06-03-2015, 08:07 AM
|
عضو مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
|
|
نملة سليمان عليه السلام والمصلحة العامة
نملة سليمان عليه السلام والمصلحة العامة
صالح الشناط
قال الله عز وجل: "قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ".
سار سليمان -عليه السلام- في تلك الجنود العظيمة يحيط به الإنس والجن وتظللهم الطير، حتى هبطوا على وادي النمل، فرأتهم نملة، فصاحت في نبي جنسها، فنادتهم للتنبيه، وأرشدهم إلى طريق النجاة: بأمرهم الدخول في مساكنهم، وحذرتهم من الهلاك بحطم سليمان وجنوده لهم (عدم) شعور منهم، فلا يكون اللوم عليهم، وإنما اللوم على النمل إذ لم يسرع بالدخول.
وحقيقة أني قد توقف على فوائد عديدة علمية وتربوية في ظلال هذه الآية، أقتصر على واحدة منها في هذا المقال وهي "تقديم المصلحة العامة"..
إن نملة سليمان لم تقل "اللهم نفسي" ولم تقل "أنا ومن بعدي الطوفان"، ولم تقل "ما لي وللنمل"، بل استشعرت الخطر المحدق بقومها فوقفت ونادت وحذرت وبينت، وعرض نفسها في كل ذلك للخطر، فهي كانت بحاجة لكل دقيقة بل لكل ثانية كي تبوء بالفرار، ولكنها لم تفعل، تقديما منها للمصلحة العامة على المصلحة الشخصية.
"فهذه النملة لم تهتم بنفسها فتنجو بمفردها. ولم ينسها هول ما رأت من عظمة ذلك الجند، إنذار بني جنسها إذ كانت تدرك بفطرتها ألا حياة لها بدونهم ولا نجاة لها إذا لم تنج معهم فانذرتهم في أشد ساعات الخطر أبلغ الإنذار. ولم ينسها الخوف على نفسها وعلى بني جنسها من الخطر الداهم أن تذكر عذر سليمان وجنده.
فهذا يعلمنا أن لا حياة للشخص إلا بحياة قومه ولا نجاة له إلا بنجاتهم، وأن لا خير لهم فيه إلا إذا شعر بأنه جزء منهم ومظهر هذا الشعور أن يحرص على خيرهم كما يحرص على نفسه وأن لا يكون اهتمامه بهم دون اهتمامه بها".
وضرب لنا في هذه القاعدة الإمام أحمد بن حنبل خير مثال، حيث لم ينج جسده من العذاب، مقابل القول بخلق القران، بل علم أنه إن قال بخلق القران سيتبعه نفر كثير وفي ذلك مفسدة وأي مفسدة، فآثر العذاب لنفسه على ضلال الناس في فتنة خلق القرآن، ويقول جلاده: لقد ضربت الإمام مائة سوط، لو كانت على فيل لبرك"! فرحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.
فكم هي المحن والبلايا التي تمر بها الأمة اليوم، وأحوج ما تحتاج إلى نبذ الأنانية، ومبدأ النفعية، والاتجاه الى المصلحة العامة، بحاجة إلى إنكار الذات، ليس المهم من يُسجل بطلاً، ولكن المهم أن تنهض الأمة بغض النظر بمن؟.
ترانا نتعارك لأتفه الأسباب، وربما زين لنا الشيطان عراكنا وخلافنا على أنه لمرضاة الله عز وجل! فهي دعوة لتقديم المصلحة العامة إذا ما تعارضت مع المصلحة الشخصية، ونتعلم ذلك من نملة سليمان عليه السلام. ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|