ليلة القدر
الحمد لله الذي فرض صيام هذا الشهرالمبارك وسنَّ لنا قيامه وتفضل علينافيه بليلة هىَّ خير من ألف شهر إكراما لأمة محمد عليه الصلاة والسلام حتى تكثر حسناتها ولا تسبقها الأمم الأخرى، ، والصلاة على خيرة خلقه حبيبنا محمد الذي لم يترك خيراً إلا ودل أمته عليه.. عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
ليلة أنعم به الخالق على هذه الأمة ووصفها سبحانه بأنها مباركة؛ لكثرة خيرها وبركتها وفضلها إنها ليلة القدر، عظيمة القدر، ولها أعظم الشرف وأوفى الأجر.
*ولقد نَوَّه القرآن، ونَوَّهَت السُّنَّة بفضل هذه الليلة العظيمة، وأنزل الله فيها سورة كاملة:
"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلَامٌ هِيَ حَتَّى? مَطْلَعِ الْفَجْرِ".
_عَظَّمَ القرآنُ شأنَ هذه الليلة، فأضافها إلى "القدر" أي المقام والشرف، وأي مقام وشرف أكثر من أن تكون خيراً وأفضل من ألف شهر. أي الطاعة والعبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
_وألف شهر تساوي ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر؛ أي أن هذه الليلة الواحدة أفضل من عمر طويل يعيشه إنسان عمره ما يقارب مائة سنة، إذا أضفنا إليه سنوات ما قبل البلوغ والتكليف.
ليتذكر كل منَّا ان اعمارنا ليست كمن سبقوا:
_*عن أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال صلى الله عليه وسلم :
(أعمارُ أمّتي : ما بينَ الستينَ إلى السبعينَ، وأقلُّهم من يجوزُ ذلكَ ).
الراوي:أبو هريرة المحدث:الألباني المصدر:تخريج مشكاة المصابيح الجزء أو الصفحة:5209 حكم المحدث:صحيح).
*كان أعمار السابقين مئات السنين، فهذا نوح -عليه السلام- لبث في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً.
*وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم
( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة).
فكيف يكون لنا السبق، ونحن أقل أعماراً؟!
فيتفضل الله علينا بكرمه ويُعوِض لنا هذا بمثل ليلة القدر
*وهي ليلة تتنزَّل فيها الملائكة برحمة الله وسلامه وبركاته، ويرفرف فيها السلام حتى مطلع الفجر.
وفي السنة جاءت أحاديث جمة في فضل ليلة القدر، والتماسها في العشر الأواخر ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة:
"من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"
(رواه البخاري في كتاب الصوم).
*قال النووي: معنى (إيمانًا): تصديقًا بأنّه حق, مقتصد فضيلته, ومعنى (احتسابًا): أن يريد الله تعالى وحده, لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص, والمراد بالقيام:
صلاة التراويح, واتفق العلماء على استحبابها شرح صحيح مسلم للنووي (6/39).
*ويُحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغفلة عن هذه الليلةوإهمال إحيائه فيحرم المسلم من خيرها وثوابها، فيقول لأصحابه، وقد أظلهم شهر رمضان:
"دخلَ رمضانُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ هذا الشَّهرَ قَد حضرَكُم وفيهِ ليلةٌ خيرٌ مِن ألفِ شَهْرٍ من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ ولا يُحرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ"
الراوي:أنس بن مالك المحدث:الألباني المصدر:صحيح ابن ماجه الجزء أو الصفحة:1341 حكم المحدث:حسن صحيح
_وكيف لا يكون محروماً من ضيع فرصة هي خير من ثلاثين ألف فرصة؟!
_إن من ضيع صفقة كان سيربح فيها 100% يتحسر على فواتها أيّما تحسر، فكيف بمن ضيع صفقة كان سيربح فيها 3000000% ثلاثة ملايين في المائة؟!!.
*فينبغي للعبد أن يشغل عامة وقته في أعمال البر والقربات من صدقة وذكر، وشكر وإخبات، وخضوع وخشوع وافتقار، وليكن أكثر أعماله الدعاء؛ وليجتهد المسلمون فيها بإحياء سنة الإعتكاف فيكون له من الأجر الكبير ما لا يستطيع تحصيله فى الأيام طوال العام!!!.
*يقول سفيان الثوري: "الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة.
*وإذا قرأ ودعا ورغب إلى الله كان حسناً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم هذا دأبه في تهجده في ليالي رمضان، يجمع بين الصلاة والقراءة، والدعاء والتفكر، وهذا أفضل الأعمال.
*وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "ويُستحب أن يُكثر فيها من الدعوات بمهمات المسلمين فهذا شعار الصالحين، وعباد الله العارفين" (الأذكار النووية للإمام النووي (244)).
*ومن أهل العلم من يستحب أن يسوي بين ليلة القدر ونهارها في العمل، يقول الإمام الشعبي رحمه الله في ليلة القدر:
"ليلها كنهارها".
وقال الشافعي رحمه الله في القديم:
"استحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها"، وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله ونهاره
(طلائع السلوان في مواعظ رمضان (158)).
أي ليلة هي؟
_ليلة القدر في شهر رمضان يقيناً، لأنها الليلة التي أنزل فيها القرآن، وهو أنزل في رمضان، لقوله تعالى:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى? وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: 185).
*والواضح من جملة الأحاديث الواردة أنها في العشر الأواخر، لما صح عن عائشة قالت: كان رسول الله يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول:
"تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان "
(متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -726).
_وعن أبي سعيد أن النَّبي صلى الله عليه وسلم، خرج إليهم صبيحة عشرين فخطبهم، وقال:
_"إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها - أو نسيتها - فالتمسوها في العشر الأواخر، في الوتر"
(متفق عليه،. وفي رواية: "ابتغوها في كل وتر "
ومعنى "يجاور": أي يعتكف في المسجد،
والمراد بالوتر في الحديث: الليالي الوترية، أي الفردية، مثل ليالي: 21، 23، 25، 27، 29.
الإحتياط التماس ليلة القدر في جميع ليالي العشر:
_وإذا كان دخول رمضان يختلف - كما نشاهد اليوم - من بلد لآخر، فالليالي الوترية في بعض الأقطار، تكون زوجية في أقطار أُخرى، فالاحتياط التماس ليلة القدر في جميع ليالي العشر.
_ويتأكد التماسها وطلبها في الليالي السبع الأخيرة من رمضان، فعن ابن عمر:
أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام، في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت (أي توافقت) في السبع الأواخر، فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر"
(متفق عليه)
. وعن ابن عمر أيضاً: "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يُغلبن على السبع البواقي"
(رواه أحمد ومسلم والطيالسي عن ابن عمر كما في صحيح الجامع الصغير 1242).
_والسبع الأواخر تبدأ من ليلة 23 إن كان الشهر 29، ومن ليلة 24 إن كان الشهر 30 يوماً.
رأي أبي بن كعب وابن عباس من الصحابة رضي الله عنهم:
ورأي أبي بن كعب وابن عباس من الصحابة رضي الله عنهم أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان، وكان أُبَىّ يحلف على ذلك لعلامات رآها، واشتهر ذلك لدى جمهور المسلمين، حتى غدا يحتفل بهذه الليلة احتفالاً رسمياً.
والصحيح: أن لا يقين في ذلك، وقد تعددت الأقوال في تحديدها حتى بلغ بها الحافظ ابن حجر 46 قولاً.
وبعضها يمكن رَدُّه إلى بعض.
*وأرجحها كلها: أنها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل، كما يفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجاها أوتار العشر، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين، وعند الجمهور ليلة سبع وعشرين (فتح الباري -171/5 ط. الحلبي).
تابعوا
المصدر:
منتدى عدلات
للوصول الينا ومتابعة كل جديد اكتبي بمحرك البحث (منتدى عـدلات) او (3dlat)
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك