من هو الداعية ؟ للشيخ علي علمي شنتوفي

[منتدى مكتبة المسجد النبوي الشريف]

بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وآل بيته الطيبين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونسأل الله العفو والمغفرة لجميع المسلمين والمسلمات، آمين.
يتابع الشيخ علي علمي رحمه الله في مقال : الدعوة الإسلامية أمانة ومسؤولية...
»...إذن من هو الداعية يا ترى؟
الداعية إلى الله هو الشخص المكلف بالدعوة إلى الله،علما وعملا وتبليغا وتوجيها وممارسة من بداية التكليف إلى لقاء الله ،لا فتور ولا تقاعس ولا تراجع بل لا بد من الجهد المبذول والتضحية الشاملة والمستمرة اقتداءا بالرسول الحبيب الذي توضح لنا سيرته بعض المواقف البسيطة في لفظها البعيدة الغور في عمقها.
فهذه أمنا خديجة رضي الله عنها تشفق عليه وتقول له : « نم قليلا يا رسول الله »فيجيبها بقوله: »ذهب عهد النوم يا خديجة . »
وعندما تكالبت عليه قوى الشر،ووضعوا في طريقه كل المعوقات،حتى بلغ الأمر الى التهديد والوعيد،وكاد أبو طالب أن يلقي بكل ثقله على الرسول الكريم ، من أجل التخلي عن دعوته.وإذا به يجيبه بالقول الفصل،فيقول: » والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ماتركنه حتى يظهره الله أو أهلك دونه »
وتمر الأيام ويصبح الدين قوة و دولة ويرى الحبيب تلك الرؤية الصادقة قال تعالى :& لقد صدق الله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله آمنين&.
ويخرج النبي الكريم الى مكة ليقوم بمناسك العمرة ،لكن عنهجية القريشيين لم يرقها ذلك،فوقفت بصفتها ضد هذه الرغبة الكريمة ،وإذ به يصرخ تلك الصرخة التي تزلزل بها صرح الشرك والمشركين وأدخل الرعب في قلوب المعاندين فقال : »فما تظن قريش،فو الله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به ،حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة؟. »
ثم تمر الأيام وتنزل عليه سورة الفتح بعد صلح الحديبية مباشرة فيبشره مولاه بالمغفرة التامة،لكل ذنب سابق أو لا حق،لكنه صلى الله عليه وسلم كما هو لم يقلل من عمل أو جهد أو تهجد أو جهاد فتشفق عليه أمنا عائشة رضي الله عنها فتقول له : »أو تفعل كل ذلك يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر »فيجيبها بقوله: »أفلا أكون عبد شكورا »
هكذا يوضح الرسول الكريم أن حياة الدعاة تتراوح بين خلق الصبر والشكر مع الإخلاص و الصدق والتضحية والجهاد والمجاهدة من أول الطريق إلى نهاية الحياة.وفي نفس الوقت يبين لأمته أن مهمتها هي مهمة الأنبياء و الرسل ولهم الأسوة في نوح وإبراهيم ويوسف وموسى وعيسى وغيرهم...من الرسل الذين ضحوا بكل ما يملكون من أجل الدعوة الى الله.يكفي في ذلك تلك الشكوى.شكوى نوح عليه السلام التي لم تدع لداعية مفرا أو مهربا يقول تعالى : &قال ربي اني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا واني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في أذانهم واستغشوا ثيابهم و أصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم و أسررت أسرارا فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليك مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لك أنهارا مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا& سورة نوح،آية 5-14...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك