شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى الفقه
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف محمد مصطفى الزيات قراءة عاصم رواية شعبه سوره الحاقه (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمد مصطفى الزيات روايه الدورى عن ابى عمرو البصرى سورتان الحاقه و القدر (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمد مصطفى الزيات سوره القدر روايه إدريس الحداد عن خلف البزار العاشر (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمد مصطفى الزيات روايه خلف قراءه حمزه 3 سور القدر و الليل و الشمس برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمد مصطفى الزيات سورة القدر جمع روايتي البزي و قنبل قراءة ابن كثير (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمد مصطفى الزيات سورة الحاقة رواية قالون عن نافع (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمد مصطفى الزيات رواية ورش عن نافع 4 سور برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: محمد مصطفى الزيات المصحف المجود سورة الفاتحة بجمع القراءات السبعة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف يوسف شوبان سورة النجم (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: المصحف الواثق بالله مصحف القران مكتوب رواية حفص عن عاصم (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 05-17-2015, 03:07 AM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي (098)المبحث الثالث: الصفات التي يتحلى بها الجيش مجتمعا


وفيه تمهيد وأربعة فروع:

الفرع الأول: الأخوة الإسلامية.

الفرع الثاني: التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

الفرع الثالث: إصلاح ذات البين.

الفرع الرابع: الثبات على الحق.

تمهيد

المبحث الأول من هذا الفصل كان في الصفات التي تؤهل الفرد لقيادة جيش الإسلام، وليس معنى ذلك أن بقية أفراد الجيش ليسوا مؤهلين للقيادة، ولكن اجتهاد ولي الأمر أو صله إلى أفضلية هذا الفرد للقيادة، والمبحث الثاني كان في الصفات التي تؤهل كل جندي بمفرده ليكون عضوا في جيش الإسلام، وهذا المبحث في الصفات التي تؤهل الجيش مجتمعا ليكون جيشا للإسلام.

إن الصفات الفردية الماضية وغيرها من صفات جند الله المجاهدين في سبيل، هي التي تجعل تجعل كل فرد في الجيش صالحا للجهاد في سبيل الله، سواء كان في القيادة أو في الأفراد، ولكنها لا تكفي بدون وجود صفات أخرى مشتركة بين الجيش مجتمعا لتربط بعضهم ببعض، حتى يصيروا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

وتشمل هذه الصفات ما يأتي:

الأخوة الإسلامية القوية التي تنشأ عنها المحبة والمودة، والإيثار، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وإصلاح ذات البين، والوقوف صفاً واحدا على الحق والثبات عليه ضد الباطل دون أن يخافوا في الله لومة لائم.

الفرع الأول: الأخوة الإسلامية، وهي في الله تعالى

والأخ يطلق على المشارك في صفة ما، كصفة النسب، أو الصداقة، أو العقيدة أو العمل، والمقصود هنا كما هو واضح المشاركة في دين الله الذي هو الإسلام، فإن المشاركة فيه أقو ى من المشاركة في أي رابط آخر، لأن الأخ يشترك مع أخيه في الإيمان بالله الذي خلقهما، وفي العبادة التي خلقهما من أجلها، وفي الالتزام بأوامره تعالى التي تحقق لهما السعادة في الدنيا والآخرة، تكون أخوته الإسلامية أقوى من أخوة النسب والقرابة والصداقة وغيرها، بل إن الأخوة النسبية أو غيرها، إذا لم يشترك أهلها في الإيمان قد تكون وبالاً عليهم، كما يظهر ذلك في أعضاء الجماعات والأحزاب الذين يكون هم كل واحد منهم الاستئثار بأكبر قد من الأمور المادية من منصب أو مال أو غيرهما، بخلاف من تربطهم الأخوة في الله تعالى.قال تعالى: {إنما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويّكم واتقوا الله لعلكم ترحمون}[الحجرات: 10]. وقال تعالي: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخواناً}[آل عمران: 103].

وقد أمر الرسول صَلى الله عليه وسلم أمته بتحقيق هذه الأخوة ومقتضاها، ونهاهم عن كل ما يعكر صفوها، ففي حديث أنس رضِي الله عنه أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم قال: (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام)[البخاري رقم 6065 فتح الباري(10/481) ومسلم(4/1983)].

وفي حديث أبي أيوب الأنصاري رضِي الله عنه: "أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)"[البخاري رقم 6077 فتح الباري(10/492) ومسلم(4/1984)].

وفي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)"[البخاري رقم 2442 فتح الباري(5/97) ومسلم(4/1996)].

وفي حديث النعمان بن بشير رضِي الله عنه قال: "قال رسول الله صَلى الله عليه وسلم: (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى)[البخاري رقم 6011 فتح الباري(10/438) ومسلم(4/2000)].

وفي حديث أبي هريرة رضِي الله عنه: "عن النبي صَلى الله عليه وسلم قال: (لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار)[البخاري رقم 7072 فتح الباري(13/23) ومسلم(4/2020)]. وفي حديثه أيضاً: "عن النبي صَلى الله عليه وسلم: (أن رجلا زار أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا غير أني أحببته في الله عز وجل. قال: فإني رسول الله إليك، بأن قد أحبك كما أحببته)[مسلم(4/1988)].

فالجيش الذي يحافظ على هذه النعمة، نعمة الأخوة الإسلامية التي ينشأ عنها التحابب والتواد والتراحم، يكون شديد التماسك والترابط الذي يحقق له الوحدة والاعتصام، وينجو من كل أسباب الفرقة والتباغض. هذا الجيش جدير بأن يكون أهلاً حقاً للجهاد في سبيل الله، بخلاف من فرط في هذه النعمة، فإنه يستبدل بالمحبة والاعتصام والتراحم، البغضاء والتفرق والقسوة، وهو جيش يأكل بعضه بعضا، غير أهل لحمل راية الإسلام والجهاد في سبيل الله، وهذا أمر مشاهد حتى فيمن يسمون أنفسهم بالمجاهدين.

ولقد آخى رسول الله صَلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار عندما هاجر إلى المدينة، فربط بين المهاجري والأنصاري بذلك الإخاء الخاص الذي يكون أكثر وسيلة لزيادة المحبة والمودة والإيثار، فحصل ذلك الإخاء الفريد في تاريخ البشر وقد سجله القرآن الكريم ليبقى نبراساً يهتدي به المسلمون في كل زمان، ليحققوه في أنفسهم حتى ينالوا الفوز الذي ناله أولئك.

قال تعالى: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانا، وينصرون الله ورسوله، أولئك هم الصادقون، والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون، والذين جاءوا من بعدهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم}[الحشر: 8 ـ 9 ـ 10].

وإن الأمثلة التي ضربها أصحاب رسول الله صَلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان في الحب والرحمة والإيثار، ليصعب حصرها ويكفي أن يذكر أمثلة لبعضها: الرجل الذي لا يوجد عنده إلا قوت صبيانه، يطلب من امرأته أن تهيئ ذلك القوت لأخيه المسلم، وتنوِّم الصبيان وتطفئ المصباح، ويوهم الضيف بأنه يأكل معه، فيأكل الضيف الطعام وأهل البيت كلهم طاوون.

كما روى أبو هريرة رضِي الله عنه: "أن رجلاً أتى النبي صَلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال رسول الله صَلى الله عليه وسلم: (من يضيف هذا)؟ فقال: رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صَلى الله عليه وسلم، فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني.. فقال: هيئي طعامك وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها وأصبحت سراجها ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صَلى الله عليه وسلم، فقال: (ضحك الله الليلة - أو عجب - من أفعالكما) فأنزل الله...{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}[البخاري رقم الحديث 3798 فتح الباري(7/119)].

والرجل يعرض على أخيه أن يتنازل له عن نصف ماله، وعن إحدى زوجتيه يطلقها فتعتد ثم يتزوجها، فيتسامى أخوه ويستغني عن مال أخيه وأهله فيسعى فيغنيه الله، كما في حديث أنس رضِي الله عنه قال: "قدم عبد الرحمن ابن عوف فآخى النبي صَلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق، فربح شيئاً من أقط وسمن، فرآه النبي صَلى الله عليه وسلم بعد أيام وعليه وضر من صفرة، فقال النبي صَلى الله عليه وسلم: (مهيم يا عبد الرحمن)؟ قال: يا رسول الله: تزوجت امرأة من الأنصار، قال: (فما سقت فيها؟) فقال: وزن نواة من ذهب، فقال النبي صَلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة)[المصدر السابق(7/270].

وهكذا كان المجاهدون بعد وفاة النبي صَلى الله عليه وسلم، يؤثر بعضهم بعضاً، في وقت يصعب فيه الإيثار على النفس، كما ذكر عن أبي الجهم بن حذيفة العدوي قال: "انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمي، ومعي شنة من ماء وإناء، فقلت إن كان به رمق سقيته من الماء ومسحت به وجهه، فإذا أنا به ينشغ [أي يفيق إفاقات خفيات جداً عند الموت] فقلت: أسقيك؟ فأشار أن نعم، فإذا رجل يقول: آه، فأشار ابن عمي أن انطلق إليه، فإذا هو هشام بن العاص أخو عمرو بن العاص، فأتيته فقلت: أسقيك؟ فسمع آخر يقول: آه، فأشار هشام أن انطلق به إليه فجئته فإذا هو قد مات، ثم رجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، ثم أتيت ابن عمي، فإذا هو قد مات"[الجهاد لابن المبارك ص97].

فتحلي الجيش الإسلامي بهذه الصفة الربانية العظيمة -صفة الأخوة في الله- إحدى أسس الجهاد في سبيل الله التي لا غنى للمجاهدين عنها، لأنها تقوي رابطتهم وتجعلهم صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، في التساند والتعاون والتناصر على الأعداء.

الفرع الثاني: التواصي بالحق والتواصي بالصبر

ومن أعظم صفات المجاهدين الجماعية، التواصي بالحق والتواصي بالصبر، لأن ابن آدم بشر، مهما بلغ إيمانه من القوة، ومهما وفق لتحقيق العبودية والطاعة، ومهما جاهد في الله حق جهاده، فإنه بشر ليس بمعصوم، قد يغلبه الشيطان والهوى أو الجهل أو غير ذلك، فيحيد عن الجادة قليلاً أو كثيراً. وهنا لا بد أن يأخذ أخوه بيده ليعيده إليها، وإلا ابتعد عنها حتى يفارقها مفارقة كاملة، وتبعه غيره فانفرط بذلك عقد الجماعة، ولم يعودوا جنود الله وإنما هم جنود للشيطان.

لهذا كان التواصي بالحق والتواصي بالصبر، من صفات المؤمنين الناجين من الخسران، كما قال تعالى: {والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}[سورة العصر]. وما كانت الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس، إلا لأنها تتواصى بالحق وتتواصى بالصبر، وتنهى الناس عن المنكر وتأمرهم بالمعروف، كما قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}[آل عمران: 110]. وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين أعزَّةٍ على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم}[المائدة: 54].

وفي حديث جرير بن عبد الله رضِي الله عنه قال: "بايعت النبي صَلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، فلقنني فيما استطعت(والنصح لكل مسلم)"[البخاري رقم 7204 فتح الباري(13/193) ومسلم(1/75)].

وجند الله المجاهدون لا يتباطأ ون في مناصحة بعضهم بعضاً، لعلمهم بأن في هذا التباطؤ هلاكهم جميعاً، كما بين لهم ذلك الرسول صَلى الله عليه وسلم، في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، فقال: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً)[البخاري رقم 2493 فتح الباري(5/132)].

هذا وإن الجندية الإسلامية، لا توجد إلا حيث التناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، لأن عدم التواصي بالحق يعني تضييعه، وعدم الغيرة عليه، وعدم الجهاد في سبيل الله لإحقاقه، وعدم التواصي بالصبر الذي لا يكون إحقاق الحق إلا به، يدل على عدم الحماس لهذا الحق، وعلى قلة الاكتراث بالعدو الذي لا يهدأ له بال إلا إذا هاجم الحق وانتصر على أهله.

قال سيد قطب رحمه الله: "أما التواصي بالحق والتواصي بالصبر، فتبرز في خلالهما الأمة المسلمة أو الجماعة المسلمة ذات الكيان الخاص، والرابطة المميزة والوجهة الموحدة، الجماعة التي تشعر بكيانها كما تشعر بواجبها، والتي تعرف حقيقة ما هي مقدمة عليه من الإيمان والعمل الصالح، فتتواصى فيما بينها بما يعينها على النهوض بالأمانة الكبرى، فمن خلال لفظ التواصي ومعناه، تبرز صورة الأمة أو الجماعة المتضامنة، الأمة الخيرة الواعية القيمة في الأرض على الحق والعدل والخير، وهي أعلى وأنصع صورة للأمة المختارة، وهكذا يريد الإسلام أمة الإسلام.

هكذا يريدها أمة خيرة قوية واعية قائمة على حراسة الحق والخير، متواضعة بالحق والصبر في قوة وتعاون وتآخ، تتضح بها كلمة التواصي في القرآن، والتواصي بالحق ضرورة، فالنهوض بالحق عسير والمعوقات عن الحق كثيرة..

هوى النفس، ومنطق المصلحة، وتصورات البيئة، وطغيان الطغاة، وظلم الظلمة، وجور الجائرين، والتواصي تذكير وتشجيع وإشعار بالقربى في الهدف والغاية والأخوة في العبء والأمانة، فهو مضاعفة لمجموع الاتجاهات الفردية، إذ تتفاعل معاً، فتتضاعف بتضاعف إحساس كل حارس للحق أن معه غيره يوصيه ويشجعه ويقف معه ويحبه ولا يخذله.
وهذا الدين هو الحق لا يقوم إلا في حراسة جماعة متعاونة متواصية متكاملة متضامنة على هذا المثال.

والتواصي بالصبر كذلك ضرورة فالقيام على الإيمان والعمل الصالح وحراسة الحق والعدل، من أعسر ما يواجه الفرد والجماعة ولا بد من الصبر"[في ظلال القرآن(30/3967)].

وإنه لمن الكوارث العظيمة، أن يتخلى كثير من هذه الأمة عن هذه الصفة التي أخرجها الله تعالى للناس بها، بل تواطأت على الاتصاف بضدها، فتجدها -بدلا من المحافظة على التواصي بها-تتواصى بالمنكر وتتآخى عليه، وينصر بعضهم بعضا على تحقيقه، لا فرق بين حاكم ومحكوم وجماعات وأحزاب وشركات، بل وأسر، ولهذا ضرب الله تعالى بعضنا ببعض، وجعل العداوة والبغضاء هي السائدة بيننا، بدلا من تلك الأخوة التي ربطت بين أسلافنا، فأصبحوا بها مترابطين متناصرين يسودهم الود وتظللهم العزة والكرامة بين أمم الأرض، ومنهم اليهود والنصارى التذين تركو أمر الله وطاعته، فأغرى بينهم العداوة والبغضاء، كما قال تعالى: عنهم: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمْ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)} [المائدة] نسأل الله أن يغيثنا هدايته بالرجوع إلى العمل بوحيه من كتابه وسنة رسوله صلى الله عليهِ وسلم، لننال ما ناله سلفنا من العزة والمجد والكرامة.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 07:44 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات