شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى السيرة النبوية
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: الاذاعة المصرية و السعودية النسخة الاصلية 2 مصحف عبد الباسط مرتل برابط 1 ومزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ياسر ابن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد مصحف صوتي و فيديو 14 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرحمن محمد علي جبر مصحف 6 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرحمن علي الحوال مصحف 2 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: فيصل محمد الرشيد مصحف اول 9 سور تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرحمن الجريذي مصحف كامل 114 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرحمن صاهود الظفيري مصحف 7 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرزاق بني ياسين مصحف 36 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد القادر ناصر الدين مصحف 6 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الفتاح عوينات مصحف 3 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 05-24-2015, 04:44 AM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 66)

مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 65)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=351435

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ
فِيهَا وَثَبَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ الْكَذَّابُ بِالْكُوفَةِ لِيَأْخُذَ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ - فِيمَا يَزْعُمُ - وَأَخْرَجَ عَنْهَا عَامِلَهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ ,
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ أَصْحَابُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ مَغْلُوبِينَ إِلَى الْكُوفَةِ , وَجَدُوا الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ الْكَذَّابَ مَسْجُونًا ,
فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ يُعَزِّيهِمْ , وَيَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ , وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا , وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِمْ خِفْيَةً : أَبْشِرُوا , فَإِنِّي لَوْ قَدْ خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ جَرَّدْتُ فِيمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مِنْ أَعْدَائِكُمُ السَّيْفَ , فَجَعَلْتُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ رُكَامًا , وَقَتَلْتُهُمْ فَذًّا وَتَوْأَمًا , فَرَحَّبَ اللَّهُ بِمَنْ قَارَبَ مِنْكُمْ وَاهْتَدَى , وَلَا يُبْعِدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ أَبَى وَعَصَى .
فَلَمَّا وَصَلَهُمُ الْكِتَابُ , قَرَءُوهُ سِرًّا , وَرَدُّوا إِلَيْهِ : إِنَّا كَمَا تُحِبُّ , فَمَتَى أَحْبَبْتَ أَخْرَجْنَاكَ مِنْ مَحْبَسِكَ .
فَكَرِهَ أَنْ يُخْرِجُوهُ مِنْ مَكَانِهِ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ لِنُوَّابِ الْكُوفَةِ , فَتَلَطَّفَ فَكَتَبَ إِلَى زَوْجِ أُخْتِهِ صَفِيَّةَ - وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - يَسْأَلُهُ أَنْ يَشَفَعَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ مَحْبِسِهِ عِنْدَ نَائِبَيِ الْكُوفَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ , وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ
فَكَتَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَيْهِمَا يَشْفَعُ عِنْدَهُمَا فِيهِ
وَكَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِمَا ابْنُ عُمَرَ : قَدْ عَلِمْتُمَا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمَا مِنَ الْوُدِّ , وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُخْتَارِ مِنَ الْقَرَابَةِ وَالصِّهْرِ , وَأَنَا أُقْسِمُ عَلَيْكُمَا لَمَا خَلَّيْتُمَا سَبِيلَهُ , وَالسَّلَامُ .
فَلَمْ يُمْكِنْهُمَا رَدُّهُ , فَاسْتَدْعَيَا بِهِ
فَضَمِنَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ
وَاسْتَحْلَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ إِنْ هُوَ بَغَى لِلْمُسْلِمِينَ غَائِلَةً , فَعَلَيْهِ أَلْفُ بَدَنَةٍ يَنْحَرُهَا تُجَاهَ الْكَعْبَةِ , وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ - مِنْ عَبْدٍ وَأَمَةٍ - حُرٌّ ,
فَالْتَزَمَ لَهُمَا بِذَلِكَ , وَلَزِمَ مَنْزِلَهُ , وَجَعَلَ يَقُولُ : قَاتَلَهُمَا اللَّهُ , أَمَّا حَلِفِي بِاللَّهِ , فَإِنِّي لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي , وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ , وَأَمَّا إِهْدَائِي أَلْفَ بَدَنَةٍ فَيَسِيرٌ , وَأَمَّا عِتْقِي مَمَالِيكِي , فَوَدِدْتُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَتَمَّ لِي هَذَا الْأَمْرُ وَلَا أَمْلِكُ مَمْلُوكًا وَاحِدًا .
وَاجْتَمَعَتِ الشِّيعَةُ عَلَيْهِ , وَكَثُرَ أَصْحَابُهُ , وَبَايَعُوهُ فِي السِّرِّ .
وَكَانَ الَّذِي يَأْخُذُ الْبَيْعَةَ لَهُ وَيُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَيْهِ خَمْسَةً ; وَهُمُ :
السَّائِبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ ,
وَيَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ المالكي الأسدي
وَأَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ
وَرِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ الْجُشَمِيُّ .
وَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ يَقْوَى وَيَشْتَدُّ وَيَسْتَفْحِلُ وَيَرْتَفِعُ , حَتَّى عَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْكُوفَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ , وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ , وَبَعْثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ نَائِبًا عَلَيْهَا , وَبَعَثَ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ نَائِبًا عَلَى الْبَصْرَةِ.
فَلَمَّا دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ الْمَخْزُومِيُّ إِلَى الْكُوفَةِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ , خَطَبَ النَّاسَ , وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَمَرَنِي أَنْ أَسِيرَ فِيكُمْ بِسِيرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ .
فَقَامَ إِلَيْهِ السَّائِبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ فَقَالَ : لَا نَرْضَى إِلَّا بِسِيرَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الَّتِي سَارَ بِهَا فِي بِلَادِنَا , وَلَا نُرِيدُ سِيرَةَ عُثْمَانَ , وَتَكَلَّمَ فِيهِ ( ذمَّه ) , وَلَا سِيرَةَ عُمَرَ , وَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُ لِلنَّاسِ إِلَّا خَيْرًا .
وَصَدَّقَهُ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ أُمَرَاءِ الشِّيعَةِ ,
فَسَكَتَ الْأَمِيرُ وَقَالَ : إِنِّي سَأَسِيرُ فِيكُمْ بِمَا تُحِبُّونَ مِنْ ذَلِكَ .
وَجَاءَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ , وَهُوَ إِيَاسُ بْنُ مُضَارِبٍ الْعِجْلِيُّ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ , فَقَالَ لَهُ : إِنَّ هَذَا الَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ مِنْ رُءُوسِ أَصْحَابِ الْمُخْتَارِ , وَلَسْتُ آمَنُ الْمُخْتَارَ , فَابْعَثْ إِلَيْهِ فَارْدُدْهُ إِلَى السِّجْنِ , فَإِنَّ عُيُونِي قَدْ أَخْبَرُونِي أَنَّ أَمْرَهُ قَدِ اسْتَجْمَعَ لَهُ , وَكَأَنَّكَ بِهِ وَقَدْ وَثَبَ بِالْمِصْرِ .
فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ زَائِدَةَ بْنَ قُدَامَةَ بن مسعود الثقفي - وهو ابن عم المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي - وَأَمِيرًا آخَرَ مَعَهُ ( وهذا خطأ من ابن مطيع , إذ بعث للمختار ابنَ عمه ليُحضره إليه فيسحنه )
فَدَخَلَا عَلَى الْمُخْتَارِ , فَقَالَا لَهُ : أَجِبِ الْأَمِيرَ .
فَدَعَا بِثِيَابِهِ وَأَمَرَ بِإِسْرَاجِ دَابَّتِهِ , وَتَهَيَّأَ لِلذَّهَابِ مَعَهُمَا ,
فَقَرَأَ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ }.
فَأَلْقَى الْمُخْتَارُ نَفْسَهُ , وَأَمَرَ بِقَطِيفَةٍ أَنْ تُلْقَى عَلَيْهِ , وَأَظْهَرَ أَنَّهُ مَرِيضٌ , وَقَالَ : أَخْبِرَا الْأَمِيرَ بِحَالِي ,
فَرَجَعَا إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ فَاعْتَذَرَا عَنْهُ
فَصَدَّقَهُمَا , وَلَهَا عَنْهُ .
فَلَمَّا كَانَ الْمُحَرَّمُ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَزْمَ الْمُخْتَارُ عَلَى الْخُرُوجِ لِطَلَبِ ثَأْرِ الْحُسَيْنِ - فِيمَا يَزْعُمُ -
فَلَمَّا صَمَّمَ عَلَى ذَلِكَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الشِّيعَةُ , وَثَبَّطُوهُ عَنِ الْخُرُوجِ الْآنَ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ , ثُمَّ أَنَفَذُوا طَائِفَةً مِنْهُمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَمْرِ الْمُخْتَارِ وَمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ ,
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا بِهِ كَانَ مُلَخَّصُ مَا قَالَ لَهُمْ : " إِنَّا لَا نَكْرَهُ أَنْ يَنْصُرَنَا اللَّهُ بِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ
" .
وَقَدْ كَانَ الْمُخْتَارُ بَلَغَهُ مَخْرَجُهُمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ , فَكَرِهَ ذَلِكَ , وَخَشِيَ أَنْ يُكَذِّبَهُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ , فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ , وَهَمَّ بِالْخُرُوجِ قَبْلَ رُجُوعٍ أُولَئِكَ , وَجَعَلَ يَسْجَعُ لَهُمْ سَجْعًا مِنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ بِذَلِكَ , ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا سَجَعَ بِهِ .
فَلَمَّا رَجَعُوا أَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ ,
فَعِنْدَ ذَلِكَ قَوِيَ أَمْرُ الشِّيعَةِ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ
.
وَقَال أُمَرَاءُ الشِّيعَةِ لِلْمُخْتَارِ : اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ أُمَرَاءِ الْكُوفَةِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ , وَهُمْ أَلْبٌ عَلَيْنَا , وَإِنَّهُ إِنْ بَايَعَكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ النَّخَعِيُّ وَحَدَهُ , أَغْنَانَا عَنْ جَمِيعِ مَنْ سِوَاهُ .
فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ يَدْعُونَهُ إِلَى الدُّخُولِ مَعَهُمْ فِي الْأَخْذِ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ , وَذَكَّرُوهُ سَابِقَةَ أَبِيهِ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ,
فَقَالَ : قَدْ أَجَبْتُكُمْ إِلَى مَا سَأَلْتُمْ , عَلَى أَنْ أَكُونَ أَنَا وَلِيَّ أَمْرِكُمْ .
فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ الْمَهْدِيَّ قَدْ بَعَثَ الْمُخْتَارَ إِلَيْنَا وَزِيرًا لَهُ وَدَاعِيًا إِلَيْهِ .
فَسَكَتَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ , فَرَجَعُوا إِلَى الْمُخْتَارِ فَأَخْبَرُوهُ ,
فَمَكَثَ ثَلَاثًا , ثُمَّ خَرَجَ الْمُخْتَارُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ رُءُوسِ أَصْحَابِهِ إِلَيْهِ , فَدَخَلَ عَلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ ,
فَقَامَ إِلَيْهِ وَاحْتَرَمَهُ وَأَكْرَمَهُ وَجَلَسَ إِلَيْهِ
فَدَعَاهُ الْمُخْتَارُ إِلَى الدُّخُولِ مَعَهُمْ , وَأَخْرَجَ لَهُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يَدْعُوهُ إِلَى الدُّخُولِ مَعَ أَصْحَابِهِ مِنَ الشِّيعَةِ , فِيمَا قَامُوا فِيهِ مِنْ نُصْرَةِ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْأَخْذِ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ .
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ : إِنَّهُ قَدْ جَاءَتْنِي كُتُبُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ بِغَيْرِ هَذَا النِّظَامِ ,
فَقَالَ الْمُخْتَارُ : إِنَّ هَذَا زَمَانٌ وَذَاكَ زَمَانٌ .
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ : فَمَنْ يَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ .
فَتَقَدَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمُخْتَارِ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ .
فَقَامَ ابْنُ الْأَشْتَرِ مِنْ مَجْلِسِهِ وَأَجْلَسَ الْمُخْتَارَ فِيهِ وَبَايَعَهُ , وَدَعَا لَهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَشَرَابٍ مِنْ عَسَلٍ .
قَالَ الشَّعْبِيُّ - وَكَانَ حَاضِرًا ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ هُوَ وَأَبُوهُ - : فَلَمَّا انْصَرَفَ الْمُخْتَارُ , قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ : يَا شَعْبِيُّ , وَمَاذَا تَرَى فِيمَا شَهِدَ بِهِ هَؤُلَاءِ ؟
فَقُلْتُ : إِنَّهُمْ قُرَّاءٌ , وَأُمَرَاءٌ , وَوُجُوهُ النَّاسِ , وَلَا أَرَاهُمْ يُشْهِدُونَ إِلَّا بِمَا يَعْلَمُونَ . قَالَ الشَّعْبِيُّ : وَكَتَمْتُهُ مَا فِي نَفْسِي مِنِ اتِّهَامِهِمْ , وَلَكِنِّي كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يَخْرُجُوا لِلْأَخْذِ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ , وَكُنْتُ عَلَى رَأْيِ الْقَوْمِ
.
ثُمَّ جَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَخْتَلِفُ إِلَى الْمُخْتَارِ فِي مَنْزِلِهِ هُوَ وَمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ قَوْمِهِ ,
ثُمَّ اتَّفَقَ رَأْيُ الشِّيعَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ; سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ.
وَقَدْ بَلَغَ ابْنَ مُطِيعٍ أَمْرُ الْقَوْمِ وَمَا اشْتَوَرُوا عَلَيْهِ ,
فَبَعَثَ الشُّرَطَ فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ الْكُوفَةِ , وَأَلْزَمَ كُلَّ أَمِيرٍ بِحِفْظِ نَاحِيَتِهِ مِنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا أَحَدٌ ,
فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الثُّلَاثَاءِ , خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ قَاصِدًا إِلَى دَارِ الْمُخْتَارِ فِي مِائَةِ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ , وَعَلَيْهِمُ الدُّرُوعُ تَحْتَ الْأَقْبِيَةِ ,
فَلَقِيَهُ إِيَاسُ بْنُ مُضَارِبٍ فَقَالَ لَهُ : أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ الْأَشْتَرِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ ؟ , إِنَّ أَمَرَكَ لِمُرِيبٌ , فَوَاللَّهِ لَا أَدْعُكَ حَتَّى أُحْضِرَكَ إِلَى الْأَمِيرِ فَيَرَى فِيكَ رَأْيَهُ .
فَتَنَاوَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ رُمْحًا مِنْ يَدِ رَجُلٍ فَطَعَنَهُ فِي ثُغْرَةِ نَحْرِهِ ,
فَسَقَطَ ,
وَأَمَرَ رَجُلًا فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ , وَذَهَبَ بِهِ إِلَى الْمُخْتَارِ فَأَلْقَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ,
فَقَالَ لَهُ الْمُخْتَارُ : بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ , هَذَا طَائِرٌ ( فأل ) صَالِحٌ .
ثُمَّ طَلَبَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الْمُخْتَارِ أَنْ يَخْرُجَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ,
فَأَمَرَ الْمُخْتَارُ بِالنَّارِ أَنْ تُرْفَعَ , وَأَنْ يُنَادَى بِشِعَارِ أَصْحَابِهِ : يَا مَنْصُورُ أَمِتْ , يَا ثَارَاتِ الْحُسَيْنِ . ( هذا الدجال هو أول من أطلق هذا الشعار )
ثُمَّ نَهَضَ الْمُخْتَارُ فَجَعْلَ يَلْبَسُ دِرْعَهُ وَسِلَاحَهُ وَهُوَ يَقُولُ :
قَدْ عَلِمَتْ بَيْضَاءُ حَسْنَاءُ الطَّلَلْ. . . وَاضِحَةُ الْخَدَّيْنِ عَجْزَاءُ الْكَفَلْ ... أَنِّي غَدَاةَ الرَّوْعِ مِقْدَامٌ بَطَلْ
وَخَرَجَ بَيْنَ يَدَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ , فَجَعَلَ يَتَقَصَّدُ الْأُمَرَاءَ الْمُوَكَّلِينَ بِنَوَاحِي الْبَلَدِ , فَيَطْرُدُهُمْ عَنْ أَمَاكِنِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا , وَيُنَادِي بِشِعَارِ الْمُخْتَارِ.
وَبَعَثَ الْمُخْتَارُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ ( مخضرم , من كبار المحدثين العباد ) فَنَادَى بِشِعَارِ الْمُخْتَارِ : يَا ثَارَاتِ الْحُسَيْنِ .
فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا
وَجَاءَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ , فَاقْتَتَلَ هُوَ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ دَارِهِ , وَحَصَرَهُ , حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ فَطَرَدَهُ عَنْهُ .
فَرَجَعَ شَبَثٌ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ , وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَجْمَعَ الْأُمَرَاءَ إِلَيْهِ , وَأَنْ يَنْهَضَ بِنَفْسِهِ , فَإِنَّ أَمْرَ الْمُخْتَارِ قَدْ قَوِيَ وَاسْتَفْحَلَ ,
وَجَاءَتِ الشِّيعَةُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ إِلَى الْمُخْتَارِ , فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ , فَأَصْبَحَ وَقَدْ عَبَّى جَيْشَهُ وَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ , فَقَرَأَ فِيهَا : {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} في الأولى , وَ {عَبَسَ وَتَوَلَّى} فِي الثَّانِيَةِ .
قَالَ بَعْضُ مَنْ سَمِعَهُ : فَمَا سَمِعْتُ إِمَامًا أَفْصَحَ لَهْجَةً مِنْهُ .
وَقَدْ جَهَّزَ ابْنُ مُطِيعٍ جَيْشًا ؛ ثَلَاثَةَ آلَافٍ , عَلَيْهِمْ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ , وَأَرْبَعَةَ آلَافٍ أُخْرَى مَعَ رَاشِدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ مُضَارِبٍ
فَوَجَّهَ الْمُخْتَارُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ فِي سِتِّمِائَةِ فَارِسٍ , وَسِتِّمِائَةِ رَاجِلٍ إِلَى رَاشِدِ بْنِ إِيَاسٍ ,
وَبَعْثَ نُعَيْمَ بْنَ هُبَيْرَةَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ , وَسِتِّمِائَةِ رَاجِلٍ إِلَى شَبَثِ بْنِ رِبْعِيٍّ .
فَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ , فَإِنَّهُ هَزَمَ قِرْنَهُ رَاشِدَ بْنَ إِيَاسٍ وَقَتْلَهُ , وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُخْتَارِ يُبَشِّرُهُ ,
وَأَمَّا نُعَيْمُ بْنُ هُبَيْرَةَ , فَإِنَّهُ لَقِيَ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ , فَهَزَمَهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ وَقَتْلَهُ , وَجَاءَ فَأَحَاطَ بِالْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَحَصَرَهُ ,
وَأَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ نَحْوَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ
فَاعْتَرَضَ لَهُ حَسَّانُ بْنُ فَائِدِ الْعَبْسِيُّ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلْفَيْ فَارِسٍ مِنْ جِهَةِ ابْنِ مُطِيعٍ , فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً , فَهَزَمَهُ إِبْرَاهِيمُ , ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَ الْمُخْتَارِ , فَوَجَدَ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ قَدْ حَصَرَ الْمُخْتَارَ وَجَيْشَهُ , فَمَا زَالَ حَتَّى طَرَدَهُمْ عَنْهُ , وَكَرُّوا رَاجِعِينَ . وَخَلَصَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْمُخْتَارِ , وَارْتَحَلُوا مِنْ مَكَانِهِمْ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ الْكُوفَةِ
فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ : اعْمِدْ بِنَا إِلَى قَصْرِ الْإِمَارَةِ , فَلَيْسَ دُونَهُ أَحَدٌ يَرُدُّ عَنْهُ .
فَوَضَعُوا مَا مَعَهُمْ مِنَ الْأَثْقَالِ , وَأَجْلَسُوا هُنَالِكَ ضَعَفَةَ الْمَشَايِخِ وَالرِّجَالِ , وَاسْتَخْلَفَ الْمُخْتَارُ عَلَى مَنْ هُنَالِكَ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ , وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ ,
وَعَبَّأَ الْمُخْتَارُ جَيْشَهُ كَمَا كَانَ , وَسَارَ نَحْوَ الْقَصْرِ ,
فَبَعَثَ ابْنُ مُطِيعٍ عَمْرَو بْنَ الْحَجَّاجِ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ ,
فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ يَزِيدَ بْنَ أَنَسٍ , وَسَارَ هُوَ وَابْنُ الْأَشْتَرِ أَمَامَهُ حَتَّى دَخَلَ الْكُوفَةَ مِنْ بَابِ الْكُنَاسَةِ
وَأَرْسَلَ ابْنُ مُطِيعٍ شَمِرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ - الَّذِي قَتَلَ الْحُسَيْنَ - فِي أَلْفَيْنِ آخَرَيْنِ ,
فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ سَعِيدَ بْنَ مُنْقِذٍ الْهَمَذَانِيَّ , وَسَارَ الْمُخْتَارُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سِكَّةِ شَبَثٍ , وَإِذَا نَوْفَلُ بْنُ مُسَاحِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ ,
وَخَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ مِنَ الْقَصْرِ فِي النَّاسِ , وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ ,
فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ إِلَى الْجَيْشِ الَّذِي مَعَ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ , فَهَزَمَهُمْ , وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّةِ ابْنِ مُسَاحِقٍ
فَمَتَّ إِلَيْهِ بِالْقَرَابَةِ
فَأَطْلَقَهُ
فَكَّانِ لَا يَنْسَاهَا بَعْدُ لِابْنِ الْأَشْتَرِ .
ثُمَّ تَقَدَّمَ الْمُخْتَارُ بِجَيْشِهِ إِلَى الْكُنَاسَةِ , وَحَصَرُوا ابْنَ مُطِيعٍ بِقَصْرِهِ ثَلَاثًا , وَمَعَهُ أَشْرَافُ النَّاسِ , سِوَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ , فَإِنَّهُ لَزِمَ دَارَهُ ,
فَلَمَّا ضَاقَ الْحَالُ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَأَصْحَابِهِ اسْتَشَارَهُمْ , فَأَشَارَ عَلَيْهِ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ وَلَهُمْ مِنَ الْمُخْتَارِ أَمَانًا ,
فَقَالَ : مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ هَذَا وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُطَاعٌ بِالْحِجَازِ وَبِالْبَصْرَةِ .
فَقَالَ لَهُ : فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَذْهَبَ بِنَفْسِكَ مُخْتَفِيًا حَتَّى تَلْحَقَ بِصَاحِبِكَ فَتُخْبِرَهُ بِمَا كَانَ مِنَ الْأَمْرِ , وَبِمَا كَانَ مِنَّا فِي نَصْرِهِ وَإِقَامَةِ دَوْلَتِهِ.
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ مُخْتَفِيًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ , أَخْذَ الْأُمَرَاءُ لَهُمْ أَمَانًا مِنْ أَمِيرِهِمُ ابْنِ الْأَشْتَرِ
فَأَمَّنَهُمْ
فَخَرَجُوا مِنَ الْقَصْرِ , وَجَاءُوا إِلَى الْمُخْتَارِ فَبَايَعُوهُ
وَجَاءَ الْمُخْتَارُ فَدَخْلَ الْقَصْرَ فَبَاتَ فِيهِ
وَأَصْبَحَ أَشْرَافُ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَى بَابِ الْقَصْرِ , فَخَرَجَ الْمُخْتَارُ إِلَى الْمَسْجِدِ , فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ , وَخَطَبَ النَّاسَ خُطْبَةً بَلِيغَةً , ثُمَّ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ وَقَالَ : فَوَالَّذِي جَعَلَ السَّمَاءَ سَقْفًا مَكْفُوفًا , وَالْأَرْضَ فِجَاجًا سُبُلًا , مَا بَايَعْتُمْ بَعْدَ بَيْعَةِ عَلِيٍّ أَهْدَى مِنْهَا , ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ
وَدَخَلَ النَّاسُ يُبَايِعُونَهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ , وَالطَّلَبِ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ ,
وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْمُخْتَارِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ مُطِيعٍ فِي دَارِ أَبِي مُوسَى ,
فَأَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ قَوْلَهُ , حَتَّى كَرَّرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا , كُلُّ ذَلِكَ يُرِيهِ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ قَوْلَهُ .
فَسَكَتَ الرَّجُلُ
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ بَعْثَ الْمُخْتَارُ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَهُ : اذْهَبْ , فَقَدْ أُخْبِرْتُ بِمَكَانِكَ - وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا قَبْلَ ذَلِكَ - .
فَذَهَبَ ابْنُ مُطِيعٍ إِلَى الْبَصْرَةِ , وَكْرِهَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَغْلُوبٌ .
وَشَرَعَ الْمُخْتَارُ يَتَحَبَّبُ إِلَى النَّاسِ بِحُسْنِ السِّيرَةِ , وَوَجَدَ فِي بَيْتِ الْمَالِ تِسْعَةَ آلَافِ أَلْفٍ , فَأَعْطَى الْجَيْشَ الَّذِينَ حَضَرُوا مَعَهُ الْقِتَالَ نَفَقَاتٍ كَثِيرَةً.
وَاسْتَعْمَلَ عَلَى شُرْطَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَامِلٍ الشَّاكِرِيَّ , وَقَرَّبَ أَشْرَافَ النَّاسِ فَكَانُوا جُلَسَاءَهُ .
فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَوَالِي الَّذِينَ قَامُوا بِنَصْرِهِ , وَقَالُوا لِأَبِي عَمْرَةَ كِيسَانَ مَوْلَى عُرَيْنَةَ , وَكَانَ عَلَى حَرَسِهِ : قَدَّمَ وَاللَّهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْعَرَبَ وَتَرَكَنَا ,
فَأَنْهَى ذَلِكَ أَبُو عَمْرَةَ إِلَيْهِ
فَقَالَ : بَلْ هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ , ثُمَّ قَالَ { إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ }
فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَمْرَةَ : أَبْشِرُوا , فَإِنَّهُ سَيَقْتُلُهُمْ وَيُقَرِّبُكُمْ , فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ وَسَكَتُوا .
ثُمَّ إِنَّ الْمُخْتَارَ بَعَثَ الْأُمَرَاءَ إِلَى النَّوَاحِي وَالْبُلْدَانِ وَالْأَقَالِيمِ وَالرَّسَاتِيقِ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ , وَعَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ , وَقَرَّرَ الْإِمَارَةَ وَالْوِلَايَاتِ , وَجَعَلَ يَجْلِسُ لِلنَّاسِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ , فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ , اسْتَقْضَى شُرَيْحًا ,
فَتَكَلَّمَ فِي شُرَيْحٍ طَائِفَةٌ مِنَ الشِّيعَةِ , وَقَالُوا : إِنَّهُ شَهِدَ عَلَى حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ , وَإِنَّهُ لَمْ يُبَلِّغْ عَنْ هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ مَا أَرْسَلَهُ بِهِ , وَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَزَلَهُ عَنِ الْقَضَاءِ .
فَلَمَّا بَلَغَ شُرَيْحًا ذَلِكَ تَمَارَضَ وَلَزِمَ بَيْتَهُ ,
فَجَعَلَ الْمُخْتَارُ مَكَانَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ,
ثُمَّ عَزَلَهُ وَجَعَلَ مَكَانَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ الطَّائِيَّ قَاضِيًا .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 04:59 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات