شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 3 > الموسوعة الضخمة مواضيع اسلامية هامة جداااااااااااااااااااااااا
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف خالد محمد فتحي 14 سورة برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف سمير البشيري المنشد 3 سور الحجرات و التغابن و عبس برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف عبد الله السالم 4 سور برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن قاري سورة السجدة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف فيصل عبد الرحمن الشدي 11 سورة برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القارئ الشيخ اسماعيل الشيخ 12 سورة مصحف مرتل رواية حفص عن عاصم برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمد المهنا 3 سور الرعد و ابراهيم و الحجر برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف ايمن شعبان الدروى 20 سورة برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف سلطان الذيابي 11 سورة برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف صالح العمري جزء تبارك كامل 11 سورة برابط واحد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 04-14-2015, 12:52 PM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي بحث أسباب نزول آية اللعان وفيمن نزلت

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
رب يسر وأعن .
أما بعد :
فإنني كنت قد تناقشت وبعض إخواني، حول قول زوجة الصحابي ( هلال بن أمية ررر ) للنبي ﷺ في قصة المتخلفين عن غزوة تبوك، فأمر النبي ﷺ الثلاثة باعتزال نسائهم، فأتت زوجت هلال قالت:« يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هِلَالًا شَيْخٌ ضَائِعٌ، لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ:«لَا وَلَكِنْ لَا يَقْرَبَنَّكِ» قَالَتْ: فَإِنَّهُ وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، ... الحديث » متفق عليه.
فذكر أخي الحبيب أبو زياد أن كلمتها هذه قد تكون جعلت شريك بن السمحاء يطمع فيها، ومن ثم كانت قضية اللعان بين هلال وزوجته .
فأجبته: بأن هذا الاحتمال بعيد لأن سورة النور نزلت سنة ست من الهجرة، وتبوك كانت سنة تسع من الهجرة .
فأجابني: بأنه قد يحتمل أن آية اللعان تأخر نزولها إلى بعد تبوك .
فاحتاج الأمر منا إلى بحث، فقمت بعمل بحث سريع فوجدت أن الخلاف في هذا المسألة كبير، وأن في الواقعة صحابيين آخرين غير هلال، وهما عويمر العجلاني، وعاصم بن عدي سيد بني عجلان، وأن العلماء قد اختلفوا فيمن نزلت فيه آية اللعان، وهل هي واقعة واحدة أم أكثر من واقعة ؟
ثم وجدت تضارب في التواريخ، وتناقض في سرد الأحداث، حيث ذكر بعض أهل التوايخ والسير أن اللعان وقع لعويمر بعد قدومه من تبوك، وذكروا أن ذلك كان في شعبان سنة تسع، ثم وجدت أن أهل التواريخ والسير قد اتفقوا على أن مجيء النبي ﷺ من تبوك كان في رمضان.
ومن ثم عزمت مستعيناً بالله تعالى على بحث المسألة بحثاً وافياً من جميع جوانبه حتى تتضح الصورة بجلاء لعلي أوفق لبلوغ الصواب، فالله المستعان وعليه التكلان.
وسوف يكون بحثي من خلال النقاط التالية :
1- سرد الروايات الواردة في اللعان .
2- ذكر أقوال العلماء ومناقشة خلافهم في المسألة .
3- تحقيق سنة النزول، وسرد أحداث اللعان بحسب ما ترجح عندنا .
أولاً : سرد الروايات الواردة في اللعان .
اختلفت الروايات في اللعان بين ثلاثة من الصحابة هلال بن أمية، وعويمر العجلاني، وعاصم بن عدي ، سأذكرها كالتالي:
أولاً : ما ورد في «هلال بن أمية ررر » :-
ترجمته : هو : الصحابي الجليل هلال بن أميّة بن عامر بن قيس بن عبد الأعلم بن عامر بن كعب بن واقف الأنصاريّ الواقفيّ. من الأوس .
شهد بدر وما بعدها، وتخلف عن تبوك، عاش بعد النبي ﷺ زماناً، تزوج ثلاثة نساء: خولة بنت عاصم وهى التي لاعنها، والفريعة بنت مالك بن الدخشم، ومليكة بنت عبد الله بن أبي بن سلول .
[ انظر: الطبقات لابن سعد 8/380 383 ، معرفة الصحابة لابي نعيم 5/3724 6/3314 ، أسد الغابة لابن الأثير 6/65 ، الاستيعاب لابن عبد البر 4/1542 ، الإصابة لابن حجر 6/428 ]
1 - أخرج الإمام أحمد في مسنده ( 2131 ) ط/ الرسالة: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الْأَنْصَارِ: أَهَكَذَا أُنْزِلَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَلُمْهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ غَيُورٌ، وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَطُّ إِلَّا بِكْرًا، وَمَا طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ قَطُّ، فَاجْتَرَأَ رَجُلٌ مِنَّا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ، فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا حَقٌّ، وَأَنَّهَا مِنَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ تَعَجَّبْتُ أَنِّي لَوْ وَجَدْتُ لَكَاعًا قَدْ تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أَهِيجَهُ وَلَا أُحَرِّكَهُ، حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، فَوَاللَّهِ لَا آتِي بِهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ، قَالَ: فَمَا لَبِثُوا إِلَّا يَسِيرًا، حَتَّى جَاءَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَ مِنْ أَرْضِهِ عِشَاءً، فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَرَأَى بِعَيْنَيْهِ، وَسَمِعَ بِأُذُنَيْهِ، فَلَمْ يَهِجْهُ، حَتَّى أَصْبَحَ، فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ أَهْلِي عِشَاءً، فَوَجَدْتُ عِنْدَهَا رَجُلًا، فَرَأَيْتُ بِعَيْنَيَّ، وَسَمِعْتُ بِأُذُنَيَّ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا جَاءَ بِهِ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ، فَقَالُوا: قَدِ ابْتُلِينَا بِمَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، الْآنَ يَضْرِبُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَيُبْطِلُ شَهَادَتَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِي مِنْهَا مَخْرَجًا، فَقَالَ هِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَرَى مَا اشْتَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا جِئْتُ بِهِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ بِضَرْبِهِ إِذْ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْوَحْيُ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ عَرَفُوا ذَلِكَ فِي تَرَبُّدِ جِلْدِهِ يَعْنِي، فَأَمْسَكُوا عَنْهُ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الوَحْيِ، فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6] الْآيَةَ كُلَّها، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «أَبْشِرْ يَا هِلَالُ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» فَقَالَ هِلَالٌ: قَدْ كُنْتُ أَرْجُو ذَاكَ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَرْسِلُوا إِلَيْهَا» فَأَرْسَلُوا إِلَيْهَا، فَجَاءَتْ، فَتَلَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهِمَا، وَذَكَّرَهُمَا، وَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَذَابَ الْآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا، فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ صَدَقْتُ عَلَيْهَا، فقالَتْ: كَذَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَاعِنُوا بَيْنَهُمَا» ، فَقِيلَ لِهِلَالٍ: اشْهَدْ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْخَامِسَةِ، قِيلَ: «يَا هِلَالُ، اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكَ الْعَذَابَ» فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَيْهَا، كَمَا لَمْ يَجْلِدْنِي عَلَيْهَا، فَشَهِدَ فِي الْخَامِسَةِ: أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا: «اشْهَدِي أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ: إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ» فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قِيلَ لَهَا: «اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكِ الْعَذَابَ»، فَتَلَكَّأَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي، فَشَهِدَتْ فِي الْخَامِسَةِ: أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَنْ لَا يُدْعَى وَلَدُهَا لِأَبٍ، وَلَا تُرْمَى هِيَ بِهِ وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا، وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَقَضَى أَنْ لَا بَيْتَ لَهَا عَلَيْهِ، وَلَا قُوتَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ، وَلَا مُتَوَفًّى عَنْهَا، وَقَالَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُصَيْهِبَ، أُرَيْسِحَ، حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِهِلَالٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا، جُمَالِيًّا، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ» فَجَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ، جَعْدًا، جُمَالِيًّا، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْلَا الْأَيْمَانُ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» قَالَ عِكْرِمَةُ: «فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرٍ، وَكَانَ يُدْعَى لِأُمِّهِ وَمَا يُدْعَى لِأَبٍ». حديث صحيح .
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا عباد بن منصور ففي حفظه ضعف ثم إنه مدلس كما ذكر الحافظ ابن حجر وقد عنعنه، فأما من جهة حفظ عباد فقد تابعه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ...به. كما عند ابن أبي حاتم في التفسير ( 14156 )، وحماد، وأيوب هو السختياني كلاهما ثقة ثبت، وأما التدليس فقد صرح بالسماع عند الطيالسي وغيره، فصح بذلك الحديث .
وبإسناد أحمد أخرجه أبو داود ( 2256 )، والطيالسي ( 2789 )، وأبو يعلى ( 2740 )، والبيهقي ( 15292 ).
والمتابعة عند ابن أبي حاتم كما ذكر، والنسائي مختصراً في الكبرى ( 8169 )، والحاكم ( 2813 ) وقال: على هذا حديث على شرط البخاري ووافقه الذهبي، والبيهقي ( 15294).
وقد صححه ابن كثير في التفسير ( 6/16 ) قال: ولهذا الحديث شواهد كثيرة في الصحاح وغيرها من وجوه كثيرة.اهـ ثم ساق ما يلي من أحاديث.
وحسنه الشيخ شعيب الأنؤوط في تحقيقه على المسند وذكر المتابعات .
2 - وعند البخاري ( 4747 ): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامِ
بْنِ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ، قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «البَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» فَقَالَ هِلاَلٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ هِلاَلٌ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ» ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لاَ أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ اليَوْمِ، فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ»، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ».
وبهذا الإسناد أخرجه أبو داود ( 2254 )، والترمذي ( 3179 )، وابن ماجه ( 2067 )، والطحاوي في المشكل ( 2962 )، والطبراني في الكبير ( 11883 )، والدراقطني ( 3712 )، والبيهقي ( 15291 )، وغيرهم .
3- وعند مسلم ( 1496 ): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ عِنْدَهُ مِنْهُ عِلْمًا، فَقَالَ: إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، وَكَانَ أَخَا الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لِأُمِّهِ، وَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ: فَلَاعَنَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا قَضِيءَ الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ»، قَالَ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ .
وبهذا الإسناد أخرجه النسائي ( 3468 )، أَخْبَرَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، ... ، وأحمد في مسنده ( 12450 )، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ...، وبسند أحمد، أبو يعلى ( 2825 )، وأبو عوانة ( 4705 )، وغيرهم، كلهم من حديث هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ...
4- وعند النسائي ( 3469 ): أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ لِعَانٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ شَرِيكَ بْنَ السَّحْمَاءِ بِامْرَأَتِهِ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أَرْبَعَةَ شُهَدَاءَ وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» يُرَدِّدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِرَارًا، فَقَالَ لَهُ هِلَالٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الْجَلْدِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَةُ اللِّعَانِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَدَعَا هِلَالًا فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ دُعِيَتِ الْمَرْأَةُ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الْخَامِسَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَقِّفُوهَا فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ»، فَتَلَكَّأَتْ حَتَّى مَا شَكَكْنَا أَنَّهَا سَتَعْتَرِفُ، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ عَلَى الْيَمِينِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «انْظُرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا قَضِيءَ الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ آدَمَ جَعْدًا رَبْعًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ السَّحْمَاءِ»، فَجَاءَتْ بِهِ آدَمَ جَعْدًا رَبْعًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْلَا مَا سَبَقَ فِيهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ».
وبهذا الإسناد أخرجه أبو يعلى ( 2824 ) وصححه الشيخ/حسين سليم، وابن حبان في صحيحه ( 4451 ) وصححه الأرنؤوط، وصححه الشيخ الألباني في التعليقات الحسان ( 6/440 )، وابن حجر في اتحاف المهرة ( 2/282 ).
ثانياً : ما ورد في «عويمر العجلاني ررر » :-
ترجمته : هو : هو الصحابي الجليل عويمر بْن الْحَارِث بْن زَيْد بن حارثة بن الجلد العجلاني، ويقال: عويمر بن أبيض العجلاني. زوجته هي : خولة بنت قيس .
[ انظر: أسد الغابة لابن الأثير 4/304 ، الاستيعاب لابن عبد البر 3/1226، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/41 ]
5- البخاري ( 4745 ): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُوَيْمِرًا، أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي عَجْلاَنَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَأَتَى عَاصِمٌ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَسَائِلَ، فَسَأَلَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَرِهَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ القُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ»، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْمُلاَعَنَةِ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَلاَعَنَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حَبَسْتُهَا فَقَدْ ظَلَمْتُهَا فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا فِي المُتَلاَعِنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ العَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا»، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ، فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ .
6 - أخرج أيضاً ( 5259 ): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُوَيْمِرًا العَجْلاَنِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ، جَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ عَاصِمٌ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَسْطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا» قَالَ سَهْلٌ: فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا فَرَغَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ المُتَلاَعِنَيْنِ».
وبهذا الإسناد أخرجه مسلم ( 1492 )، والنسائي ( 3402 )، وأحمد ( 22851 )، ومالك في الموطأ ( 2/556 )، وغيرهم .
وله أسانيد أخرى كلها إلى الزهري عن سهل ... به مختصراً ومطولاً كما مر.
7 - وعند الطحاوي في المشكل ( 5141 ) : الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ، وَكَانَتْ حُبْلَى، فَقَالَ زَوْجُهَا: وَاللهِ مَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ عَفَرْنَا النَّخْلَ، وَالْعَفْرُ: أَنْ يُسْقَى النَّخْلُ بَعْدَ أَنْ يُتْرَكَ مِنَ السَّقْيِ بَعْدَ الْإِبَارِ بِشَهْرَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: « اللهُمَّ بَيِّنْ »، فَزَعَمُوا أَنَّ زَوْجَ الْمَرْأَةِ كَانَ حَمْشَ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ، أَصْهَبَ الشَّعْرَةِ، وَكَانَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ ابْنَ السَّحْمَاءِ، فَجَاءَتْ بِغُلَامٍ أَسْوَدَ أَجْلَى، جَعْدًا قَطَطًا، عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ، خَدْلَ السَّاقَيْنِ " قَالَ الْقَاسِمُ: قَالَ ابْنُ شَدَّادِ بْنُ الْهَادِ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ؛ هَلْ هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: « لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُهَا »؟، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا، وَلَكِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ كَانَتْ قَدْ أَعْلَنَتْ فِي الْإِسْلَامِ.
وبهذا الإسناد أخرجه الطبراني في الكبير ( 10710 )، والبيهقي ( 15350 )، وسعيد بن منصور ( 1563 ) وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، قال الحافظ: صدوق تغير حفظه، ولكن له متابعة.
8 - أخرج أحمد في مسنده ( 3106 ): حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ«لاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلانِيِّ وَامْرَأَتِهِ»، قَالَ: وَكَانَتْ حُبْلَى، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ عَفَرْنَا - قالَ: وَالْعَفْرُ: أَنْ يُسْقَى النَّخْلُ بَعْدَ أَنْ يُتْرَكَ مِنَ السَّقْيِ، بَعْدَ الْإِبَارِ بِشَهْرَيْنِ - قَالَ: وَكَانَ زَوْجُهَا حَمْشَ السَّاقَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ، أَصْهَبَ الشَّعَرَةِ، وَكَانَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ ابْنَ السَّحْمَاءِ، قَالَ: فَوَلَدَتْ غُلامًا أَسْوَدَ أَجْلَى جَعْدًا عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُهَا»؟ قَالَ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ قَدْ أَعْلَنَتْ فِي الْإِسْلامِ . قال الأرنؤوط : صحيح على شرط البخاري .
وعبد الرزاق ( 12453 ) نحوه .، والنسائي ( 3467 ) مختصراً جداً، وصححه الألباني وقال أصله عند البخاري .
ثالثاً : ما ورد في «عاصم بن عدي ررر » :-
ترجمته : هو الصحابي الجليل عاصم بن عدى بن الجد بن العجلان العجلانىالقضاعى الأنصارى ، أبو عبد الله ، و يقال أبو عمرو ، ويقال أبو عمر.
حليف الأنصار، وسيد بني عجلان، شهد أحد ولم يشهد بدرا ، واستعمله النبي ﷺ ، مات في خلافة معاوية .
[ انظر: تهذيب الكمال للمزي 12/507 ، الإصابة لابن حجر 3/463 ، معرفة الصحابة لأبي نعيم 4/2139 ، الاستيعاب لابن عبد البر 2/781 ]
9 - مسلم ( 1497 ): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، وَعِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيَّانِ، واللَّفْظُ لِابْنِ رُمْح، قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: ذُكِرَ التَّلَاعُنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلَّا لِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ، سَبِطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلًا، آدَمَ، كَثِيرَ اللَّحْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللهُمَّ بَيِّنْ»، فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلَاعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ: أَهِيَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ»؟، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَا تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ السُّوءَ».
وبهذا الإسناد أخرجه البخاري ( 5310 )، والنسائي ( 3470 )، وسعيد بن منصور ( 1563 )، وأحمد ( 3360 )، وأبو عوانة ( 4708 ) وغيرهم .
10 - وعند أحمد ( 3449 ): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: مَا لِي عَهْدٌ بِأَهْلِي مُنْذُ عَفَارِ النَّخْلِ - أَوْ عِقَارِهِ، قَالَ: وَعَفَارُ النَّخْلِ أَوْ عِقَارُهَا: أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَبَّرُ، ثُمَّ تُعْفَرُ، أَوْ تُعْقَرُ، أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا تُسْقَى بَعْدَ الْإِبَارِ - قَالَ: فَوَجَدْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي، وَكَانَ زَوْجُهَا مُصْفَرًّا، حَمْشًا، سَبْطَ الشَّعْرِ، وَالَّذِي رُمِيَتْ بِهِ رَجُلٌ خَدْلٌ إِلَى السَّوَادِ، جَعْدٌ قَطَطٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَيِّنْ، اللَّهُمَّ بَيِّنْ» ثُمَّ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُشْبِهُ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ .
وبإسناده الطبراني في الكبير ( 10714 ) وصححه الشيخين/شاكر، والأرنؤوط.
هذا وقد وردت روايات عن ابن مسعود وابن عمر عند البخاري ومسلم وغيرهما قد أبهمت اسم الصحابي.
ثانياً : ذكر أقوال العلماء ومناقشة خلافهم في المسألة .
بناءًا على اختلاف الروايات كما تقدم سردها فقد اختلفت أقوال العلماء في سبب نزول آية اللعان على أربعة أقوال([1]):
القول الأول : أن الآية نزلت بسبب عويمر العجلاني ررر.
وهو قول جماعة من المفسرين والفقهاء وأصحاب التوايخ والسير، فمن المفسرين الكلبي والطبري، ومن الفقهاء الشافعي وابن أبي صفرة وابن بطال والبيهقي والقاضي عياض وابن العربي والقرطبي، ومن أصحاب السير ابن سيد الناس وابن الأثير وابن حبان وابن برهان وابن الجوزي .
وحجة هؤلاء ما يلي :
1 كثرة ما روى أن رسول الله ﷺ لاعن بين العجلاني وامرأته .
2 - توقف النبي ﷺ عن الحكم فيها حتى أنزل الله فيها الآية ولو أنهما قضيتان لم يتوقف عن الحكم فيها، ولحكم في الثانية بما أنزل اللَّه في الأولى.
3 - أن الأحاديث خبر عن قصة واحدة لاتفاقهم على ذكر نزول الآية، والنزول يكون مرة واحدة واتفاقهم على أنه رماها وهي حامل وأن النبي ﷺ قال: إن جاءت به على نعت كذا فهو كذا وقلَّ أن يتفق جميع ذلك في قصتين مختلفتين.
4 - أن حديث سهل وإن لم يُسمِّ فيه المقذوف فإنه كان معروفاً بعينه ولهذا ذكر أوصافه.
5 - أن النبي ﷺ قال لعويمر: «قد أنزل اللَّه فيك وفي صاحبتك».
6 - أنه قد روى المغيرة بن عبد الرحمن وابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد عن ابن عبَّاسٍ قال: لاعنَ بين العجلاني وامرأته وكان الذي رميت به ابن السحماء.
7 - أن عكرمة وهشاماً قد خالفا القاسم بن محمد وسهلاً وابن عمر في تسميتهما القاذف بهلال بن أُمية، ثم إن رواة حديث ابن عمر وسهل بن سعد أحفظ وأوثق ومع روايتهم رواية القاسم عن ابن عبَّاسٍ.
8 - أن هشام بن حسان قد غلط في الحديث ووهم.
9 - أن أهل الأخبار والسير كانوا يقولون: إن القضية في عويمر العجلاني.
القول الثاني: أن الآية نزلت بسبب هلال بن أمية ررر .
اختار هذا الماوردي وعزاه إلى الأكثرين وابن الصباغ، ونسبه النووي إلى جمهور العلماء ومال إليه بعض الشافعية وذكره ابن حجر وابن عاشور احتمالاً.
قال ابن عطية : والمشهور أن نازلة هلال قبل . ([2])
وحجتهم ما يلي:
1 - لما روى البخاري عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ، ومسلم عن هشام عن ابن سيرين عن أنس.
2 - أن المقذوف في قصة هلال قد سمي بخلاف قصة عويمر.
3 - لما روي مسلم في قصة هلال «وكان أول رجل لاعنَ في الإسلام».
4 - أنه جاء في قصة هلال «فنزل جبريل».
القول الثالث: أن تكون الآية أُنزلت على النبي ﷺ مرتين.
وذكر هذا أبو العباس القرطبي احتمالاً.
وليس لصاحب هذا القول حجة إلى الخوف من توهم الرواة .
القول الرابع: أن تكون القصتان وقعتا في وقت واحد أو متقارب فسألا فنزلت الآية فيهما معاً.
ذكره ابن الصباغ والنووي والقرطبي احتمالا، واختاره ابن حجر وابن عاشور والشوكاني، والألوسي ، ورجحه الزرقاني، وأبو شهبة ، ابن عثيمين، ومناع القطان، ومقبل بن هادي، ومصطفي العدوي، ومحمد بكر إسماعيل. ([3])
والحجة فيه: اختلاف السياقين وخلو أحدهما مما وقع في الآخر، وما وقع بين القصتين من المغايرة.
وقد تكرر كلام ابن حجر في عدة مواضع من الفتح فقال مرة: (ولا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول).
وقال أيضاً: (ويحتمل أن النزول سبق بسب هلال، فلما جاء عويمر ولم يكن علم بما وقع لهلال أعلمه النبي ﷺ بالحكم، ولهذا قال في قصة هلال (فنزل جبريل) وفي قصة عويمر (قد أنزل اللَّه فيك) فيؤول قوله قد أنزل اللَّه فيك أي وفيمن كان مثلك).
وقال مرة: (ولا مانع أن يروي ابن عاس القصتين معًا، ويؤيد التعدد اختلاف السياقين وخلو أحدهما عما وقع في الآخر، وما وقع بين القصتين من المغايرة) اهـ.
وقال أيضاً: (وقد قدمت اختلاف أهل العلم في الراجح من ذلك وبينت كيفية الجمع بينهما بأن يكون هلال سأل أولاً، ثم سأل عويمر فنزلت في شأنهما معا، وظهر لي الآن احتمال أن يكون عاصم سأل قبل النزول ثم جاء هلال بعده فنزلت عند سؤاله فجاء عويمر في المرة الثانية التي قال فيها: (إن الذي سألك عنه قد ابتليت به) فوجد الآية نزلت في شأن هلال فأعلمه ﷺ بأنها نزلت فيه، يعني أنها نزلت في كل من وقع له ذلك لأن ذلك لا يختص بهلال) اهـ.
وقال أيضاً: (ولا يمتنع أن يتهم شريك بن سحماء بالمرأتين معاً) اهـ
المناقشة والترجيح:
أما القولين الأول والثاني فقد سلك أصحابهما مذهب الترجيح بين الروايات، وأما القولين الثالث والرابع فقد سلك أصحابهما مذهب الجمع بين الروايات.
ومن المعلوم أن المقرر عند الأصوليين أنه إذا صح النصان وأمكن الجمع فهو أولى من الترجيح إذ العمل بهما أولى من طرح أحدهما.
وبالنظر إلى أسانيد القصتين تبين لنا أن كلا القصتين قد وردت بأسانيد صحيحة، كما أن كلاهما وردت من عدة طرق نوردها كالتالي :
· أسانيد الرويات في قصة هلال بن أمية ررر :
البخاري وغيره: بأسانيدهم، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ....
أحمد وغيره: بأسانيدهم، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ...
أحمد وغيره: بأسانيدهم، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، .
ابن أبي حاتم وغيره: بأسانيدهم، حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ....
مسلم وغيره: بأسانيدهم ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، ....
· أسانيد الروايات في قصة عويمر ررر :
ومسلم وغيره: بأسانيدهم، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ....
البخاري وغيره: بأسانيدهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، ....
البخاري وغيره: بأسانيدهم، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، ....
أحمد وغيره: بأسانيدهم، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، ....
البخاري وغيره: بأسانيدهم، عن ابْنُ جُرَيْجٍ، وفُلَيْحٌ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، كلهم عن الزُّهْرِيُّ، ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، ....
وأبو داود وأحمد وغيرهما: بأسانيدهم، عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، ....
فمن هذه الأسانيد يتبين أن كلا الروايتين صحيحتين، وما زعمه أصحاب القول الأول من أن هشام قد وهم قد أجاب عنه الحافظ ابن حجر في الفتح ( 8/450 ) قال: وأما قول ابن العربي إن ذكر هلال دار على هشام بن حسان وكذا جزم عياض بأنه لم يقله غيره فمردود لأن هشام بن حسان لم ينفرد به فقد وافقه عباد بن منصور كما قدمته وكذا جرير بن حازم عن أيوب أخرجه الطبري وبن مردويه موصولا قال: لما قذف هلال بن أمية امرأته.اهـ قلت: وهذا قد اتضح من سرد الاسانيد.
11 - وقد وقفت على شاهد لجزء من هذا القصة عند مسلم ( 1498 ): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَمْ»، قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ، إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي». وهو عند أبي داود، وأحمد، وغيرهما .
12 - وعند البخاري ( 7416 ) ومسلم ( 1499 ): حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، فَوَاللهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ، مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ».
فهذا والذي قبله يشهد لصدر قصة هلال، فتبين بذلك أنهما واقعتان، هذا من ناحية الأسانيد.
أما من ناحية المتون ففيها اختلاف في سياقها نبينه على النحو التالي:
1 اسم القاذف: في الأولى هلال بن أمية t، وفي الثانية عويمر العجلاني ررر.
2 الذي رد على النبي ﷺ: في الأولى سعد بن عبادة، وفي الثانية عاصم بن عديt.
3 سبب الواقعة: في الأولى ذكر نزول آية حد القذف، في الثانية لم يذكر.
4 في الأولى تعرض هلال ررر لحد القذف حيث قال النبي ﷺ: «البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ»، في الثانية لم يتعرض عويمر t للحد حيث أجابه النبي ﷺ عقب قدومه إليه وفي ذلك دلالة على أن واقعة هلال t أولاً، وأن عويمر t جاء النبي ﷺ بعد نزول الآية.
5 الحبل : في الأولي لم تذكر الرواية أنه امرأة هلال كانت حبلى، في الثانية ذكرت الروايات أن امرأة عويمر حبلى في شهرين أو أكثر.
6 الدعاء: في الأولى أن هلال هو الذي رجى من الله البيان، وفي الثانية أن النبي ﷺ هو الذي سأل الله البيان .
7 – قول النبي ﷺ في امرأة هلال«لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ».، ولم يقل ذلك في امرأة عويمر، وهذا دليل على اختلاف الواقعتين .
اختلاف في بعض أوصاف القاذفين: في الأولى قال: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُصَيْهِبَ، أُرَيْسِحَ، حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِهِلَالٍ» «أَبْيَضَ سَبِطًا قَضِيءَ الْعَيْنَيْنِ»، وفي الثانية: «وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا».
توضيح وصف هلال ررر:
أصيهب: أي أشقر وهو الذي يخالط بياضه حمرة.[ جامع الأصول لابن الأثير 10/721 ]
أريسح: هو خفيف لحم الفخذين. [ فتح الغفار 3/1539 ].
حمش الساقين: أي دَقِيقُهُمَا.[ النهاية لابن الأثير 1/440 ].
سبطاً: أي مسترسل الشعر سهل ليس فيه تكسر . [ شرح النووي على مسلم 2/227 ].
قضيء العينين: أي فاسد العينين بكثرة دمع أو حمرة أو غير. [ حاشية السندي على النسائي 6/172 ].
توضيح وصف عويمر ررر :
أحيمر: أي أبيض اللون. [ فتح الباري 9/453 ].
الوحرة: دويبة تلزق بالأرض كالغطاءة، شبهه بها لقصره وحمرتها. [ شرح البخاري لابن الملقن 23/29 ].
يزيد ذلك وضوحاً الرواية عن أنس t في هلال قال: «وَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَامِ». فدل على أنه كان أكثر من واقعة وخصوصاً أن أنس من الأنصار فهو أعلم بهم من غير، يقوي ذلك أن الذي رميت به المرأة كان أخ البراء بن مالك من أمه، والبراء أخو أنس لأبيه. كما أن أنس كان يخدم النبي ﷺ فهو أقرب منه من غيره، وقد يكون شاهد الواقعتين .
بهذا يكون قد تبين لنا من خلال الأسانيد والمتون أنهما واقعتان.

أما ما ذهب الفريق الثاني فإلى جانب قول أنس أن أول من لاعن هو هلال، فقد ذكر بعض أصحاب السير والتوايخ أن واقعة عويمر ررر كانت بعد غزوت تبوك كما سيأتي تحقيقه وبيان خطأ ذلك -، فلعل هذا الذي دفعهم إلى القول أن قضية هلال هي سبب النزول.
ثالثاً: تحقيق سنة النزول، وسرد أحداث اللعان بحسب ما ترجح عندنا .
مما سبق تبين حدوث واقعتين أحدهما للصحابي هلال بن أمية t ، والأخرى لوعيمر t ، وتبين لنا من خلال سياق الروايات في قصة هلال أنه لما نزلت آية حد القذف قال سعد بن عبادة ررر ما قال ووقع لهلال ما وقع، على إثر ذلك نزلت آية اللعان.
وبتتبع أحداث السيرة النبوية وجد علاقة كبيرة بين حد القذب وحادثة الأفك، إذ أن النبي ﷺ أقام حد القذف على حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنه بنت جحش، رضى الله عن الجميع، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ النَّبِيُّ ﷺ، عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ ذَلِكَ وَتَلَا، فَلَمَّا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ أَمْرَ بِالرَّجُلَيْنِ، وَالْمَرْأَةِ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ» أخرجه أصحاب السنن وحسنه الألباني والأرنؤوط .
وكان ذلك عقب رجوع النبي ﷺ من غزوة بني المصطلق حيث ذكر أصحاب السير أن النبي ﷺ غزا بني المصطلق وخرج إليهم يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان سنة ست أو خمس على خلاف بين المؤرخين([4]) ورجع في نفس الشهر قبيل هلال رمضان.([5])
تقول عائشة فيما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما: «وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ». ثم أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الآيَاتِ، تقول عائشة رضى الله عنها: فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ: وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا}.
فأنت ترى أن آيات سورة النور متتابعة ومرتبة حسب أسباب النزول.
وبتتبع قصة عويمر العجلاني t من خلال كتب التاريخ والسيرة تبين لي أن كثيرا من أصحاب التاريخ والسيرة أرخو لهذه الواقعة في شعبان سنة تسعة عقب قدومه من تبوك، وإليك بعض أقوالهم:
ذكر ذلك ابن عبد البر في الاستيعاب ( 3/1226 ) وعزاه للطبري ولم أجده عنده، قال: لاعن رَسُول اللَّهِ ﷺ بينهما، وذلك فِي شعبان سنة تسعٍ من الهجرة، وَكَانَ قدم تبوك فوجدها حبلى، ثُمَّ قَالَ بعد ذَلِكَ: وعاش ذَلِكَ المولود سنتين ثُمَّ مات، وعاشت أمّه بعده يسيرا .
وذكره ابن سيد الناس في عيون الأثر ( 2/354 )، وابن جماعة في المختصر الكبير ( 1/67 68 )، وابن برهان في السيرة ( 3/207 )، والزرقاني في شرح المواهب ( 4/112 )،الرحيق المختوم ( 1/403 )، شرح الخلاصة البهية ( 1/ 563 ).
والعجب أنه بتتع أحداث السيرة وجدت أن هؤلاء أنفسهم نقلوا كما نقل غيرهم من أهل السير والتاريخ أن قدوم النبي ﷺ من تبوك كان في رمضان سنة تسع، وإليك بيان ذلك:
ذكر ذلك ابن هشام في السيرة ( 2/537 ) قال: قال ابن إسحاق: وقدم رسول الله ﷺ المدينة من تبوك في رمضان، وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف.
وذكره أيضاً ابن سعد في الطبقات ( 2/126 )، والطبري في التاريخ ( 3/111 )، ابن حزم في جوامع السيرة ( 1/203 )، البيهقي في الدلائل ( 5/293 )، السهيلي في الروض ( 7/412 )، ابن الجوزي في المنتظم ( 3/365 )، ابن الأثير في الكامل ( 2/150 )، ابن سيد الناس في عيون الأثر ( 2/281 )، ابن كثير في البداية والنهاية ( 5/35 )، ابن خلدون في التاريخ ( 2/469 )، ابن برهان في السيرة ( 3/302 )، الزرقاني في شرح الواهب ( 5/121 )، الرحيق المختوم ( 1/401 ).
فظهر لي من ذلك احتمالين، الأول: أن تكون واقعة هلال ررر كانت عقب غزوة بني المصطلق سنة ست، وواقعة عويمر ررر عقب عزوة تبوك سنة تسع، وهذا بعيد جداً ترفضه الروايات الصحيحة في قضية عويمر إذ أنه سأل عن الحكم وسأل له عاصم بن عدي وما بين الغزوتين ثلاثة سنوات يستحيل اختفاء الحكم فيها عليهما.
الاحتمال الثاني: وهو الراجح عندي أن يكون وقع عند ابن عبد البر تصحيف سنة ست بتسع فتبعه من ذكرنا من أهل السير، يرجح ذلك أن قدوم النبي من بني المصطلق كان في شعبان سنة ست .
وزاد هذا الاحتمال عندي أني لم أجد ذكر هذه الواقعة عند ابن هشام والطبراني وابن سعد وغيرهم من المتقدم غير ابن حبان البستي في السيرة ( 1/367 )، قال: ثم لا عن رسول الله ﷺ بين عويمر بن الحارث بن عجلان وهو الذي يقال له عاصم وبين امرأته بعد العصر في مسجد في شعبان. اهـ ولم يذكر مستند التاريخ ثم إن كلامه فيه نكارة فعويمر غير عاصم كما
ثبت بالروايات الصحيحة المتقدمة.
من خلال ما سبق من البحث ترجح لنا الآتي:
1 - أن الوارد في سبب نزول آية اللعان قضيتان أحدها: في هلال بن أمية الواقفي، والثانية: في عويمر بن أبيض العجلاني رضي الله عنهما .
2 أن المتهم في الواقعتين واحد وهو شريك بن سحماء لصحة الروايات بذلك واتحاد الوصف عليه في الواقعتين .
3 أن القضيتان وقعتا عقب قدوم النبي ﷺ من بني المصطلق قبل نزول براءة أم المؤمنين عائشة في حادثة الإفك، وأنهما قريبتين جداً.
4 أنه لا يصح إدراج قضية الملاعنة في أحداث السنة التاسعة .
5 أن قضية هلال t وقعت قبل عويمر t كما صح النقل بذلك .
6 كما تبين لي من خلال البحث اتفاق واختلاف في أسماء المرأتين، فزوجة هلال هي خولة بنت عاصم ، وزوجة عويمر هي خولة بنت قيس .
7 تبين لي من خلال البحث أن لهلال بن أمية زوجتين غير خولة، وهن الفريعة بنت مالك بن الدخشم، ومليكة بنت عبد الله بن أبي بن سلول، ذكر ذلك ابن سعد في الطبقات.([6])
8 تبين لي أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون قضية هلال عقب تبوك ذلك أنه لم يذكر ذلك أحد من المؤرخين، وعلى احتمال أن ذكر عويمر خطأ في الاسم فلا يصح أيضاً إذ كل من أرخ لهذه القضية عقب تبوك ذكرها في شعبان وقد تقدم تحرير الخطأ في ذلك، وعلى فرض صحته فلا ينطبق على هلال لأن زوجته أتت النبي r بعد أربعين يوماً تسأله خدمة هلال، فتكون الواقعة بذلك في آخر شوال على فرض رجوع النبي في شعبان، وعلى فرض رجوع النبي في رمضان تكون الواقعة في ذي القعدة، وهذا لم يقوله أحد من المؤرخين أو أهل العلم، فتبين لنا وبجلاء استحالة وقوع ذلك لهلال في سنة تسع .
9 اتضح لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن زوجت هلال التي أتت النبي ﷺ تستأذنه في خدمة زوجها، غير زوجته التي لاعنها .
ملحوظة: ذكر الحافظ ابن حجر في شرحه لحديث كعب في التخلف عن تبوك أن اسم زوجت هلال هي خولة بنت عاصم حيث قال ( 8/121 ط/المعرفة): فجاءت امرأة هلال: هي خولة بنت عاصم.اهـ
وهذا خطأ منه رحمه الله تعالى إذا أنه ذكر في ( 1/314 ) قال: واسم امرأة عويمر التي لاعنها خولة بنت قيس ذكره مقاتل وفي رواية لسهل أبهم الرجل والمرأة وقد عين الرجل قبل وكذا في رواية بن عمر أبهمها وهما هذان وأما ما في رواية بن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته فاسمها خولة بنت عاصم والمرمي بها هو شريك بن سحماء بخلاف الأول.اهـ
10 قال ابن حجر في الفتح ( 9/448 ): ذكر بن الكلبي أن امرأة عويمر هي بنت عاصم المذكور وأن اسمها خولة وقال بن منده في كتاب الصحابة خولة بنت عاصم التي قذفها زوجها فلاعن النبي ﷺ بينهما لها ذكر ولا تعرف لها رواية وتبعه أبو نعيم ولم يذكرا سلفهما في ذلك وكأنه بن الكلبي وذكر مقاتل بن سليمان فيما حكاه القرطبي أنها خوله بنت قيس وذكر بن مردويه أنها بنت أخي عاصم فأخرج من طريق الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عاصم بن عدي لما نزلت والذين يرمون المحصنات قال يا رسول الله أين لأحدنا أربعة شهداء فابتلي به في بنت أخيه وفي سنده مع إرساله ضعف واخرج بن أبي حاتم في التفسير عن مقاتل بن حيان قال لما سأل عاصم عن ذلك ابتلى به في أهل بيته فأتاه بن عمه تحته ابنة عمه رماها بابن عمة المرأة والزوج والحليل ثلاثتهم بنو عم عاصم وعن بن مردوية في مرسل بن أبي ليلى المذكور أن الرجل الذي رمى عويمر امرأته به هو شريك بن سحماء وهو يشهد لصحة هذه الرواية لأنه بن عم عويمر كما بينت نسبه في الباب الماضي وكذا في مرسل مقاتل بن حيان عند أبي حاتم فقال الزوج لعاصم يا بن عم أقسم بالله لقد رأيت شريك بن سحماء على بطنها وإنها لحبلى وما قربتها منذ أربعة أشهر وفي حديث عبد الله بن جعفر عند الدارقطني لاعن بين عويمر العجلاني وامرأته فأنكر حملها الذي في بطنها وقال هو لابن سحماء ولا يمتنع أن يتهم شريك بن سحماء بالمرأتين معا .اهـ
فوقع عندي من هذا السياق احتمال أن تكون زوجة هلال هي خولة بنت عاصم بن عدي، وأنها ابنت عم خولة بنت قيس زوجة عويمر، وأن المرأتين اتهمتا في ابن عمهما شريك بن سحماء، وأنه ثم علاقة بين هذه الواقعة وقول النبي ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ» فَقَالَ: رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ»([7]).
إلا أن هذا الاحتمال يحتاج إلى تحقيق .
سرد أحداث اللعان بحسب ما ترجح لنا([8]) :-
لما رجع النبي ﷺ من عزوة بني المصطلق وتكلم من تكلم في عائشة رضى الله عنها، وتحدثوا بالإفك أنزل الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الْأَنْصَارِ: أَهَكَذَا أُنْزِلَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟(1) لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ،(12) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَلُمْهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ غَيُورٌ، وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَطُّ إِلَّا بِكْرًا، وَمَا طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ قَطُّ، فَاجْتَرَأَ رَجُلٌ مِنَّا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ،(1) فَقَالَ ﷺ: «اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ، إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي»(11). أو قال: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، فَوَاللهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ»(12) فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا حَقٌّ، وَأَنَّهَا مِنَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ تَعَجَّبْتُ أَنِّي لَوْ وَجَدْتُ لَكَاعًا قَدْ تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أَهِيجَهُ وَلَا أُحَرِّكَهُ، حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، فَوَاللَّهِ لَا آتِي بِهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ، قَالَ: فَمَا لَبِثُوا إِلَّا يَسِيرًا، حَتَّى جَاءَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، فَجَاءَ مِنْ أَرْضِهِ عِشَاءً، فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَرَأَى بِعَيْنَيْهِ، وَسَمِعَ بِأُذُنَيْهِ، فَلَمْ يَهِجْهُ، حَتَّى أَصْبَحَ، فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،(1). قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، وَكَانَ أَخَا الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لِأُمِّهِ، وَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَامِ،(3) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ أَهْلِي عِشَاءً، فَوَجَدْتُ عِنْدَهَا رَجُلًا، فَرَأَيْتُ بِعَيْنَيَّ، وَسَمِعْتُ بِأُذُنَيَّ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا جَاءَ بِهِ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ،(1) فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «البَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ»(2). يُرَدِّدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِرَارًا،(4) وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ، فَقَالُوا: قَدِ ابْتُلِينَا بِمَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، الْآنَ يَضْرِبُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَيُبْطِلُ شَهَادَتَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِي مِنْهَا مَخْرَجًا، فَقَالَ هِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَرَى مَا اشْتَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا جِئْتُ بِهِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ،(1) وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الْجَلْدِ،(4).
فلما - ذُكِرَ التَّلَاعُنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ،(9) فَأَتَاهُ عُوَيْمِرًا، وَكَانَ عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ سَيِّدَ بَنِي عَجْلاَنَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ،(5) فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلَّا لِقَوْلِي،(9)
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَتَكَلَّمَ، جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَ، قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ، سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، وَاللهِ لَأَسْأَلَنَّ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ،([9]) فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ،(6). فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَتَكَلَّمَ، جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَ، قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ سَكَتَ، سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ،([10]) فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،(6). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَيِّنْ، اللَّهُمَّ بَيِّنْ»(10)- أو قال -: «اللهُمَّ افْتَحْ وَجَعَلَ يَدْعُو»([11]).
- فبينما هلال على ما تقدم - فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ بِضَرْبِهِ إِذْ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْوَحْيُ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ عَرَفُوا ذَلِكَ فِي تَرَبُّدِ جِلْدِهِ يَعْنِي، فَأَمْسَكُوا عَنْهُ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الوَحْيِ، فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6] الْآيَةَ كُلَّها، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: «أَبْشِرْ يَا هِلَالُ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» فَقَالَ هِلَالٌ: قَدْ كُنْتُ أَرْجُو ذَاكَ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَرْسِلُوا إِلَيْهَا» فَأَرْسَلُوا إِلَيْهَا، فَجَاءَتْ، فَتَلَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهِمَا، وَذَكَّرَهُمَا، وَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَذَابَ الْآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا، فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ صَدَقْتُ عَلَيْهَا، فقالَتْ: كَذَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَاعِنُوا بَيْنَهُمَا» ، فَقِيلَ لِهِلَالٍ: اشْهَدْ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْخَامِسَةِ، قِيلَ: «يَا هِلَالُ، اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكَ الْعَذَابَ» فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَيْهَا، كَمَا لَمْ يَجْلِدْنِي عَلَيْهَا، فَشَهِدَ فِي الْخَامِسَةِ: أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا: «اشْهَدِي أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ: إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ» فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قِيلَ لَهَا: «اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكِ الْعَذَابَ»، فَتَلَكَّأَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي، فَشَهِدَتْ فِي الْخَامِسَةِ: أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَنْ لَا يُدْعَى وَلَدُهَا لِأَبٍ، وَلَا تُرْمَى هِيَ بِهِ وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا، وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَقَضَى أَنْ لَا بَيْتَ لَهَا عَلَيْهِ، وَلَا قُوتَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ، وَلَا مُتَوَفًّى عَنْهَا، وَقَالَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُصَيْهِبَ، أُرَيْسِحَ، حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِهِلَالٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا، جُمَالِيًّا، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ» فَجَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ، جَعْدًا، جُمَالِيًّا، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْلَا الْأَيْمَانُ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ»(1) أو قال -: «لَوْلَا مَا سَبَقَ فِيهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ»(4).
فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ، جَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ عَاصِمٌ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَسْطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا»(6) فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْمُلاَعَنَةِ بِمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَلاَعَنَهَا،(5) وَقَالَ: «اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ»([12])، وَكَانَتْ حُبْلَى، فَقَالَ زَوْجُهَا: وَاللهِ مَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ عَفَرْنَا النَّخْلَ، وَالْعَفْرُ: أَنْ يُسْقَى النَّخْلُ بَعْدَ أَنْ يُتْرَكَ مِنَ السَّقْيِ بَعْدَ الْإِبَارِ بِشَهْرَيْنِ، قال:وَكَانَ زَوْجُهَا حَمْشَ السَّاقَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ، أَصْهَبَ الشَّعَرَةِ، وَكَانَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ ابْنَ السَّحْمَاءِ،(8) قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ(6). فَفَرَّقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ»([13]) ، فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا فِي المُتَلاَعِنَيْنِ، (5) قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي؟ قَالَ: «لاَ مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا، فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا»([14]).ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «انْظُرُوا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ العَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا»، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ.(5) فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ: أَهِيَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ»؟، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَا تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ السُّوءَ»(9).
بهذا السياق تلتئم الروايات في سبب نزول آية اللعان وما وقع من خلاف في روايات الصحابة رضوان الله عليهم لهذه الواقعة فكل منهم تحدث بما رأى أو سمع أو حفظ، وليس هناك تضارب أو تعارض لأنه لا يقال أن أحدهم قد شهد الأحداث كلها، إذ أن الظاهر من الروايات أن ذلك حدث على مدار يومين أو ثلاثة.
فأرجو من الله أن أكون قد وفقت في سرد الأحداث وربط الروايات بعضها ببعض.
وفي خاتمة البحث أتوجه إلى الله سبحانه بالشكر على توفيقه ، كما أتقدم بالشكر لأخي الحبيب الفاضل /أبو زياد محمود غانم ، على مناقشته المثمرة فلولاه ما تطرقنا إلى بحث هذا المسألة، فأسأل الله تعالى أن يجازه خير الجزاء، وأن يكتب له ثواب هذا العمل وزيادة.
كما أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالص لوجهه الكريم ولا يجعل فيه شيء لأحد غيره، وألا يجعل فيه حظاً للنفس أو الشيطان، هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان خطأ أو زلل فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله منه براء .
وصل اللهم على نبينا الكريم، والحمد لله رب العالمين .
كتبه /الفقير إلى الله/أبو عمار محمد بن عبد الستار الفيديميني

([1]) انظر هذا الأقوال : المحرر في أساب النزول ( 2/730 وما بعده ) لخالد المزيني بتصرف، تفسير القرطبي ( 12/184 ) ط/دار الكتب المصرية، تفسير ابن عطية ( 4/166 )، أحكام القرآن لابن العربي ( 3/349 وما بعدها )، شرح النووي على مسلم ( 10/119 120 )، فتح الباري لابن حجر ( 8/450 ).

([2]) تفسير ابن عطية ( 4/166 ).

([3]) انظر : فتح القدير للشوكاني ( 4/13 )، روح المعاني للألوسي ( 9/302 )، مناهل العرفان للزرقاني ( 1/118 119 )، المدخل لدراسة القرآن . للشيخ / أبو شهبة ( 1/ 149 )، مباحث في علو القرآن لمناع القطان ( 1/84 )، أصول التفسير لابن العثيمين ( 1/14 )، سلسلة التفسير للعدوي ( 33/10 )، دراسات في علوم القرآن ( 1/159 ) د. بكر إسماعيل، الصحيح المسند من أسباب النزول ( 1/143 144 ) للوادعي .

([4]) ذكر ابن اسحاق أنها كانت في شعبان سنة ست وتبع ابن إسحاق في هذا خليفة بن خياط وابن جرير الطبري، وابن حزم وابن عبد البر وابن العربي، وابن كثير، وابن الأثير وابن خلدون، والمباركفوري، والجزائري.
بينما ذهب وسى بن عقبة إلى أنها في شعبان سنة خمس ورجحه الحاكم والبيهقي والذهبي وابن حجر والبوطي والصابوني، وغيرهم . [ انظر تحقيق ذلك : مرويات غزوة بني المصطلق للدكتور/إبراهيم قريبي ص89 وما بعدها، زاد المعاد لابن القيم 3/237 ، تاريخ ابن خلدون 2/446 ، شرح المواهب للزرقاني 3/3 4 ، الرحيق المختوم 1/298 ]

([5]) انظر : سيرة ابن هشام ( 2/289 وما بعدها )، تاريخ الطبري ( 2/594 )، جوامع السيرة لابن حزم ( 1/161 وما بعدها )، الدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر ( 1/188 )، دلائل النبوة للبيهقي ( 5/469 )، عيون الأثر ( 2/128 )، البداية والنهاية ( 4/178 )، الرحيق المختوم ص298 .

([6]) انظر : الطبقات لابن سعد ( 8/380 383 ) دار صادر .

([7]) البخاري ( 5232 )، ومسلم ( 2172 ).

([8]) الأرقام باللون الأحمر عقب النص هي إشارة إلى رقم الحديث في هذا البحث، أي أن القطعة السابقة مجتزئة من الحديث الذي هذا رقمه .

([9]) مسلم ( 1495 ) من حديث ابن مسعود، وأبو داود، وابن ماجه، وأحمد، وغيرهم .

([10]) المصادر السالفة .

([11]) المصادر السالفة .

([12]) البخاري ( 5349 )، ومسلم ( 1493 ) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

([13]) البخاري ( 6748 )، ومسلم ( 1494 ) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

([14]) البخاري ( 5350 )، ومسلم ( 1493 ) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 03:49 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات