07-11-2015, 05:22 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 352,252
|
|
(0146)الجهاد في سبيل الله-المبحث الثاني:دخول الناس في دين الله أفواجا
الفرع الأول: استضعاف أهل الباطل لأهل الحق، القاعدين عن الجهاد في سبيل الله [وهو من أضرار القعود عن الجهاد]
قال تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [هود:91-92].
فقوم شعيب - كما هو واضح من الآيتين - لا يقيمون وزناً له ولدعوته ولا يحترمونه، ويجاهرونه بأنه ضعيف لديهم لا عزة له ولا منعه، وإنهم يريدون أن يقتلوه شر قتلة وهي قتله بالرجم بالحجارة، ولا يردهم عن ذلك إلا احترامهم لعشيرته التي هي على دينهم..
ولو كان هذا الرهط الذي أبدى قوم شعيب احترامهم على دين شعيب، لما حصل لهم هذا الاحترام، إلا إذا كانوا قادرين على رد عدوانهم وكبح جماحهم. [راجع تفسير الآيتين في تفسير ابن جرير الطبري، وتفسير المنار، وتفسير في ظلال القرآن..].
وقد تمنى لوط عليه السلام عندما أراد قومه الاعتداء على ضيفه أن تكون له قوة يدفع بها عن ضيفه، ولولا ضعفه ما قدروا أن يعتدوا عليهم وما ردهم عن الاعتداء إلا عذاب الله..
قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود:87-80].
تأمل حال لوط عليه السلام وقد ساءه أن ينزل عليه ضيفه الذين أراد قومه الاعتداء عليهم، وهو يستعطف قومه ويعرض عليهم بناته ليتزوجوهن بدلاً من فعل الفاحشة في ضيفه.. ويأمرهم بتقوى الله ويطلب منهم النخوة الإنسانية في احترام الضيف، ويتعجب من أن يكونوا جميعهم على هذا الضلال، ولا يوجد واحد منهم يقف في وجهه من أهل الرشد والرأي..
ثم يظهر حسرته وألمه ويتمنى أن تكون عنده قوة مادية يدفع بها عن ضيفه. وذكر الله سبحانه في موضع آخر أنهم أرادوا إخراجه هو ومن اتبعه من ديارهم، بسبب نهيهم عن الفاحشة ولولا أن الله دمرهم ونجاه لفعلوا.. كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} [الأعراف:84].
وقال تعالى عن فرعون: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى} [طـه:70-71].
فالحق الذي وقر في نفوس السحرة فجعلهم يؤمنون به، يرى فرعون أن الإيمان بهذا الحق لا يجوز بدون إذنه وهدد المؤمنين به بشتى أنواع التعذيب لأن أهله ضعاف أذلة لا قوة مادية تردعه عنهم..
وهكذا كل الأمم مع جميع الأنبياء والدعاة إلى الله لا يحترمون الحق والدعاة إليه وإنما يستضعفونهم ويستهينون بهم. وما ناله الرسول صَلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة قبل الهجرة كاف لإثبات هذه القاعدة. [راجع فصل الابتلاء في سبيل الله في الباب الثاني من هذا البحث].
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|