12-18-2022, 08:31 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 355,442
|
|
أرفض الزواج وأرى فيه نهاية حياتي!
أرفض الزواج وأرى فيه نهاية حياتي!
أ. أسماء حما
السؤال:
♦ الملخص:
فتاة تقدَّم عمرُها ولا تُريد الزواج؛ لأنها ترى فيه نهايةَ حياتها لعدم رغبتها في الإنجاب، لكن أهلها يُصرُّون على الزواج.
♦ التفاصيل:
أنا فتاة في نهاية العشرينيات مِن عمري، متعلمة وأعمل في وظيفةٍ ممتازةٍ تُمكِّنني من الاستقلال ماديًّا منذ سنوات، مشكلتي أنني منذ صِغَري وأنا أرفُض الزواج، وأرى فيه نهايةَ حياتي؛ لأنني لا أرغب في إنجاب الأولاد، ولا أجِدُ في نفسي القُدرةَ على تحمُّل مَسؤولية عائلة مثل بقية الفتيات، مع أنني أرى كثيرات ممن حولي مِن الأمهات قد نَجَحْنَ في التوفيق بين حياتهنَّ الزوجية والعملية.
أبي وأمي يرفضان رأيي، ويُصران بشدةٍ على تزويجي، حتى لو لم أوافق! ذلك لأنهما يَرَيان أن الفتاة لا تَقدر على الحياة بمُفردها دون شريكٍ، مع أنَّ الدُّنيا قد تغيَّرتْ، والحياة لم تَعُد كما كانتْ أيامهما!
في كل مرة يأتيني فيها خاطبٌ أَفقِد القدرةَ على التفكير بموضوعية ومنطقية، وأحيانًا بسبب ضغطهما عليَّ أتصرَّف بهستيريا، فهل ما أمرُّ به طبيعي؟! وهل أحتاج إلى مراجعة طبيب نفسي؟!
خُطِبتُ رغمًا عني لشابٍّ مِن عائلةٍ مُحترمةٍ، ومنذ اليوم الأول للخطبة وأنا أشعُر بنفُورٍ شديدٍ تُجاهه، وحياتي كلها توقَّفتْ بمجرد خطبتي منه، مع أنه لا ينقُصه شيء.
حاولتُ الانفِصال عنه، لكنَّ والديَّ يرفُضان أن أتركه؛ لأنه - كما يَريان - مناسب لي؛ فقررتُ أن أخبرَه برغبتي في فسخ الخِطبة، فأعرَب عن تمسُّكه بي أكثر من مرة، لكني رفضتُ.
الآن العائلة كلها ضدي، والكل يلومني على هذا القرار، ووالدتي تقول: هذا الخاطبُ رزق مِن الله، وأنتِ رفضتِه، وسيُنزل اللهُ عقوبةً عليك بسبب ما فعلتِه، وسيُيسِّر لك الزواج مِن رجلٍ يَظلمك كما ظلمتِ هذا الخاطب!
المشكلة أني طوال مدة الخطبة لم أستطعْ - ولو للحظة - السيطرة على مشاعري تُجاهه، وكنتُ أعتقد أن زواجنا سيكون ظلمًا له ولي، وأني لن أستطيعَ أن أُسعده، فهل تركي له مدعاة للعذاب؟ وماذا أفعل للتكفير عن ذنبي؟!
الجواب:
الأخت الفاضلة، نرحِّب بكِ في شبكة الألوكة، ونشكر لك انضمامَك لها، داعين الله تعالى أن يُسددنا في تقديم ما ينفعك. أمَّا بعدُ:
فإنَّ الزواجَ فطرةٌ وحاجة إنسانيَّة، تُحقق للإنسان الانتماء والحب والأمان، ويقضي له حاجةً فطَرها الله في البشرية؛ إما أن تجد طريقها الصحيح فتُصرَف في الحلال، وإما أن تجد طريقها الخاطئ فتُصرَف في الحرام، أو تُكبَت ويَشعر صاحبها بنقصٍ مستمر، ورغبةٍ مُلحة في تلبية غريزته وحاجته، ويعيش حياته في دوَّامة الحاجة فقط، دون أن يَصنع أو يُنتج أو يُغيِّر، ولا علاقة لذلك باستقلال المرأة في هذا العصر، واختلافها عن السابق!
إنَّ الزواج نعمة مِن نِعَم الله تعالى، فإذا كنتِ لا تشعرين بهذه النعمة حاليًّا، فسوف تشعرين بها مستقبلًا، وتأمَّلي حال أنثى طاف بها الزمان ولم تتزوَّج، وبلهجة أهل البلاد العربية: "عانس"، هل تعتقدين أنها سعيدة أو أنها تُعاني؟! فقد مات والداها، وإخوتُها كلٌّ منهم مُنشَغِلٌ بحياته الخاصَّة، وبقِيتْ هي تتمنى لو تَشتم رائحة طفل صغير مِن أحفادها!
تأمَّلي حالها، وتفكَّري في رفضك الزواج، لعدم رغبتك في الارتباط مِن شريك تجدينه مُقيِّدًا لحياتك، ولعدم رغبتك في الإنجاب.
لماذا خلقنا الله؟ سؤال يَطرَحُ نفسه، خَلَقَنا لعبادته ولعمارةِ الأرض، فكيف تعمرين الأرض وحدك مِن غير زوج يسند كتفك، ويُقيل عَثرتك، وتنجبين منه ذريَّة تُزين حياتك وتُسعدها؟!
إنَّ الزواج نعمة لِما فيه مِن السكن والراحة، ولقد امتنَّ الله تعالى أنْ جَعَل الزواجَ بين الرجل والمرأة مِن جنسٍ واحدٍ، فالرجل والمرأة مِن أصل واحد، وخَلَق في كلٍّ منهما الميل إلى الآخر، ألا تجدين في نفسك الميل والرغبة في رجل يُشاركك حياتك ويؤنس أيامك؟! أوليستْ لديك رغبة في الأمومة، وأن تُنشئي طفلًا صالحًا يَحمِل اسم والده واسْمك، ويُبقي ذكرَكما عاليًا في الدنيا؟!
هذه مشاعرُ طبيعية فطَر الله الناس عليها، وقد أمرَنا اللهُ أن نَتَذَكَّر نعمته في خلقنا على هذا النحو، وأنه خلَق فينا مَيلَ بعضنا إلى بعض، وغرس في القلوب الحبَّ والرحمة بين الزوجين؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].
إن الزواج ليس عائقًا عن العمل، ولا عن ممارسة ما تُحبين في حياتك اليومية، وبقليلٍ مِن التنظيم والإدارة في بيتك ستنجحين في تأسيس مملكتك وجنتك الأسرية الخاصة، وتأسيس حياتك العملية أيضًا.
سائلين المولى عزَّ وجل صلاحَ الحال، ولك منا دعوات بالتوفيق والسعادة
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|