شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى السيرة النبوية
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف القران مقسم صفحات الحصري مرتل مع توسط المنفصل بجودة 32 ك (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات هاني الرفاعي بجودة 64 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات مشاري العفاسي مع مد المنفصل بجودة 32 ك (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات الشاطري بجودة 128 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات الشاطري بجودة 64 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف السديس مقسم صفحات بجودة 32 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات السديس بجودة 64 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات عبد الباسط مجود بجودة 64 ك (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات العجمي (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: صلاح بو خاطر مصحف القران مقسم صفحات صلاح بوخاطر بجودة 128 ك (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 02-24-2015, 10:37 AM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 35)

مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 34)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=346923

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وثلاثين
وفيها كان مقتل عثمان ررر
وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ العاص حين عزله عثمان عن مصر , ووولى عَلَيْهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ.
وَكَانَ سَبَبُ عزل عمرو بن العاص أَنَّ الْخَوَارِجَ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ كَانُوا مَحْصُورِينَ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , مَقْهُورِينَ مَعَهُ , لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِسُوءٍ في خليفةٍ ولا أمير ,
فما زالوا حتَّى شَكَوْهُ إِلَى عُثْمَانَ لِيَنْزِعَهُ عَنْهُمْ , وَيُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ مَنْ هُوَ أَلْيَنُ مِنْهُ.
فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبُهُمْ , حَتَّى عَزَلَ عثمانُ عَمْرًا عَنِ الْحَرْبِ , وَتَرَكَهُ عَلَى الصَّلَاةِ ,
وَوَلَّى عثمانُ عَلَى الْحَرْبِ وَالْخَرَاجِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ.
ثُمَّ سَعَوْا فِيمَا بَيْنَهُمَا ( عمرو , وابن أبي سرح ) بِالنَّمِيمَةِ ,
فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا , حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ قَبِيحٌ .
فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ فَجَمَعَ لِابْنِ أَبِي سَرْحٍ جَمِيعَ عِمَالَةِ مِصْرَ , خَرَاجَهَا وَحَرْبَهَا وَصَلَاتَهَا ,
وَبَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى عَمْرٍو يَقُولُ لَهُ : لَا خَيْرَ لَكَ فِي الْمَقَامِ عِنْدَ مَنْ يَكْرَهُكَ , فَاقْدُمْ إِلَيَّ ,
فَانْتَقَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْمَدِينَةِ , وَفِي نَفْسِهِ مِنْ عُثْمَانَ أمرٌ عَظِيمٌ , وشرٌ كَبِيرٌ ,
فَكَلَّمَهُ عَمْرٌو فِيمَا كَانَ بِنَفْسه مِنْ أَمْرِ , وَتَقَاوَلَا فِي ذَلِكَ , وَافْتَخَرَ عمرو بن العاص بأبيه على عُثْمَانَ , وَأَنَّهُ كَانَ أَعَزَّ مِنْهُ.
فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : دَعْ هَذَا , فَإِنَّهُ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ .
وجعل عمرُو بن العاص يؤلِّبُ النَّاسَ عَلَى عُثْمَانَ .
وَكَانَ بِمِصْرَ جَمَاعَةٌ يُبْغِضُونَ عُثْمَانَ , وَيَتَكَلَّمُونَ فِيهِ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَا , وَيَنْقِمُونَ عَلَيْهِ فِي عَزْلِهِ جَمَاعَةً مِنْ عِلْيَةِ الصَّحَابَةِ , وَتَوْلِيَتِهِ مَنْ هو دُونَهُمْ , أَوْ مَنْ لَا يَصْلُحُ عِنْدَهُمْ لِلْوِلَايَةِ .
وَكَرِهَ أَهْلُ مِصْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ,
وَاشْتَغَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ عَنْهُمْ بِقِتَالِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ , وَفَتْحِهِ بِلَادَ الْبَرْبَرِ وَالْأَنْدَلُسِ وَإِفْرِيقِيَّةَ.
وَنَشَأَ بِمِصْرَ طَائِفَةٌ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ يُؤَلِّبُونَ النَّاسَ عَلَى حَرْبِهِ وَالْإِنْكَارِ عَلَيْهِ ,
وَكَانَ عُظْمُ ذَلِكَ مُسْنَدًا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ , وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ , حَتَّى اسْتَنْفَرَا نَحْوًا مِنْ سِتِّمِائَةِ رَاكِبٍ يَذْهَبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي صِفَةِ مُعْتَمِرِينَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ , لِيُنْكِرُوا عَلَى عُثْمَانَ ,
فَسَارُوا إِلَيْهَا تحت أربع رِفاق , وأمر الجميع إلى عَمْرِو بْنِ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيِّ ,
وَعَبْدِ الرحمن بن عديس البلوي ,
وكنانة بن بشر التُّجِيبِيِّ ,
وَسَوْدَانَ بْنِ حُمْرَانَ السَّكُونِيِّ.
وَأَقْبَلَ مَعَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ,

وَأَقَامَ بِمِصْرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ يُؤَلِّبُ النَّاسَ , وَيُدَافِعُ عَنْ هَؤُلَاءِ .
وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْن سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ إِلَى عُثْمَانَ يُعْلِمُهُ بِقُدُومِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِلَى الْمَدِينَةِ , مُنْكِرِينَ عَلَيْهِ فِي صِفَةِ مُعْتَمِرِينَ .
فَلَمَّا اقْتَرَبُوا مِنَ الْمَدِينَةِ , أَمَرَ عُثْمَانُ عليَّ بن أَبِي طَالِبٍ ررر أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ في رَكْبٍ من المُهاجرين والأنصار لِيَرُدَّهُمْ إِلَى بِلَادِهِمْ , قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا الْمَدِينَةَ.
فخَرَجَ مَعَهُ جَمَاعَةُ من الْأَشْرَافِ , فيهم سعيد بن زيد , وأبو الجهم العدوي , وجبير بن مطعم , وحكيم بن حزام ومروان بن الحكم , وعبد الرحمن بن عتَّاب بن أسيد , وأبو أسيد الساعدي , وزيد بن ثابت , وحسان بن ثابت وكعب بن مالك , ونيار بن مكرز , وغيرهم .
وَأَمَرَ عُثْمَانُ عليًّا أَنْ يَأْخُذَ مَعَهُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ ررر
فَقَالَ عَلِيٌّ لِعَمَّارٍ ,
فَأَبَى عَمَّارٌ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ.
فَبَعَثَ عُثْمَانُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى عَمَّارٍ لِيُحَرِّضَهُ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَ عَلِيٍّ إِلَيْهِمْ ,
فَأَبَى عَمَّارٌ كُلَّ الْإِبَاءِ , وَامْتَنَعَ أشدَّ الامتناع ,
وكان عَمَّارٌ متغضباً على عثمان , بسبب تأديبه له فيما تقدم عَلَى أمرٍ , وَضَرْبِهِ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ , وَذَلِكَ بِسَبَبِ شَتْمِهِ عَبَّاسَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ ,
فَأَدَّبَهُمَا عُثْمَانُ ,
فَتَآمَرَ عَمَّارٌ عَلَيْهِ لِذَلِكَ , وجعل يُحرِّضُ الناسَ عليه ,
فَنَهاه سعد بن أَبِي وَقَّاصٍ ررر عَنْ ذَلِكَ , وَلَامَهُ عَلَيْهِ ,
فَلَمْ يُقْلِع عَنْهُ , وَلَمْ يَرْجِعْ , وَلَمْ يَنْزِعْ ,
فَانْطَلَقَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَيْهِمْ وَهُمْ بالجُحفة , وَكَانُوا يُعَظِّمُونَهُ وَيُبَالِغُونَ فِي أَمْرِهِ ,
فَرَدَّهُمْ وَأَنَّبَهُمْ وَشَتَمَهُمْ , فَرَجَعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْمَلَامَةِ , وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي تُحَارِبُونَ الْأَمِيرَ بِسَبَبِهِ , وَتَحْتَجُّونَ عَلَيْهِ بِهِ .
وَيُقَالُ : إِنَّهُ نَاظَرَهُمْ فِي عُثْمَانَ , وَسَأَلَهُمْ مَاذَا يَنْقِمُونَ عَلَيْهِ ,
فَذَكَرُوا أَشْيَاءَ , مِنْهَا : أنَّه حَمَى الْحِمَى ,
وأنه حَرَقَ الْمَصَاحِفَ ,
وَأَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بمنى ,
وَأَنَّهُ وَلَّى الْأَحْدَاثَ الْوِلَايَاتِ , وَتَرَكَ الصَّحَابَةَ الْأَكَابِرَ ,
وَأَعْطَى بَنِي أُمَيَّةَ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ
فَأَجَابَ عَلِيٌّ عَنْ ذَلِكَ :
أَمَّا الْحِمَى , فَإِنَّمَا حَمَاهُ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ لِتَسْمَنَ , وَلَمْ يَحْمِهِ لِإِبِلِهِ وَلَا لِغَنَمِهِ , وَقَدْ حَمَاهُ عُمَرُ مِنْ قَبْلِهِ .
وَأَمَّا الْمَصَاحِفُ , فَإِنَّمَا حَرَقَ مَا وَقَعَ فِيهِ اخْتِلَافٌ , وَأَبْقَى لَهُمُ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ , كَمَا ثَبَتَ فِي الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ ,
وَأَمَّا إِتْمَامُهُ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ , فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ تَأَهَّلَ بِهَا , وَنَوَى الْإِقَامَةَ فَأَتَمَّهَا ,
وَأَمَّا تَوْلِيَتُهُ الْأَحْدَاثَ , فَلَمْ يُوَلِّ إِلَّا رَجُلًا سَوِيًّا عَدْلًا , وَقَدْ وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَتَّابَ بْنَ أُسِيدٍ عَلَى مَكَّةَ , وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً ,
وَوَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ , وَطَعَنَ النَّاس فِي إِمَارَتِهِ ,
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهُ لخليق بالإمارة "
وَأَمَّا إِيثَارُهُ قَوْمَهُ بَنِي أُمَيَّةَ , فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْثِرُ قُرَيْشًا عَلَى النَّاسِ , وَوَاللَّهِ لَوْ أَنَّ مِفْتَاحَ الْجَنَّةِ بِيَدِي لَأَدْخَلْتُ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَيْهَا .
وَيُقَالُ : إِنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فِي عَمَّارٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ,
فَذَكَرَ عُثْمَانُ عُذْرَهُ فِي ذَلِكَ , وَأَنَّهُ أَقَامَ فِيهِمَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا.
وَعَتَبُوا عَلَيْهِ فِي إِيوَائِهِ الْحَكَمَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ , وَقَدْ نَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الطَّائِفِ ,
فَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم كَانَ قَدْ نَفَاهُ إِلَى الطَّائِفِ , ثُمَّ رَدَّهُ , ثُمَّ نَفَاهُ إِلَيْهَا ,
قَالَ : فَقَدْ نَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَدَّهُ .
ورُوي أَنَّ عُثْمَانَ خَطَبَ النَّاسَ بِهَذَا كُلِّهِ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ , وَجَعَلَ يَسْتَشْهِدُ بِهِمْ ,
فَيَشْهَدُونَ لَهُ فِيمَا فِيهِ شَهَادَةٌ لَهُ .
وَيُرْوَى أَنَّهُمْ بَعَثُوا طَائِفَةً منهم فَشَهِدُوا خُطْبَةَ عُثْمَانَ هَذِهِ ,
فَلَمَّا تَمَهَّدَتِ الْأَعْذَارُ , وَانْزَاحَتْ عِلَلُهُمْ , وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ شُبْهَةٌ ,
أَشَارَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى عُثْمَانَ بِتَأْدِيبِهِمْ
فَصَفَحَ عُثْمَانُ عنهم , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَرَدَّهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ ,
فَرَجَعُوا خَائِبِينَ مِنْ حَيْثُ أَتَوْا , وَلَمْ يَنَالُوا شَيْئًا مِمَّا كَانُوا أَمَّلُوا وَرَامُوا ,
وَرَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى عُثْمَانَ , فَأَخْبَرَهُ بِرُجُوعِهِمْ عَنْهُ , وَسَمَاعِهِمْ مِنْهُ ,
وَأَشَارَ عَلَى عُثْمَانَ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ خُطْبَةً يَعْتَذِرُ إِلَيْهِمْ فِيهَا مِمَّا كَانَ وَقَعَ مِنَ الْأَثَرَةِ لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ , وَيُشْهِدُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَدْ تَابَ مِنْ ذَلِكَ , وَأَنَابَ إِلَى الِاسْتِمْرَارِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ سِيرَةِ الشَّيْخَيْنِ قَبْلَهُ , وَأَنَّهُ لَا يَحِيدُ عَنْهَا , كَمَا كَانَ الْأَمْرُ أَوَّلًا فِي مُدَّةِ سِتِّ سِنِينَ الْأُوَلِ ,
فَإِنَّ الْبِلَادَ قَدْ تَمَخَّضَتْ عَلَيْكَ , وَلَا آمَنُ رِكْباً آخَرِينَ يَقْدَمُونَ مِنْ قِبَلِ الْكُوفَةِ , فَتَقُولُ: يَا عَلِيُّ ارْكَبْ إِلَيْهِمْ ,
وَيَقْدَمُ آخَرُونَ مِنَ الْبَصْرَةِ , فَتَقُولُ: يَا عَلِيُّ ارْكَبْ إِلَيْهِمْ , فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ , قَطَعْتُ رَحِمَكَ , وَاسْتَخْفَفْتُ بِحَقِّكَ.
فَاسْتَمَعَ عُثْمَانُ هَذِهِ النَّصِيحَةَ , وَقَابَلَهَا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ,
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَخَطَبَ النَّاسَ , رَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ , وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ , اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ تَائِبٍ مِمَّا كَانَ مِنِّي , وَأَرْسَلَ عَيْنَيْهِ بِالْبُكَاءِ ,
فَبَكَى الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ , وَحَصَلَ لِلنَّاسِ رِقَّةٌ شَدِيدَةٌ عَلَى إِمَامِهِمْ ,
وَأَشْهَدَ عُثْمَانُ النَّاسَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ , وَأَنَّهُ قَدْ لَزِمَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ , أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ,
وَأَنَّهُ قَدْ سَبَّلَ بَابَهُ لِمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ عَلَيْهِ , لَا يَمْنَعُ أحد مِنْ ذَلِكَ ,
فَقَامَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ررر فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! اللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ ! فَأَتْمِمْ عَلَى مَا قُلْتَ .
ثم نَزَلَ عثمانُ فصلَّى بالنَّاس , ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ ,
وَجَعَلَ مَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِحَاجَةٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ أَوْ سُؤَالٍ , لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ مُدَّةً.
فَجَاءَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ , فَقَالَ : أَتَكَلَّمُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمْ أَصْمُتُ ؟
فَقَالَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ - نَائِلَةُ بِنْتُ الْفَرَافِصَةِ الْكَلْبِيَّةُ - مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ : بَلِ اصْمُتْ , فَوَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَقَاتِلُوهُ , وَلَقَدْ قال عُثْمَانُ مَقالةً لا ينبغي له النُّزُوعُ عَنْهَا .
فَقَالَ لَهَا مَرْوَانُ : وَمَا أَنْتِ وَذَاكَ ! فوالله لقد مات أبوك وما يحسن أن يَتَوَضَّأُ .
فَقَالَتْ لَهُ: دَعْ ذِكْرَ الْآبَاءِ , وَنَالَتْ مِنْ أَبِيهِ الْحَكَمَ ,
فَأَعْرَضَ عَنْهَا مَرْوَانُ .
وَقَالَ لِعُثْمَانَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَتَكَلَّمُ أَمْ أَصْمُتُ ؟
فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : بَلْ تَكَلَّمْ ,
فَقَالَ مَرْوَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , لَوَدِدْتُ أَنَّ مَقَالَتَكَ هَذِهِ كانت وأنت مُمتنع مَنِيعٌ , فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ رَضِيَ بِهَا وَأَعَانَ عليها , ولكنكَ قلتَ ما قلتَ حين جاوزَ الحزامُ الطبيين , وبلغَ السيل الزُّبا , وَحِينَ أَعْطَى الْخُطَّةَ الذَّلِيلَةَ الذَّلِيلُ ,
وَاللَّهِ لَإِقَامَةٌ عَلَى خَطِيئَةٍ يُسْتَغْفَرُ مِنْهَا , خَيْرٌ مِنْ تَوْبَةٍ عَلَى خوفٌ ,
وَإِنَّكَ لَوْ شِئْتَ لَعَزَمْتَ التَّوْبَةَ , وَلَمْ تُقَرِّرْ لَنَا بِالْخَطِيئَةِ ,
وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْكَ عَلَى الْبَابِ مِثْلُ الْجِبَالِ مِنَ النَّاسِ.
فَقَالَ عُثْمَانُ : قم فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَكَلِّمْهُمْ , فَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أُكَلِّمَهُمْ ,
قَالَ: فَخَرَجَ مَرْوَانُ إِلَى الْبَابِ وَالنَّاسِ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ,
فَقَالَ : مَا شَأْنُكُمْ ؟ , كَأَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ لِنَهْبٍ , شَاهَتِ الْوُجُوهُ , كُلُّ إِنْسَانٍ آخِذٌ بِأُذُنِ صَاحِبِهِ ,
جِئْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْزِعُوا مُلْكَنَا مِنْ أَيْدِينَا , اخْرُجُوا عَنَّا , أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رُمْتُمُونَا لِيُمُرَّنَّ عَلَيْكُمْ أَمْرٌ يَسُوؤُكم , وَلَا تَحْمَدُوا غِبَّهُ ,
ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ , فَوَاللَّهِ ما نحن بِمَغْلُوبين على ما بِأَيْدينا ,
قَالَ : فَرَجَعَ النَّاسُ , وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ حَتَّى أَتَى عَلِيًّا فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ ,
فَجَاءَ عَلِيٌّ مُغْضَبًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ , فَقَالَ: أَمَا رَضِيتَ مِنْ مَرْوَانَ , وَلَا رَضِيَ مِنْكَ إِلَّا بِتَحْوِيلِكَ عَنْ دِينِكَ وَعَقْلِكَ ؟! , وَإِنَّ مَثَلَكَ مِثْلُ جَمَلِ الظَّعِينَةِ , سَارَ حَيْثُ يُسَارُ بِهِ ,
وَاللَّهِ مَا مَرْوَانُ بِذِي رَأْيٍ فِي دِينِهِ وَلَا نَفْسِهِ ,
وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ سَيُورِدُكَ ثُمَّ لَا يُصْدِرُكَ , وَمَا أَنَا بِعَائِدٍ بَعْدَ مَقَامِي هَذَا لِمُعَاتَبَتِكَ , أَذْهَبْتَ سُوقَكَ , وَغُلِبْتَ عَلَى أَمْرِكَ .
فَلَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ , دَخَلَتْ نَائِلَةُ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَتْ : أَتَكَلَّمُ أَوْ أَسْكُتُ ؟
فَقَالَ : تَكَلَّمِي ,
فَقَالَتْ : سَمِعْتُ قَوْلَ عَلِيٍّ أنَّه لَيْسَ يُعَاوِدُكَ , وَقَدْ أَطَعْتَ مَرْوَانَ حَيْثُ شَاءَ ,
قَالَ : فَمَا أَصْنَعُ ؟
قَالَتْ : تَتَّقِي اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَتَتَّبِعُ سُنَّةَ صَاحِبَيْكَ مِنْ قَبْلِكَ , فَإِنَّكَ مَتَى أَطَعْتَ مَرْوَانَ قَتَلَكَ ,
وَمَرْوَانُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ قَدْرٌ وَلَا هَيْبَةٌ وَلَا مَحَبَّةٌ ,
فَأَرْسِلْ إِلَى عَلِيٍّ فَاسْتَصْلِحْهُ , فَإِنَّ لَهُ قَرَابَةً مِنْكَ , وَهُوَ لَا يُعْصَى.
قَالَ : فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ
فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ , وَقَالَ : لَقَدْ أَعْلَمْتُهُ أَنِّي لَسْتُ بِعَائِدٍ .
قَالَ : وَبَلَغَ مَرْوَانَ قَوْلُ نَائِلَةَ فِيهِ , فَجَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ : أَتَكَلَّمُ أَوْ أَسْكُتُ ؟
فَقَالَ : تكلَّم ,
فَقَالَ : إنَّ نَائِلَةَ بِنْتَ الْفَرَافِصَةِ...
فَقَالَ عُثْمَانُ : لا تَذْكُرْها بِحَرفٍ فَأَسُوءَ إلى وَجْهِكَ , فَهِيَ وَاللَّهِ أَنْصَحُ لِي مِنْكَ.
قَالَ: فكفَّ مروانُ .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 01:32 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات