أحكام مجاوزة الميقات
نايف بن محمد اليحيى
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
موضوع المواقيت له أهمية هذا الوقت لكثرة وقوع الخطأ فيه، وشدة الحاجة إليه، خصوصا مع تيسر وسائل النقل وسرعتها فتجد من يتجاوز الميقات ليعود إليه، أو يتجاوزه ليقصد ميقاتا آخر، أو يتجاوزه لعمل يقصد بعده النسك، أو لأجل عدم حمله التصريح، وقد بينت ذلك في هذا البحث المتواضع قدر الاستطاعة، والله الموفق.
خطة البحث:
تتكون خطة البحث من تمهيد وفصلين:
الفصل الأول: مجاوزة الميقات لمن عزم على أداء النسك، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: المجاوزة قاصداً لميقات آخر.
المبحث الثاني: الإحرام بعد تجاوز الميقات.
المبحث الثالث: تجاوز الميقات بغير إحرام بنية العود إليه.
المبحث الرابع: تجاوز الميقات لعدم حمل التصريح أو لعدم وجود ملابس الإحرام.
المبحث الخامس: من جاوز الميقات ناسيا أو جاهلا.
المبحث السادس: ميقات منهم دون المواقيت
المبحث السابع: ميقات أهل مكة.
الفصل الثاني: مجاوزة الميقات لغير مريد النسك.
المبحث الأول: المجاوزة لمن يريد دخول مكة.
المبحث الثاني: من جاوز الميقات لعمل أو حاجة هل يلزمه الإحرام؟
تمهيد وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تعريف الميقات لغة:
قال ابن فارس: الواو والقاف والتاء: أصل يدل على حد شيء وكنهه في زمان وغيره، منه الوقت: الزمان المعلوم، والموقوت: الشيء المحدود. والميقات: المصير للوقت، وقت له كذا ووقته، أي حدده. قال الله عز وجل: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [1] ، [النساء: 103].
وقال الجوهري: الميقات: الوقتُ المضروب للفعل، والموضعُ. يقال: هذا ميقات أهل الشام، للموضع الذي يحرمون منه[2].
واستعير للمكان، ومنه: مواقيت الحج لمواضع الإحرام[3].
تعريف الميقات اصطلاحاً:
مواضع و أزمنة معينة لعبادة مخصوصة[4].
المبحث الثاني: مشروعية الإحرام من الميقات:
أجمع العلماء على عدم جواز تجاوز الميقات لمريد النسك إلا بإحرام، وممن نقل الإجماع النووي[5] والرملي [6] وغيرهم.
وذلك لأمره عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن. وقال ابن عمر: وأُخبرت أنه قال: (ويهل أهل اليمن من يلملم) [7].
وفي رواية: (فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم ..) [8].
وفي رواية: (وقَّت لأهل ..)[9].
فتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلو عن فائدة، ولا فائدة في هذه المواقيت سوى المنع من تأخير الإحرام بعد ما انتهى إليها[10].
وأعيان هذه المواقيت لا يشترط، بل الواجب عينها أو حذوها بالاتفاق كما حكاه ابن جماعة([11]).
وقد ثبت بالنص أربعة مواقيت ونقل ابن عبدالبر[12] وابن قدامة[13] الإجماع عليها، وهي: ذو الحليفة[14]، والجحفة[15]، وقرن المنازل[16]، ويلملم[17]
واختلفوا في ذات عرق[18] هل ثبت بالنص أو باجتهاد عمر رضي الله عنه، مع إجماعهم على جواز الإحرام منه كما نقله ابن عبدالبر[19] والنووي[20].
وقد نظم بعضهم المواقيت الخمسة في بيتين فقال:
عرق العراق يلملم اليمـني وبذي الحليـفة يحرم المدني
للشام جحفة إن مررت بها ولأهل نجد قـرن فاستبن[21]
يتبع
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك