صفات الخطيب و الخطبة يوم الجمعة

[منتدى اهل الحديث]

صفات الخطيب و الخطبة يوم الجمعة

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله ، اما بعد،،

إن من نِعم الله علينا أن جعل لنا يوم الجمعة عيداً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين فمن جاء الجمعة فليغتسل ". رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وفضّلهُ على باقي ايام الاسبوع، فهو خير يوم طلعت علية الشمس كما روى مسلم في صحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ، فيه خُلق ادم، وفيه ادخل الجنة ، وفيه اخرج منها، ولا تقوم الساعة الا في يوم الجمعة " مسلم (854)

ومن الأمور التي خصها الله بهذا اليوم هي خطبة الجمعة، وهي خطبة للمسلمين يجتمع عليها الناس في هذا اليوم، فحُق لكل مسلم أن يهتم بهذا اليوم العظيم وحق لكل أمام وكل خطيب ان يهتم بالخطبة التي يمليها على الناس في هذا اليوم العظيم، وأن يغتنم هذا الفرص التي تَجّمع بها المسلمون ليُذكرهم بالله عز وجل، وهذا الاهتمام يكون بتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

حكم خطبة الجمعة :

اختلف العلماء على حكم خطبة الجمعة ، والراجح أن الخطّبة سنة للجمعة قال الشوكاني :( والظاهر ما ذهب إليه الحسن البصري وداود الظاهري والجويني من أن الخطبة مندوبة فقط ) نيل الاوطار 3-325
وهو مروي عن الإمام مالك، وبه قال ابن حزم المحلى 5/57.


صفات الخطيب و الخطبة يوم الجمعة

من الامور المستحبة التي كان يداوم عليها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في خطبة الجمعة :


1- إستقبال الناس :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقبل الناس بوجهه ويستقبله الناس اذا صعد على المنبر كما ورد عن البراء بن عازب قال : “… فتقدم فصلى ركعتين ثم سلم ثم استقبل الناس بوجهه وأعطي قوسا أو عصا فاتكأ عليها فحمد الله وأثنى عليه " أخرجه البيهقي (3/300) وحسنة الألباني ( صحيح ابي داود ( 4/307)

2- متوكئا على قوس أو عصا:
وعن الحكم بن حزن الكلفي رضي الله عنه قال : ( … شهدنا الجمعة فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوكئا على قوس أو قال على عصا فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال : أيها الناس إنكم لن تفعلوا ولن تطيقوا كل ما أمرتم ولكن سددوا وأبشروا ) أبو داود (1096) حسنة الالباني (صحيح ابي داود 4/261)
- قال الشوكاني :(فيه مشروعية الاعتماد على سيف أو عصى حال الخطبة، قيل والحكمة في ذلك الاشتغال عن العبث وقيل إنه أربط للجأش)( نيل الاوطار 3-330 )

3- إذا صعد المنبر سلم :
فعن جابر رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا صعد المنبر سلم ) رواه ابن ماجه - وصححة الألباني في " السلسلة الصحيحة “5/ 106


4- يخطب قائماً :
عن جابر بن سمرة: " أن النبي صلى الله علية وسلم كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائماً، فمن أنبأك أنهُ كان يخطُبُ جَالِساً، فقد كذب " . مسلم (862)
قال ابن عمر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس " . متفق عليه


5- يستفتح بخطبة الحاجة :
" كان رسول الله صلى الله علية وسلم اذا خطب، …. يقول : أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " . أخرجه مسلم 867

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : " كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه ثم يقول على أثر ذلك وقد علا صوته "
رواه مسلم ( 3 / 11 )

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " قال كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء ". أبي داود4841 صححة الألباني ( صحيح الترمذي ( 1118 ))
اليد الجذماء: اي اليد المقطوعة

6- يوافق قلبة قوله :
وعن جابر رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم " رواه مسلم (867)
صبحكم ومساكم : أي أتاكم العدو وقت الصباح أو وقت المساء

7- وان يقصر في خطبته ويطيل في صلاته :
عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة " مسلم (869)
والمئنة : علامة ودليل

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : " كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قصدا وخطبته قصدا " مسلم (2040)
قصدا : القصد في الشيء هو الاقتصاد فيه وترك التطويل

8- يخطب خطبتين :
قال ابن عمر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس " . متفق عليه

و عن جابر بن سمرة: " أن النبي صلى الله علية وسلم كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائماً .. . " مسلم 862

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا ) البخاري (928)

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : ( كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ ) مسلم (862)


9 - ولا بأس بقرأة الاقران احيناً :
عن أم هشام بنت حارثة ابن النعمان قالت : " ما أخذت ( ق والقرآن المجيد ) إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس " مسلم 873
- قال الشيخ عبد الله الفوزان :( ظاهر الحديث ان سورة (ق) تقرأ كل جمعة لأن قولها ( كل جمعة ) صيغة عموم، لكن الظاهر أن هذا محمول على الغالب أو أنه من العام المخصوص، لأنه ورد ما يدل على أن النبي صلى الله علية وسلم كان لا يلازم سورة معينة أو اية مخصوصة ) (منحة العلام ي شرح بلوغ المرام 4 36/)

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : ( كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ ) مسلم (862)


10 - يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر :
كان رسول الله صلى الله علية وسلم ينهى الناس عن المنكر في الخُطّبة، لِما يكون فيه اذى على الناس أو تشويش عليهم أثناء الخطبة، كتخطي الرقاب، فعن جابر بن عبد الله أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجعل يتخطى الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس فقد آذيت وآنيت . ابن ماجة 1115 -صححة الالباني ، التعليق الرغيب ( 1 / 256 )
وآنيت : بهمزة ممدودة أي أبطأت وتأخرت
و يأمر بالمعروف، كما قال جابر رضي الله عنه: ( دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال أصليت قال لا قال قم فصل ركعتين ) بخاري 931
فأجاز للخَطّيب أن ينكر على من يُشوش أو يؤذي الناس كلأزعاج بالهاتف أو بالتحدث أثناء الخطبة أو بالعبث بأدوات المسجد.
ويأمرهم بالمعروف، كأن يأمرهم بالأفساح والتوسع لاخوانهم الذين لا يجدون مجلساً يجلسون فيه ،
ويجوز تحدث الخَطّيب أثناء الخطبة لأمر عارض كنقطاع مكبر الصوت، أو الكهرباء أو غير ذلك من الامور العارضة.



11- ولا بأس ان يدع الخطيب احياناً :

كان رسول الله صلى الله علية وسلم يدعو أحياناً في خطبة الجمعة ولم يداوم عليها، فلا بأس بأن يدعو الخطّيب في خطبة الجمعة، وبخاصة اذا زلت بالمسلمسن نازلة، كالرجل الذي سأل الرسول الجفاف من المطر.

وسُئِل أنس رضي الله عنه هل كان نبي الله صلى الله عليه و سلم يرفع يديه ؟ قال : قيل يوم الجمعة يا رسول الله قحط المطر و أجدبت الأرض و هلك المال قال : فرفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه …) ( صحيح ابن خزيمة (3-145 ) صححة الالباني
واختلف برف اليدين على المنبر :
فعن سهل بن سعد قال:( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهرا يديه قط يدعو على منبر ولا غيره ما كان يدعو إلا يضع يديه حذو منكبيه ويشير بأصبعه إشارة) مسند الامام أحمد /37 22855

وعن حصين بن عبد الرحمن قال رأى عمارة بن رؤيبة بشر بن مروان وهو يدعو فى يوم جمعة فقال عمارة قبح الله هاتين اليدين. قال زائدة قال حصين حدثنى عمارة قال لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر ما يزيد على هذه يعنى السبابة التى تلى الإبهام. ابي داود 1106- صححة الالباني

قال النووي : فيه أن السنة أن لا يرفع اليد في الخطبة ، وهو قول مالك وأصحابنا وغيرهم . وحكى القاضي عن بعض السلف وبعض المالكية إباحته لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى . وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض . انتهى .
اما تخصيص الدعاء في الخطبة كتخصيص الخلفاء الراشدين أو غيرهم فلا يجوز، قال الشيخ عبد الله الفوزان :(هذا لا أصل له ولا دليل علية، بل نص جمع من أهل العلم كالشاطبي ومن قبلة العز بن عبد السلام وغيرهما انه بدعة، اذ لم يكن ذلك شأن السلف، بل يدعو للمسلمين عامة ) (منحة العلام في شرح بلوغ المرام 4/ 75)
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك