شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى السيرة النبوية
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف وليد سمير علي سرور سورة 042 الشورى (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمود فرج عبد الجليل سورة 102 التكاثر (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمود فرج عبد الجليل سورة 101 القارعة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمود فرج عبد الجليل سورة 114 الناس (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمود فرج عبد الجليل سورة 113 الفلق (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمود فرج عبد الجليل سورة 112 الإخلاص (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمود فرج عبد الجليل سورة 111 المسد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمود فرج عبد الجليل سورة 110 النصر (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمود فرج عبد الجليل سورة 109 الكافرون (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف محمود فرج عبد الجليل سورة 108 الكوثر (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 05-21-2015, 12:44 PM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 65)

مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 64)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=351095

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ
فِيهَا اجْتَمَعَ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ ررر نَحْوٌ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا , كُلُّهُمْ يَطْلُبُونَ الْأَخْذَ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ مِمَّنْ قَتَلَهُ .
وَقَدْ خَطَبَهُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ حِينَ خَرَجُوا مِنَ الْكُوفَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بِالنُّخَيْلَةِ , فَحَرَّضَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ : مَنْ كَانَ خَرَجَ مِنْكُمْ لِطَلَبِ الدُّنْيَا ذَهَبِهَا وَحَرِيرِهَا , فَلَيْسَ مَعَنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ , وَإِنَّمَا مَعَنَا سُيُوفٌ عَلَى عَوَاتِقِنَا , وَرِمَاحٌ فِي أَكُفِّنَا , وَزَادٌ يَكْفِينَا حَتَّى نَلْقَى عَدُوَّنَا .
فَأَجَابُوهُ إِلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ .
ثُمَّ أَشَارَ عَلَيْهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ بِقَصْدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ,
فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ بِمُقَاتَلَةِ مَنْ بِالْكُوفَةِ مِنْ رُءُوسِ الْقَبَائِلِ مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ , كَعُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَضْرَابِهِ
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ كُلِّهَا لَا يَبِيتُ إِلَّا فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ
فَامْتَنَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ إِلَّا أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ; فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي جَهَّزَ إِلَيْهِ الْجُيُوشَ , وَأَلَّبَ النَّاسَ عَلَيْهِ , وَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ مَا طَلَبَهُ مِنْهُ , وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ ( عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ) إِلَّا السَّيْفُ , وَهَا هُوَ قَدْ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ قَاصِدًا الْعِرَاقَ .
فَصَمَّمَ النَّاسُ مَعَهُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ .
فَلَمَّا أَزْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ , بَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الخطمي , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّد بْنِ طَلْحَةَ بن عبيد الله , أُمَرَاءُ الْكُوفَةِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ يَقُولَانِ لَهُ : إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَكُونَ أَيْدِينَا وَاحِدَةً عَلَى ابْنِ زِيَادٍ , وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَبْعَثُوا مَعَهُمْ جَيْشًا لِيُقَوِّيَهُمْ عَلَى مَا قَصَدُوا لَهُ , وَبَعَثُوا إِلَيْهِ الْبَرِيدَ أَنْ يَنْتَظِرَهُمْ حَتَّى يَقْدُمُوا عَلَيْهِ ,
فَتَهَيَّأَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ لِقُدُومِهِمْ عَلَيْهِ فِي رُءُوسِ الْأُمَرَاءِ , وَجَلَسَ فِي أُبَّهَتِهِ , وَالْجُيُوشُ مُحْدِقَةٌ بِهِ ,
وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ فِي أَشْرَافِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ غَيْرِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ ; لِئَلَّا يَطْمَعُوا فِيهِمْ ,
فَلَمَّا اجْتَمَعَ الْأَمِيرَانِ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ , قَالَا لَهُ وَأَشَارَا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَذْهَبُوا حَتَّى تَكُونَ أَيْدِيهِمْ كُلِّهِمْ وَاحِدَةً عَلَى قِتَالِ عَدُوِّهِمُ ابْنِ زِيَادٍ , وَيُجَهِّزُوا مَعَهُمْ جَيْشًا آخَرَ ; فَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ , وَهُمْ يُحَاجِفُونَ عَنِ ابْنِ زِيَادٍ ,
فَامْتَنَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِمَا وَقَالَ : إِنَّا قَدْ خَرَجْنَا لِأَمْرٍ لَا نَرْجِعُ عَنْهُ , وَلَا نَتَأَخَّرُ فِيهِ .
فَانْصَرَفَ الْأَمِيرَانِ رَاجِعَيْنَ إِلَى الْكُوفَةِ
وَانْتَظَرَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ وَأَصْحَابُهُ أَصْحَابَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ وَاعَدُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَأَهْلِ الْمَدَائِنِ أَنْ يَقْدُمُوا عَلَيْهِمُ النُّخَيْلَةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ,
فَلَمْ يَقْدُمُوا عَلَيْهِمْ وَلَا وَاحِدٍ مِنْهُمْ !!!

فَقَامَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فِي أَصْحَابِهِ خَطِيبًا , وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الذَّهَابِ لِمَا خَرَجُوا لَهُ , وَقَالَ : لَوْ قَدْ سَمِعَ إِخْوَانُكُمْ بِمَسِيرِكُمْ لَلَحِقُوكُمْ سِرَاعًا .
فَخَرَجَ سُلَيْمَانُ وَأَصْحَابُهُ مِنَ النُّخَيْلَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِخَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ , سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ , فَسَارَ بِهِمْ مَرَاحِلَ , مَا يَتَقَدَّمَونَ مَرْحَلَةً إِلَى نَحْوِ الشَّامِ إِلَّا تَخَلَّفَ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ مَعَهُ ,
فَلَمَّا مَرُّوا بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ صَاحُوا صَيْحَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ , وَتَبَاكَوْا , وَبَاتُوا عِنْدَهُ لَيْلَةً , وَظَلُّوا يَوْمًا يَدْعُونَ وَيَتَرَحَّمُونَ عَلَيْهِ , وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَيَتَرَضَّوْنَ عَنْهُ , وَيَتَمَنَّوْنَ أَنْ لَوْ كَانُوا مَاتُوا مَعَهُ شُهَدَاءَ .
قُلْتُ ( ابن كثير ) : لَوْ كَانَ هَذَا الْعَزْمُ وَالِاجْتِمَاعُ قَبْلَ وُصُولِ الْحُسَيْنِ إِلَى تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ , لَكَانَ أَنْفَعَ لَهُ وَأَنْصُرَ مِنِ اجْتِمَاعِهِمْ لِنُصْرَتِهِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ .
وَلَمَّا أَرَادُوا الِانْصِرَافَ , جَعَلَ لَا يَسِيرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ الْقَبْرَ فَيَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ , وَيَسْتَغْفِرَ لَهُ , حَتَّى جَعَلُوا يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهِ أَشَدَّ مِنِ ازْدِحَامِهِمْ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ , ثُمَّ سَارُوا قَاصِدِينَ الشَّامَ , فَلَمَّا اجْتَازُوا بِقَرْقِيسِيَا تَحَصَّنَ مِنْهُمْ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ ,
فَبَعَثَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ : إِنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالِكُمْ , فَأَخْرِجْ إِلَيْنَا سُوقًا , فَإِنَّا إِنَّمَا نُقِيمُ عِنْدَكُمْ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ .
فَأَمَرَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ أَنْ يُخْرَجَ السُّوقُ إِلَيْهِمْ , وَأَمَرَ لِلرَّسُولِ إِلَيْهِ - وَهُوَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ الْفَزَارِيُّ - بِفَرَسٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ .
فَقَالَ : أَمَّا الْمَالُ فَلَا , وَأَمَّا الْفَرَسُ فَنَعَمْ .
وَبَعَثَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ وَرُءُوسِ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ مَعَهُ , إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ عِشْرِينَ جَزُورًا , وَطَعَامًا وَعَلَفًا كَثِيرًا , ثُمَّ خَرَجَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ فَشَيَّعَهُمْ , وَسَايَرَ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ وَقَالَ لَهُ : إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَدْ وَجَّهُوا إِلَيْكُمْ جَيْشًا كَثِيفًا , وَعَدَدًا كَثِيرًا مَعَ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ , وَشُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ , وَأَدْهَمَ بْنِ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيِّ , وَرَبِيعَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ الْغَنَوِيِّ , وَجَبَلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيِّ .
فَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ : عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا , وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ .
ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِمْ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ أَنْ يَدْخُلُوا مَدِينَتَهُ , أَوْ يَكُونُوا عِنْدَ بَابِهَا , فَإِنْ جَاءَهُمْ أَحَدٌ كَانَ مَعَهُمْ عَلَيْهِ ,
فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , وَقَالُوا : قَدْ عَرَضَ عَلَيْنَا أَهْلُ بَلَدِنَا مِثْلَ ذَلِكَ فَامْتَنَعْنَا .
قَالَ : فَإِذَا أَبَيْتُمْ ذَلِكَ , فَبَادِرُوهُمْ إِلَى عَيْنِ الْوَرْدَةِ , فَيَكُونَ الْمَاءُ وَالْمَدِينَةُ وَالْأَسْوَاقُ خَلْفَ ظُهُورِكُمْ , وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فَأَنْتُمْ آمِنُونَ مِنْهُ , ثُمَّ أَشَارَ عَلَيْهِمْ بِمَا يَعْتَمِدُونَهُ فِي حَالِ الْقِتَالِ ,
فَأَثْنَى عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ وَالنَّاسُ خَيَرًا
ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُمْ
وَسَارَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فَبَادَرَ إِلَى عَيْنِ الْوَرْدَةِ , فَنَزَلَ غَرْبِيَّهَا , وَأَقَامَ هُنَاكَ خَمْسًا قَبْلَ وُصُولِ أَعْدَائِهِ إِلَيْهِ , فَاسْتَرَاحَ سُلَيْمَانُ وَأَصْحَابُهُ وَاطْمَأَنُّوا ,
فَلَمَّا اقْتَرَبَ قُدُومُ أَهْلِ الشَّامِ إِلَيْهِمْ , خَطَبَ سُلَيْمَانُ أَصْحَابَهُ , فَرَغَّبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ , وَزَهَّدَهُمْ فِي الدُّنْيَا , وَحَثَّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ , وَقَالَ : إِنْ قُتِلْتُ فَالْأَمِيرُ عَلَيْكَمُ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ , فَإِنْ قُتِلَ , فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ , فَإِنْ قُتِلَ , فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَالٍ , فَإِنْ قُتِلَ , فَرِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ .
ثُمَّ بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ فِي أَرْبَعِمِائَةِ فَارِسٍ , فَأَغَارُوا عَلَى جَيْشِ شُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ وَهُمْ غَارُّونَ , فَقَتَلُوا مِنْهُمْ جَمَاعَةً وَجَرَحُوا آخَرِينَ , وَاسْتَاقُوا نَعَمًا ,
وَأَتَى الْخَبَرُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ , فَأَرْسَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ , فَصَبَّحَ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ وَجَيْشَهُ , فَتَوَاقَفُوا فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى , وَحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ قَائِمٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا , وَقَدْ تَهَيَّأَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لِصَاحِبِهِ ,
فَدَعَا الشَّامِيُّونَ أَصْحَابَ سُلَيْمَانَ إِلَى الدُّخُولِ فِي طَاعَةِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ,
وَدَعَا أَصْحَابُ سُلَيْمَانَ الشَّامِيِّينَ إِلَى أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ فَيَقْتُلُوهُ عَنِ الْحُسَيْنِ ,
وَامْتَنَعَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ أَنْ يُجِيبَ إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ الْآخَرَ , فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا عَامَّةَ يَوْمِهِمْ إِلَى اللَّيْلِ , وَكَانَتِ الدَّائِرَةُ فِيهِ لِلْعِرَاقِيِّينَ عَلَى الشَّامِيِّينَ
فَلَمَّا أَصْبَحُوا , أَصْبَحَ ابْنُ ذِي الْكَلَاعِ وَقَدْ وَصَلَ إِلَى الشَّامِيِّينَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافِ فَارِسٍ , وَقَدْ أَنَّبَهُ وَشَتَمَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ,
فَاقْتَتَلَ النَّاسُ فِي هَذَا الْيَوْمِ قِتَالًا لَمْ يَرَ الشِّيبُ وَالْمُرْدُ مِثْلَهُ قَطُّ , لَا يَحْجِزُ بَيْنَهُمْ إِلَّا أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ إِلَى اللَّيْلِ
فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ مِنَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ , وَصَلَ إِلَى الشَّامِيِّينَ أَدْهَمُ بْنُ مُحْرِزٍ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ , وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ , فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا إِلَى حِينِ ارْتِفَاعِ الضُّحَى , ثُمَّ اسْتَدَارَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ , وَأَحَاطُوا بِهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
فَخَطَبَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ النَّاسَ , وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ , فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا عَظِيمًا جِدًّا , ثُمَّ تَرَجَّلَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ وَكَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ , وَنَادَى : يَا عِبَادَ اللَّهِ , مَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَى الْجَنَّةِ , وَالتَّوْبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ , وَالْوَفَاءَ بِعَهْدِهِ فَلْيَأْتِ إِلَيَّ .
فَتَرَجَّلَ مَعَهُ نَاسٌ كَثِيرُونَ وَكَسَرُوا جُفُونَ سُيُوفِهِمْ , وَحَمَلُوا حَتَّى صَارُوا فِي وَسَطِ الْقَوْمِ , وَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً , حَتَّى خَاضُوا فِي الدِّمَاءِ ,
وَقُتِلَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ , رَمَاهُ يَزِيدُ بْنُ الْحُصَيْنِ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ , ثُمَّ وَثَبَ , ثُمَّ وَقَعَ , ثُمَّ وَثَبَ , ثُمَّ وَقَعَ
فَأَخَذَ الرَّايَةَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ , فَقَاتَلَ بِهَا قِتَالًا شَدِيدًا , ثُمَّ قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ ,
فَأَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ , فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا أَيْضًا
وَحَمَلَ حِينَئِذٍ رَبِيعَةُ بْنُ الْمُخَارِقِ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ حَمْلَةً مُنْكَرَةً , وَتَبَارَزَ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ , ثُمَّ اتَّحَدَا , فَحَمَلَ ابْنُ أَخِي رَبِيعَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ فَقَتَلَهُ , ثُمَّ احْتَمَلَ عَمَّهُ
فَأَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَالٍ , فَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى الْجِهَادِ , وَجَعَلَ يَقُولُ : الرَّوَاحَ إِلَى الْجَنَّةِ , وَحَمَلَ بِالنَّاسِ , فَفَرَّقَ مَنْ كَانَ حَوْلَهُ , ثُمَّ قُتِلَ , وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُفْتِينَ , قَتَلَهُ أَدْهَمُ بْنُ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيُّ , أَمِيرُ الْحَرْبِ سَاعَتَئِذٍ مِنْ جِهَةِ الشَّامِيِّينَ
فَأَخَذَ الرَّايَةَ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ , فَانْحَازَ بِالنَّاسِ وَقَدْ دَخَلَ الظَّلَامُ ,
وَرَجَعَ الشَّامِيُّونَ إِلَى رِحَالِهِمْ ,
وَانْشَمَرَ رِفَاعَةُ بِمَنْ بَقِيَ مَعَهُ رَاجِعًا إِلَى بِلَادِهِ ,
فَلَمَّا أَصْبَحَ الشَّامِيُّونَ , إِذَا الْعِرَاقِيُّونَ قَدْ كَرُّوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ , فَلَمْ يَبْعَثُوا وَرَاءَهُمْ طَلَبًا وَلَا أَحَدًا , فَقَطَعَ رِفَاعَةُ بِمَنْ مَعَهُ الْخَابُورَ وَمَرَّ عَلَى قَرْقِيسِيَا ,
فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الطَّعَامَ وَالْعَلَفَ وَالْأَطِبَّاءَ
فَأَقَامُوا ثَلَاثًا حَتَّى اسْتَرَاحُوا , ثُمَّ رَحَلُوا ,
فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى هِيتَ , إِذَا سَعْدُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَدْ أَقْبَلَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدَائِنِ قَاصِدِينَ إِلَى نُصْرَتِهِمْ , فَلَمَّا أَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ , وَمَا حَلَّ بِهِمْ , وَنَعَوْا إِلَيْهِ أَصْحَابَهُمْ , تَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ وَاسْتَغْفَرُوا لَهُمْ , وَتَبَاكَوْا عَلَى إِخْوَانِهِمْ , وَانْصَرَفَ أَهْلُ الْمَدَائِنِ إِلَيْهَا ,
وَرَجَعَ رَاجِعَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَيْهَا , وَقَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ , وَإِذَا الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ كَمَا هُوَ فِي السِّجْنِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بَعْدُ ,
فَكَتَبَ الْمُخْتَارُ إِلَى رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ يُعَزِّيهِ فِيمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِمْ , وَيَغْبِطُهُمْ بِمَا نَالُوا مِنَ الشَّهَادَةِ وَجَزِيلِ الثَّوَابِ , وَيَقُولُ : مَرْحَبًا بِالَّذِينِ أَعْظَمَ اللَّهُ أُجُورَهُمْ , وَرَضِيَ عَنْهُمْ , وَاللَّهِ مَا خَطَا مِنْهُمْ أَحَدٌ خُطْوَةً إِلَّا كَانَ ثَوَابُ اللَّهِ لَهُ فِيهَا أَعْظَمَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا , وَإِنَّ سُلَيْمَانَ قَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ , وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ , وَجَعَلَ رُوحَهُ فِي أَرْوَاحِ النَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ , وَبَعْدُ فَأَنَا الْأَمِيرُ الْمَأْمُونُ , قَاتِلُ الْجَبَّارِينَ وَالْمُفْسِدِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , فَأَعِدُّوا وَاسْتَعَدُّوا وَأَبْشِرُوا , وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ , وَالطَّلَبِ بِدِمَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ . وَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا فِي هَذَا الْمَعْنَى .
وَقَدْ كَانَ قَبْلَ قُدُومِهِمْ أَخْبَرَ الْمُخْتَارُ النَّاسَ بِهَلَاكِهِمْ عَنْ رَئِيِّهِ الَّذِي كَانَ يَأْتِي إِلَيْهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ , فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يَأْتِيهِ شَيْطَانٌ فَيُوحِي إِلَيْهِ قَرِيبًا مِمَّا كَانَ يُوحِي شَيْطَانُ مُسَيْلِمَةَ إِلَيْهِ .
وَكَانَ جَيْشُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ وَأَصْحَابِهِ يُسَمَّى بِجَيْشِ التَّوَّابِينَ .
وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ الْخُزَاعِيُّ أَبُو مُطَرِّفٍ الْكُوفِيُّ صَحَابِيًّا جَلِيلًا نَبِيلًا عَابِدًا زَاهِدًا , رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " وَغَيْرِهِمَا , وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ , وَكَانَ أَحَدُ مَنْ كَانَ يَجْتَمِعُ الشِّيعَةُ فِي دَارِهِ لِبَيْعَةِ الْحُسَيْنِ , وَكَتَبَ إِلَى الْحُسَيْنِ فِيمَنْ كَتَبَ بِالْقُدُومِ إِلَى الْعِرَاقِ ,
فَلَمَّا قَدِمَهَا تَخَلَّوْا عَنْهُ , وَقُتِلَ بِكَرْبَلَاءَ , وَرَأَى هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبًا فِي قُدُومِهِ , وَأَنَّهُمْ خَذَلُوهُ حَتَّى قُتِلَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ , فَنَدِمُوا عَلَى مَا فَعَلُوا , ثُمَّ اجْتَمَعُوا فِي هَذَا الْجَيْشِ , وَسَمَّوْا جَيْشَهُمْ جَيْشَ التَّوَّابِينَ , وَسَمَّوْا سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ أَمِيرَ التَّوَّابِينَ , فَقُتِلَ سُلَيْمَانُ ررر فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ بِعَيْنِ وَرْدَةَ ,
وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ قُتِلَ ثَلَاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً , رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَأَمَّا الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْفَزَارِيُّ , فَإِنَّهُ قَدِمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ الْعِرَاقِ , وَشَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ , ثُمَّ عَادَ إِلَى الْعِرَاقِ وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ وَغَيْرِهَا , وَكَانَ أَحَدَ الْكِبَارِ الَّذِينَ خَرَجُوا يَطْلُبُونَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ ررر
وَحُمِلَ رَأْسُهُ وَرَأْسُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بَعْدَ الْوَقْعَةِ ,
وَكَتَبَ أُمَرَاءُ الشَّامِيِّينَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ , وَأَظْفَرَهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ ,
فَخَطَبَ النَّاسَ , وَأَعْلَمَهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْجُنُودِ وَمَنْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ,
وَقَدْ قَالَ : أَهْلَكَ اللَّهُ رُءُوسَ الضُّلَّالِ ; سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ وَأَصْحَابَهُ , وَعَلَّقَ الرُّءُوسَ بِدِمَشْقَ .
وَكَانَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَدْ عَهِدَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى وَلَدَيْهِ ; عَبْدِ الْمَلِكِ , ثُمَّ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَأَخَذَ بَيْعَةَ الْأُمَرَاءِ عَلَى ذَلِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 09:49 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات