09-07-2015, 07:27 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 356,970
|
|
تفسير سورة يوسف الآيات (68- 72)
تفسير سورة يوسف الآيات (68- 72)
تفسير الآيات (68- 72):
{وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68) وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)}
.شرح الكلمات:
{إلا حاجة في نفس يعقوب}: هي إرادة دفع العين عن أولادة شفقة عليهم.
{آوى إليه أخاه}: أي ضمه إليه أثناء الأكل وأثناء المبيت.
{فلا تبتئس}: أي لا تحزن.
{جعل السقاية}: أي صاع الملك وهو من ذهب كان يشرب فيه ثم جعله مكيالاً يكيل به.
{أذن مؤذن}: نادى منادى.
{أيتها العير}: أي القافلة.
{صواع الملك}: أي صاع الملك. فالصاع والصواع بمعنى واحد.
{وأنا به زعيم}: أي بالحمل كفيل.
.معنى الآيات:
{ وَلَمَّا } ذهبوا و { دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ } ذلك الفعل { يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا } وهو موجب الشفقة والمحبة للأولاد، فحصل له في ذلك نوع طمأنينة، وقضاء لما في خاطره.
وليس هذا قصورا في علمه، فإنه من الرسل الكرام والعلماء الربانيين، ولهذا قال عنه: { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ } أي: لصاحب علم عظيم { لِمَا عَلَّمْنَاهُ } أي: لتعليمنا إياه، لا بحوله وقوته أدركه، بل بفضل الله وتعليمه، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } عواقب الأمور ودقائق الأشياء وكذلك أهل العلم منهم، يخفى عليهم من العلم وأحكامه ولوازمه شيء كثير.
{وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى? يُوسُفَ آوَى? إِلَيْهِ أَخَاهُ ? قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
أي: لما دخل إخوة يوسف على يوسف { آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ } أي: شقيقه وهو "بنيامين" الذي أمرهم بالإتيان به، و ضمه إليه، واختصه من بين إخوته، وأخبره بحقيقة الحال، و { قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ } أي: لا تحزن { بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } فإن العاقبة خير لنا، ثم خبره بما يريد أن يصنع ويتحيل لبقائه عنده إلى أن ينتهي الأمر.
{فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}
{ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } أي: كال لكل واحد من إخوته، ومن جملتهم أخوه هذا. { جَعَلَ السِّقَايَةَ } وهو: الإناء الذي يشرب به، ويكال فيه { فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ } أوعوا متاعهم، فلما انطلقوا ذاهبين، { أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } ولعل هذا المؤذن، لم يعلم بحقيقة الحال.
{قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ}
{ قَالُوا } أي: إخوة يوسف { وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ } لإبعاد التهمة، فإن السارق ليس له همٌّ إلا البعد والانطلاق عمن سرق منه، لتسلم له سرقته، وهؤلاء جاءوا مقبلين إليهم، ليس لهم همٌّ إلا إزالة التهمة التي رموا بها عنهم، فقالوا في هذه الحال: { مَاذَا تَفْقِدُونَ } ولم يقولوا: "ما الذي سرقنا" لجزمهم بأنهم براء من السرقة.
{قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}
{ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } أي: أجرة له على وجدانه { وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ } أي: كفيل، وهذا يقوله المؤذن المتفقد.
فى ظلال الآيات:
(وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). .
•ونجد السياق هنا يعجل بضم يوسف لأخيه في المأوى , وإطلاعه على أنه أخوه ; ودعوته لأن يترك من خاطره ذكرى ما فعله إخوته به من قبل , وهي ذكرى لا بد كان يبتئس لها الصغير كلما علمها من البيت الذي كان يعيش فيه . فما كان يمكن أن تكون مكتومة عنه في وسطه في أرض كنعان .
•يعجل السياق بهذا , بينما الطبيعي والمفهوم أن هذا لم يحدث فور دخولهم على يوسف . ولكن بعد أن اختلى يوسف بأخيه . ولكن هذا ولا شك كان أول خاطر ساور يوسف عند دخولهم عليه , وعند رؤيته لأخيه , بعد الفراق الطويل .
•ومن ثم جعله السياق أول عمل لأنه كان أول خاطر . وهذه من دقائق التعبير في هذا الكتاب العجيب ! ويطوي السياق كذلك فترة الضيافة , وما دار فيها بين يوسف وإخوته , ليعرض مشهد الرحيل الأخير . فنطلع على تدبير يوسف ليحتفظ بأخيه , ريثما يتلقى إخوته درسا أو دروسا ضرورية لهم , وضرورية للناس في كل زمان ومكان:
(فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)}
_وهو مشهد مثير , حافل بالانفعالات والمفاجآت ,
_فمن وراء الستار يدس يوسف كأس الملك - وهي عادة من الذهب - وقيل:إنها كانت تستخدم للشراب , ويستخدم قعرها الداخل المجوف من الناحية الأخرى في كيل القمح , لندرته وعزته في تلك المجاعة . يدسها في الرحل المخصص لأخيه , تنفيذا لتدبير خاص ألهمه الله له وسنعلمه بعد قليل .
_ثم ينادي مناد بصوت مرتفع , في صيغة إعلان عام , وهم منصرفون:
(أيتها العير إنكم لسارقون). .
_ويرتاع إخوة يوسف لهذا النداء الذي يتهمهم بالسرقة - وهم أبناء يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - فيعودون أدراجهم يتبينون الأمر المريب:
(قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ؟؟).
_قال الغلمان الذين يتولون تجهيز الرحال , أو الحراس ومنهم هذا الذي أذاع بالإعلان:
(قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ). .
_وأعلن المؤذن أن هناك مكافأة لمن يحضره متطوعا . وهي مكافأة ثمينة في هذه الظروف:
_(وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ)من القمح العزيز ( وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ). . أي كفيل .
ولكن القوم مستيقنون من براءتهم , فهم لم يسرقوا , وما جاءوا ليسرقوا وليجترحوا هذا الفساد الذي يخلخل الثقة والعلاقات في المجتمعات , فهم يقسمون واثقين:
(قالوا:تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض). .
فقدو علمتم من حالنا ومظهرنا ونسبنا أننا لا نجترح هذا . .
(وما كنا سارقين). . أصلا فما يقع منا مثل هذا الفعل الشنيع .
.من هداية الآيات:
1- بيان فضل العلم وأهله.
2- تقرير حقيقة وهي أن أكثر الناس لا يعلمون.
3- حسن تدبير يوسف للإِبقاء على أخيه معه بعد ذهاب إخوته.
4- مشروعية إعطاء المكافآت لمن يقوم بعمل معين وهي الجعالة في الفقه.
5- مشروعية الكفالة والكفيل غارم.
فوائد:
قوله تعالى? قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ? [يوسف: 72] فيه حكم فقهى وهو الجِعالة
تعريفها:
لغة: الجعالة - بتثليث الجيم - أو الجعل أو الجعلية: هي ما يُعطاه الإنسان على أمر يفعله.
واصطلاحًا: هي التزام عِوَض معلوم على عمل معين أو مجهول عسر عمله.
مثالها:
قول القائل: مَن ردَّ عليَّ دابَّتي الشاردة أو متاعي الضائع فله كذا، ومنها ما يخصص من المكافآت لأوائل الناجحين، ومنها الالتزام بمبلغ معين لطبيب يشفي مريضًا، أو لمعلِّم يحفِّظ ابنه القرآن.
تجوز الجعالة عند الجمهور؛ بدليل قوله - تعالى -:
? قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ? [يوسف: 72]، وبدليل ما جاء في السُّنة من أخذ الأجرة على الرُّقْية بالفاتحة في اللَّدِيغ، فلما سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ضحِك وقال:
((وما أدراك أنها رقية؟! خُذوها واضرِبوا لي فيها بسهم))[3].
المصدر: منتدى عدلات
للوصول الينا ومتابعة كل جديد اكتبي بمحرك البحث (منتدى عـدلات) او (3dlat)
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|