((مآثر و مشاهد ممّا رأيته منَ الوالد))((رحمه الله))

[منتدى اهل الحديث]

((مآثر و مشاهد ممّا رأيته منَ الوالد))((رحمه الله))

سأُخيّط قلوب المُصابين على فراق والدي الحبيب و أختم على ذه القلوب ممّا رأيته أو سمعته....علّ الكلم يطيب و الجرح يبرأ.

1- مشهد: عندما أظلم الهاتف برنّة حملتْ اليّ الحزن...والدك توفي...لم أتمالك إزاء ذه الصّدمة ... فسبق لساني عقلي ليقول بصوتٍ خافتٍ مكذّباِ خبر الوفاة ...لا...لا...لا.

2-ممّا يُؤثر عنه: حبّه لجميع أبنائه و بناته فقد كررها أكثر من مرة على مسمعٍ منّي و مرأى ...يخشى عليهم من مخالب الغدر و جوارح المكر.

3-مشهد: لمّا رأيته في برّاد المشفى...و فرائصي ترتعد من البرد...صرختُ في أعماق نفسي...كيف طابتْ لذوي قساة القلوب أنْ تضع والدي في برّادَ ٍ لا يعرف الدفئ!!!

4- ممّا يُؤثر عنه:كان في السّنوات الأخيرة يحسب لشهر شباط الف حسابٍ...حتى جاء ذا الشّهر من ذه السّنة...فلم يكنْ في حُسبانه فنزل به هاذم اللذّات...فلم يتركه الاّ مفارقاً للأحبّة...فصادف موته في نفس شهر موت أمّه (يرحمها الله تعالى)

5-مشهد:عندما وقعتْ عيناي عليه و هو على المغسل...تذكرتُ يوم كنتُ آتيه و هو نائم و لسان حاله: إنّي لأجد ريح عليّ...فيهشّ لي و يبشّ فيُعدّل جلسته...مالي لا أراك تتحرّك يا حبيب قلبي!!!ها أنا بجانبك...الله المستعان.

6-ممّا يُؤثر عنه:عندما أجريت والدتي (حفظها الله لنا) عملية منذ أشهرٍ...رأيتُ حنان والدي ينحني ليطبع على والدتي قبلة...الرأفة و السكينة و أراد أنْ يبقى خدمة لها في أجمل صورة للوفاء.

7-مشهد:رأيتُ دويبة (دودة الأرض) بُعيدَ رمي التّراب على القبر...فهممتُ أنْ أقتلها...فقلتُ : دعها فإنها مأمورة...علّ الله ساق لها رزقها و الله المستعان...فالأرض و الديدان لا تأكل أجساد الأنبياء..و تأكل الصالحين الاّ إذا عجّل الله بإكرامهم.

8-ممّا يُؤثر عنه:ذات مرّة كان الطبيب يسحب من جسده المياه...فتوجّع و سالتْ دمعة تُحاكي مقدار ألمه و وجعه!!! فأشأرتْ اليه والدتي أنْ أخفي دمعتك...حتى لا أراها فأتأثّرُ بها...فقال كلمة لو مُزجتْ بماء البحر لمزجته...إني موجوع...ما زلتُ حتى اللحظة و الله أسمع صداها.

9-مشهد:كان مسجّى ببردة...و لمّا كشفتُ عن وجهه...تذكرتُ الصدّيق رضي الله عنه كيف قبّل النّبيّ صلى الله عليه و سلّم يوم وفاته...فقبلته بين عينيه.

10-ممّا يُؤثر عنه: كان يُوصي بالاّ أُخبر بمرضه...حتى لا يُحمّلني همّه...أهٍ لو رأيتَ يا غاليَ...لقد بكيتك دمعا و ماء يكفي غُسل أحدنا و وضوء الرهط منه.

11-مشهد:قبل وفاته بسويعاتِ...قرأتُ الموت على ناصيته...و سمعته من لسانه...فقد تغيّرت مخارج حروفه...لم أفهم منه الاّ قوله ...الله يرضى عليك مرتين.

12- مشهد: كانت أمنتي طوال حياتي أنّ أقبّل والدي على يده...و كان يمتنع عن ذلك فيرى من نفسه أنّه لا يستحقها!!!! و عندما انفردتُ به...و نحن نغسّله...هممتُ أنّ أحقق تلك الأمنية...فقلتُ في نفسي...ما كنتُ لأعصيه و هو حيّ ءأرضاه و هو ميّت...و الله المستعان.

13-ممّا يُؤثر عنه:رغم أنّني من غسّله و كفّنه و صلّى عليه و أنزله القبر...لم أستوعب خبر موته!!!فسألتُ رزونة ابنتي (كما كان يُسمّيها) أين جدّه...فقالت بلسان الطفولة...مات ددو (جدو) أيّا (الله) يحممه (يرحمه) فتأكّد خبر وفاته و الله المستعان.

بهذا أختم حياة والدي ممزوجة بوفاته....فقد ملأ غيابه دنياي...فقد خصصتُ له ورداً في سجودي...يا ليتني أكون ذاك الولد الصالح...صدقة تجري بالحسنات اليه.
كتبه: علي سعد سليم
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك