شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 3 > تفريغ المحاضرات و الدروس و الخطب ---------- مكتوبة
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: أخضر و أزرق مصحف مشاري العفاسي بالقصر المصحف المصور الملون ب خط كبير 114 سورة 2 مصحف (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: محمود عبد اللاه عبد العزيز مصحف 57 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: احمد الحبيب برواية ورش مصحف 114 سورة لاول مرة 2 مصحف ترتيل و حدر كاملان 128 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مقسم اجزاء مصحف احمد الحبيب برواية ورش لاول مرة 2 مصحف ترتيل و حدر كاملان 128 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 052 الطور (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 076 الإنسان (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 051 الذاريات (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 065 الطلاق (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 064 التغابن (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 075 القيامة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 02-01-2016, 03:34 PM
ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 349,031
افتراضي سرية بئر معونة

سرية بئر معونة


الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل



الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسـوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].



أما بعد: فإن أحسن الحديث كلام الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.



أيها الناس: في زمن الهوانِ والانكسارِ، وعندما تحيط المصائب والنكبات بالمسلمين، ويتسلط عليهم أعداؤهم من كفار ومنافقين؛ فإن الواجب على المسلم في مثل تلك الأحوال أن يعتني بصلاح قلبه، ورباطةِ جأشه، وثباتِه على دينه، وقوتِه في الحق؛ لئلا يزيغَ مع الزائغين، ويهلك مع الهالكين.



ومما يعين على ثبات القلب، وسلامته من الفتنة، وصبره على البلاء: مطالعة أخبار الثابتين على الحق، المستسلمين لأمر الله تعالى وحكمه، الراضين بقضائه وقدره، المقرين بعلمه وحكمته، الموقنين بوعده ونصره؛ فإن سير هؤلاء الرجال تدفع المسلم إلى التأسي بهم في ثباتهم ويقينهم.



وكم في تاريخ الأمة المسلمة من رجال واجهوا المحن والبلايا بالثبات والصبر، واليقين بوعد الله تعالى ونصره، حتى وافتهم المنايا وهم لم يبدلوا دينهم، أو ينتكسوا على أعقابهم. حالهم كحال الصالحين من أتباع النبيين والمرسلين الذين حكى القرآن قصصهم، وأمر الله تعالى بالتأسي بهم في ثباتهم وصبرهم.



وإن كان المؤمنون يحزنون لما أصاب الأمة المسلمة من الضعف والمهانة، ومن تسلط الكافرين عليها، وشماتة المنافقين بها؛ فإن هذا الحزن قد أصاب خيار الأمة؛ ولكنه ما فتَّ في عضدهم، ولا وهن عزيمتهم، ولا أضعفهم عن القيام بحق الله تعالى عليهم من الإيمان والدعوة: ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ المُرْسَلِينَ ﴾ [الأنعام 33 - 34].



ولما توقف الصحابة رضي الله عنهم عن مُقاتلة المشركين في أحد بعدما سمعوا الصارخ يصيح بأن محمدًا قد قتل عاتبهم الله تعالى وعذلهم على فرارهم وتركهم القتال، فقال سبحانه يخاطبهم: ﴿ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144]، ثم أخبر سبحانه عن أحوال الأنبياء السابقين، ومدح ثباتهم على الحق رغم ما أصابهم من عظيم المحنة والبلاء، والقتل والتشريد، فقال سبحانه: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146].



قال قتادة: ﴿ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا ﴾ [آل عمران: 146] أي: بقتل نبيهم، ﴿ وَمَا اسْتَكَانُوا ﴾ [آل عمران: 146] أي: فما ارتدوا عن نصرتهم، ولا عن دينهم أن قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله تعالى حتى لحقوا بالله وما ذلّوا لعدوّهم[1]، وما كان قولهم في حال شدتهم: ﴿ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ * فَآَتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآَخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 147 - 148]، وثواب الدنيا الذي آتاهم الله تعالى إياه هو النصر والظفر وحسن العاقبة، فجمع لهم بين المثوبتين، ونالوا الحسنيين، نسأل الله تعالى أن يجعلنا كذلك، وأن يلحقنا بهم، إنه سميع مجيب.



أيها الإخوة: وكما ثبت قوم صالحون من الأمم الماضية على دينهم فإن رجالاً صالحين من هذه الأمة ثبتوا كذلك؛ ففي شهر صفر من السنة الرابعة للهجرة[2]، وقعت حادثة لجمع من خيار الصحابة وقرائهم رضي الله عنهم وأرضاهم، لقوا فيها ربهم، وهم ثابتون على دينهم، موقنون بوعد ربهم لهم.



إنهم جمعٌ من الصحابة بلغوا سبعين صحابيًّا، كانوا من زهَّادِ الصحابة، ومن خيار المسلمين وفضلائهم، كان الصحابة يسمونهم القراء؛ لكثرةِ قراءتهم للقرآن، وتهجدهم به في الليل.



كانوا يحتطبون بالنهار، ويصلون بالليل، ويضعون الماء في المسجد للمسلمين، ويطعمون فقراء الصحابة من طيب كسبهم؛ جرت عليهم محنةٌ عظيمة، وابتلاء كبير، وغدر بهم المشركون، فثبتوا على دينهم حتى لقوا الله تعالى غير مبدلين ولا مغيرين.



وملخصُ خبرهم: أن أبا براء عامر بن مالك المدعو "ملاعب الأسنَّة" قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدعاه إلى الإسلام، فأبى أن يسلم ولم يَبْعُد، وقال: "يا محمد، لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجدٍ رجوت أن يستجيبوا لك، ويتبعوا أمرك"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني أخاف عليهم أهل نجد)) فقال: "أنا جارٌ لهم أن يعرض لهم أحد"، فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين من الأنصار شببةً يسمون القُرَّاء، وأمَّر عليهم المنذرَ بن عمرو الساعدي، فلما نزلوا ببئر معونة عسكروا بها، وسَرَّحَوا ظهرهم، وبعثوا حرامَ بن ملحان رضي الله عنه بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدوّ الله عامر بن الطفيل، فلم ينظر فيه، وأمر رجلاً فطعن حرامًا بالحربة من خلفه، فلما أنفذها فيه، ورأى الدم، قال حرام: "فزتُ ورب الكعبة".



ثم استنفر عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين فلم يجيبوه لأجل جوار أبي براء، فاستنفر بني سليم، فأجابته عُصَّية ورِعْلٌ وذكوان، فجاؤوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعبَ بن زيد بن النجار فإنه ارتُثَّ بين القتلى - أي حمل من أرض المعركة جريحًا -[3]، فعاش حتى قتل يوم الخندق.



وكان عمرو بن أمية الضَمْري والمنذر بن عقبة بن عامر في سَرْح المسلمين، فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة، فنزل المنذرُ فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه، وأُسر عمرو بن أمية الضَمْري، فلما أَخْبَرَ أنه من مضر جزَّ ابن الطفيل ناصيته، وأعتقه عن رقبةٍ كانت على أمه[4].



وقد وقعت كرامة لأحد القتلى رآها عدوّ الله عامر بن الطفيل فقد جاء في صحيح البخاري ان ابن الطفيل لما أسر عمرو بن أمية الضَّمْري أشار إلى أحد القتلى فقال: "من هذا؟"، فقال له عمرو بن أمية: "هذا عامر بن فُهيرة"، فقال: "لقد رأيته بعدما قتل رفع إلى السماء، حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض ثم وضع"[5]، وجاء في رواية أخرى أن قاتله أسلم وقال: "دعاني إلى ذلك ما رأيت من عامر بن فُهيرة"[6].



وقد تأثر النبي صلى الله عليه وسلم لمقتلهم حتى قال أنس رضي الله عنه: "فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجَدَ على شيء ما وجد عليهم"[7]؛ فقد كان عددهم يُوازِي عدد قتلى أحد، إضافة إلى أنهم من القرَّاء العبَّاد، وقد قتلوا غدرًا وغيلة؛ ولذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم على قَتَلَتهم شهرًا كاملاً؛ كما جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وفيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه خبرُ مقتل أصحابه وغدر بني سليم بهم قنت شهرًا يدعو في الصبح على أحياءٍ من أحياء العرب، على رعْل وذكوانَ وعُصَّيه وبني لحيان"[8].



وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا مُتتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، في دبر كل صلاة، إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو عليهم، على حي من بني سليم، على رعل وذكوان وعصيَّة، ويؤمِّن مَنْ خَلْفَه"؛ رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي[9].



وقد أخذ العُلماء من ذلك مشروعية القنوتِ في الصلوات الخمس في النازلة العظيمة تنزل بالمسلمين، كما أخذوا مشروعية الدعاء على المشركين المحاربين.. وهذا فيه ردٌّ على مَنْ زَعَمَ أنَّ الدُّعاء للمشركين بالهداية أولى من الدعاء عليهم بالهلاك والعذاب؛ كما يردّده بعض من لا علم عنده من الصحفيين وأشباههم، ينتقدون من يدعون عليهم، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليترك الأولى إلى غيره.



والهَدْيُ النبوي في ذلك هو أكمل الهدْي، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لهم ويدعو عليهم، وموجبات الدعاء عليهم التي وجدت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم موجودةٌ في عصرنا هذا، وهي عداوتهم لأهل الإسلام. وأحكام ديننا ومعاملتنا مع غيرنا قد جاء تفصيلها في الكتاب والسنة، فلا نحتاج في معرفتها إلى آراء جهلة، وأهواء ذَوِي هوى لا يعرفون شريعة الله تعالى وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا على أهل الأحزاب بالنار وبالزلزلة والهزيمة، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا))[10]، وقال: ((اللهم اهزمهم وزلزلهم))[11]، ودعا على أهل مُضَر بالجوع فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((اللهم اشدد وطأتَكَ على مُضَر، اللهم سنين كسِني يُوسف))[12]، ودعا على أحياء من العرب، ودعا على أشخاص من صناديد المشركين سمَّاهم بأسمائهم ولعنهم في دعائه[13]؛ فكل ذلك مشروع ومن هديه وسنته المحفوظة، وقد بوب البخاري رحمه الله تعالى على هذه الأحاديث بقوله: "باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة"[14].



ولو ظن أنه إن دعا عليهم يدعون على المسلمين، فإنه لا يترك الدعاء عليهم لأجل ذلك؛ لما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا))، وفي لفظ: ((يُستجاب لنا فيهم، ولا يُستجابُ لهم فينا))[15]، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "ففيه مشروعية الدعاء على المشركين ولو خشي الداعي أنهم يدعون عليه"[16].



وكما كان من هَدْي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته الدعاء على المحاربين من المشركين فإن من سنته أيضًا الدعاء للمسالمين منهم بالهداية إذا كان يرجو إسلامهم، ويطمع في هدايتهم؛ كما جاء عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه دعا لدوس[17]، ودعا لأم أبي هريرة - رضي الله عنهما -[18]، وقد بوَّب البُخَارِيّ على ذلك بقوله: "باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم"[19].



قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "وقوله: (ليتألفهم) من تفقه المصنف إشارة منه إلى الفرق بين المقامين، وأنه صلى الله عليه وسلم كان تارة يدعو عليهم، وتارة يدعو لهم؛ فالحالة الأولى حيث تشتد شوكتهم، ويكثرُ أذاهم.. والحالة الثانيةُ حيث تُؤمَنُ غائلتهم، ويُرجى تألفهم كما في قصة دَوْس"[20].



أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، وأن يثبتنا على الحق المبين، وأن يكفينا شر الكافرين والمنافقين، إنه سميع مجيب، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه؛ كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.



أمَّا بعْدُ: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واثبتوا على دينكم حتى تلقوا ربكم؛ ففي ذلك النجاة من عذاب الآخرة، والفوزُ بالنعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول: ﴿ وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزُّمر: 61].



أيُّها الإخوة المؤمنون: تنطوي حادثة سرية بئر معونة، وما حصل للمسلمين فيها من عظيم الابتلاء على دروس مهمة، جديرٌ بالمسلم أن يتأملها، ويستفيدَ منها، ولا سيما في وقتٍ تعظم فيه المحن، وتشتد الأزمات.



فهذه الحادثة تبين بجلاء حقيقة المشركين، وشدة عداوتهم للمؤمنين، وغدرهم بهم حينما تسنح فرصة للغدر، كما تبرز حجمَ الابتلاء الذي ابتلي به هؤلاء النخبة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد خرجوا يُعلمون الناس القرآن، فقُتلوا خيانةً وغدرًا.



وما كاد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم يكفكفون دموعهم على شهداء أحد حتى ابْتُلُوا بقتل سبعين آخرين في هذه الحادثة المؤلمة، وليس بين الحادثين إلا قريبًا من ثلاثة أشهر[21]؛ فابتلاء يعقبه ابتلاء، وامتحان في إثر امتحان للطائفة المُؤْمِنَة، وليس المسلمون في هذا العصر بأكرم على الله تعالى من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم الذين ابتلوا أشدَّ الابتلاء، ومن أراد ثواب الآخرة صبر على ابتلاءاتِ الدنيا. والابتلاءُ سنة ماضية يجريها الرب تبارك وتعالى على الأنبياء وأتباعهم.



ومن أهمِّ الدُّروس التي يحتاجها المسلم في هذا الزمن من تلك الحادثة: ثباتُ هذه العصابة المؤمنة على دينهم حتى لقوا الله تعالى وكان أشدَّ شيء حرصوا عليه وهم يلقون الله تعالى أن يبلغوا النبي صلى الله عليه وسلم ويبلغوا إخوانهم رضاهم عن الله تعالى بما أكرمهم به من الكرامة والشهادة، وبما أسبغ عليهم من الرضى عنهم حتى قالوا: "اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا"[22]، وفي رِوَاية قالوا: "ربنا أخبر إخواننا بما رضينا ورضيت عنا فأخبرهم عنهم"[23].



إنهم ما نالوا هذا الرِّضَا عن الله تعالى إلا لأنه سبحانه أرضاهم، وقد استحقوا هذا الرضا برحمة الله تعالى ثم بسبب ثباتهم على دينهم رغم المحنة والبلاء، حتى بذلوا نفوسهم رخيصة في سبيل ذلك، وما كان لهم من هم إلا أن يعلم إخوانهم مصيرهم، ورضا الله تعالى عنهم؛ حتى يثبتوا على دينهم مهما كانت الصوراف والتبعات؛ ذلك أن رضى الله تعالى يستحق كل تضحية.



وثمة ملاحـظة لابـد أن نفطن لها، وهـي أن الخـوف عـلى الأنفـس لا يُسوِّغ وقف الدعوة إلى الله تعالى فإذا ما عظُم مكرُ الكافرين، وافتراء المنافقين على عباد الله المؤمنين، وآذوهم بسبب دعوتهم إلى الله تعالى فإن ذلك ليس عذرًا صحيحًا لتعطيل الدعوة، حتى ولو كان في ذلك مظنة ذهاب النفوس، فقد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم كان خائفًا في بداية الأمر من إرسال هذه السرية، وصرح بخوفه عليهم من الغدر؛ ولكنه غلَّب جانب مصلحة الدعـوة، وتبليغِ الدين للنـاس على جـانب الخوف على أصحابه، فكان ما كان من أمر الله تعالى وقدره.



فإذا كان الخوف على النفوس لا يسوِّغُ وقف الدعوة إلى الله تعالى وتعطيلها فما دونه من باب أولى؛ كالخوف على الجاه والمال وغيره.



ألاَّ فاتقوا الله ربكم، واثبتوا على دينكم، وادعوا إلى سبيل ربكم بالحكمة والموعظة الحسنة؛ حتى تلقوا الله تعالى فيرضى عنكم وترضوا عنه، وذلك الفوز العظيم.



وصلوا وسلموا على خير خلق الله؛ كما أمركم بذلك ربكم.






[1] انظر: "تفسير ابن كثير" (615)، عند تفسير الآية (146) من سورة آل عمران.

[2] "زاد المعاد" (3/ 246).

[3] قال الخطابي في "غريب الحديث" (2/ 211): "قوله: ارتث معناه: حمل من المعركة مثخنًا"، وقال القاسم بن سلام في "غريب الحديث" (4/ 378): "هو أن يحمل من المعركة وبه رمق، فإن حمل ميتًا فليس بارتثاث" ا هـ. وانـظـر: "الفائق" للزمخشـري (2/ 37)، و"النـهايـة" لابن الأثير (2/ 196).

[4] قصتهم أخرجها الشيخان: البخاري في المغازي؛ باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة... (4088 - 4089 - 4090 - 4091 - 4092 - 4093 - 4094 - 4095 - 4096)، ومسلم في الإمارة باب ثبوت الجنة للشهيد (677)، والسياق الذي أوردته مأخوذ من مجموع الروايات، بالإضافة إلى زيادات من "طبقات ابن سعد" (2/ 40 ـ 41)، و"زاد المعاد" لابن القيم (2/ 246 - 248).

[5] هذه الرواية للبخاري برقم (4094).

[6] "فتح الباري" (7/ 451).

[7] هذه الرواية للبخاري في الدعوات باب الدعاء على المشركين (6394).

[8] هو حديث أنس في قصتهم المخرج في هامش (4).

[9] أخرجه أحمد (1/ 301 - 302) واللفظ له، وأبو داود في الصلاة باب القنوت في الصلوات (1443)، وصححه ابن خزيمة (618)، والحاكم وقال: على شرط البخاري، ووافقه الذهبي (1/ 225)، وصححه النووي في "المجموع" (3/ 482).

[10] أخرجه من حديث علي رضي الله عنه البخاري في الجهاد والسير باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (2931)، ومسلم في المساجد باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (627).

[11] أخرجه من حديث عبد الله بن أبي أوفى البخاريُّ في الجهاد والسير باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (2933)، ومسلم في المساجد باب استحباب القنوت في جميع الصلوات (675).

[12] أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الجهاد والسير باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (2932)، ومسلم في المساجد باب استحباب القنوت في جميع الصلوات (675).

[13] وذلك مثل دعائه على أبي جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأبي بن خلف، وعقبة بن أبي مُعَيْط، وأمية بن خلف... كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند البخاري في الجهاد والسير باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (4392)، ومسلم في الجهاد باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين (1794).

[14] وذلك في كتاب الجهاد والسير باب رقم (98)، وفي كتاب الدعوات أيضًا باب رقم: (58).

[15] أخرجه مسلم في السلام باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم (2166)، وأحمد (3/ 383)، واللفظ الآخر لإسحاق بن راهويه في "مسنده" (1685).

[16] "فتح الباري" (6/ 125).

[17] جاء ذلك في حديث أبي هريرة عند البخاري في الدعوات باب الدعاء للمشركين (6397)، ومسلم في فضائل الصحابة باب من فضائل غفار وأسلم (2524).

[18] كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم في فضائل الصحابة باب فضائل أبي هريرة الدوسي (2491)، وأحمد (2/ 219 ـ 220).

[19] وذلك في كتاب الجهاد والسير رقم الباب (100)، وفي الدعوات الباب (59).

[20] "فتح الباري" (6/ 126). وها هنا مسائل عدة يحسن الحديث عنها:

المسألة الأولى: قال بعض العلماء: "إن الدعاء على الكفار منسوخ بقول الله تعالى: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128].

وقال الحافظ في "الفتح" (11/ 199): وحكى ابن بطال أن الدعاء للمشركين ناسخ للدعاء على المشركين، ودليله قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128]، قال - أي ابن بطال - والأكثر على أن لا نسخ، وأن الدعاء على المشركين جائز، وإنما النهي عن ذلك في حق من يرجى تألفهم ودخولهم في الإسلام. ويحتمل في التوفيق بينهما أن الجواز حيث يكون في الدعاء ما يقتضي زجرهم عن تماديهم على الكفر، والمنع حيث يقع الدعاء عليهم بالهلاك على كفرهم" ا هـ.



وأدلة من قال بالنسخ:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع، فربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده: ((اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة ابن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، اللهم اشدد وطأتك على مُضَر، واجعلها سنين كسني يوسف))، يجهر بذلك، وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: ((اللهم الْعَن فلانًا وفلانًا لأحياء من العرب)) حتى أنزل الله: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ الآية [آل عمران: 128] الآية، أخرجه البخاري في التفسير باب﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ (483)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة (675)، وجاء في رواية مسلم: "ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128]" وفي لفـظ آخـر لمسلم: قـال أبـو هريرة رضي الله عنه: "ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء بعد، فقلت: أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ترك الدعاء لهم، قال: فقيل: ما تراهم قد قدموا؟".

حديث أنس رضي الله عنه قال: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب ثم تركه"؛ أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة الرجيع (4096)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة باب استحباب القنوت في جميع الصلاة (677) واللفظ لمسلم.
فهذان الحديثان وما في معناهما تنسخ ما كان جائزًا في أول الأمر من الدعاء على المشركين ولعنهم.


والقول بالنسخ مردود بما يلي:

حديث أنس رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه، فقال: ((كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم؟!)) فنزلت هذه الآية: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128]، أخرجه البخاري تعليقًا في المغازي باب: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128] قبل الحديث (4069)، ووصله مسلم في الجهاد باب غزوة أحد (1791)، وأحمد (3/ 99).


فإذا كانت الآية قد نزلت في شأن غزوة أحد خاصة، وكان سياقها في الحديث عن تلك الغزوة وما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم ولصحابته رضي الله عنهم من عظيم الابتلاء؛ فإن دعاءه على المشركين وقع بعدها، فغزوة أحد كانت في السنة الثالثة، وحادثة بئر معونة التي كانت سببًا في دعائه على بعض قبائل العرب كانت في السنة الرابعة مما يدل على أنه لا نسخ، وانظر: "فتح الباري" (8/ 75).


وجُمْهُور المُفَسِّرِين والعُلَماء على القول بعدم النسخ هنا، وأن الدعاء على المشركين مشروع.

قال ابن عطية رحمه الله تعالى في "المحرر الوجيز" (3/ 327): "وما ذكر في هذه الآية من أن هذه الآية ناسخة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين كلام ضعيف كله، وليس هذا من مواضع الناسخ والمنسوخ".


وقال القرطبي رحمه الله تعالى في "تفسيره" (4/ 129): "زعم بعض الكوفيين أن هذه الآية ناسخة للقنوت الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد الركوع". وساق القرطبي حديث أبي هريرة في دعائه ثم نزول هذه الآية ثم قال: "وليس هذا موضع نسخ؛ وإنما نبه الله تعالى نبيه على أن الأمر ليس إليه، وأنه لا يعلم من الغيب شيئًا إلا ما أعلمه، وأن الأمر كله لله، يتوب على من يشاء، ويعجل العقوبة لمن يشاء، والتقدير: ليس لك من الأمر شيء ولله ما في السموات وما في الأرض دونك ودونهم، يغفر لمن يشاء، ويتوب على من يشاء، فلا نسخ والله أعلم"، وقد ذكر الطبري معنى الآية بما لا نسخ فيها (4/ 86).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى في "الفتاوى" (21/ 156): "وليس لأحد أن يحتج على النسخ بما في الصحيحين عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر يقول: ((اللهم العن فلانًا وفلانًا...)) بعدما يقول: ((سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد))، فأنزل الله: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128]، فإن هذا إنما يدل على ترك اللعنة لهم؛ لكونه ليس له من الأمر شيء لجواز توبتهم، وهذا إذا كان نهيًا فلا فرق فيه بين الصلاة وخارج الصلاة، والكلام إنما هو في الدعاء الجائز خارج الصلاة؛ كالدعاء لمعينين مستضعفين، والدعاء على معينين من الكفار بالنصرة عليهم، لا باللعنة ونحو ذلك".

وقال ابن عاشور رحمه الله تعالى في "التحرير والتنوير" (4/ 81): "وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على أربعة من المشركين، وسَمَّى أناسًا، فنزلت هذه الآية؛ لنهيه عن ذلك، ثم أسلموا، وقيل: "إنه هم بالدعاء، أو استأذن الله أن يدعو عليهم بالاستئصال فنُهِيَ"، ويرد هذه الوجوه ما في صحيح مسلم (1792) عن ابن مسعود قال: "كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكى نبيًّا من الأنبياء ضربه قوم وهو يمسح الدم عن وجهه..." ا هـ.


وقال ابن عاشور - أيضًا - (4/ 82): "وأغرب جماعة فقالوا: نزل قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128] ناسخًا لما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم في قنوته على ذكوان وعصية ولحيان..." ثم قال ابن عاشور بعد أن نقل كلام ابن عطية: "وكيف يصح أن تكون نزلت لنسخ ذلك وهي متوسطة بين علل النصر الواقع يوم بدر، وتفسير ما وقع في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء على المشركين بعد نزول هذه الآية" أخذًا بكامل الأدب؛ لأنَّ الله لما أعلمه في هذا بما يدل على أن الله أعلم بما فيه نفع الإسلام ونقمة الكفر ترك الدعاء عليهم؛ إذ لعلهم يسلموا" ا هـ.


ما رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (2/ 155) برقم: (1100) من حديث عروة ابن الزبير أن عبدالرحمن بن عبدالقاري وكان في عهد عمر بن الخطاب مع عبدالله بن الأرقم على بيت المال: "أن عمر خرج ليلة في رمضان... وفيه: "فكان الناس يقومون أوله، وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: ((اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق...)) ورواه البيهقي (2/ 493) دون ذكر اللعن والدعاء على الكافرين. وصحح إسناد ابن خزيمة الألباني.

وعلى هذا كان عمل أهل المدينة؛ كما قال الأعرج عبدالرحمن بن هرمز رحمه الله تعالى: "ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان" أخرجه مالك في "الموطأ" برقم: (253)، وعنه عبدالرزاق في "مصنفه" برقم: (7734).

وقال ابن عبدالبر في "الاستذكار" (5/ 172): "والأعرج - وهو عبدالرحمن بن هرمز - أدرك جماعة من الصحابة، وكبار التابعين، وهذا هو العمل بالمدينة".

المسألة الثانية: أن الدعاء على الكفار ولعنهم مباح، وليس بواجب إن شاء فعله، وإن شاء تركه، والهدي النبوي في ذلك الدعاء للمسالمين منهم والدعاء على المحاربين منهم، كما نقل ذلك ابن عبدالبر رحمه الله تعالى في "الاستذكار" بعد أن ساق قول الأعرج (5/ 165) فقال: "ففيه إباحة لعن الكفرة، كانت لهم ذمة أم لم تكن، وليس ذلك بواجب؛ ولكنه مباح لمن فعله غضبًا لله في جحدهم الحق، وعداوتهم للدين وأهله،وأما قوله: "في رمضان" فمعناه: "أنهم كانوا يقنتون في الوتر في صلاة رمضان، ويلعنون الكفرة في القنوت؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه في القنوت على رعل وذكوان وبني لحيان، الذين قتلوا أصحاب بئر معونة".

وقال ابن عبدالبر - أيضًا - (5/ 172): "ومن فعل الصحابة وجلة التابعين بالمدينة في لعن الكفرة في القنوت أخذ العلماء لعن الكفرة في الخطبة الثانية من الخطبة والدعاء عليهم" ا هـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى (21/ 154): "وأما الدعاء على أهل الكتاب - كما يتخذه من يتخذه سنة راتبة في دعاء القنوت في النصف الأخير من شهر رمضان أو غيره - فهذا إنما هو منقول عن عمر بن الخطاب، أنه كان يدعو به لما كان يجاهد أهل الكتاب بالشام، وكان يدعو في المكتوبة، وهو موافق لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت أحيانًا يدعو للمؤمنين ويلعن الكافرين، ويذكر قبائل المشركين الذين يحاربونه؛ كمُضَر ورعْل وذكوان وعصية، وعمر لما قاتل أهل الكتاب قنت عليهم في المكتوبة؛ فالسنة أن يقنت عند النازلة، ويدعو فيها بما يناسب أولئك القوم المحاربين".

المسألة الثالثة: حكم الدعاء على مُعَيَّنٍ ولعنه:

ظاهر الأحاديث الجواز: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا على قبائل سماها، وعلى أشخاص ذكرهم بأسمائهم. ومن قال بأن قوله تعالى:﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128]، ناسخ لدعائه - عليه الصلاة والسلام - عليهم بأسمائهم منع ذلك، وبعضهم جعل دعاءه عليه الصلاة والسلام خاصًّا به؛ لأنَّ الله تعالى قد علمه أنهم لا يؤمنون، وبعضهم عكس الأمر فجعل منع لعنهم خاصًّا به عليه الصلاة والسلام لأنَّه مجاب الدعوة.

قال ابن العربي رحمه الله تعالى في "أحكام القرآن" (4/ 312): "دعا نوح على الكافرين أجمعين، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم على من تحزب على المؤمنين، وألب عليهم، وكان هذا أصلاً في الدعاء على الكفار في الجملة، فأما كافر معين لم تعلم خاتمته فلا يدعى عليه؛ لأن مآله عندنا مجهول، وربما كان عند الله معلوم الخاتمة للسعادة، وإنما خصَّ النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء على عتبة وشيبة وأصحابه؛ لعلمه بمآلهم، وما كشف له من الغطاء عن حالهم. والله أعلم".

وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى (8/ 335): "والدعاء على جنس الظالمين الكفار مشروع مأمور به، وشرع القنوت والدعاء للمؤمنين والدعاء على الكافرين. أما الدعاء على مُعينين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلعن فلانًا وفلانًا، فهذا قد روي أنه منسوخ بقوله: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128]. وذلك لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَعْلَمُ إنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَهْلِكَ؛ بل قد يكون ممن يتوب الله عليه، بخلاف الجنس فإنه إذا دُعِيَ عليهم بما فيه عز الدين وذل عدوه وقمعهم كان هذا دعاء بما يحبه الله ويرضاه؛ فإن الله يحب الإيمان وأهل الإيمان، وعلو أهل الإيمان وذل الكفار؛ فهذا دعاء بما يحب الله. وأما الدعاء على المعين لا يعلم أن الله يرضاه فغير مأمور به، وقد كان يفعل ثم نهي عنه؛ لأن الله قد يتوب عليه أو يعذبه".

وقال ابن مفلح رحمه الله تعالى في "الآداب الشرعية" (1/ 269): "ويجوز لعن الكفار عامًا، وهل يجوز لعن كافر معين؟ على رِوايتين. ونقل عن ابن تيميَّة قوله: "ولعن تارك الصلاة على وجه العموم جائز، وأما لعنة المعين: فالأولى تركها، لأنه يمكن أن يتوب".

وقال عن ابن تيميَّة في موضع آخر: "في لعن المعين من الكفار من أهل القبلة وغيرهم ومن الفساق بالاعتقاد أو بالعمل: لأصحابنا فيه أقوال: أحدها: أنه لا يجوز بحال وهو قول أبي بكر عبدالعزيز. والثاني: يجوز في الكافر دون الفاسق. والثالث: يجوز مطلقًا".

ونقل ابن مفلح (1/ 270) عن ابن الجوزي قوله: "وقد لعن أحمد بن حنبل من يستحق اللعن، فقال في رواية مسدد: "قالت الواقفية الملعونة، والمعتزلة الملعونة، وقال عبدالله بن أحمد الحنبلي: "سمعت أحمد بن حنبل يقول: على الجهمية لعنة الله، وكان الحسن يلعن الحجاج، وأحمد يقول: الحجاج رجل سوء. وقال ابن تيميَّة: "ليس في هذا عن أحمد لعنة معين لكن قول الحسن نعم" ا هـ.

وقال ابن مفلح (1/ 271): "وقال القاضي في "المعتمد": من حكمنا بكفرهم من المتأولين وغيرهم فجائز لعنتهم، نص عليه، وذكر أنه قال في اللفظية: على من جاء بهذا لعنة الله، عليه غضب الله، وذكر أنه قال عن قوم معينين: هتك الله الخبيث، وعن قوم: أخزاه الله، وقال في آخر: ملأ الله قبره نارًا، قال الشيخ تقي الدين: "لم أره نقل لعنة معينة إلا لعنة نوع، أو دعاء على معين بالعذاب، أو سبًّا له، لكن قال القاضي: "لم يفرق بين المطلق والمعين، وكذلك جدنا أبو البركات.

قال القاضي: فأمَّا فُسَّاق أهل الملة بالأفعال؛ كالزنا؛ والسرقة؛ وشرب الخمر؛ وقتل النفس؛ ونحو ذلك فهل يجوز لعنتهم أم لا؟ فقد توقف أحمد رضي الله عنه عن ذلك في رواية صالح. قلت لأبي: "الرجل يذكر عنده الحجاج أو غيره يلعنه؟ فقال: لا يعجبني، لو عم فقال: "ألا لعنة الله على الظالمين".

وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 272) "قال أبو بكر الخلال في "كتاب السنة": "الذي ذكره أبو عبدالله في التوقف في اللعنة فيه أحاديث كثيرة لا تخفى على أهل العلم، ويتبع قول الحسن وابن سيرين فهما الإمامان في زمانهما.

ويقول: لَعَنَ الله من قتل الحسين بن علي، لعن الله من قتل عثمان، لعن الله من قتل عليًّا، لعن الله من قتل معاوية بن أبي سفيان، ونقول: "لعنة الله على الظالمين إذا ذكر لنا رجل من أهل الفتن على ما تقلده أحمد".

قال القاضي: "فقد صرح الخلال باللَّعْنة، قال: "قال أبو بكر عبدالعزيز فيما وجدته في تعاليق أبي إسحاق: ليس لنا أن نلعن إلا من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الإخبار عنه" اهـ.

وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 272) قال الشيخ تقي الدين: "المنصوص عن أحمد الذي قرره الخلال اللعن المطلق العام لا المعين كما قلنا في نصوص الوعيد والوعد، وكما نقول في الشهادة بالجنة والنار، فإنا نشهد بأن المؤمنين في الجنة، وأن الكافرين في النار، ونشهد بالجنة والنار لمن شهد له الكتاب والسنة، ولا نشهد بذلك لمعين إلا من شهد له النص أو شهد له الاستفاضة على قول. فالشهادة في الخبر؛ كاللعن في الطلب، والخبر والطلب نوعا الكلام؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الطعانين واللعانين لا يكونون شهداء، ولا شفعاء يوم القيامة))؛ أخرجه مسلم (2598)، وأحمد (6/ 488)، وأبو داود (4908)، وابن حبان (5746)، فالشفاعة ضد اللعن كما أن الشهادة ضد اللعن، وكلام الخلال يقتضي أنه لا يلعن المعينين من الكفار فإنه ذكر قاتل عمر وكان كافرًا، ويقتضي أنه لا يلعن المعين من أهل الأهواء فإنه ذكر قاتل علي وكان خارجيًّا، ثم استدل القاضي للمنع بما جاء من ذم اللعن، وأن هؤلاء ترجى لهم المغفرة، لا تجوز لعنتهم؛ لأن اللعن يقتضي الطرد والإبعاد، بخلاف من حكم بكفره من المتأولين فإنهم مبعدون من الرحمة؛ كغيرهم من الكفار، واستدل على جواز ذلك وإطلاقه بالنصوص التي جاءت في اللعن وجميعها مطلقة؛ كالراشي والمرتشي؛ وآكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه". ا هـ.

وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 273): "قال الشيخ تقي الدين: "فصار للأصحاب في الفساق ثلاثة أقوال:

أحدها: المنع عمومًا وتعيينًا إلا برواية النص. والثاني: إجازتها. والثالث: التفريق وهو المنصوص.

وقد نقل عن أحمد لعنة أقوام معينين من دعاة أهل البدع؛ ولهذا فرق من فرق من الأصحاب بين لعنة الفاسق بالفعل، وبين دعاة أهل الضلال إما بناء على تكفيرهم، وإما بناء على أن ضررهم أشد".

ونقل ابن مفلح عن شيخ الإسلام قوله (1/ 274): "ومن جوز لعنة المبتدع المكفر معينًا فإنه يجوز لعنة الكافر المعين بطريق الأولى، ومن لم يجوز أن يلعن إلا من ثبت لعنه بالنص فإنه لا يجوز لعنة الكافر المعين. فمن لم يجوز إلا لعن المنصوص يرى أنه لا يجوز ذلك لا على وجه الانتصار، ولا على وجه الجهاد وإقامة الحدود؛ كالهجر؛ والتعزير؛ والتحذير".

وقال ابن مفلح (1/ 275): قال شيخ الإسلام: "وكذلك من لم يلعن المعين من أهل السنة أو من أهل القبلة أو مطلقًا، وأما من جوز لعنة الفاسق المعين على وجه البغض في الله - عزَّ وجلَّ- والبراءة منه، والتعزير فقد يجوز ذلك على وجه الانتصار أيضًا، ومن يرجح المنع من لعن المعين فقد يجيب عما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بأحد أجوبة ثلاثة:

إما بأن ذلك منسوخ؛ كلعن من لعن في القنوت على ما قاله أبو هريرة.
وإما أن ذلك مما دخل في قوله: ((اللهم إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مسلم سببته...)) لكن يقال هذا الحديث لا يدل على تحريم اللعنة، وإنما يدل على أنه يفعلها باجتهاده بالتعزير فجعل هذا الدعاء دافعًا عمن ليس لها بأهل.


وإما أن يقال: اللعن من النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بالنص فقد يكون اطلع على عاقبة الملعون، وقد يقال: الأصل مشاركته في الفعل ولو كان لا يلعن إلا من علم أنه من أهل النار لما قال: ((إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر، فأيما مسلم سببته...)) فهذا يقتضي أنه كان يخاف أن يكون لعنه بما يحتاج أن يستدرك بما يقابله من الحسنات؛ فإنه معصوم، والاستدراك بهذا الدعاء يدفع ما يخافه من إصابة دعائه لمن لا يستحقه وإن كان باجتهاد؛ إذ هو باجتهاده الشرعي معصوم لأجل التأسي به.

وقد يقال: نُصُوص الفعل تدل على الجواز للظالم؛ كما يقتضي ذلك القياس؛ فإنَّ اللعنة هي البعد عن رحمة الله، ومعلوم أنه يجوز أن يُدْعَى عليه من العذاب بما يكون مبعدًا عن رحمة الله - عزَّ وجلَّ - في بعض المواضع كما تقدم، فاللعنة أولى أن تجوز، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن لعن من علم أنه يحب الله ورسوله، فمن علم أنه مؤمن في الباطن يحب الله ورسوله لا يلعن؛ لأن هذا مرحوم بخلاف من لا يكون كذل" ا هـ.

من أدلة جواز اللَّعْن:

حديث عائشة في لعن المعين: "استأذن رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: "السام عليكم"، فقالت: "عليكم السام واللعنة.."؛ أخرجه البخاري (6024)، ومسلم (2165)، وللبخاري (6030) قالت عائشة: "عليكم لعنة الله وغضب الله عليكم...".
قال ابن تيميَّة؛ كما في "الآداب الشرعية" (1/ 276): " والاستدلال بهذا الخبر في جواز لعن المعين وعدمه محتمل".
حديث ابن عمر: أن رجلًا كان اسمه عبدالله، وكان يلقب حمارًا جلده النبي صلى الله عليه وسلم... فقال رجل من القوم: "اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله))؛ أخرجه البخاري (6780). قال الشيخ ابن تيميَّة: "فهذا ظاهر الدلالة".


ولمسلم (1695) من حديث بُرَيْدَة أن خالد بن الوليد لما رمى المرجومة بحجر فنضح الدم على وجهه فسبها..
قال في "النهاية": اللعن من الله عزَّ وجلَّ: الطرد والإبعاد، ومن الخلق السب والدعاء.


فظاهره جواز السب لولا التوبة" ا هـ من "الآداب الشرعية" (1/ 277).

ويحتمل أن منع اللعن للنبي - صلى الله عليه وسلم- لأنه مجاب الدعوة، وقد يتوب الله تعالى على الملعونين من المشركين فلذلك نُهِي عنه. انظر: "تفسير الرازي" (8/ 191).

قال أبو بكر ابن العربي في "أحكام القرآن" (1/ 74): "قال لي كثير من أشياخي: "إن الكافر المعين لا يجوز لعنه؛ لأن حاله عند الموافاة لا تعلم، وقد شرط الله تعالى في هذه الآية في إطلاق اللعنة الموافاة على الكفر".

وقد رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن أقوام بأعيانهم من الكفار، وفي صحيح مسلم (2007) عن عائشة - رضي الله عنها -: "دخل على النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشيء فأغضباه فلعنهما"، وإنما كان ذلك لعلمه بمآلهما والصحيح عندي جواز لعنه لظاهر حاله، كجواز قتاله وقتله".

وفي الصحيحين: ((لعن المؤمن كقتله))؛ رواه البخاري (6652)، ومسلم (176)، وكذلك إن كان ذميًّا يجوز إصغاره فكذلك لعنه.

فأما العاصي المعين فلا يجوز لعنه اتفاقًا لما رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم: "جيء بشارب خمر مرارًا..."؛ رواه البخاري (6780) فجعل له حرمة الأخوة، وهذا يوجب الشفقة.

وأما لعن العاصي مطلقًا فيجوز إجماعًا لما روي في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لعن الله السارق يسرق البيضة))؛ رواه البخاري (6783)، ومسلم (1687)، وقد قال بعض علمائنا في تأويل هذه الآية: "إن معناه عليهم اللعنة يوم القيامة؛ كما قال تعالى: ﴿ ثُمَّ يَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [العنكبوت: 25]، والذي عندي صحة لعنه في الدنيا لمن وافى كافرًا بظاهر الحال، وما ذكر الله عن الكفرة من لعنتهم وكفرهم فيما بينهم حالة أخرى، وبيان لحكم آخر، وحالة واقعة تعضد جواز اللعن في الدنيا، وتكون هذه الآية لجواز اللعن في الدنيا، فيكون للآيتين معنيان، فإن قيل: فهل تحكمون بجواز لعنة الله لمن كان على ظاهر الكفر، وقد علم الله موافاته مؤمنًا؟ قلنا: كذلك نقول، ولكن لعنة الله له حكمه بجواز لعنه لعباده المؤمنين أخذًا بظاهر حاله، والله أعلم بمآله" ا هـ من "أحكام القرآن" (1/ 76).

وقال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره بعد أن نقل كلام ابن العربي السابق (2/ 127): "قلت: أما لعن الكفار جملة من غير تعيين فلا خلاف في ذلك" ثم نقل القرطبي كلام الأعرج.. ثم قال القرطبي: "قال علماؤنا: وسواء كانت لهم ذمة أم لم تكن، وليس ذلك بواجب، ولكنه مباح فعله؛ لجحدهم الحق، وعداوتهم للدين وأهله، وكذلك كل من جاهر بالمعاصي؛ كشراب الخمر، وأكلة الربا، ومن تشبه بالنساء... إلى غير ذلك مما ورد في الأحاديث لعنه".

وقال القرطبي (2/ 127): "ليس لعن الكافر بطريق الزجر له عن الكفر؛ بل هو جزاء على الكفر، وإظهار قبح كفره، كان الكافر ميتًا أو مجنونًا". وقال قوم من السلف: "إنه لا فائدة في لعن من جن أو مات منهم لا بطريق الجزاء ولا بطريق الزجر فإنه لا يتأثر به".

وتعقب القرطبي (1/ 127) ابن العربي في تقريره الاتفاق على عدم جواز لعن العاصي، وذكر حديث (شارب الخمر): ((لا تكونوا عونًا للشيطان)) فقال القرطبي: "وقد ذكره بعض العلماء خلافًا في لعن العاصي المعين، قال: وإنما قال - عليه السلام -: ((لا تكونوا عونًا للشيطان على أخيكم)) في حق نعيمان بعد إقامة الحد عليه، ومن أقيم عليه حد الله تعالى فلا ينبغي لعنه، ومن لم يقم عليه الحد فلعنته جائزة سواء سُمّي أو عين أم لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يلعن إلا من تجب عليه اللعنة ما دام على تلك الحالة الموجبة للعن، فإذا تاب منها وأقلع وطهره الحد فلا لعنة تتوجه عليه، وبيّن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب)) فدل هذا الحديث مع صحته على أن التثريب واللعن إنما يكون قبل أخذ الحد، وقبل التوبة. والله أعلم" ا هـ.

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره (1/ 299) عند تفسير الآية (161) من سورة البقرة: "لا خلاف في جواز لعن الكفار، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده من الأئمة يلعنون الكفرة في القنوت وغيره. فأما الكافر المعين فقد ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يلعن؛ لأنا لا ندري بما يختم الله له، واستدل بعضهم بالآية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ ﴾ [البقرة: 161].

وقالت طائفة أخرى: بل يجوز لعن الكافر المعين، واختاره الفقيه أبو بكر ابن العربي المالكي ولكنه احتج بحديث فيه ضعف، واستدل غيره بقوله عليه السَّلام في قصة الذي كان يؤتى به سكران فيحد... ((لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله)) (4/ 322) اهـ من ابن كثير.

وقال الألوسي رحمه الله تعالى في "روح المعاني" (9/ 324): "واعلم أنه لا خلاف في جواز لعن كافر معين تحقق موته على الكفر إن لم يتضمن إيذاء مسلم أو ذمي إذا قلنا باستوائه مع المسلم في حرمة الإيذاء، أما إن تضمن ذلك حرم".

وقال - أيضًا -: (9/ 324): "ثم إن لعن من يجوز لعنه لا أرى أنه عبادة إلا إذا تضمن مصلحة شرعية، وأما لعن كافر حي فالمشهور أنه حرام، ومقتضى كلام حجة الإسلام الغزالي أنه كفر؛ لما فيه من سؤال تثبيته على الكفر الذي هو سبب اللعنة، وسؤال ذلك كفر، ونص الزركشي على ارتضائه حيث قال عقبه: فتفطن لهذه المسألة فإنها غريبة، وحكمها متجه، وقد زل فيها جماعة، وقال العلامة ابن حجر في ذلك: ينبغي أن يقال: إن أراد بلعنه الدعاء عليه بتشديد الأمر أو أطلق لم يكفر، وإن أراد سؤال بقائه على الكفر والرضى ببقائه عليه كفر، ثم قال: فتدبر ذلك حق التدبر فإنه تفصيل متجه قضت به كلماتهم" ا هـ.

وروى مسلم في صحيحه في البر والصلة والآداب باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس أهلاً لذلك كان له زكاة وأجرًا ورحمة... (2600) عن عائشة قالت: "دخل على رسول الله رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما، فلما خرجا قلت: يا رسول الله: "من أصاب من الخير شيئًا ما أصابه هذان، قال: ((وما ذاك؟)) قالت: "قلت: لعنتهما وسببتهما"، قال: ((أوما علمت ما شارطت عليه ربي؟)) قلت: ((اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرًا))؛ وله شاهد عن أبي هريرة - أيضًا - عند مسلم (2601)، وعن جابر (2602).

قال النَّوَوِيّ - رحمه الله تَعَالى -: (16/ 228- 229): "إنما يكون دُعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ونحو ذلك إذا لم يكن أهلاً للدعاء عليه، والسبِّ واللَّعْن ونحوه، وكان مُسْلمًا، وإلا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكُفَّار والمُنَافِقِين ولم يكن ذلك لهم رحمة. فإن قيل: كيف يدعو على من ليس هو بأهل للدعاء عليه، أو يسبه، أو يلعنه ونحو ذلك؟، فالجواب ما أجاب به العلماء، ومختصره وجهان:



أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى وفي باطن الأمر؛ ولكنه في الظَّاهر مستوجب له، فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شَرْعِيَّة، ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك، وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.
الثاني: أنَّ مَا وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود؛ بل مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية؛ كقوله: ((تربت يمينك...)) لا يقصد بشيء من ذلك حقيقة الدعاء، فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابة، فسأل ربه - سبحانه وتعالى - ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكَفَّارة وقربة وطهورًا وأَجْرًا، وإنما كان يقع هذا منه في النادر الشَّاذِّ من الأَزْمان.. ولم يكن فاحشًا ولا متفحِّشًا ولا لعَّانًا ولا منتـقمًا لنفسه..." ا هـ. وبنحو ذلك كان جواب القرطبي في "المُفْهِم" (6/ 584- 585).


وقال الألوسي - أيضًا - (9/ 324): "وكلعن الكافر الحي المعين بالشخص في الحرمة لعن الفاسق كذلك، وقال السراج البلقيني بجواز لعن العاصي المعين، واحتج على ذلك بحديث الصحيحين: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح))، وهو ظاهر فيما يَدَّعِيه، وقول ولده الجلال البلقيني في بحثه معه: "يحتمل أن يكون لعن الملائكة لها ليس بالخُصُوص بل بالعُمُوم بأن يقولوا: "لعن الله من دعاها زوجها إلى فراشه فأبت فبات غضبان بعيد جدًّا". ومما يؤيد قول السراج خبر مسلم أنه صلى الله عليه وسلم مرَّ بحمار وسم في وجهه فقال: ((لعن الله من فعل هذا))، وهو أبعد عن الاحتمال الذي ذكره ولده. وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم لعن قبائل من العرب بأعيانهم،... وذكر حديث لعن رعل وذكوان..، ثم قال: "وفيه نوع تأييد لذلك أيضًا"، لكن قيل: إنه يجوز أن يكون قد علم - عليه الصلاة والسلام - موتهم، أو موت أكثرهم على الكفر فلم يلعن صلى الله عليه وسلم إلا من علم موته عليه، ولا يخفى عليك الأحوط في هذا الباب، فقد صح: ((من لعن شيئًا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه))، وأرى الدعاء للعاصي المعين بالصلاح أحب من لعنه على القول بجوازه، وأرى لعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوصف أو بالشخص عبادة من حيث إن فيه اقتداءً برسول الله - عليه الصَّلاة والسلام - وكذا لعن من لعنه الله تعالى على الوجه الذي لعنه به)) ا هـ. وانظر: أيضًا (8/ 102- 103)، تفسيرسورة الإسراء: قول الله تعالى: ﴿ وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي القُرْآَنِ ﴾ [الإسراء: 60].



قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [البقرة: 161].

قال الرازي: "في الآية دلالة على أن على المسلمين لعن من مات كافرًا، وأن زوال التكليف عنه بالموت لا يسقط عنا لعنه والبراءة منه؛ لأن قوله: ﴿ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [البقرة: 161] قد اقتضى أمرنا بلعنه بعد موته، وهذا يدل على أن الكافر لو جُنّ لم يكن زوال التكليف عنه بالجنون مسقطًا للعنه والبراءة منه" اهـ من "تفسير الرازي" (4/ 151).



وقال الشيخ بكر أبو زيد في "المناهي اللفظية" (471): "فلا يلعن إلا من استحق اللعنة بنص من كتاب أو سنة وهي في الأمور الجامعة الآتية:

اللَّعْن بوصف عام مثل: لعنة عامة على الكافرين أو على الظالمين والكاذبين.
اللعن بوصف أخص منه مثل: لعن آكل الربا، ولعن الزناة، ولعن السراق والمرتشين، ونحو ذلك.
لعن الكافر المعين الذي مات على الكفر مثل: فرعون.
لعن كافر معين مات، ولم يظهر من شواهد الحال دخوله في الإسلام فيلعن. وإن توقى المسلم، وقال: لعنه الله إن مات كافرًا حسن.
لعن كافر معين حي؛ لعموم دخوله في لعنة الله على الكافرين، ولجواز قتله، وقتاله، ووجوب إعلان البراءة منه.
لعن المسلم العاصي - معينًا - أو الفاسق بفسقه، والفاجر بفجوره، فهذا اختلف أهل العلم في لعنه على قولين، والأكثر بل حكي الاتفاق عليه، على عدم جواز لعنه؛ لإمكان التوبة وغيرها من موانع لحوق اللعنة والوعيد مثل ما يحصل من الاستغفار، والتوبة، وتكاثر الحسنات وأنواع المكفرات الأخرى للذنوب، وإن ربي لغفور رحيم".


وقال ابن عبدالبر (5/ 166): "قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه..." إلى أن قال: "ولعن جماعة يطول ذكرهم قصدًا إلى لعنهم"، وليس لعنه هؤلاء، ولا من استحق اللعنة من باب من لعنه رسول الله، وشتمه عند غضب يغضبه، وهو يظنه أهلاً لذلك، ثم تبين له - إذا كان من البشر - غير ذلك، بل يكون لعنه له صلاة ورحمة؛ كما قال عليه السَّلام: ((إني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشر أرضى؛ كما يرضى البشر، وأغضب؛ كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورًا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة))؛ أخرجه مسلم من حديث أنس في البر والصلة والآداب برقم: (2603).



وقال ابن عبدالبر في "التمهيد" (13/ 144- 145): "وفي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النباش دليل على أن كل من أتى المُحَرَّمَات، وارتكب الكبائر المحظورات في أذى المسلمين وظلمهم جائز لعنه والله أعلم".

وقال في "التمهيد" (17/ 405): "وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، واليهود وغيرهم، ومحال أن تكون لعنته لهؤلاء رحمة عليهم، فمن لعن من يستحق أن يلعن فمباح، ومن لعن من لا يستحق اللَّعْن فقد أثم، ومن ترك اللعن عند الغضب ولم يلعن مسلمًا ولم يسبه فذلك من عزم الأمور".

[21] وذلك أن غزوة أحد كانت في النصف من شوال سنة ثلاث، وسرية بئر معونة كانت في صفر سنة أربع، فيكون بينهما ثلاثة أشهر ونصف.

[22] هذا اللفظ لمسلم، وانظر الحديث مخرجًا في هامش (3).

[23] هذا اللفظ للبخاري في المغازي (4093).






المصدر...

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

__________________

تابع كل جديد يوميا على صفحة رفعنا على ارشيف هنا
https://archive.org/details/@rabieaa...B5%D8%AD%D9%81
وهنا اكثر التحميلات في حساباتنا القديمة
https://archive.org/details/@_2018?sort=-week
وهنا
https://archive.org/details/@yolyo20...com?sort=-week
وهنا صفحة البحث في ارشيف عن اي مصحف اكتب ما تريد في الخانة الثانية ثم انتر
https://archive.org/advancedsearch.php


ثانيا


لاي طلب او استفسار
هنا الاميل

alfirdwsiy1433@ymail.com



اقدم لكم هدايا ذهبية


اكسب ملايين الحسنات بسبب التويتر ___اضغط بسرررررعة




____________
___________________

بشرى و مفاجاة ____1


هنا ربع مليون صفحة تقريبا تزيد 100 الف كل عام ان شاء الله تجدهم على حسابين



هنا الحساب الاول

الاحدث

https://archive.org/details/@yolyo20...rt=-publicdate

الاكثر تحميلا

https://archive.org/details/@yolyo20...ort=-downloads
_________________
_____________

هنا الحساب الثاني

الاحدث

https://archive.org/details/@_2018?sort=-publicdate

الاكثر تحميلا

https://archive.org/details/@_2018?sort=-downloads

____________________________
_________________________________________

وهنا الاكثر تحميلا للمصاحف في حساباتنا القديمة

https://archive.org/search.php?query...ort=-downloads

______

________

_____







بشرى و مفاجاة ____2

صدر حديثا على موقع ارشيف تقنية تمكنك عند السماع اونلاين لاي مصحف او اي صوتيات
يمكنك 2 ميزة

الميزة الاولى___ستجد رسمة الساعة اعلى الصفحة على اليمين__هذه الرسمة لتسريع الصوت
فيمكنك تسريع الصوت لاي مصحف بمقايييس مختلفة للسرعة للسماع حدر اونلاين لاي مصحف
وقبل ان اذكر لك الميزة الثانية اليك الرابط
هنا آلاف المصاحف مرفوعة على ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع الجديد يوميا هنا
https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate

____الميزة الثانية ____رسمة البطة___ستجدها اعلى الصفحة على اليمين ايضا بجوار سور المصحف الصوتية في جدول السماع

اذا ضغطت على رسمة البطة ستحول الشكل الى مشغل صوتيات مع خاصية الكوليزر الرهيبة للسماع اونلاين
بجودة صوت خيالية مع تغيير الكوليزر حسب ذوقك في الاستماع للحصول على صدى صوت وتقنيات رهيبة


_________________

_____________________


_______________________


_______________________________________






وهنا سلسلة مصاحف موقع طريق الإسلام



_الان تم رفعها على ارشيف لتكون برابط


واحد فقط صاروخي


هنا تجد كل المصاحف على ارشيف مع الترتيب للاحدث

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate










عندما تفتح لك نتائج البحث اضغط على عنوان اي مصحف

وبعد ان تفتح لك صفحة المصحف ستجد جدول للسماع اونلاين

وتحت السماع على اليمين ستجد كلمتين

كلمة VBR MP3 __اضغط عليها كليك يمين لتحميل كل المصحف برابط واحد

ستفتح لك اختيارات اختار SAVE LINK AS ____ او ___التحميل بواسطة داونلود مانجر اذا كنت مسطبه





___اما اذا اردت التحميل المنفرد سورة سورة ستجد كلمة اخرى وهي SHOW ALL

اضغط عليها كليك يسار ستفتح لك صفحة فيها كل السور

اضغط على رقم اي سورة لتحميلها واختار صيغة ام بي ثري


وهنا الموقع الاصلي لكل المصاحف ولكن التحميل منه منفرد سورة سورة
https://ar.islamway.net/recitations










___________________________
وهنا لاول مرة____100 مصحف مصور معلم صوت و كتابة___مع الترتيب للاحدث__فتابع كل جديد يوميا هناااااأأأ


https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate
__________________________________________________ ______________
_



وهنا الاف الكتب قراءة اونلاين و تحميل صاروخي مع الترتيب للاحدث ---- تابع كل لحظة

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate






ونحن نجدد كل الروابط قريبا ان شاء الله نكملها كلها

من وجد اي رابط لا يعمل او اراد اي مادة صوتية او مرئية
فعليه ان يضغط على رابط المزيد ---في اي موضوع من مواضيعي

وووووووووو عليه ان يتعلم كيفية البحث في موقع ارشيف
وهنا الشرح اضغط هنا بسرررررررعة
https://archive.org/details/archive--__search

واليكم المفاجاة الذهبية من اهم الهدايا

هنا برنامج ايات الرهيب مصحف معلم صوت و صورة لكل القراء

مع معظم تفاسير القران مع مصحف مكتوب بجودة خيالية طبعة المدينة بتشكيل حفص و نسخة التجويد و بتشكيل رواية ورش

مع الشرح بالتفصيل

لللبرنامج كل هذا بحجم 120 ميجا اضغط هنا للشرح التفصيلي

وهنا التحميل اضغط بسرررررعة
https://archive.org/details/Ayat--1__2016



واليكم المفاجاة العملاقة الثانية

برنامج كلام الله

اصدار جديد --1--2016

برنامج معلم الكتروني صوت و صورة

فيه مزايا رهيبة خيالية لا تصدق
هنا الشرح التفصيلي الواضح اضغط هنا بسرعة
وهنا التحميل الصاروخي برابط واحد اضغط هنا بسررعة
https://archive.org/details/klam--__allah__1__2016


اليكم ايضا الهدية العملاقة الثالثة

مصاحف القران مكتوبة

يصيغة الباوربوينت الرهيبة

خمس مصاحف هنا
اضغط بسرررررعة
https://archive.org/details/powerpoint--__2016






-------------------------








وهنا البحث في موقع ارشيف العملاق بحث عادي و بحث متقدم عن اي مصحف او عن اي صوتيات و مرئيات سماع اونلاين و تحميل صاروخي هنا

https://archive.org/advancedsearch.php?



وهنا الاف المصاحف متجددة مع الترتيب للاحدث تابعوا هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


وهنا الترتيب تبعاا للاكثر تحميلا

https://archive.org/search.php?query...ort=-downloads




____________________________


ملحوظة هامة جداااااااااااااااااا

هذا رابط البحث في موقع ارشيف اذا اردت ان تيحث عن اي شيء

https://archive.org/advancedsearch.php


ستجد الخانة الثانية مكتوب فيها على اليسار كلمة
title
وامامها على اليمين مستطيل خالي

اكتب في المستطيل الخالي امام كلمة تيتل -----اكتب فيه اي شيء
ثم انتر او ثم اضغط على كلمة
search
اسفل الجدول الاول
وكلمة تيتل معناها العنوان --بعكس الخانة الاولى
any field
يعني اي مكان لكن لو كتبت امامها سيظهر لي نتائج كثيرة غير دقيقة
لكن الكتابة بجوار التتل افضل لكي يكون بحث اكثر دقة فانا مثلا ابحث عن مصحف العجمي
اكتب امام التتل كلمة العجمي
واذا اردت الملفات المبرمجة لبرنامج كلام الله
فاكتب في خانة البحث امام التتل كلمة---برنامج كلام الله ---ثم اكتب بجوارها اسم اي قارئ
واذا اردت اي مصحف مقسم صفحات او ايات
فاكتب في خانة البحث اسم اي قارئ و بجواره صفحات او ايات
حسب ما تريد
ولاحظ ان كتابة الكلمة حساسة
فحاول تجرب كل الاقتراحات يعني مثلا
مرة ابحث عن العجمي بالياء ---ومرة ابحث عن العجمى هكذا بدون نقط الياء
لان صاحب المصحف الذي رفعه لو كتبه بالياء اذن انا لازم اكتب في بحثي نقط الياء
لان موقع ارشيف دقيق في كتابة كلمة البحث بعكس جوجل الذي لا يدقق في كتابة كلمة البحث



لمزيد من الشرح العملاق عن موقع ارشيف وكل خصائصه

هنا فيديو و كتابة

هنااااااااااااااااااااااا__________ااااااااااااااا
https://archive.org/details/Arch1251252455415255215



__________________________________________________ _____

هدايا ---اخرى هامة 15 هدية

الاولى كيف تحفظ القران بخاصية التكرار مع برنامج الريال بلاير الرهيب وتوضيح مزاياه الرهيبة مع تحميل القران مقسم ل ايات و سور و ارباع و اجزاء و احزاب و اثمان و صفحات مصحف مرتل و معلم و مجود
مع توضيح كيف تبحث في موقع ارشيف عن كل ذالك


والثانية
خطا شائع عند كثير من الناس في قراءة حفص بل في كل القراءات العشر
تسكين الباء في كلمة السبع في قوله تعالى ( وما اكل السبع ) سورة المائدة الاية 3
والصحيح ضمها لان المراد بها هنا حيوان السيع بخلاف السبع المراد بها العدد سبعة فان الباء تسكن كما في سورة المؤمنون الاية 86
- قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم - ولا تنسى قراءاة كتاب اسمه الاخطاء الشائعة في قراءة حفص وهذا رابطه لتحميله
https://archive.org/download/akhtaaa...ng-of-hafs/pdf



واسمع اليها في تلاوة عندليب الاسكندرية الخاشع الشيخ شعبان محمود عبد الله السورة رقم 5 المائدة في الاية رقم 3 والسورة رقم 23 المؤمنون
حيث يقف الشيخ على كلمة السبع في سورة المائدة لتوضيح ضم الباء

https://archive.org/details/64--kb-s...n--114/005.mp3




والهدية الثالثة

لاول مرة من شرائي ومن رفعي
رابط ل صفحة ارشيف تجد في اعلاها
مصحف الحصري معلم
تسجيلات الاذاعة
نسخة صوت القاهرة
النسخة الاصلية الشرعية
لانا معنا اذن من شركة صوت القاهرة بنشر كل مصاحفها بعد شرائه وتجد في نفس الصفحة كيفية الحصول على مصاحف اخرى نسخة صوت القاهرة



وحين تفتح لك الصفحة اقرا فيها كيفية الحصول على كل مصاحف صوت القاهرةبجودة رهيبة لا تصدق سي دي اوديو معدل الجودة 1411 ك ب
وايضا بجودة رهيبة ام بي ثري معدل الجودة 128 كيلو بايت

ايضا تجد في نفس الصفحة
رابط ل ملف مضغوط zip فيه روابط ل 696 مصحف مقسمين الى روابط تورنت ومباشرة وجودة فلاك مع الشرح كيف تكفر عن ذنوبك وتكسب ملايين الحسنات عن طريق التورنت
مع برنامج تورنت سريع وشرح كيفية عمله
مع هدايا اخرى ومفاجات
والهدية الرابعة

اسطوانة المنشاوي المعلم صوت و صورة نسخة جديدة 2013 نسخة اصلية من شركة رؤية مع مجموعة قيمة جدا من الاسطوانات التي تزيد يوما بعد يوم على نفس الصفحة


والهدية الخامسة

مصحف المنشاوي المعلم فيديو من قناة سمسم الفضائية

والهدية السادسة


مصحف المنشاوي المعلم صوتي النسخة الاصلية بجودة رهيبة 128 ك ب

والهدية السابعة

مصحف القران صوتي لاجمل الاصوات مقسم الى ايات و صفحات و ارباع و اجزاء و اثمان و سور كل مصحف برابط واحد صاروخي يستكمل التحميل



الهدية الثامنة

من باب الدال على الخير كفاعله انشروا الخير في كل مكان وهنا تجد كل روابط ارشيف




هنا البحث في موقع ارشيف العملاق بحث عادي و بحث متقدم عن اي مصحف او عن اي صوتيات و مرئيات سماع اونلاين و تحميل صاروخي هنا

https://archive.org/advancedsearch.php?



وهنا الاف المصاحف متجددة مع الترتيب للاحدث تابعوا هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


وهنا الترتيب تبعاا للاكثر تحميلا

https://archive.org/search.php?query...ort=-downloads



والهدية التاسعة


جميع ختمات قناة المجد المرئية بجودة خيالية صوت و كتابة مصحف القران مقسم اجزاء و احزاب اون لاين مباشر


الهدية العاشرة

اون لاين مباشر جميع تلاوات القران الخاشعة المبكية فيديو

الهدية 11

اون لاين مباشر جميع تلاوات القران الخاشعة المبكية اوديو



الهدية 12

جميع مصاحف الموبايل الجوال - القران كاملا بحجم صغير جدا و صوت نقي

الهدية13

برنامج الموبايل و الجوال صوت و كتابة لكل الاجهزة الجيل الثاني و الثالث و الخامس


الهدية14

الموسوعة الصوتية لاجمل السلاسل والاناشيد والدروس و الخطب لمعظم العلماء


الهدية 15

الموسوعة المرئية لاجمل الدروس و الخطب


الهدية 16



____________
نكمل كلامنا عن اهم مواقع المصاحف المنتشرة على النت


____

هنا مصاحف موقع قراء جدة برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate





________________________
وهنا الموقع الاصلي كل القراء

http://www.quran-jed.net/index.php









___________________________










___________






وهنا كل مصاحف موقع روائع التلاوات برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate




وهنا الموقع الاصلي كل القراء

http://rawae.net/quraa









___________________________




_________________________

وهنا سلسلة مصاحف موقع مداد



هنا على ارشيف مع التريب للاحدث




https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


__________________________________________________
وهنا الموقع الاصلي موقع مداد

ولكن التحميل منه منفرد سورة سورة

مع الترتيب للاحدث




http://midad.com/recitations/new






_____________________


_____________________________________








___________________

_____________



وهنا كل مصاحف موقع شروق الاسلام برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate

وهناااا
https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate



________________________
وهنا الموقع الاصلي مع الترتيب للاحدث


http://islamrise.com/Quranic_Recordings






___________________________




وهنا كل مصاحف موقع نداء الاسلام برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


________________________
وهنا الموقع الاصلي مع الترتيب للاحدث

http://islam-call.com/quran?complete...A8%D8%AD%D8%AB



__________________________________




وهنا كل مصاحف موقع القران ام بي ثري برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


________________________
وهنا الموقع الاصلي مع الترتيب للاحدث

http://www.mp3quran.net/







______________




________________






وهنا كل مصاحف موقع إسلام ويب برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


________________________
وهنا الموقع الاصلي مع الترتيب للاحدث

http://audio.islamweb.net/audio/inde...page=qareelast




____________________



وهنا كل مصاحف موقع دار القران



جميع الاصوات المغربية الخاشعة برابط واحد صاروخي



هنا مرفوعة على موقع ارشيف مع الترتيب للاحدث فتابع هنا

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate


________________________
وهنا الموقع الاصلي ولكن التحميل منفرد سورة سورة

لكل القراء المغاربة

http://darcoran.net/?taraf=Masmou3a&sinf=1
________________________







___________________________




___________________________-






وهنا كل المصاحف المصورة مع الترتيب للاحدث

https://archive.org/search.php?query...rt=-publicdate





__________________________________








______________________________











ملحوظة هامة جداااااااااااااااااا

هذا رابط البحث في موقع ارشيف اذا اردت ان تيحث عن اي شيء

https://archive.org/advancedsearch.php


ستجد الخانة الثانية مكتوب فيها على اليسار كلمة
title
وامامها على اليمين مستطيل خالي

اكتب في المستطيل الخالي امام كلمة تيتل -----اكتب فيه اي شيء
ثم انتر او ثم اضغط على كلمة
search
اسفل الجدول الاول
وكلمة تيتل معناها العنوان --بعكس الخانة الاولى
any field
يعني اي مكان لكن لو كتبت امامها سيظهر لي نتائج كثيرة غير دقيقة
لكن الكتابة بجوار التتل افضل لكي يكون بحث اكثر دقة فانا مثلا ابحث عن مصحف العجمي
اكتب امام التتل كلمة العجمي
واذا اردت الملفات المبرمجة لبرنامج كلام الله
فاكتب في خانة البحث امام التتل كلمة---برنامج كلام الله ---ثم اكتب بجوارها اسم اي قارئ
واذا اردت اي مصحف مقسم صفحات او ايات
فاكتب في خانة البحث اسم اي قارئ و بجواره صفحات او ايات
حسب ما تريد
ولاحظ ان كتابة الكلمة حساسة
فحاول تجرب كل الاقتراحات يعني مثلا
مرة ابحث عن العجمي بالياء ---ومرة ابحث عن العجمى هكذا بدون نقط الياء
لان صاحب المصحف الذي رفعه لو كتبه بالياء اذن انا لازم اكتب في بحثي نقط الياء
لان موقع ارشيف دقيق في كتابة كلمة البحث بعكس جوجل الذي لا يدقق في كتابة كلمة البحث




لمزيد من الشرح العملاق عن موقع ارشيف وكل خصائصه

هنا فيديو و كتابة

هنااااااااااااااااااااااا__________ااااااااااااااا

https://archive.org/details/Arch1251252455415255215
رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 02:32 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات