|
10-07-2015, 04:24 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 377,285
|
|
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 102)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 101)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...98#post2198698
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَمِائَةٍ
فَفِيهَا كَانَ اجْتِمَاعُ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ , وَذَلِكَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ رَكِبَ مِنْ وَاسِطٍ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا ابْنَهُ مُعَاوِيَةَ , وَسَارَ هُوَ فِي جَيْشٍ , وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَخُوهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ حَتَّى بَلَغَ مَكَانًا يُقَالُ لَهُ : الْعَقْرُ .
وَانْتَهَى إِلَيْهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي جُنُودٍ لَا قِبَلَ لِيَزِيدَ بِهَا , وَقَدِ الْتَقَتِ الْمُقَدَّمَتَانِ أَوَّلًا , فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا , فَهَزَمَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَهْلَ الشَّامِ
ثُمَّ تَذَامَرَ أَهْلُ الشَّامِ , فَحَمَلُوا عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَكَشَفُوهُمْ , فَهَزَمُوهُمْ , وَقَتَلُوا مِنْهُمْ جَمَاعَةً مِنَ الشُّجْعَانِ , مِنْهُمُ : الْمَنْتُوفُ , وَكَانَ شُجَاعًا مَشْهُورًا , وَكَانَ مِنْ مَوَالِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ
وَلَمَّا اقْتَرَبَ مَسْلَمَةُ وَابْنُ أَخِيهِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ جَيْشِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ , خَطَبَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ النَّاسَ , وَحَرَّضَهُمْ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ , وَكَانَ مَعَ يَزِيدَ نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا ، قَدْ بَايَعُوهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ , وَعَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَى أَنْ لَا تَطَأَ الْجُنُودُ بِلَادَهُمْ , وَعَلَى أَنْ لَا تُعَادَ عَلَيْهِمْ سِيرَةُ الْفَاسِقِ الْحَجَّاجِ , وَمَنْ بَايَعَنَا عَلَى ذَلِكَ قَبِلْنَا مِنْهُ , وَمَنْ خَالَفَنَا قَاتَلْنَاهُ .
وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ يُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى الْكَفِّ وَتَرْكِ الدُّخُولِ فِي الْفِتْنَةِ , وَيَنْهَاهُمْ أَشَدَّ النَّهْيِ , وَذَلِكَ لِمَا وَقَعَ مِنَ الشَّرِّ الطَّوِيلِ الْعَرِيضِ فِي أَيَّامِ ابْنِ الْأَشْعَثِ , وَمَا قُتِلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنَ النُّفُوسِ الْعَدِيدَةِ , وَجَعَلَ الْحَسَنُ يَخْطُبُ النَّاسَ , وَيَعِظُهُمْ فِي ذَلِكَ , وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْكَفِّ
فَبَلَغَ ذَلِكَ نَائِبَ الْبَصْرَةِ مَرْوَانَ بْنَ الْمُهَلَّبِ , فَقَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا ، فَأَمَرَهُمْ بِالْجِدِّ وَالْجِهَادِ وَالنَّفِيرِ إِلَى الْقِتَالِ , ثُمَّ قَالَ : وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا الشَّيْخَ الضَّالَّ الْمُرَائِيَ - وَلَمْ يُسَمِّهِ - يُثَبِّطُ النَّاسَ عَنَّا , أَمَا وَاللَّهِ لَيَكُفَنَّ عَنْ ذَلِكَ , أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ , وَتَوَعَّدَ الْحَسَنَ
فَلَمَّا بَلَغَ الْحَسَنَ قَوْلُهُ , قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ مَا أَكْرَهُ أَنْ يُكْرِمَنِي اللَّهُ بِهَوَانِهِ . فَسَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى زَالَتْ دَوْلَتُهُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ الْجُيُوشَ لَمَّا تَوَاجَهَتْ تَبَارَزَ النَّاسُ قَلِيلًا , وَلَمْ تَنْشَبِ الْحَرْبُ شَدِيدًا , فَلَمْ يَثْبُتْ أَهْلُ الْعِرَاقِ حَتَّى فَرُّوا سَرِيعًا , وَبَلَغَهُمْ أَنَّ الْجِسْرَ الَّذِي جَاءُوا عَلَيْهِ قَدْ حُرِقَ فَانْهَزَمُوا
فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ مَا بَالُ النَّاسِ ؟ , وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأَمْرِ مَا يُفَرُّ مِنْ مِثْلِهِ ؟
فَقِيلَ لَهُ : إِنَّهُ بَلَغَهُمْ أَنَّ الْجِسْرَ قَدْ حُرِقَ .
فَقَالَ : قَبَّحَهُمُ اللَّهُ .
ثُمَّ رَامَ أَنْ يَرُدَّ الْمُنْهَزِمِينَ , فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ
فَثَبَتَ فِي عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ , وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَسَلَّلُونَ مِنْهُ ، حَتَّى بَقِيَ فِي شِرْذِمَةٍ مِنْهُمْ قَلِيلَةٍ , وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَسِيرُ قُدُمًا , لَا يَمُرُّ بِخَيْلٍ إِلَّا هَزَمَهُمْ , وَأَهْلُ الشَّامِ يَنْحَازُونَ عَنْهُ يَمِينًا وَشِمَالًا , وَقَدْ قُتِلَ قَبْلَهُ أَخُوهُ حَبِيبُ بْنُ الْمُهَلَّبِ , فَازْدَادَ حَنَقًا وَغَضَبًا , وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْهَبَ , ثُمَّ قَصَدَ نَحْوَ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يُرِيدُ غَيْرَهُ , فَلَمَّا وَاجَهَهُ حَمَلَتْ عَلَيْهِ خُيُولُ الشَّامِ فَقَتَلُوهُ , وَقَتَلُوا مَعَهُ أَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ , وَقَتَلُوا السَّمَيْدَعَ , وَكَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ , وَكَانَ الَّذِي قَتَلَ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : الْقَحْلُ بْنُ عَيَّاشٍ . فَقُتِلَ إِلَى جَانِبِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ .
وَجَاءُوا بِرَأْسِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ إِلَى مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ
فَأَرْسَلَهُ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى أَخِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ , وَاسْتَحْوَذَ مَسْلَمَةُ عَلَى مَا فِي مُعَسْكَرِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ , وَأَسَرَ مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ , فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى الْكُوفَةِ , وَبَعَثَ إِلَى أَخِيهِ فِيهِمْ
فَجَاءَ كِتَابُ يَزِيدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَتْلِهِمْ
وَسَارَ مَسْلَمَةُ فَنَزَلَ الْحِيرَةَ .
وَلَمَّا انْتَهَتْ هَزِيمَةُ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ إِلَى ابْنِهِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ بِوَاسِطٍ , عَمَدَ إِلَى نَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِينَ أَسِيرًا فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُمْ , مِنْهُمْ : عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ رَحِمَهُ اللَّهُ , وَابْنُهُ , وَمَالِكٌ , وَعَبْدُ الْمَلِكِ ابْنَا مَسْمَعٍ , وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَشْرَافِ , ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى أَتَى الْبَصْرَةَ وَمَعَهُ الْخَزَائِنُ مِنَ الْأَمْوَالِ
وَجَاءَ عَمُّهُ الْمُفَضَّلُ بْنُ الْمُهَلَّبِ , فَاجْتَمَعَ آلُ الْمُهَلَّبِ بِالْبَصْرَةِ , فَأَعَدُّوا السُّفُنَ , وَتَجَهَّزُوا أَتَمَّ الْجِهَازِ , وَاسْتَعَدُّوا لِلْهَرَبِ , فَسَارُوا بِعِيَالِهِمْ وَأَثْقَالِهِمْ , فَلَمْ يَزَالُوا سَائِرِينَ حَتَّى أَتَوْا جِبَالَ كَرْمَانَ فَنَزَلُوهَا , وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ فَلَّ مِمَّنْ كَانَ مَعَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ , وَقَدْ أَمَّرُوا عَلَيْهِمُ الْمُفَضَّلَ بْنَ الْمُهَلَّبِ
فَأَرْسَلَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ جَيْشًا , عَلَيْهِمْ هِلَالُ بْنُ أَحْوَزَ الْمَازِنِيُّ فِي طَلَبِ آلِ الْمُهَلَّبِ , فَلَحِقَهُمْ بِجِبَالِ كَرْمَانَ , فَاقْتَتَلُوا هُنَالِكَ قِتَالًا شَدِيدًا , فَقُتِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمُفَضَّلِ , وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ , وَانْهَزَمَ بَقِيَّتُهُمْ , ثُمَّ لَحِقُوا الْمُفَضَّلَ فَقَتَلُوهُ , وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ
وَأَقْبَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ ، فَأَخَذُوا لَهُمْ أَمَانًا مِنْ أَمِيرِ الشَّامِ , مِنْهُمْ : مَالِكُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ النَّخَعِيُّ , ثُمَّ أَرْسَلُوا بِالْأَثْقَالِ وَالْأَمْوَالِ وَالنِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ , فَوَرَدَتْ عَلَى مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَعَهُمْ رَأْسُ الْمُفَضَّلِ , وَرَأْسُ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنَيِ الْمُهَلَّبِ
فَبَعَثَ مَسْلَمَةُ بِالرُّءُوسِ , وَتِسْعَةٍ مِنَ الصِّبْيَانِ الْأَحْدَاثِ الْحِسَانِ إِلَى أَخِيهِ يَزِيدَ
فَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِ أُولَئِكَ , وَنُصِبَتْ رُءُوسُهُمْ بِدِمَشْقَ , ثُمَّ أَرْسَلَهَا إِلَى حَلَبَ فَنُصِبَتْ بِهَا , وَحَلَفَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لَيَبِيعَنَّ ذَرَارِيَّ آلِ الْمُهَلَّبِ , فَاشْتَرَاهُمْ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ إِبْرَارًا لِقَسَمِهِ بِمِائَةِ أَلْفٍ , فَأَعْتَقَهُمْ وَخَلَّى سَبِيلَهُمْ , وَلَمْ يَأْخُذْ مَسْلَمَةُ مِنْ ذَلِكَ الْأَمِيرِ شَيْئًا .
وِلَايَةُ مَسْلَمَةَ عَلَى بِلَادِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ حَرْبِ آلِ الْمُهَلَّبِ , كَتَبَ إِلَيْهِ أَخُوهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِوِلَايَةِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَخُرَاسَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ
فَاسْتَنَابَ عَلَى الْكُوفَةِ وَعَلَى الْبَصْرَةِ , وَبَعَثَ عَلَى خُرَاسَانَ خَتَنَهُ زَوْجَ ابْنَتِهِ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعاصِ , الْمُلَقَّبِ بِخُذَيْنَةَ
فَسَارَ إِلَيْهَا , فَحَرَّضَ أَهْلَهَا عَلَى الصَّبْرِ وَالشَّجَاعَةِ , وَعَاقَبَ عُمَّالًا مِمَّنْ كَانَ يَنُوبُ لِيَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ , وَأَخَذَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا جَزِيلَةً , وَمَاتَ بَعْضُهُمْ تَحْتَ الْعُقُوبَةِ .
ذِكْرُ وَقْعَةٍ جَرَتْ بَيْنَ التُّرْكِ وَالْمُسْلِمِينَ
وَذَلِكَ أَنَّ خَاقَانَ الْمَلِكَ الْأَعْظَمَ مَلِكَ التُّرْكِ , بَعَثَ جَيْشًا إِلَى الصُّغْدِ لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ , عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ : كُورْصُولُ .
فَأَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى قَصْرِ الْبَاهِلِيِّ , فَحَصَرَهُ وَفِيهِ خَلْقٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
فَصَالَحَهُمْ نَائِبُ سَمَرْقَنْدَ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا , وَدَفَعَ إِلَيْهِمْ سَبْعَةَ عَشَرَ دِهْقَانًا رَهَائِنَ عِنْدَهُمْ , ثُمَّ نَدَبَ عُثْمَانُ النَّاسَ
فَانْتَدَبَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : الْمُسَيَّبُ بْنُ بِشْرٍ الرِّيَاحِيُّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ , فَسَارُوا نَحْوَ التُّرْكِ , فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ خَطَبَ النَّاسَ فَحَثَّهُمْ عَلَى الْقِتَالِ , وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ ذَاهِبٌ إِلَى الْأَعْدَاءِ لِطَلَبِ الشَّهَادَةِ
فَرَجَعَ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ , ثُمَّ لَمْ يَزَلْ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ يَخْطُبُهُمْ , وَيَرْجِعُ عَنْهُ بَعْضُهُمْ , حَتَّى بَقِيَ فِي سَبْعِمِائَةِ مُقَاتِلٍ , فَسَارَ بِهِمْ حَتَّى غَالَقَ جَيْشَ الْأَتْرَاكِ وَهُمْ مُحَاصِرُو ذَلِكَ الْقَصْرِ ، وَقَدْ عَزَمَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ هُمْ فِيهِ عَلَى قَتْلِ نِسَائِهِمْ وَذَبْحِ أَوْلَادِهِمْ أَمَامَهُمْ , ثُمَّ يَنْزِلُونَ فَيُقَاتِلُونَ حَتَّى يُقْتَلُوا عَنْ آخِرِهِمْ .
فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ الْمُسَيَّبُ يُثَبِّتُهُمْ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ
فَثَبَتُوا
وَمَكَثَ الْمُسَيَّبُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ كَبَّرَ , وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ , وَقَدْ جَعَلُوا شِعَارَهُمْ يَا مُحَمَّدُ , ثُمَّ حَمَلُوا عَلَى التُّرْكِ حَمْلَةً صَادِقَةً , فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا , وَعَقَرُوا دَوَابَّ كَثِيرَةً
وَنَهَضَ إِلَيْهِمُ التُّرْكُ , فَقَاتَلُوهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا , حَتَّى فَرَّ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ , وَضُرِبَتْ دَابَّةُ الْمُسَيَّبِ فِي عَجُزِهَا فَتَرَجَّلَ عَنْهَا , وَتَرَجَّلَ مَعَهُ الشُّجْعَانُ , فَقَاتَلُوا وَهُمْ كَذَلِكَ قِتَالًا عَظِيمًا
وَالْتَفَّتِ الْجَمَاعَةُ بِالْمُسَيَّبِ , وَصَبَرُوا حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَفَرَّ الْمُشْرِكُونَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ هَارِبِينَ لَا يَلْوُونَ عَلَى شَيْءٍ , وَقَدْ كَانَ الْأَتْرَاكُ فِي غَايَةِ الْكَثْرَةِ
فَنَادَى مُنَادِي الْمُسَيَّبِ : أَنْ لَا تَتْبَعُوا أَحَدًا مِنْهُمْ , وَعَلَيْكُمْ بِالْقَصْرِ وَأَهْلِهِ .
فَاحْتَمَلُوهُمْ وَحَازُوا مَا فِي مُعَسْكَرِ أُولَئِكَ الْأَتْرَاكِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ النَّفِيسَةِ , وَانْصَرَفُوا رَاجِعِينَ سَالِمِينَ بِمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَحْصُورِينَ
وَجَاءَتِ التُّرْكُ مِنَ الْغَدِ إِلَى الْقَصْرِ ، فَلَمْ يَجِدُوا بِهِ دَاعِيًا وَلَا مُجِيبًا , فَقَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَقُونَا بِالْأَمْسِ لَمْ يَكُونُوا إِنْسًا , إِنَّمَا كَانُوا جِنًّا .
ثُمَّ غَزَا سَعِيدٌ الْمُلَقَّبُ : خُذَيْنَةُ أَمِيرُ خُرَاسَانَ بِلَادَ الصُّغْدِ , وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَعَانُوا الْكُفَّارَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا , فَسَارَ إِلَيْهِمْ , فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى نَصَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ , وَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ , وَأَخَذَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا جَزِيلَةً , وَقَبَضَ مَا وَجَدَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْحَوَاصِلِ .
وَفِيهَا عَزَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَاهُ مَسْلَمَةَ عَنْ إِمْرَةِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ , وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَصْرِفُ أَمْوَالَ الْغَنِيمَةِ فِيمَا يُرِيدُ , وَلَمْ يَصْرِفْ إِلَى أَخِيهِ يَزِيدَ شَيْئًا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ , وَطَمِعَ فِي أَخِيهِ , فَعَزَلَهُ عَنْهَا , وَوَلَّى عَلَيْهَا بَدَلَهُ عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ عَلَى الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ .
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا أَمِيرُ الْمَدِينَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ .
مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ
عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ الْفَزَارِيُّ
نَائِبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْبَصْرَةِ
وَهُوَ الَّذِي قَبَضَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ , وَبَعَثَ بِهِ مُقَيَّدًا إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَمَرَ عُمَرُ بِسَجْنِهِ , فَلَمَّا مَرِضَ عُمَرُ هَرَبَ مِنَ السِّجْنِ , فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ ظَهَرَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ , ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ أَبِيهِ , أَخْرَجَ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَاةَ هَذَا مِنَ الْحَبْسِ وَقَتَلَهُ , وَقَتَلَ مَعَهُ جَمَاعَةً نَحْوَ ثَلَاثِينَ إِنْسَانًا .
يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ
كَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ الْمَشْهُورِينَ
وَلَهُ فُتُوحَاتٌ كَثِيرَةٌ
وَكَانَ جَوَادًا مُمَدَّحًا , لَهُ أَخْبَارٌ فِي الْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ
وَآخِرُ أَمْرِهِ أَنَّهُ قُتِلَ , وَقُتِلَ مِنْ إِخْوَتِهِ وَأَوْلَادِهِ جَمَاعَةٌ , وَأُخِذَتْ أَمْوَالُهُ وَنِسَاؤُهُ وَأَوْلَادُهُ , وَزَالَ مَا كَانَ فِيهِ
وَقَدْ كَان آل الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ نَحْوَ ثَمَانِينَ نَفْس , وَقَدْ جَمَعُوا شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْجَوَاهِرِ , فَمَا أَفَادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا , بَلْ سُلِبُوا ذَلِكَ جَمِيعَهُ .
الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ الْهِلَالِيُّ , أَبُو الْقَاسِمِ الْخُرَاسَانِيُّ
كَانَ يَكُونُ بِبَلْخٍ وَسَمَرْقَنْدَ وَنَيْسَابُورَ
وَهُوَ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ , رَوَى عَنْ أَنَسٍ , وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ , وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ .
وَكَانَ الضَّحَّاكُ إِمَامًا فِي التَّفْسِيرِ , قَالَ الثَّوْرِيُّ : خُذُوا التَّفْسِيرَ عَنْ أَرْبَعَةٍ : مُجَاهِدٍ , وَعِكْرِمَةَ , وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , وَالضَّحَّاكِ .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : هُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ .
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ , وَأَبُو زُرْعَةَ : وَهُوَ ثِقَةٌ .
وَكَانَ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ حِسْبَةً , وَقِيلَ : إِنَّهُ كَانَ فِي مَكْتَبِهِ ثَلَاثَةُ آلَافِ صَبِيٍّ , وَكَانَ يَرْكَبُ حِمَارًا , وَيَدُورُ مِنَ الْعَلْيَاءِ عَلَيْهِمْ .
مَاتَ وَقَدْ بَلَغَ الثَّمَانِينَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
أَبُو الْمُتَوَكِّلِ عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ النَّاجِيُّ
تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ , ثِقَةٌ , رَفِيعُ الْقَدْرِ .
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|
|
|