شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى السيرة النبوية
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مجمع كامل في مقطع 1 مصحف عبدالرزاق الدليمي مرتل بالتوسط فيديو بكامل الصفحة مصور ملون (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف أحمد الطرابلسي رواية قالون في مقطع واحد كامل فيديو ملون المصحف المصور بكامل الصفحة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مجمع كامل مقطع 1 مصحف أحمد الطرابلسي رواية قالون فيديو بكامل الصفحة مصور ملون (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: فيديو عبد الرزاق الدليمي مرتل بالتوسط مصحف مقسم اجزاء مصورة بكامل الصفحة 30 جزء كامل (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف فارس عباد 128 ب كامل مقسم صفحات صوتية مصورة ملونة mp3 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف فارس عباد مقسم صفحات مرئية ثابتة المصحف المصور ملون كامل فيديو جودة رهيبة mp4 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف أحمد خضر الطرابلسي رواية حفص 128 ك ب كامل مقسم صفحات صوتية مصورة ملونة mp3 (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف فارس عباد في مقطع واحد كامل فيديو ملون المصحف المصور بكامل الصفحة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: فارس - نسخة مزدوجة و نسخة فيديو مصحف فارس عباد مقسم صفحات ملونة مصورة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مجمع كامل مقطع 1 مصحف فارس عباد فيديو بكامل الصفحة مصور ملون (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 04-26-2015, 12:56 PM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 59)

مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 58)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=350110

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ
فِيهَا شَتَّى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ فِي أَرْضِ الرُّومِ فِي الْبَرِّ .
وَفِيهَا وَلَّى مُعَاوِيَةُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادٍ وِلَايَةَ خُرَاسَانَ , وَعَزَلَ عَنْهَا سَعِيدَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
فَصَارَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى الْبَصْرَةِ ,
وَعَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ عَلَى سِجِسْتَانَ ,
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ عَلَى خُرَاسَانَ , وَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا إِلَى زَمَنِ يَزِيدَ , فَقَدِمَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ ,
فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ : كَمْ قَدِمْتَ بِهِ مِنَ الْمَالِ ؟
قَالَ : عِشْرُونَ أَلْفَ أَلْفٍ.
فَقَالَ لَهُ : إِنْ شِئْتَ حَاسَبْنَاكَ , وَإِنْ شِئْتَ سَوَّغْنَاكَهَا وَعَزَلْنَاكَ عَنْهَا , عَلَى أَنْ تُعْطِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ .
قَالَ : بَلْ تُسَوِّغُنِيهَا , وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَأُعْطِيهُ مَا قُلْتَ , وَمِثْلَهَا مَعَهَا .
فَعَزَلَهُ وَوَلَّى غَيْرَهُ .
وَبَعَثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ , وَقَالَ : خَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ مِنْ جِهَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَخَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ مِنْ قِبَلِي .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَفَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ , وَمَعَهُ أَشْرَافُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَالْعِرَاقِ , فَاسْتَأْذَنَ لَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ مِنْهُ , فَكَانَ آخِرَ مَنْ أَدْخَلَهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ : الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ - وَلَمْ يَكُنْ عُبَيْدُ اللَّهِ يُجِلُّهُ -
فَلَمَّا رَأَى مُعَاوِيَةُ الْأَحْنَفَ رَحَّبَ بِهِ وَعَظَّمَهُ وَأَجَلَّهُ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ ,
ثُمَّ تَكَلَّمَ الْقَوْمُ , فَأَثْنَوْا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ , وَالْأَحْنَفُ سَاكِتٌ ,
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : مَا لَكَ يَا أَبَا بَحْرٍ لَا تَتَكَلَّمُ ؟
فَقَالَ : إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُ الْقَوْمَ .
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : انْهَضُوا , فَقَدْ عَزَلْتُهُ عَنْكُمْ , فَاطْلُبُوا وَالِيًا تَرْضَوْنَهُ .
فَمَكَثُوا أَيَّامًا يَتَرَدَّدُونَ إِلَى أَشْرَافِ بَنِي أُمَيَّةَ , يَسْأَلُونَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَوَلَّى عَلَيْهِمْ ,
فَلَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ ذَلِكَ ,
ثُمَّ جَمَعَهُمْ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ : مَنِ اخْتَرْتُمْ ؟
فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ , وَالْأَحْنَفُ سَاكِتٌ ,
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ ؟
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ غَيْرَ أَهْلِ بَيْتِكَ فَرَاءِ رَأْيَكَ .
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : قَدْ أَعَدْتُهُ إِلَيْكُمْ .
ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِيَةَ أَوْصَى عُبَيْدَ اللَّهِ بِالْأَحْنَفِ خَيْرًا , وَقَبَّحَ رَأْيَهُ فِي مُبَاعَدَتِهِ ,
فَكَانَ الْأَحْنَفُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَصَّ أَصْحَابِ عُبَيْدِ اللَّهِ ,
وَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ , لَمْ يَفِ لِعُبَيْدِ اللَّهِ غَيْرُ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ .
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ
وَكَانَ نَائِبَ الْمَدِينَةِ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ
وَعَلَى الْكُوفَةِ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ
وَقَاضِيهَا شُرَيْحٌ ,
وَعَلَى الْبَصْرَةِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ
وَقاضِيهَا هِشَامُ بْنُ هُبَيْرَةَ ,
وَعَلَى خُرَاسَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ,
وَعَلَى سِجِسْتَانَ عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ ,
وَعَلَى كَرْمَانَ شَرِيكُ بْنُ الْأَعْوَرِ الْحَارِثِيُّ , مِنْ قِبَلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.

ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ
قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ ررر
صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ كَأَبِيهِ
خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ .
وَثَبَتَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ مِنَ الْأَمِيرِ .
وَحَمَلَ لِوَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ ,
وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الصَّدَقَةِ .
وَلَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجِرَّاحِ , وَمَعَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , فَأَصَابَهُمْ ذَلِكَ الْجَهْدُ الْكَثِيرُ , فَنَحَرَ لَهُمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ تِسْعَ جَزَائِرَ , حَتَّى وَجَدُوا تِلْكَ الدَّابَّةَ عَلَى سَيْفِ الْبَحْرِ , فَأَكَلُوا مِنْهَا , وَأَقَامُوا عَلَيْهَا شَهْرًا حَتَّى سَمِنُوا.
وَكَانَ قَيْسٌ سَيِّدًا مُطَاعًا كَرِيمًا مُمَدَّحًا شُجَاعًا , وَلَّاهُ عَلِيٌّ نِيَابَةَ مِصْرَ ,
وَكَانَ يُقَاوِمُ بِدَهَائِهِ وَخَدِيعَتِهِ وَسِيَاسَتِهِ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ,
قَالَ قَيْس بْن سَعْدٍ : لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ " لَكُنْتُ مِنْ أَمْكَرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: دُهَاةُ الْعَرَبِ حِينَ ثَارَتِ الْفِتْنَةُ خَمْسَةٌ : مُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ , وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ , وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ , وَكَانَا مَعَ عَلِيٍّ , وَكَانَ الْمُغِيرَةُ مُعْتَزِلًا بِالطَّائِفِ حَتَّى حَكَمَ الْحَكَمَانِ , فَصَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَى مِصْرَ , وَأَخْرَجَ مِنْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ نَائِبَ عُثْمَانَ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ,
فَأَقَرَّهُ عليٌّ عَلَيْهَا عَلَى مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ , ثُمَّ عَزَلَهُ بِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ , فَلَمَّا دَخَلَهَا سَارَ فِيهَا سِيرَةً حَسَنَةً وَضَبَطَهَا , وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ,
فَثَقُلَ أَمْرُهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ وعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , فَكَاتَبَاهُ لِيَكُونَ مَعَهُمَا عَلَى عَلِيٍّ
فَامْتَنَعَ , وَأَظْهَرَ لِلنَّاسِ مُنَاصَحَتَهُ لَهُمَا ,
فَشَاعَ الْخَبَرُ حَتَّى بَلَغَ عَلِيًّا , فَعَزَلَهُ , وَبَعَثَ إِلَى مِصْرَ الْأَشْتَرَ النَّخَعِيَّ ,
فَمَاتَ الْأَشْتَرُ فِي الرَّمْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا ,
فَبَعَثَ عَلِيٌّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ,
فَاسْتَخَفَّهُ مُعَاوِيَةُ وَعَمْرٍو , فَلَمْ يَزَالَا حَتَّى أَخَذَا مِنْهُ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ ,
وَقُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَأُحْرِقَ فِي جِيفَةِ حِمَارٍ .
وَأَقَامَ قَيْسٌ عِنْدَ عَلِيٍّ , فَشَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ وَالنَّهْرَوَانَ , وَلَزِمَ عليًّا حَتَّى قُتِلَ ,
ثُمَّ صَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الْكَلِمَةُ عَلَى مُعَاوِيَةَ جَاءَهُ لِيُبَايِعَهُ كَمَا بَايَعَهُ أَصْحَابُهُ .
قَالَ ابْن عُيَيْنَةَ : قَدِمَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ لِيُبَايِعَهُ كَمَا بَايَعَ أَصْحَابُهُ ,
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : وَأَنْتَ يَا قَيْسُ تُلْجِمُ عَلَيَّ مَعَ مَنْ أَلْجَمَ ؟ , أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ لَا تَأْتِيَ هَذَا الْيَوْمَ إِلَّا وَقَدْ ظَفِرَ بِكَ ظُفْرٌ مِنْ أَظَافِرِي مُوجِعٌ .
فَقَالَ لَهُ قَيْسٌ : وَأَنَا وَاللَّهِ قَدْ كُنْتُ كَارِهًا أَنْ أَقُومَ فِي هَذَا الْمُقَامِ فَأُحَيِّيَكَ بِهَذِهِ التَّحِيَّةِ .
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : وَلِمَ ؟ , وَهَلْ أَنْتَ إِلَّا حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ ؟
فَقَالَ لَهُ قَيْسٌ : وَأَنْتَ يَا مُعَاوِيَةُ كُنْتَ صَنَمًا مِنْ أَصْنَامِ الْجَاهِلِيَّةِ , دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ كَارِهًا , وَخَرَجْتَ مِنْهُ طَائِعًا .
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : اللَّهُمَّ غَفْرًا , مُدَّ يَدَكَ .
فَقَالَ لَهُ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ : إِنْ شِئْتَ زِدْتَ وَزِدْتُ .
ثُمَّ أَكْرَمَهُ مُعَاوِيَةُ وَقَدَّمَهُ وَحَظِيَ عِنْدَهُ .
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ رَجُلًا ضَخْمًا جَسِيمًا صَغِيرَ الرَّأْسِ , لَهُ لِحْيَةٌ فِي ذَقَنِهِ ,
وَكَانَ إِذَا رَكِبَ الْحِمَارَ خَطَّتْ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ .
فَبَيْنَمَا هُوَ مَعَ الْوُفُودِ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ إِذْ قَدِمَ كِتَابُ مَلِكِ الرُّومِ عَلَى مُعَاوِيَةَ , وَفِيهِ أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ بَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِرَجُلَيْنِ مِنْ جَيْشِهِ يَزْعُمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَقْوَى الرُّومِ , وَالْآخَرَ أَطْوَلُ الرُّومِ , فَإِنْ كَانَ فِي جَيْشِكَ مَنْ يَفُوقُهُمَا فِي قُوَّةِ هَذَا وَطُولِ هَذَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْأَسَارَى كَذَا وَكَذَا وَمَنَ التُّحَفِ كَذَا وَكَذَا ,
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جَيْشِكَ مَنْ يُشْبِهُهُمَا فَهَادِنِّي ثَلَاثَ سِنِينَ .
فَلَمَّا حَضَرَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ قَالَ : مَنْ لِهَذَا الْقَوِيِّ ؟
فَقَالُوا : مَا لَهُ إِلَّا أَحَدُ رَجُلَيْنِ ; إِمَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ , أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ.
فَجِيءَ بِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ , وَهُوَ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ,
فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : أَتَعْلَمُ فِيمَ أُرْسَلْتُ إِلَيْكَ ؟
قَالَ : لَا.
فَذَكَرَ لَهُ أَمْرَ الرُّومِيِّ وَشِدَّةَ بِأُسِهِ.
فَقَالَ لَهُ : مَا تُرِيدُ ؟
فَقَالَ : تَجْلِسُ لِي أَوْ أَجْلِسُ لَكَ , وَتُنَاوِلُنِي يَدَكَ أَوْ أُنَاوِلُكَ يَدِي , فَأَيُّنَا قَدَرَ عَلَى أَنْ يُقِيمَ الْآخَرَ مِنْ مَكَانِهِ غَلَبَهُ , وَإِلَّا فَقَدْ غُلِبَ .
فَقَالَ لَهُ : مَاذَا تُرِيدُ ; تَجْلِسُ أَوْ أَجْلِسُ ؟
فَقَالَ لَهُ الرُّومِيُّ : بَلِ اجْلِسْ أَنْتَ .
فَجَلَسَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَعْطَى الرُّومِيَّ يَدَهُ ,
فَاجْتَهَدَ الرُّومِيُّ بِكُلِّ مَا يَقَدْرُ عَلَيْهِ مِنَ الْقُوَّةِ أَنْ يُزِيلَهُ مِنْ مَكَانَهِ أَوْ يُحَرِّكَهُ لِيُقِيمَهُ , فَلَمْ يَقَدِرْ عَلَى ذَلِكَ , وَلَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا , فَغَلَبَ الرُّومِيَّ عِنْدَ ذَلِكَ , وَظَهَرَ لِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْوُفُودِ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ أَنَّهُ قَدْ غَلَبَ ,
ثُمَّ قَامَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ , فَقَالَ لِلرُّومِيِّ : اجْلِسْ لِي .
فَجَلَسَ وَأَعْطَى مُحَمَّدًا يَدَهُ , فَمَا لَبِثَ أَنْ أَقَامَهُ سَرِيعًا , وَرَفَعَهُ فِي الْهَوَاءِ , ثُمَّ أَلْقَاهُ عَلَى الْأَرْضِ ,
فَسُرَّ بِذَلِكَ مُعَاوِيَةُ سُرُورًا عَظِيمًا .
وَنَهَضَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ , فَتَنَحَّى عَنِ النَّاسِ , ثُمَّ خَلَعَ سَرَاوِيلَهُ , وَأَعْطَاهَا لِذَلِكَ الرُّومِيِّ الطَّوِيلِ ,
فَلَبِسَهَا فَبَلَغَتْ إِلَى ثَدْيَيْهِ وَأَطْرَافُهَا تَخُطُّ بِالْأَرْضِ ,
فَاعْتَرَفَ الرُّومُ بِالْغَلَبِ , وَبَعَثَ مَلِكُهُمْ مَا كَانَ الْتَزَمَهُ لِمُعَاوِيَةَ ,
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: قَالَتْ عَجُوزٌ لِقَيْسٍ : أَشْكُو إِلَيْكَ قِلَّةَ الْجِرْذَانِ .
فَقَالَ قَيْسٌ: مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْكِنَايَةَ ! امْلَئُوا بَيْتَهَا خُبْزًا وَلَحْمًا وَسَمْنًا وَتَمْرًا .
وَقَالَ غَيْرُهُ : كَانَتْ لِقيسٍ صَحْفَةٌ يُدَارُ بِهَا حَيْثُ دَارَ , وَكَانَ يُنَادِي لَهُ مُنَادٍ : هَلُمُّوا إِلَى اللَّحْمِ وَالثَّرِيدِ .
وَكَانَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ مِنْ قَبْلِهِ يَفْعَلَانِ كَفِعْلِهِ .
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: اقْتَرَضَ رَجُلٌ مِنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ثَلَاثِينَ أَلْفًا , فَلَمَّا جَاءَ لِيُوَفِّيَهُ إِيَّاهَا قَالَ لَهُ قَيْسٌ : إِنَّا قَوْمٌ إِذَا أَعْطَيْنَا أَحَدًا شَيْئًا لَا نَرْجِعُ فِيهِ .
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ : قَسَّمَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَالَهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ , وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ بِهَا , فَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ وَفَاتِهِ ,
فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ إِلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَا : إِنَّ أَبَاكَ قَسَّمَ مَالَهُ , وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ هَذَا الْوَلَدِ إِذْ كَانَ حَمْلًا , فَاقْسِمُوا لَهُ مَعَكُمْ .
فَقَالَ قَيْسٌ : إِنِّي لَا أُغَيِّرُ مَا فَعَلَهُ سَعْدٌ , وَلَكِنَّ نَصِيبِي لَهُ .
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , فَذَكَرَهُ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ , فَذَكَرَهُ.

مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيُّ ررر
صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ , شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ
وَكَانَ هُوَ الَّذِي يَرْفَعُ أَغْصَانَ الشَّجَرَةِ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُبَايِعُ النَّاسَ تَحْتَهَا , وَكَانَتْ مِنَ السَّمُرِ
وَقَدْ وَلَّاهُ عُمَرُ ررر إِمْرَةَ الْبَصْرَةِ , فَحَفَرَ بِهَا النَّهْرَ الْمَنْسُوبَ إِلَيْهِ , فَيُقَالُ : نَهْرُ مَعْقِلٍ .
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : دَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ عَلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ,
فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَوْ لَمْ أَكُنْ عَلَى حَالَتِي هَذِهِ لَمْ أُحَدِّثْكَ بِهِ , سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « مَنِ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يُحِطْهَا بْنصِيحَةٍ , لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ , وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ "

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ : أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَالْأَشْهُرُ أَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ , وَهُوَ مِنَ الْأَزْدِ , ثُمَّ مِنْ دَوْسٍ .
رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَثِيرَ الطَّيِّبَ , وَكَانَ مِنْ حُفَّاظِ الصَّحَابَةِ ,
وَحَدَّثَ عَنْهُ خَلَائِقُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
كَانَ يَنْزِلُ الْمَدِينَةَ , وَكَانَ إِسْلَامُهُ سَنَةَ خَيْبَرَ .
كَانَ آدَمَ اللَّوْنِ , بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ , ذَا ضَفِيرَتَيْنِ , أَفْرَقَ الثَّنِيَّتَيْنِ .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : لَمَّا أَسْلَمْتُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِمَّنْ أَنْتَ ؟ "
فَقُلْتُ : مِنْ دَوْسٍ .
فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ : " مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ فِي دَوْسٍ رَجُلًا فِيهِ خَيْرٌ »
وَقَدْ لَزِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ , فَلَمْ يُفَارِقْهُ فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ ,
وَكَانَ أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى سَمَاعِ الْحَدِيثِ مِنْهُ , وَتَفَقَّهَ عَنْهُ , وَكَانَ يَلْزَمُهُ عَلَى شِبَعِ بَطْنِهِ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - وَقَدْ تَمَخَّطَ يَوْمًا فِي قَمِيصٍ لَهُ مِنْ كَتَّانٍ -: بَخٍ بَخٍ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ فِي الْكَتَّانِ ! , لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ الْمِنْبَرِ وَالْحُجَرِ مِنَ الْجُوعِ , فَيَمُرُّ الْمَارُّ فَيَقُولُ: بِهِ جُنُونٌ. وَمَا بِي إِلَّا الْجُوعُ , وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كُنْتُ أَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ , وَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ , وَلَقَدْ كُنْتُ أَسْتَقْرِئُ أَحَدَهُمُ الْآيَةَ وَأَنَا أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ , وَمَا بِي إِلَّا أَنْ يَسْتَتْبِعَنِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَيُطْعِمُنِي شَيْئًا . وَذَكَرَ حَدِيثَ اللَّبَنِ مَعَ أَهْلِ الصُّفَّةِ .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : « حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ من العِلم , فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ فِي النَّاسِ , وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ لَقُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ » .
وَهَذَا الْوِعَاءُ الَّذِي كَانَ لَا يَتَظَاهَرُ بِهِ هُوَ الْفِتَنُ وَالْمَلَاحِمُ , وَمَا وَقَعَ بَيْنَ النَّاسِ مِنَ الْحُرُوبِ وَالْقِتَالِ وَمَا سَيَقَعُ , الَّتِي لَوْ أَخْبَرَ بِهَا قَبْلَ كَوْنِهَا لَبَادَرَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى تَكْذِيبِهِ , وَرَدُّوا مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ الْحَقِّ , كَمَا قَالَ : لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّكُمْ تَقْتُلُونَ إِمَامَكُمْ , وَتَقْتَتِلُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ بِالسُّيُوفِ لَمَا صَدَّقْتُمُونِي .
وَقَالَ أَبُو الزُّعَيْزِعَةِ كَاتِبُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ : إنَّ مَرْوَانَ دَعَا أَبَا هُرَيْرَةَ - وَأَقْعَدَهُ ( الكاتب ) خَلْفَ السَّرِيرِ - وَجَعَلَ مَرْوَانُ يَسْأَلُ , وَجَعَلْتُ أَكْتُبُ , حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ رَأْسِ الْحَوَلِ دَعَا بِهِ - وَأَقْعَدَهُ ( الكاتب ) مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ - فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ , فَمَا زَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَا نَقْصَ , وَلَا قَدَّمَ وَلَا أَخَّرَ .
وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ : كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ أَحْفَظِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَكُنْ بِأَفْضَلِهِمْ .
وَقَالَ الرَّبِيعُ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ .
وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ : تَوَاعَدَ النَّاسُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي إِلَى قُبَّةٍ مِنْ قِبَابِ مُعَاوِيَةَ , فَاجْتَمَعُوا فِيهَا ,
فَقَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَحَدَّثَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ .
وَقَالَ شَرِيكٌ , عَنْ مُغِيرَةَ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : كَانَ أَصْحَابُنَا يَدَعُونَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَرَوَى الْأَعْمَشُ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : مَا كَانُوا يَأْخُذُونَ بِكُلِّ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .
قَالَ الثَّوْرِيُّ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : كَانُوا يَرَوْنَ فِي أَحَادِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا , وَمَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ حَدِيثِهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ.
وَقَدِ انْتَصَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ , وَرَدَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.
وَقَدْ قَالَ مَا قَالَهُ إِبْرَاهِيمُ طَائِفَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ , وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِمْ
.
وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ ررر مِنَ الصِّدْقِ وَالْحِفْظِ وَالدِّيَانَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ عَلَى جَانِبٍ عَظِيمٍ.
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ , وَامْرَأَتُهُ ثُلُثَهُ , وَابْنَتُهُ ثُلُثَهُ , يَقُومُ هَذَا , ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا , ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا وَهَذَا .
وَقَالَ أَبو هُرَيْرَةَ : نَشَأَتُ يَتِيمًا , وَهَاجَرَتُ مِسْكِينًا , وَكُنْتُ أَجِيرًا لِابْنةِ غَزْوَانَ بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةِ رِجْلِي , أَحْدُو بِهِمْ إِذَا رَكِبُوا , وَأَحْتَطِبُ إِذَا نَزَلُوا , فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الدِّينَ قِوَامًا , وَجَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمَامًا .
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَاهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ ,
فَأَبَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ ,
فَقَالَ: أَتَكْرَهُ الْعَمَلَ , وَقَدْ عَمِلَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ , أَوْ قَالَ : قَدْ طَلَبَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ ؟
قَالَ : مَنْ ؟
قَالَ : يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : يُوسُفُ نَبِيٌّ ابْنُ نَبِيٍّ , وَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ بْنُ أُمَيْمَةَ , فَأَخْشَى ثَلَاثًا وَاثْنَتَيْنِ .
فَقَالَ عُمَرُ : أَفَلَا قُلْتَ خَمْسًا ؟
قَالَ : أَخْشَى أَنْ أَقُولَ بِغَيْرِ عِلْمٍ , وَأَقْضِيَ بِغَيْرِ حُكْمٍ , وَأَنْ يُضْرَبَ ظَهْرِي , وَيُنْتَزَعَ مَا لِي , وَيُشْتَمَ عِرْضِي .
وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهُوَ يَقُولُ : وَيْلٌ لِي مِنْ بَطْنِي , إِنْ أَشْبَعْتُهُ كَظَّنِي , وَإِنْ أَجَعْتُهُ أَضْعَفَنِي .
وقَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَتَبَةَ فَقَالَ : وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ , وَيْلٌ لَهُمْ مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ ; يَحْكُمُونَ فِيهِمْ بِالْهَوَى , وَيَقْتُلُونَ بِالْغَضَبِ .
وعَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مَرِضَ , فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ أَعُودُهُ ,
فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اشْفِ أَبَا هُرَيْرَةَ .
فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَا تُرْجِعْهَا , ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا سَلَمَةَ , يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَى أَحَدِهِمْ مِنَ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ .
وَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : إِذَا رَأَيْتُمْ سِتًّا , فَإِنْ كَانَتْ نَفْسُ أَحَدِكُمْ فِي يَدِهِ فَلْيُرْسِلْهَا , فَلِذَلِكَ أَتَمَنَّى الْمَوْتَ أَخَافُ أَنْ تُدْرِكَنِي ; إِذَا أُمِّرَتِ السُّفَهَاءُ , وَبِيعَ الْحُكْمُ , وَتُهُوِّنُ بِالدَّمِ , وَقُطَّعَتِ الْأَرْحَامُ , وَكَثُرَتِ الْجَلَاوِزَةُ , وَنَشَأَ نَشْءٌ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ .
وعَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : اللَّهُمَّ لَا تُدْرِكْنِي سَنَةَ سِتِّينَ .
قَالَ : فَتُوُفِّيَ فِيهَا , أَوْ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ .
وَهَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ , عَنْ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً .
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي دَارِهِ بِالْعَقِيقِ , فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ , وَصَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ نَائِبُ الْمَدِينَةِ
وَفِي الْقَوْمِ ابْنُ عُمَرَ , وَأَبُو سَعِيدٍ , وَخَلْقٌ , وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ , ثُمَّ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ , رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ.
وَكَتَبَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِوَفَاةِ أَبِي هُرَيْرَةَ
فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ : أَنِ انْظُرْ وَرَثَتَهُ فَأَحْسِنْ إِلَيْهِمْ , وَاصْرِفْ إِلَيْهِمْ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ , وَأَحْسِنْ جِوَارَهُمْ , وَاعْمَلْ إِلَيْهِمْ مَعْرُوفًا ; فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ نَصَرَ عُثْمَانَ , وَكَانَ مَعَهُ فِي الدَّارِ , رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْقِشْبِ ررر
وَاسْمُهُ جُنْدَبُ بْنُ نَضْلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ الْأَزْدِيُّ
أَبُو مُحَمَّدٍ , حَلِيفُ بَنِي الْمُطَّلِبِ , الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بُحَيْنَةَ
أَسْلَمَ قَدِيمًا , وَصَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ,
وَكَانَ نَاسِكًا صَوَّامًا قَوَّامًا , وَكَانَ مِمَّنْ يَسْرُدُ صَوْمَ الدَّهْرِ كُلِّهِ .

الْحُطَيْئَةُ الشَّاعِرُ
وَاسْمُهُ جَرْوَلُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُؤَيَّةَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ مَالِكِ بْنِ قُطَيْعَةَ بْنِ عَبْسٍ
أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ , وَأَسْلَمَ فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ ,
وَكَانَ كَثِيرَ الْهِجَاءِ , حَتَّى يُقَالَ : إِنَّهُ هَجَا أَبَاهُ وَأُمَّهُ , وَخَالَهُ وَعَمَّهُ , وَنَفْسَهُ وَعِرْسَهُ.
وَقَدْ شَكَاهُ النَّاسُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
فَأَحْضَرَهُ وَحَبَسَهُ ,
وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ الزِّبْرِقَانَ بْنَ بَدْرٍ شَكَاهُ لِعُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ يَهْجُوهُ :
دَعِ الْمَكَارِمَ لَا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا. . . وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَا أَرَاهُ هَجَاكَ , أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ طَاعِمًا كَاسِيًا ؟
فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّهُ لَا يَكُونُ هِجَاءٌ أَشَدَّ مِنْ هَذَا .
فَبَعَثَ عُمَرُ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ , فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ,
فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , مَا هَجَاهُ , وَلَكِنْ سَلَحَ عَلَيْهِ .
فَعِنْدَ ذَلِكَ حَبَسَهُ عُمَرُ , وَقَالَ: يَا خَبِيثُ , لَأَشْغَلَنَّكَ عَنْ أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ.
ثُمَّ شَفَعَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ
فَأَخْرَجَهُ عُمَرُ , وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يَهْجُوَ النَّاسَ وَاسْتَتَابَهُ.
وذَكَرَ ابن بكار أَنَّ عُمَر أَرَادَ قَطْعَ لِسَانِ الْحُطَيْئَةِ لِئَلَّا يَهْجُوَ بِهِ النَّاسَ , فَأَجْلَسَهُ عَلَى كُرْسِيٍّ , وَجِيءَ بِالْمُوسَى , فَقَالَ النَّاسُ : لَا يَعُودُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . وَأَشَارُوا إِلَيْهِ قُلْ : لَا أَعُودُ .
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : النِّجَاءَ ( اهرب بجلدك ) .
فَلَمَّا وَلَّى قَالَ لَهُ عُمَرُ : ارْجِعْ يَا حُطَيْئَةُ .
فَرَجَعَ ,
فَقَالَ لَهُ : كَأَنِّي بِكَ عِنْدَ شَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ , قَدْ كَسَرَ لَكَ نُمْرُقَةً , وَبَسَطَ لَكَ أُخْرَى , وَقَالَ: يَا حُطَيْئَةُ , غَنِّنَا , فَانْدَفَعْتَ تُغَنِّيهِ بِأَعْرَاضِ النَّاسِ .
قَالَ أَسْلَمُ : فَرَأَيْتُ الْحُطَيْئَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , وَقَدْ كَسَرَ لَهُ نُمْرُقَةً , وَبَسَطَ لَهُ أُخْرَى , وَقَالَ: يَا حُطَيْئَةُ غَنِّنَا .
فَانْدَفَعَ حُطَيْئَةُ يُغَنِّي ,
فَقُلْتُ لَهُ: يَا حُطَيْئَةُ , أَتَذْكُرُ يَوْمَ عُمَرَ حِينَ قَالَ لَكَ مَا قَالَ ؟
فَفَزِعَ وَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَرْءَ , لَوْ كَانَ حَيًّا مَا فَعَلْنَا هَذَا .
فَقَلَتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : إِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا , فَكُنْتَ أَنْتَ ذَلِكَ الرَّجُلَ .
وَمِنْ مَدِيحِهِ الْجَيِّدِ الْمَشْهُورِ قَوْلُهُ :
أَقِلُّوا عَلَيْهِمْ لَا أَبَا لِأَبِيكُمُ. . . مِنَ اللَّوْمِ أَوْ سُدُّوا الْمَكَانَ الَّذِي سَدُّوا
أُولَئِكَ قَوْمِي إِنْ بَنَوْا أَحْسَنُوا الْبِنَا. . . وَإِنْ عَاهَدُوا أَوْفُوا وَإِنْ عَقَدُوا شَدُّوا
وَإِنْ كَانَتِ النَّعْمَاءُ فِيهِمْ جَزَوْا بِهَا. . . وَإِنْ أَنْعَمُوا لَا كَدَّرُوهَا وَلَا كَدُّوا

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 02:58 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات