاّ عندما يشعر أنه محبوب فإذا لم يلق حبًا ولا تشجيعًا حوله فإنه لن يجد في نفسه القوة الكافية ليسير شطر النضج فالذين لا يثقون بأنفسهم لا يقدرون على شيء من الحزم وعزم الأمور و التفكير في تنظيم الحياة تنظيمًا يمتد بها إلى المستقبل ولطالما أصبح الطفل غير المحبوب خائفًا أحيانًا مترددًا أو أمسى جريئًا جرأة تخفي وراءها شعورًا عميقًا بانعدام الحب ليدافع عن نفسه أما الجو العائلي المترع بالحب فإنه يساعد الطفل على أن يتعلم درسه الأول في التعاون والأخذ و العطاء وإدراك ما في الآخرين من خير وهكذا تسير به هذه الأمور جميعًا نحو النضج" (5)
* ومن التشجيع على علو الهمة للأطفال
" ذكر ابن الجوزي أن عبد الملك بن مروان قال لابن الجالوت: ما عندكم من الفراسة في الصبيان قال: ما عندنا فيهم شيء لأنهم يخلقون خلقًا بعد خلق غير أنّا نرمقهم ( نلاحظهم) فإن سمعنا منهم من يقول في لعبه من يكون معي ؟رأيناه ذا همة وحنو صدق فيه و إن سمعناه يقول: مع من أكون؟ كرهناها منه فكان أول ما علم عن ابن الزبير أنه كان ذات يوم يلعب مع الصبيان وهو صبي فمر رجل فصاح عليهم ففروا ومشى ابن الزبير القهقري وقال: يا صبيان اجعلوني أميركم وشدوا بنا عليه ومر به عمر بن الخطاب وهو صبي يلعب مع الصبيان ففروا ووقف فقال له : مالك لم تفر مع أصحابك؟ قال: يا أمير المؤمنين لم أجرم فأخاف ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك" (6)
" وسئلت أعرابية عن ابنها فقالت: أنفع من غيث وأشجع من ليث: يحمي العشيرة ويبيع الذخيرة ويحسن السريرة" وقالت مارية بنت النعمان بن كعب لزوجها لؤي ابن عابد : أي أولادك أحب إليك؟ قال: الذي لا يرد بسطة يده بخل ولا يلوي لسانه عمى ولا يغير طبعه سفه" (7)
* التربية الاستقلالية
إن التربية في بيوتنا ومدارسنا تربية اتكالية لا تعرف معنى الثقة والاعتماد على النفس في التفكير و القول والعمل قال صلي الله عليه وسلم :" لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت و إن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا و إن أساءوا ألا تسيئوا معهم" والإمعة الرجل الذي يتابع غيره في رأيه ولا يثبت على رأي و الذي نتج عن التربية الخاطئة التي تنافي التربية الاستقلالية منذ الصغر حيث أهملت ميوله وغرائزه وعقليته وأخلاقه وإرادته وأضعفت مواهبه وصرنا لا نفكر إلا في المظاهر والأمور الشكلية ولن ينجح الإنسان في أي عمل إلا إذا علمناه منذ طفولته الاعتماد على نفسه في أداء ذلك العمل والانتفاع بقواه الشخصية والثقة بقدرته على القيام بما يحتاج إليه من غير أن يلجأ إلى سواه إلاّ عند الحاجة و الضرورة وفي المثل العربي" ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك"ولكن للأسف إننا اعتدنا التفكير الجمعي لا التفكير الاستقلالي وافتقدنا بالتالي قدرتنا على القيام بأعباء الحياة وأداء الواجب نحو أنفسنا ونحو مجتمعنا بشجاعة وثقة (8)
أساليب تربوية خاطئة تعوق بناء الشخصية القوية عند الطفل
1- أسلوب التسلط والاستبداد في معاملة الطفل
لقد أسفرت الأبحاث في مجتمعنا على أن السلطة في الأسرة تُمارس على أساس فردي فهي إما أن تكون في يد الرجل وهو الأغلب أو في يد المرأة ولكن يندر أن تقوم على أساس المشاركة و التعاون و يتضح هذا في مواقف مثل الإنفاق واختيار الزوج للعروس كما تتضح أيضًا في حسم الخلافات التي قد تظهر في جو الأسرة وكذلك في حرية الطلاق بالنسبة للجنسين ولا شك أن تركز السلطة في فرد الأب (أو بديله) خلق جوًا يعطل تنمية القدرات المختلفة للفرد ويدعم الانصياع والسلبية كما يدعم التوحد مع السلطة والقيام بدورها التسلطي عند مواجهته لمن هم دونه. كما نجم عن هذا الوضع التسلطي خضوع المرأة الذي وقف حائلاً أمام قيامها بدورها الصحيح في تربية أبنائها وعطّل من قدرتها على الانطلاق و التعبير فشلّ نصف الأمة عن البذل والكفاح في سبيل التقدم كما أساء إلى تربية الجيل الجديد حيث أسهم هذا التمايز بين الأب و الأم في الأدوار إلى أنه عند غيابهم يحل الولد محل الأب ودور البنت محل الأم. كما أن هذا الجو التسلطي أثّر في تكوين شخصيات الأطفال من البنين و البنات وتم تطبيعهم على الخضوع والاستكانة كما اقتبس الذكور من الأطفال أسلوب الأب في معاملتهم لزوجاتهم في المستقبل لأنهم شبوا على جو تتعرض فيه الأم ( الزوجة) دائمًا للتهديد من جانب الأب ودعم مثل هذا الموقف القيم التي تحط من قيمة المرأة في علاقاتها بالرجل وتصورها على أنها تابعة له وخاضعة لأهوائه (9)
2- من القيم الاجتماعية التي ينبغي أن تمحي عدم التكافؤ في الحقوق المنوحة لأفراد الأسرة فبالإضافة إلى ما سبق ذكره من تركز السلطة في يد الرجل دون المرأة فإنها أيضًا تكون للأكبر سنًا دون الأصغر ومثل هذا الموقف يوضح التناقضات في معاملة الآباء للأبناء وتفضيل هؤلاء على أولئك من حيث السن أو الجنس وهذا يؤدي إلى إحساس الأخ الأكبر بالغرور والأخ الأصغر بالحقد أو الضآلة وإن كان ذلك في مستوى اللاشعور ومثل هذه الإحساسات تتولد في شخصية البنات سواء في علاقاتهن بأخواتهم أو بأخواتهن على أساس اختلاف الجنس أو السن من هنا كان لابد أن تكون تربيتنا لأطفالنا أو عملية تطبيعنا الاجتماعي لهم لابد أن تتم في ظروف وتحت شروط غير تلك الظروف والشروط السائدة حاليًا (10)
وعن النتيجة الحتمية لهذا الأسلوب التسلطي أن يصير الطفل ضعيف الشخصية سلبيا دائم الخوف مترددا غير واثق من نفسه، أما العلاج فيكمن في معاملته برفق وتسامح وتقبل سلوكه وتشجيعه وتعوده على المناقشة وإبداء الرأي وتنمية الثقة بالنفس ومساعدته على الإنجاز وتقديره والاهتمام بأعماله وعدم تكلفته مالا يطيق (11)
* تنمية الثقة بالنفس عند الطفل كيف تتم؟
1- الحرية مع التوجيه
يحتاج الأطفال في نموهم للحرية لكنهم يحتاجون أيضًا إلى الضبط و النظام ليتعلموا كيف يعيشون في سلام مع الآخرين ومما يعد دليلاً على حاجة الطفل للضبط و النظام و أن المغالاة في منح الطفل حريته واستقلاله قد تصبح مفزعة مخيفة إذا لم يصاحبها نمو في الضمير تميز الخير من الشر وهو في ذلك يحتاج إلى نموذج خاص يقتدي به ريثما ينضج ضميره و أيا كانت استجاباتهم لنصحنا فإنهم رغم كل ذلك يعتمدون على هذا النصح وتلك الهداية ولذا فمن حق الطفل علينا أن نصارحه بأسباب الأمور التي نضطر إلى أدائها رغما عنه وأننا نعلم حقيقة شعوره ونهتم بالأمور التي يقوم بها وحينما يدرك أننا بجانبه ولا نعارضه لمجرد المعارضة فإنه غالبًا ما يبذل جهدًا صادقًا أكيدًا في أداء ما نصحناه به فإذا شرحت للطفل كيف يؤذيه سلوكه هذا ويؤذي معه الآخرين فإنه لن يجد صعوبة ما في فهم الحدود التي تعلمها له وبهذه المعلومات يصبح الطفل أكثر تهيؤا واستعدادًا لمواجهة مثل تلك المواقف بنفسه وهكذا نكون قد خطونا به نحو الاعتماد الصحيح على النفس (12) بالإضافة إلى إعطائه الفرصة ليقوم بالأعمال البسيطة بنفسه وتشجيعه عليها كل ذلك يسرع بالتقدم الذي نرجوه.
2- أهمية التعلم من الأخطاء
إن الأطفال يتعلمون من أخطائهم و إذا كان ارتكابهم لبعض الأخطاء قد يؤدي إلى زعزعة ثقتهم بأنفسهم فهنا يجب علينا أن نتدخل في الأمر ونحول بين الأطفال وبين أخطائهم التي تربكهم أو تذلهم أو تؤذي أجسامهم أما في المشاكل العادية فيجب أن ينال الطفل خبرات كافية في تحمل المسئولية وحل المشاكل بطريقته الخاصة وأن نجعله يشعر بحب والديه و باستعدادهما لمساعدته عندما يحتاج للمساعدة فالأب العاقل الحكيم لا يقول لطفله إنه خبيث أو إنه شرير بل يناقش أخطاءه معه ويشركه في تحمل مسئولية إصلاح تلك الأخطاء (13)
3-اتخاذ القرارات
يجب أن نعطي الأطفال القدرة على الحرية في اتخاذ قرارتهم ونبتعد عن العادة السيئة التي تخول بها أغلب الأمهات لأنفسهن البت في جميع الأمور التي تتعلق بأطفالهن حتى بعد أن يتجاوزوا مرحلة الطفولة وبذلك يتم إعاقة النمو الانفعالي والاجتماعي لأطفالهن كما أن إنسانًا كائنًا من كان لا يستطيع أن يستمر طوال حياته في التفكير لغيره وعلاج مشاكله (14)
4- الأمور المالية
وقدرة الفرد على أن يكسب لنفسه مالا وأن يقتصد جزءًا منه وأن ينفق الجزء الآخر إنفاقًا حكيمًا سمة هامة من سمات النضج ، وحينما يحصل الأطفال على أموال ليدبروا بها بعض أمرهم فإنهم بذلك يتذوقون لونًا من الألوان البسيطة لمسئوليات الراشدين و الطريقة المثلى لتعليم الأبناء الأمور الاقتصادية هي أن نكفل للطفل هذه الخبرة بأن:
1- نعطيه مرتبًا يناسبه لمدة معينة مثلاً .
2- نهديه إلى بعض السبل لصرف الأموال .
3- نرشده إلى وسائل الإنفاق الصحيحة .
4- نشجعه على أن يفتح له حسابًا في أحد المصارف أو اقتصاد جزء من ماله في صندوق الادخار بصفة منتظمة .
أما إقحامنا أنفسنا في أمور الطفل المالية في كل وقت يطلب منا نقودًا يحول بينه وبين فرصته السانحة في أن يعلِّم نفسه بنفسه .
بالإضافة إلى ذلك فحينما يفصح لك الطفل عن قدرته وتهيؤه لاكتساب بعض المال ساعده بأن تجد له عملا يشغل به بعض وقته في الكسب وفي مقدور الأطفال أن ينظموا ميزانيتهم تنظيمًا حسنًا إذا أتحت لهم عملاً منتظمًا لا أعمالاً متفرقة (15) وهكذا يمسي وقد حقق لذاته بعض دعائمها وعليه أيضا أن يعرف حق المحرومين والبؤساء عليه وخير له أن يمنح ويعطي ليعلم ما يحققه المال لصاحبه من سعادة وهناءة وعلى الآباء أن يرشدوهم إلى فعل الخير والإحسان فالتبرعات المدرسية والهلال الأحمر...كلها أمثلة تهدي الآباء للفرص المناسبة لتوجيه الأبناء لمعرفة قيمة البذل والعطاء (16)
* منشأ قوة الإرادة عند الطفل
قوة الإرادة هي فضيلة من الفضائل وهي من الأمور المكتسبة التي يحصل عليها المرء بالتجارب والتعود وضبط النفس وبذل الجهد ضروريًا في قوة الإرادة والإنسان يعرف بأن قويّ الإرادة حين يقدم على الأعمال التي يعتقد أنها نافعة ويستمر في عمله حتى يتمه غير متأثر بالمغريات الخارجية ولا مكترث للصعاب التي تصادفه ولا يخضع لشهواته وميوله الشخصية ولا يستسلم لهواه الضال بل يحسن قياده ويسعى سعيًا حثيثًا في القضاء عليه وقلما نجد بين مشهوري الرجال وعظماء التاريخ من لم يكن قويّ الإرادة لاسيما الأنبياء عليهم الصلاة و السلام وقادة الجيوش وساسة الأمم وقد كان النبي (ص) مثلاً أعلى في قوة الإرادة يدل على ذلك قوله لعمه أبي طالب حينما أراد قومه أن يكف عن دعوتهم إلى دين الإسلام : " و الله يا عمي لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر ما فعلت حتى يظهره الله أو أهلك دونه (17) وعلى هذا فالشخص الذي ينفذ رغبته ويحولها إلى عمل بدون تردد ولا تشكك يسمى قويّ الإرادة أما الذي يعتريه التردد في أمره و التشكك في عزيمته ويقدم رجلاً و يؤخر أخرى في أعماله فيسمى ضعيف الإرادة.
* أسباب ضعف الإرادة عند الطفل
1- عدم وجود الباعث النفسي على العمل .
2- ضعف العزيمة وعدم الثقة بالنفس أو بالنتيجة .
3- العجز عن تنفيذ العمل أو وجود مانع قوي يمنع من العمل كمرض عصبي مثلاً عند الطفل .
* علاج ضعف الإرادة
1- علينا أن نزود الأطفال بالأفكار الصالحة التي تحملهم على العمل وتحويل هذه الأفكار الصالحة إلى عمل بدون تردد وبذلك نعودهم قوة الإرادة و أن نجعل من أنفسنا مثلاً عليا في قوة الإرادة.
2- أن نربي في نفوسهم قوة الانتباه إلى كل فكرة صالحة فيها وفي طرق تنفيذها تفكيرًا جديًا .
3- أن نحملهم المسئولية أحيانا ونعهد إليهم ببعض الأعمال التي تحتاج إلى مجهود ويكون رائده في ذلك التنشيط والتشجيع لا تثبيط العزائم.
4- أن نعوّد ضعاف الإرادة الإقدام ولوفي الأمور الصغيرة في أول الأمر ثم ينتقل بهم إلى غيرها حتى تصبح قوة الإرادة ديدنا لهم وعادة راسخة في نفوسهم .
5- أن نذكر ما للعواطف وقوتها من الأثر في تقوية الإرادة فينمي العواطف المستحسنة بإيجاد الفرص المثيرة لها حتى تثبت في النفس وتصير من عناصر الشخصية فتصدر عنها الأعمال الصالحة دون تردد.
6- أن نعودهم ضبط النفس الذي هو عنصر هام من عناصر قوة الإرادة ومظهر من مظاهرها (18)
ولكن في مقابل ما سبق فهناك أطفال يمتازون بإرادة طائشة حيث يندفعون للأعمال التي قد تضرهم دون تفكير ولا تروي ولا يتقبل النصائح وقد يندفع إلى عمل ولكن لا يلبث أن ينتقل إلى عمل آخر ولعلاج هذه الإرادة الطائشة يجب على المربي أن يبذل الجهد في حسن قيادها عن طريق:
1- إذا كان الجموح ناشئًا عن قلق أو تعب أو اضطراب وجب علينا أن نترك الطفل حتى يستريح ويعود إليه هدوؤه ونشاطه.
2- إذا كان الطفل ميالاً إلى العناد و المشاكسة اتخذنا معه الحزم و الحكمة حتى يترك عناده ويعود إلى رشده .
3- إذا كان الجموح ناشئًا عن عدم الرغبة في العمل كان من الضروري أن يدخل في العمل عنصر مشوق يبعث فيه الرغبة والإقبال .
4- و إذا كان ناشئًا عن نقص في تكوين المخ استشرنا الطبيب واستعنا به على علاجه (19)
وما سبق قد يسمى " شقاوة أطفال" والتي قد نسهم نحن الآباء بنصيب كبير فيها حين نعوِّد أطفالنا الحصول على كل شيء يريدونه وتحقيق كل رغبة من رغباتهم و النتيجة أن الطفل قد يتعود إذا لم تُحقق له رغبته أن يملأ الجو بكاءً وصياحًا وقد يأتي يوم يطلب فيه المحال وقد لا يمكن تلبية رغباته وهو لا ينتظر منك هذا الرفض فيتألم كل الألم .
ومن الوسائل التي أشار إليها علماؤنا في تربية أطفالنا ليشبوا وهم ذوو نفوس صالحة قوية:
1- استعمال وسائل التشجيع و المدح
وفي هذا يقول الغزالي : " مهما ظهر من الصبي خلق جميل وفعل محمود فإنه ينبغي أن يُكرم عليه ويُجازى عليه بما يفرح ويمدح بين أظُهر الناس" لكن ماذا نفعل مع الطفل إذا ارتكب سوءًا واقتضى ذلك العقاب عليه هنا يوضح الغزالي لنا المراحل التي يلزم اتباعها معه في حالة الخطأ وهي كما يقول: " فإن غافل ذلك في بعض الأحوال ( أي بعد عن الفعل الحسن وارتكب سوءًا) مرة واحدة ينبغي أن يتغافل عنه ولا يهتك ستره ولا يكاشفه .... ولاسيما إذا ستره الصبي واجتهد في إخفائه وإن عاد ثانية ينبغي أن يُعاتب سرًا ويقال له إياك أن تعود بعد ذلك لمثل هذا فتفتضح بين الناس " (20)
2- السماح للأطفال بالمناقشة وإبداء الرأي
إذا كان حسن الاستماع إلى الطفل ومنحه الحرية في مناقشة كل ما يعنّ له من أمور يُعد من أحد دعائم بناء الثقة بالنفس عنده فإننا نجد في تراثنا الكثير من النماذج العملية لذلك حتى في المواقف العصيبة التي يسيطر فيها الغضب.
" فقد ذكر ابن الجوزي إن إياس بن معاوية تقدم وهو صبي إلى قاضي دمشق ومعه شيخ فقال: أصلح الله القاضي هذا الشيخ ظلمني و اعتدى علىّ وأخذ مالي فقال القاضي: ارفق به ولا تستقبل الشيخ بمثل هذا الكلام فقال إياس : أصلح الله القاضي إن الحق أكبر مني ومنه ومنك قال: اسكت قال:إن سكت فمن يقوم بحجتي؟ قال: تكلم بخير فقال : لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له فرفع صاحب الخبر هذا الخبر فعُزل القاضي وولُيَّ إياس مكانه (21)
وابن النديم في كتابه تذكرة الآباء – الباب العاشر جعله بعنوان : في ذكر كلام الصبيان ونستخلص منه أنه يجب الاستماع إلى كلام الأطفال الصغار في ردهم على بعض المواقف التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال ومن أمثلة هذه المواقف : أن أعرابي عاتب ابنه وذكرّه حقه فقال: يا أبت إن عظيم حقك عليّ لا يبطل صغير حقي عليك" والباب يحمل الكثير من المفاهيم السيكولوجية مثل سعة الأفق و الخيال (22)
3- مراعاة الرأفة و الرحمة في العقوبة
ولأن أسلوب القسوة في معاقبة الطفل تسهم بشكل واضح في محو شخصيته وكان علماء الإسلام على وعي بذلك فوجدنا: " المربون في الإسلام كرهوا التشديد على الصبيان ونصحوا بالرفق واللين وقد وقف القابسي بالسؤال الذي أجاب عنه ابن خلدون، وابن سحنون وأجاب عنه بمثل ما أجابوا فقال: فقولك هل يستحب للمعلم التشديد على الصبيان أو ترى أن يرفق بهم؟...فهو يسوسهم في كل ذلك بما ينفعهم ولا يخرجه ذلك من حسن رفقه بهم ولا من رحمته إياهم فإنما هو لهم عوض عن آبائهم" (23)
* حفظ كرامة الطفل عند عقوبته
هناك وسائل أشار إليها علماؤنا لمعاقبة الطفل عند خطأه وهي في نفس الوقت لا تجرح كرامته فمثلا:
ينبغي استعمال اللوم والتوبيخ بحكمة : وفي هذا يقول الغزالي : " لا تكثر القول عليه بالعتاب في كل حين فإنه يهون عليه سماع الملامة و ركوب القبائح ويسقط وقع الكلام من قلبه وليكن الأب حافظًا هيبة الكلام معه فلا يوبخه إلاّ أحيانًا و الأم تخوفه بالأب وتزجره عن القبائح" (24) أما إظهار الرحمة به والعطف والحنان له فإنه يأتي بنتيجة إيجابية حتى في مواقف الغضب منه
* ملاحظة الفروق الفردية عند ممارسة العقاب
- فلقد أكد أطباء الصحة النفسية للطفل على أن قضية التدليل الزائد سببها الوالدان أو القائمون على التوجيه و الطفل لا ذنب له أبدًا ولا ينبغي الغضب منه فقناعات الوالدين الخاطئة يجب مواجهتهما بها ومن هذه القناعات:
1- "خليهم يعملوا اللي هما عايزينه علشان ما يطلعوش معقدين" ( وهذا التفكير سيجعلهم فاسدين أو غير متحملين للمسئولية )
2- "بكرة يكبروا ويعقلوا" ( من شب على شيء شاب عليه )
3- "لازم نسعد أولادنا ونهنيهم"( يبقى نهلك روحنا – هناء الأولاد مرتبط بإبعادهم عن الضرر وتعليمهم مواجهة الحياة حيث إن الطفل المدلل غير قابل لتعلم النظام أو تطوير مهاراته أو عمل أي شيء)
وعن مواجهة الأسلوب الخاطئ الذي يتبعه هذان الوالدان مع أبنائهم فإنه ينبغي اتهامهم أنهم أول من سيواجه العواقب الوخيمة عندما يتطاول عليهم الأولاد وسيلحقهم اللوم و المذلة من الآخرين
( معرفتوش تربوا أولادكم ) و الطفل المدلل يجعل إخوته يغارون منه جدًا وعلاقتهم مع بعضهم البعض في الكبر ستكون سيئة جدًا ولذا وجب محاولة كسب ثقة الطفل وحبه وتوجيهه بعد كسب ثقته وتشجيع الطفل على النضج و تحمل المسئولية وإذا كان أحد الوالدين غير مدرك لهذه الحقيقة فعلى الوالد المتفهم عدم الدخول في مشاكل مع الطرف الآخر لأن ذلك سيعقد الموقف" (25)
1- رواه أحمد 3/42 و الترمذي 1912 وأبو الدرداء 5147
2- الأبشيهي، ص 422
3- تذكرة الآباء ابن النديم ، تحقيق علاء عبد الوهاب محمد القاهرة مكتبة التوعية الإسلامية من علم النفس في التراث ج3 / ص 43
4- المرجع السابق، ص 27
5- التربية الاجتماعية للأطفال، ص 45
6- الأذكياء: لابن الجوزي ص 150 ، 151
7- تذكرة الآباء، ص 29 – 39
8- كيف نربي أطفالنا: د. محمد عماد الدين إسماعيل د. نجيب اسكندر، د. رشدي منصور، ص 383 – 389 دار النهضة القريبة
9- كيف نربي أطفالنا ، ص 388 - 392
10- المرجع السابق، ص 394
11- الصحة النفسية للطفل: د. حاتم محمد مستشار الطب النفسي للطفل ص 86 مؤسسة اقرأ للنشر و التوزيع
12- التربية الاجتماعية للأطفال، ص 55 - 57
13- المرجع السابق، ص 59 - 60
14- المرجع السابق، ص 60 وما بعدها
15- التربية الاجتماعية للأطفال ، ص 64 ، 65
16- المرجع السابق، ص 65 ، 66
17- الطفولة صانعة المستقبل ، ص 155 ، 157
18- المرجع السابق، ص 154 ، 155
19- الطفولة صانعة المستقبل، ص 152 ، 153
20- إحياء علوم الدين: للغزالي ج3/ ص 63
21- الأذكياء : ص 153
22- علم النفس في التراث الإسلامي، ج3/ ص 46
23- التربية في الإسلام: أحمد فؤاد الأهواني ص152
24- إحياء علوم الدين، ج3 / ص 63 ( بيان الطريق في رياضة الصبيان في أول نشوئهم
25- الحكم و الأمثال: للعسكري ص 71 باب التأديب و التعليم و التثقيف و الضرب
* الفضيل بن عياض شيخ الحرم المكي من أكابر العباد الصلحاء كان ثقة في الحديث أخذ عنه كثيرون منهم الإمام الشافعي .
للوصول الينا ومتابعة كل جديد اكتبي بمحرك البحث (منتدى عـدلات) او (3dlat)
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|