شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى السيرة النبوية
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف القران مقسم صفحات الحصري مرتل مع توسط المنفصل بجودة 32 ك (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات هاني الرفاعي بجودة 64 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات مشاري العفاسي مع مد المنفصل بجودة 32 ك (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات الشاطري بجودة 128 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات الشاطري بجودة 64 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف السديس مقسم صفحات بجودة 32 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات السديس بجودة 64 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات عبد الباسط مجود بجودة 64 ك (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف القران مقسم صفحات العجمي (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: صلاح بو خاطر مصحف القران مقسم صفحات صلاح بوخاطر بجودة 128 ك (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 06-16-2015, 04:52 PM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 69)

مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 68)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=352498

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ
فِيهَا كَانَ مَقْتَلُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيِّ الْأَشْدَقِ , قَتَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ أَرْضَ الْجَابِيَةِ , أَعْجَبَهُ إِتْيَانُهُ إِلَيْهِ , فَبَايَعَهُ , وَبَايَعَ لَهُ أَهْلَ الْأُرْدُنِّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا انْتَظَمَ لَهُ الْأَمْرُ نَزَلَ عَنِ الْإِمْرَةِ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ , وَيَكُونُ لِمَرْوَانَ إِمْرَةُ حِمْصَ , وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ نِيَابَةُ دِمَشْقَ.
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ مُلْكُهُ ( مروان ) فِي هَذِهِ الْبِلَادِ , بَايَعَ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ , ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - وَالِدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - وَتَرَكَ الْبَيْعَةَ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ; لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَرَاهُ أَهْلًا لِلْخِلَافَةِ
وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ , وَإِنْ كَانَ خَالًا لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ , وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِأَعْبَاءِ بَيْعَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ
فرَكِبَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ فِي جُنُودِهِ قَاصِدًا قَرْقِيسِيَاءَ ; لِيُحَاصِرَ زُفَرَ بْنَ الْحَارِثِ الْكِلَابِيَّ الَّذِي أَعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدَ عَلَى جَيْشِ مَرْوَانَ حِينَ قَاتَلُوهُمْ بِعَيْنِ وَرْدَةَ , وَمِنْ عَزْمِهِ إِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ بَعْدَ ذَلِكَ , فَلَمَّا سَارَ إِلَيْهَا , اسْتَخْلَفَ عَلَى دِمَشْقَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ الْأَشْدَقَ
فَتَحَصَّنَ بِهَا , وَأَخْذَ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ , وَخَطَبَ بِالنَّاسِ فَوَعَدَهُمُ الْعَدْلَ وَالنَّصَفَ وَالْعَطَاءَ الْجَزِيلَ وَالثَّنَاءَ الْجَمِيلَ
وَلَمَّا عَلِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِمَا فَعَلَهُ الْأَشْدَقُ , كَرَّ رَاجِعًا مِنْ فَوْرِهِ
فَوَجَدَ الْأَشْدَقَ قَدْ حَصَّنَ دِمَشْقَ , وَعَلَّقَ عَلَيْهَا السَّتَائِرَ وَالْمُسُوحَ , وَانْحَازَ الْأَشْدَقُ إِلَى حِصْنٍ رُومِيٍّ مَنِيعٍ كَانَ بِدِمَشْقَ فَنَزَلَهُ .
فَحَاصَرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ
وَقَاتَلَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الْأَشْدَقُ مُدَّةَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا
وَرَاسَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ , وَقَالَ لَهُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ أَنْ تُفْسِدَ أَمْرَ بَيْتِكَ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنِ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ , وَإِنَّ فِيمَا صَنَعْتَ قُوَّةً لِابْنِ الزُّبَيْرِ , فَارْجِعْ إِلَى بَيْتِكَ , وَلَكَ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ . وَحَلَفَ له بِالْأَيْمَانِ الْمُؤَكَّدَةِ أَنَّكَ وَلِيُّ عَهَدِي مِنْ بَعْدِي , وَكَتَبَا بَيْنَهُمَا كِتَابًا
فَانْخَدَعَ لَهُ عَمْرٌو وَفَتَحَ أَبْوَابَ دِمَشْقَ , ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ , وَعَلَى أَنْ يَكُونَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ , وَعَلَى أَنْ يَكُونَ مَعَ كُلِّ عَامِلٍ لِعَبْدِ الْمَلِكِ عَامِلٌ لَهُ , وَكَتَبَا بَيْنَهُمَا كِتَابَ أَمَانٍ , وَذَلِكَ عَشِيَّةَ الْخَمِيسِ.
فَدَخَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ دِمَشْقَ إِلَى دَارِ الْإِمَارَةِ عَلَى عَادَتِهِ , وَبَعَثَ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ يَقُولُ لَهُ : رُدَّ عَلَى النَّاسِ أَعْطِيَاتِهِمُ الَّتِي أَخَذْتَهَا لَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَمْرٌو يَقُولُ لَهُ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ إِلَيْكَ , وَلَيْسَ هَذَا الْبَلَدُ لَكَ , فَاخْرُجْ مِنْهُ
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ يَأْمُرُهُ بِالْإِتْيَانِ إِلَى مَنْزِلِهِ بِدَارِ الْإِمَارَةِ الْخَضْرَاءِ
فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ , صَادَفَ عِنْدَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ , وَهُوَ زَوْجُ ابْنَتِهِ أُمِّ مُوسَى بِنْتِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ
فَاسْتَشَارَهُ عَمْرٌو فِي الذَّهَابِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ
فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ , وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي , وَأَرَى أَنْ لَا تَأْتِيَهُ .
فَقَالَ عَمْرٌو : وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ نَائِمًا مَا تَخَوَّفْتُ أَنْ يُنَبِّهَنِي ابْنُ الزَّرْقَاءِ , وَمَا كَانَ لِيَجْتَرِئَ عَلَى ذَلِكَ مِنِّي , مَعَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَتَانِي الْبَارِحَةَ فِي الْمَنَامِ فَأَلْبَسَنِي قَمِيصَهُ , وَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ لِلرَّسُولِ : أَبْلِغْهُ السَّلَامَ , وَقُلْ لَهُ : أَنَا رَائِحٌ إِلَيْكَ الْعَشِيَّةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ - يَعْنِي بَعْدَ الظُّهْرِ - لَبِسَ عَمْرٌو دِرْعًا بَيْنَ ثِيَابِهِ وَتَقَلَّدَ سَيْفَهُ وَنَهَضَ , فَعَثَرَ بِالْبُسَاطِ
فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ وَبَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ : إِنَّا نَرَى أَنْ لَا تَأْتِيَهُ .
فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى ذَلِكَ , وَمَضَى فِي مِائَةٍ مِنْ مَوَالِيهِ
وَعَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ أَمَرَ بَنِي مَرْوَانَ , فَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عِنْدَهُ
فَلَمَّا انْتَهَى عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ إِلَى الْبَابِ , أَمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَدْخُلَ , وَأَنْ يُحْبَسَ مَنْ مَعَهُ عِنْدَ كُلِّ بَابٍ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ
فَدَخَلَ كَذَلِكَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى صَرْحَةِ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ , وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ مِنْ مَوَالِيهِ سِوَى وَصَيْفٍ وَاحِدٍ
فَرَمَى بِبَصَرِهِ , فَإِذَا بَنُو مَرْوَانَ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ , فَأَحَسَّ بِالشَّرِّ
فَالْتَفَتَ إِلَى وَصِيفِهِ , فَقَالَ لَهُ هَمْسًا : وَيْلَكَ , انْطَلِقْ إِلَى أَخِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقُلْ لَهُ فَلْيَأْتِنِي .
فَلَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ , وَقَالَ لَهُ : لَبَّيْكَ ؟ .
فَأَعَادَ عَلَيْهِ ذَلِكَ
فَلَمْ يَفْهَمْ أَيْضًا , وَقَالَ : لَبَّيْكَ ؟ .
فَقَالَ : وَيْلَكَ ! اغْرُبْ عَنِّي فِي حَرَقِ اللَّهِ وَنَارِهِ .
وَكَانَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ حَسَّانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ , وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ , فَأَذِنَ لَهُمَا عَبْدُ الْمَلِكِ بِالِانْصِرَافِ , فَلَمَّا خَرَجَا غُلِّقَتِ الْأَبْوَابُ
وَاقْتَرَبَ عَمْرٌو مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ
فَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ , ثُمَّ جَعَلَ يُحَدِّثُهُ طَوِيلًا , ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ قَالَ : يَا غُلَامُ , خُذِ السَّيْفَ عَنْهُ .
فَقَالَ عَمْرٌو : إِنَّا لِلَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ !
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ : أَوَتَطْمَعُ أَنْ تَتَحَدَّثَ مَعِي مُتَقَلِّدًا سَيْفَكَ ؟
فَأَخَذَ الْغُلَامُ السَّيْفَ عَنْهُ , ثُمَّ تَحَدَّثَا سَاعَةً , ثُمَّ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ : يَا أَبَا أُمَيَّةَ .
قَالَ : لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ : إِنَّكَ حَيْثُ خَلَعْتَنِي آلَيْتُ بِيَمِينِي ( حلفت ) إِنْ مَلَأْتُ عَيْنِي مِنْكَ وَأَنَا مَالِكٌ لَكَ أَنْ أَجْمَعَكَ فِي جَامِعَةٍ ( قيد ) .
فَقَالَتْ بَنُو مَرْوَانَ : ثُمَّ تُطْلِقُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ .
قَالَ : ثُمَّ أُطْلِقُهُ , وَمَا عَسَيْتُ أَنْ أَفْعَلَ بِأَبِي أُمَيَّةَ ؟
فَقَالَ بَنُو مَرْوَانَ : أَبِرَّ قَسَمَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
فَقَالَ عَمْرٌو : فَأَبِرَّ قَسَمَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .
فَأَخْرَجَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ تَحْتِ فِرَاشِهِ جَامِعَةً فَطَرَحَهَا إِلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : يَا غُلَامُ , قُمْ فَاجْمَعْهُ فِيهَا .
فَقَامَ الْغُلَامُ فَجَمَعَهُ فِيهَا
فَقَالَ عَمْرٌو : أُذَكِّرُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُخْرِجَنِي فِيهَا عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ .
فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : أَمَكْرًا يَا أَبَا أُمَيَّةَ عِنْدَ الْمَوْتِ ؟ لَاهَا اللَّهِ إِذًا , مَا كُنَّا لِنُخْرِجَكَ فِي جَامِعَةٍ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ , وَلَمَّا نُخْرِجْهَا مِنْكَ إِلَّا صَعَدًا . ثُمَّ اجْتَبَذَهُ اجْتِبَاذَةً أَصَابَ فَمَهُ السَّرِيرُ فَكَسَرَ ثَنِيَّتَهُ
فَقَالَ عَمْرٌو : أُذَكِّرُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْعُوَكَ كَسْرُ عَظْمِي إِلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ .
فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ إِذَا بَقِيتَ , تَفِي لِي , وَتَصْلُحُ قُرَيْشٌ , لَأَطْلَقْتُكَ , وَلَكِنْ مَا اجْتَمَعَ رَجُلَانِ قَطُّ فِي بَلَدٍ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ إِلَّا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ .
فَلَمَّا تَحَقَّقَ عَمْرٌو مَا يُرِيدُ مِنْ قَتْلِهِ قَالَ لَهُ : أَغَدْرًا يَابْنَ الزَّرْقَاءِ ؟
وَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ أُذِّنَ لِلْعَصْرِ , فَقَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِيَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ , وَأَمَرَ أَخَاهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ بِقَتْلِهِ , وَخَرَجَ عَبْدُ الْمَلِكِ
وَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بِالسَّيْفِ , فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو : أُذَكِّرُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ أَنْ لَا تَلِيَ ذَلِكَ مِنِّي , وَلْيَتَوَلَّ ذَلِكَ غَيْرُكَ .
فَكَفَّ عَنْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ .
وَلَمَّا رَأَى النَّاسُ عَبْدَ الْمَلِكِ قَدْ خَرَجَ وَلَيْسَ مَعَهُ عَمْرٌو , أَرْجَفَ النَّاسُ بِعَمْرٍو
وَأَقْبَلَ أَخُوهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي أَلْفِ عَبْدٍ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ , وَأُنَاسٍ مَعَهُمْ كَثِيرٍ
وَأَسْرَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ الدُّخُولَ إِلَى دَارِ الْإِمَارَةِ
وَجَاءَ أُولَئِكَ فَجَعَلُوا يَدُقُّونَ بَابَ الْإِمَارَةِ وَيَقُولُونَ : أَسْمِعْنَا صَوْتَكَ يَا أَبَا أُمَيَّةَ .
وَضَرَبَ رَجُلٌ مِنْهُمِ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي رَأْسِهِ بِالسَّيْفِ فَجَرَحَهُ
فَأَدْخَلَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرَبِيٍّ صَاحِبُ الدِّيوَانِ بَيْتًا , وَأَحْرَزَهُ فِيهِ , وَوَقَعَتْ خَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الْمَسْجِدِ , وَضَجَّتِ الْأَصْوَاتُ .
وَلَمَّا رَجَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَجَدَ أَخَاهُ لَمْ يَقْتُلْهُ , فَلَامَهُ وَسَبَّهُ وَسَبَّ أُمَّهُ - وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ -
فَقَالَ : إِنَّهُ نَاشَدَنِي اللَّهَ وَالرَّحِمَ - وَكَانَ ابْنَ عَمَّةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ - .
ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ قَالَ : يَا غُلَامُ , آتِنِي بِالْحَرْبَةِ .
فَأَتَاهُ بِهَا
فَهَزَّهَا , وَضَرَبَهُ بِهَا , فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا , ثُمَّ ثَنَّى , فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا , فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى عَضُدِ عَمْرٍو فَوَجْدَ مَسَّ الدِّرْعِ , فَضَحِكَ وَقَالَ : وَدَارِعٌ أَيْضًا !
إِنْ كُنْتَ لَمُعِدًّا , يَا غُلَامُ , ائْتِنِي بِالصَّمْصَامَةِ .
فَأَتَاهُ بِسَيْفِهِ , ثُمَّ أَمَرَ بِعَمْرٍو فَصُرِعَ , فَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ فَذَبَحَهُ , وَهُوَ يَقُولُ :
يَا عَمْرُو إِنْ لَا تَدَعْ شَتْمِي وَمَنْقَصَتِي. . . أَضْرِبْكَ حَيْثُ تَقُولُ الْهَامَةُ اسْقُونِي
وَدَفَعَ الرَّأْسَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمِّ الْحَكَمِ , فَخَرَجَ بِهِ لِلنَّاسِ فَأَلْقَاهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ
وَخَرَجَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ وَمَعَهُ الْبِدَرُ ( الأكياس ) مِنَ الْأَمْوَالِ تُحْمَلُ , فَأُلْقِيَتْ بَيْنَ النَّاسِ , فَجَعَلُوا يَخْتَطِفُونَهَا .
وَقَدْ دَخَلَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَخُو عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ دَارَ الْإِمَارَةِ بَعْدَ مَقْتَلِ أَخِيهِ بِمَنْ مَعَهُ
فَقَامَ إِلَيْهِمْ بَنُو مَرْوَانَ , فَاقْتَتَلُوا , وَجُرِحَ جَمَاعَاتٌ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ
وَجَاءَتْ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ صَخْرَةٌ فِي رَأْسِهِ أَشْغَلَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ الْقِتَالِ
ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ , فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ : وَيْحَكُمُ أَيْنَ الْوَلِيدُ ؟ وَأَبِيهِمْ لَئِنْ كَانُوا قَتَلُوهُ لَقَدْ أَدْرَكُوا ثَأْرَهُمْ
فَأَتَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرَبِيٍّ الْكِنَانِيُّ فَقَالَ : هَذَا الْوَلِيدُ عِنْدِي , قَدْ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ , وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَأْسٌ
ثُمَّ أَمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنْ يُقْتَلَ
فَشَفَعَ فِيهِ أَخُوهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ , وَفِي جَمَاعَاتٍ آخَرِينَ مَعَهُ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ
فَشَفَّعَهُ فِيهِمْ , وَأَمَرَ بِحَبْسِهِ , فَسُجِنَ شَهْرًا , ثُمَّ سَيَّرَهُ وَبَنِي عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَأَهْلِيهِمْ إِلَى الْعِرَاقِ
فَدَخَلُوا عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ
فَأَكْرَمَهُمْ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ .
ثُمَّ لَمَّا انْعَقَدَتِ الْجَمَاعَةُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بَعْدَ مَقْتَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ - كَمَا سَيَأْتِي إن شاء الله - وَفَدُوا عَلَيْهِ
فَكَادَ يَقْتُلُهُمْ
فَتَلَطَّفَ بَعْضُهُمْ فِي الْعِبَارَةِ حَتَّى رَقَّ لَهُمْ رِقَّةً شَدِيدَةً , وَقَالَ : إِنَّ أَبَاكُمْ خَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَنِي أَوْ أَقْتُلَهُ , فَاخْتَرْتُ قَتْلَهُ عَلَى قَتْلِي , وَأَمَّا أَنْتُمْ فَمَا أَرْغَبَنِي فِيكُمْ , وَأَوْصَلَنِي لِقَرَابَتِكُمْ , وَأَرْعَانِي لِحَقِّكُمْ ! فَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُمْ وَقَّرَبَهُمْ .
وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَعَثَ إِلَى امْرَأَةِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَنِ ابْعَثِي إِلَيَّ بِكِتَابِ الْأَمَانِ الَّذِي كُنْتُ كَتَبْتُهُ لِعَمْرٍو .
فَقَالَتْ : إِنِّي دَفَنْتُهُ مَعَهُ لِيُحَاكِمَكَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ .
وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ
هُوَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ , أَبُو أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ , الْمَعْرُوفُ بِالْأَشْدَقِ
كَانَ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ , وَمِنَ الْكُرَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ , يُعْطِي الْكَثِيرَ , وَيَتَحَمَّلُ الْعَظَائِمَ , وَكَانَ وَصِيَّ أَبِيهِ مِنْ بَيْنِ بَنِيهِ
وَكَانَ أَبُوهُ - كَمَا قَدَّمْنَا - مِنَ الْمَشَاهِيرِ الْكُرَمَاءِ , وَالسَّادَةِ النُّجَبَاءِ .
قَالَ عَمْرٌو : مَا شَتَمْتُ رَجُلًا مُنْذُ كُنْتُ رَجُلًا , وَلَا كَلَّفْتُ مَنْ قَصَدَنِي أَنْ يَسْأَلَنِي ; لَهُوَ أَمَنُّ عَلَيَّ مِنِّي عَلَيْهِ .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: خُطَبَاءُ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ : الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو , وَخُطَبَاءُ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ : مُعَاوِيَةُ , وَابْنُهُ , وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ , وَابْنُهُ , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ .
وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ أَيَّامَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , فَنَهَاهُ أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ , وَذَكَرَ لَهُ الْحَدِيثَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ مَكَّةَ , فَقَالَ : نَحْنُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ , إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ .
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ,
وَالنُّوَّابُ فِيهَا هُمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 03:52 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات