مكة في عهد قريش
د. سامية منيسي
أما عن مكة - التي سيطرت عليها قريش - وأهميتِها، فيصفها لنا ياقوت الحموي[1] قائلًا:
(مدينة في وادٍ، والجبال مشرفة عليها من جميع النواحي محيطة حول الكعبة وبناؤها من حجارة سود وبيض ملس وعلوها آجر كثيرة الأجنحة من خشب الساج وهي طبقات لطيفة مبيضة، حارة في الصيف إلا أن ليلها طيب.. والمسجد في ثلثي البلد إلى المسفلة والكعبة في وسط المسجد، وليس بمكة ماء جار ومياهها من السماء، وليست لهم آبار يشربون منها، وأطيبها بئر زمزم، ولا يمكن الإدمان على شربها، وليس بجميع مكة شجر مثمر إلا شجر البادية. فإذا جزت الحرم فهناك عيون وآبار وحوائط كثيرة وأودية ذات خضر ومزارع ونخيل وأما الحرم فليس فيه شجر مثمر إلا نخيل يسيرة متفرقة..).
هذا، ويطلق البعض اسم مكة على المدينة نفسها، بينما اسم بكة على البيت، أما البعض الآخر فيذكر أن بكة هي مكة، وقيل: سميت بكة لأن الأقدام تبك بعضها بعضًا [2].
ويضيف ياقوت الحموي قائلًا:
(وعن يحيى بن أبي أنيسة قال: بكة موضع البيت ومكة هي الحرم كله. وقال زيد بن أسلم: بكة الكعبة والمسجد ومكة ذو طوى وهو بطن الوادي الذي ذكره الله تعالى في سورة الفتح، ولها أسماء غير ذلك، وهي: مكة، وبكة، والنساسة، وأم رحم، وأم القرى، ومعاد، والحاطمة لأنها تحطم من استخف بها، وسمي البيت العتيق لأنه عتق من الجبابرة، والرأس لأنها مثل رأس الإنسان، والحرم، وصلاح، والبلد الأمين، والعرش، والقادس لأنها تقدس من الذنوب أي تطهر، والمقدسة، والناسة، والباسة بالباء الموحدة لأنها تبس أي تحطم الملحدين وقيل تخرجهم..)[3].
ويضيف ياقوت على ذلك قائلًا:
(وسماها الله تعالى أم القرى فقال: ﴿ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾ [الشورى: 7] وسماها الله تعالى البلد الأمين في قوله تعالى: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [التين: 1 - 3] وقال تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29] وقال تعالى: ﴿ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ ﴾ [المائدة: 97] وقال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35] وقال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ﴾ [إبراهيم: 37].
[1] معجم البلدان مجـ5 ص187، بيروت، دار بيروت للطباعة والنشر، دار صادر 1376هـ/1957م، وأيضًا: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للمقدسي المعروف بالبشاري تقديم محمد مخزوم، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1408هـ/1987م، ص75.
[2] تباك القوم: أي تزاحموا وبك فلان يبكه بكًا أي زاحمه أو زحمه. انظر لسان العرب مجـ1 ص335 مادة (بك).
[3] المرجع السابق ص182 (معجم البلدان).
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك