خوارق العادات عند أهل السنة

[منتدى اهل الحديث]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
اعلم -علمني الله وإياك- أنّ خوارق العادة ثمانية[1]:
1) إرهاص النبوة :هو أمر خارق للعادة يجريه الله للأنبياء قبل بعثتهم كمقدمة لنبوّتهمولا تسمّى معجزة لعدم اقترانها بدعوى نبوة. ،من ذلك سجود الشجر والحجر لرسول الله وإظلال الغمامة له وميلان فيء الشجرة عليه.[2]
2) معجزة النبي :هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد نبيّه مقروناً بدعوى النبوة، كعصا موسى عليه السلام.
3) كرامة الولي: هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل ظاهر الصلاح ، ملتزم لمتابعة نبي كُلِّف بشريعته مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح ، علم بها ذلك العبد الصالح أم لم يعلم.وقال ابن تيمية:"إن كل كرامة لولي فهي آيةٌ للنبي الذي اتبعه؛ لأن هذه الكرامة تشهد بصدق ما كان عليه الولي". [3]ودليل الكرامة قوله تعالى عن مريم : كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًاقَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ]آل عمران: 37[
4) المعونة: هي أمر خارق للعادة يظهر على بعض عوام المسلمين وضعفاء أهل الدين تخليصا لهم من المحن والمكاره.
5) السحر: هو أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل فاسق ليمد له في ضلاله.
6) الاستدراج والمكر: هو أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل فاسق على وفق مقصوده استدراجاً له. قال الرازي في الفرق بين الكرامة والإستدراج:" إن صاحب الكرامة لا يستأنس بتلك الكرامة بل عند ظهور الكرامة يصير خوفه من الله تعالى أشد وحذره من قهر الله أقوى فإنه يخاف أن يكون ذلك من باب الاستدراج وأما صاحب الاستدراج فإنه يستأنس بذلك الذي يظهر عليه ويظن أنه إنما وجد تلك الكرامة لأنه كان مستحقاً لها وحينئذ يستحقر غيره ويتكبر عليه ويحصل له أمن من مكر الله وعقابه ولا يخاف سوء العاقبة فإذا ظهر شيء من هذه الأحوال على صاحب الكرامة دل ذلك على أنها كانت استدراجاً لا كرامة" [4] .
7) الإهانة والإحتقار :هو أمر خارق للعادة يجريه الله على يد رجل فاسق على عكس مقصوده إهانة له .ومثاله ما ذكره ابن الجوزي عن مسيلمة الكذاب حيث قال: "وأتته امرأة، فقالت: ادع الله لنخلنا ولمائنا فإن محمدا دعا لقوم فجاشت آبارهم، فقال: وكيف فعل محمد؟ قالت: دعا بسجل، فدعا لهم فيه، ثم تمضمض ومجه فيه، فأفرغوه في تلك الآبار، ففعل هو كذلك فغارت تلك المياه.وقال له رجل: برك على ولدي، فإن محمدا يبرك على أولاد أصحابه فلم يؤت بصبي مسح على رأسه أو حنكه إلا لثغ وقرع.وتوضأ في حائط، فصب وضوءه فيه، فلم ينبت".[5]
8) الخوارق التي تظهر على الدَّجال وتكون مقرونة بدعوى ألوهيّة. قال الرازي:"قال أصحابنا إنما جاز ذلك لأن شكله وخلقته تدل على كذبه فظهور الخوارق على يده لا يفضي إلى التلبيس". [6] قلت قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من صفته قائلاً: "أنه أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ رَجُلًا وأنه جَعْدُ الشعر قَطِط مكتوب بين عينيه كافر.[7] ومن خوارقه ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا فَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ ". [8] وأنه "فَإِذَا رَآهُ الْمُؤْمِنُ، قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الدَّجَّالُ الَّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ فَيُشَبَّحُ، فَيَقُولُ: خُذُوهُ وَشُجُّوهُ فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْبًا، قَالَ: فَيَقُولُ: أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِي، قَالَ: فَيَقُولُ: أَنْتَ الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ، قَالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُؤْشَرُ بِالْمِنْشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ فَيَسْتَوِي قَائِمًا، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ لَهُ أَتُؤْمِنُ بِي؟، فَيَقُولُ: مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلَّا بَصِيرَةً، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيُجْعَلَ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ نُحَاسًا، فَلَا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلًا، قَالَ: فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَيَقْذِفُ بِهِ فَيَحْسِبُ النَّاسُ أَنَّمَا قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا أَعْظَمُ النَّاسِ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ ". [9]

[1]لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية (2/392) بتصرّف، ولم يذكر المؤلف السحر ضمن تعداد الخوارق ذكرته.

[2] انظر جامع الترمذي وقال حسن غريب (2/927-928 برقم 3620 بإسناد حسن فيه يونس بن أبي اسحاق السبيعي،قال ابن حجر في التقريب: صدوق يهم قليلا) وصححه الألباني (صحيح الترمذي 3/191) وأخرجه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه (المستدرك على الصحيحين 2/613) وقال الذهبي في التلخيص : أظنه موضوعا فبعضه باطل ؛ قلت: ولم يذكر له الذهبي علة توجب رده.

[3]الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (1/56)

[4]تفسير الرازي (21/80)

[5]تاريخ الأمم والملوك (4/20) ذكرها بلا إسناد.

[6]تفسير الرازي (21/72)

[7]صحيح البخاري (2/680 برقم 3440 و3/495 برقم 7408)

[8]متفق عليه (البخاري 2/682 برقم 3452) ومسلم ( 18/61 برقم 2935)

[9]مسلم (18/72-73 برقم 2940) ويشَبَّح: أي يمد على بطنه (شرح النووي على صحيح مسلم)
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك