06-29-2015, 06:37 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,532
|
|
أدمان التوتر
مهما كانت أفكارك عن التوتر، فإن الحقيقة أن كيمياء الجسم تتغير بشكل أساسي في كل وقت يتفاعل الإنسان معها. يبدأ التوتر عمله في المخ. فنحن نستجيب للمواقف التي تتطلب منا انتباهاً فورياً، مثلاً: طفل صغير يسير قريباً جداً من الطريق، أو سيارة مسرعة تقترب منا، أو موعد نهائي يصعب اللحاق به، أو رد فعل عدائي من أحد الأشخاص، أو اضطرارك إلى الاتصال بمدير البنك ليسهل لك سحب مبلغ أكبر من رصيدك. هذه الإشارات السريعة تحفز الغدة الكظرية (الموجودة أعلى كل كلية في الظهر) لتفرز هرمون الأدرينالين. وفي خلال ثوانٍ ينبض قلبك بقوة، ويتغير معدل تنفسك، وتنطلق احتياطيات الجلوكوز إلى دمك، وتتوتر عضلاتك، وتتسع حدقتا عينيك، وتزداد كثافة دمك.
ولربما تسأل: هل لهذا كله علاقة باتصالك بمدير البنك؟ والإجابة عن ذلك: القليل جداً. ولكن قبل أيام من تسهيل السحب اقتضت معظم المواقف الضاغطة استجابة جسدية وهذا ما يفعله الأدرينالين. فهو يجعلك جاهزاً إما للقتال وإما الهرب. ومتوسط كمية الأدرينالين التي تفرز في جسم سائق تعطلت سيارته في زحام المرور تكون كافية لتجعله يجري لمسافة ميل. وهذا سبب إطلاق الجلوكوز بكثافة، في الأغلب بتفكيك الجليكوجين المخزن في العضلات والكبد.
ولكي تحصل الخلايا على الوقود (وهو سكر الدم أو الجلوكوز) يفرز البنكرياس هرموني: الإنسولين والجلوكاجون. يساعد الإنسولين على حمل الوقود خارج الدم، بينما يزيد الجلوكاجون سكر الدم إذا انخفض مستواه جداً. وهناك مادة أخرى يكونها الكبد تسمى “عامل تحمل الجلوكوز” تعمل على تدعيم فعالية الإنسولين. كل هذا يحدث كرد فعل للأفكار المسببة للتوتر.
ولربما تعجب من أين تأتي كل هذه الطاقة الزائدة واليقظة العالية؟ والجواب أنها تتحول من عمليات ترميم الجسم الطبيعية وأشغال الصيانة، مثل: الهضم والتطهير والتجديد. لذلك فأنت في كل لحظة تبدد قوتك تحت وطأة التوتر، وتسرع عمليات الشيخوخة في جسمك، حتى إن التفكير في هذا الأمر يُعد أمراً مسبباً للتوتر في حد ذاته! إلا أن تأثيرات التوتر طويل الأمد تكون تدريجية. تخيل أن غدتك النخامية والكظرية وبنكرياسك وكبدك تضخ باستمرار الهرمونات لضبط مستوى السكر في حين أنك لست في حاجة لهذا الضبط. ويشبه جسمك السيارة التي تقاد بسرعة كبيرة، إذ يفقد توازنه سريعاً وتبدأ أجزاؤه في الإنهاك والتلف.
مخاطر سكر الدم
نتيجة لما سبق ينخفض مستوى الطاقة لديك، وتفقد تركيزك، وتصبح مشوشاً، وتصاب بنوبات من الإجهاد الذهني، وتشعر بالرغبة في النوم بعد الأكل، وتصبح متوتراً ومرتبكاً، ولا تستطيع النوم، ولا يمكنك الاستيقاظ، وتعرق كثيراً، وتشكو الصداع… هل هذا هو المألوف؟ وكمحاولة لإعادة السيطرة على الأمور يلجأ معظم الناس إلى المنبهات، هذه المنبهات قد تكون جائزة شرعاً أو غير جائزة. فالمنبهات الشرعية تشمل القهوة (تحتوي على الثيوبرومين والثيوفيللين والكافيين)، والشاي (يحتوي على الكافيين)، والمشروبات الفوارة الحلوة بما فيها الليوكوزاد Lucozade (تحتوي على الكافيين)، والشيكولاتة (تحتوي على الثيوفيللين)، والسجائر (تحتوي على النيكوتين)، والمنبهات النفسية وتشمل طلب الحصول على وظيفة، والتسالي الخطرة، وأفلام الرعب، والروايات المثيرة، والصدمات العاطفية؛ أو أي شيء يضعك على حافة الهاوية. أما المنبهات غير الشرعية فتشمل الأمفيتامينات والكوكايين وعمليات السطو والجرائم. والعيش دوماً مع المنبهات يجعل من الصعب جداً تحقيق الاسترخاء. وكثير من الناس يقاومون ذلك عن طريق استعمال المرخيات مثل الكحوليات والأقراص المنومة والمهدئات والحشيش وهكذا. وبينما يكون التأثير العاجل لهذه المواد هو الاسترخاء إلا أن التأثير بعيد المدى يكون في الغالب التوتر والقلق.
إدمان التوتر
بالطبع، لا تستطيع أن تعيش هكذا باستمرار، لذا يشعر معظم الناس بالإنهاك والتعب ويتحتم عليهم الانطلاق إلى الشواطئ علهم يجدون الشفاء. وعندما ينتظرون في صالة المطار، هل توجد طريقة للاسترخاء أفضل من قراءة رواية؟ الغلاف الخلفي يقول: “قتل، ألغاز، طمع، رغبة، ترقب مثير”. يبدو هذا جيداً، وبعد ساعتين عصيبتين من القتل الخيالي والألغاز والدسائس على الشاطئ، فقد حان الوقت لبعض الإثارة الحقيقية؛ ربما بممارسة رياضة المراكب الشراعية أو التزحلق على الماء. إذن ما الشيء الذي نبحث عنه؟
في مقابلة مع “إيفل نيفيل” في غرفة القيادة لدراجته الصاروخية، سأله أحدهم: لمَ تفعل ذلك؟ أجاب “إيفل”: عندما أكون سابحاً في الهواء، هناك لحظة أعيشها من السلام المطلق. أغلق “إيفل” الفتحة وضغط على الزر، وفي خلال لحظات هبط الصاروخ على جانبي الوادي الكبير. وكانت أول مرة سمعت فيها هذه القصة أثناء مقدمة لإحدى الدورات الدراسية عن التأمل. إذ ختم المتحدث كلامه قائلاً: “لابد أن يكون هناك طريقة أسهل من هذه”. النقطة الرئيسية هي أن كثيراً من الناس يصبحون مدمنين فسيولوجياً للمنبهات والمهدئات القوية التي يدفعهم إليها التوتر.
وبدلاً من استعمال هذه الهرمونات كاحتياطي -ليتم استدعاؤه فقط في أوقات الطوارئ- فإن كثيراً من الناس يعيشون طوال الوقت على الأدرينالين وهرمونات التوتر الأخرى مثل الكورتيزول، ويعولون على القهوة أو الشاي أو السجائر أو السكر. وبعد مدة قصيرة يبقى الأدرينالين فقط يحفظ وجودهم. وإذا أقلعوا عن المنبهات أو امتنعوا عنها بعض الوقت، فإنهم ينهارون فجأة متحولين إلى كومة ملقاة، قد أصابهم الإعياء الشديد وعلاهم الاكتئاب. وهذا يعني أنهم قد أصبحوا مدمنين للتوتر والمنبهات.
هل أنت مدمن للمنبهات؟
تخيل يوماً يمر بك ليس فيه قهوة أو شاي أو سكر أو شيكولاتة أو سجائر. إذا أشعرتك مجرد هذه الفكرة بالخوف، فمن المحتمل جداً أن يكون لديك بعض القدر من إدمان المنبهات. وهذا يتراوح من إدمان بسيط تستطيع أن تعيش معه بنجاح تام إلى إدمان شديد يسير حياتك ويهددها. رغم هذا وبغض النظر عن مستوى الإدمان، فإن الحصيلة النهائية انخفاض مستوى الطاقة لا ارتفاعها.
وفي صميم هذا الموضوع يجدر بنا أن نذكر “بوبي”، وهي إحدى عميلاتنا. لقد كانت تأكل وجبات صحية تماماً، وتطبق برنامجاً يومياً مناسباً من مكملات الفيتامينات والمعادن. وكان لديها مشكلتان فقط (نقص الطاقة في الصباح، وصداع عارض) وعيب وحيد ألا وهو ثلاثة فناجين من القهوة كل يوم. ومع بعض الإقناع، وافقت على أن تمتنع عن القهوة لمدة شهر، ولشد ما كانت دهشتها، فقد ارتفع مستوى طاقتها وولت نوبات الصداع. ولكي تُقَيّم علاقتك الحالية مع المنبهات، فمن المفيد جداً أن تكون صادقاً أميناً في مراقبتك لما تتعاطاه حقيقة. اجعل لنفسك مفكرة يومية لثلاثة أيام فقط. سجل فيها مقدار ووقت ما تأخذه من القهوة أو الشاي أو الشيكولاتة أو السكر (أو أي شيء حلو) أو السجائر.
وفكر كذلك في علاقتك بهذه الأشياء. على سبيل المثال، هل تعمد لشراء الحلويات وتخفي أغلفتها حتى لا يعرف الناس؟ هل تطلب دوماً وأنت في المطعم فاكهة أو حلوى تختم بها طعامك، أو هل تأخذ قطعة أو قطعتين من الحلوى المنكهة بالنعناع وأنت في طريقك؟ كيف تتطلع إلى ذلك الفنجان من القهوة في الصباح أو أثناء راحة غدائك؟ كم يمثل ذاك الشراب من أهمية بعد انتهاء عملك؟ كم تكون كتوماً بشأن الكمية التي تدخنها؟ هل أصبحت ذواقاً للقهوة متجاوزاً قضية الإدمان بالتركيز على هوايتك في تجريب أنواع أخرى من القهوة؟ هذا النوع من العلاقة بالمنبهات -غالباً ما يُحتج لها بكونها من مسرات الحياة ليس إلا- دال على اختلال كيميائي يستنفد طاقتك ويسلب راحة بالك.
لست في حاجة للمنبهات
المنبهات هي ألد أعداء الطاقة. وبرغم أنها قد تمنح الطاقة في المدى القريب إلا أن تأثيراتها دائماً ما تكون سيئة على المدى البعيد. لذلك، فإن أول خطوة لمقاومة التوتر والإجهاد هي التحرر من هذه المنبهات، وهذه تشمل: القهوة والشاي والشيكولاتة والسكر والأغذية المكررة والسجائر ومشروبات الكولا.
امتنع عن تعاطي هذه المنبهات لمدة شهر ولاحظ ما يحدث. كلما زاد الضرر الذي تحدثه هذه المنبهات، زادت أعراض السحب (ولحسن الحظ، قد يؤدي تناول الكربوهيدرات بطيئة الإطلاق، والمكملات الغذائية المانحة للطاقة إلى تقليل أعراض السحب التي لا تستغرق في العادة أكثر من أربعة أيام).
ثم ابدأ مرة أخرى ولاحظ ما يحدث عندما تتناول فنجانك الأول من الشاي أو القهوة أو كمية كبيرة من السكر أو الشيكولاتة. سوف تلاحظ ما أسماه “هانز سيليي” (الذي وصف متلازمة التكيف العام) “الاستجابة الأولية”؛ وبمعنى آخر استجابة فعلية لهذه الكيماويات الفعالة، مثل: رأس يشكو الصداع، ذهن ناشط بإفراط، نبض سريع، أرق يتبعه كسل وخمول شديد. استمر في تعاطي المنبهات وسوف تتكيف؛ وهذه هي المرحلة الثانية. واظب على ذلك فترة طويلة لتصل في النهاية لمرحلة التعب وهي المرحلة الثالثة. يحدث ذلك لكل إنسان والاختلاف الوحيد في الفترة التي يقضيها الإنسان ليصل إلى مرحلة التعب.
والشفاء من تلك الحالة لا يكون محتملاً فقط، وإنما سريعاً أيضاً في العادة. فمعظم الناس يشعرون حقيقة بنشاط أكبر وقدرة على التعامل مع التوتر في خلال شهر من الامتناع عن المنبهات مع المساندة الغذائية.
H]lhk hgj,jv ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|