شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى التفسير
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: الاذاعة المصرية و السعودية النسخة الاصلية 2 مصحف عبد الباسط مرتل برابط 1 ومزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: ياسر ابن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد مصحف صوتي و فيديو 14 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرحمن محمد علي جبر مصحف 6 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرحمن علي الحوال مصحف 2 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: فيصل محمد الرشيد مصحف اول 9 سور تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرحمن الجريذي مصحف كامل 114 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرحمن صاهود الظفيري مصحف 7 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الرزاق بني ياسين مصحف 36 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد القادر ناصر الدين مصحف 6 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: عبد الفتاح عوينات مصحف 3 سورة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 01-30-2015, 12:24 PM
ملتقى اهل التفسير ملتقى اهل التفسير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,232
افتراضي بحث علمي محكم حول إثبات الإعجاز بالغيب في قوله تعالى: " والله يعصمك من الناس "

تم نشر هذا البحث في المجلة الأردنية للدراسات الإسلامية، جامعة آل البيت، الأردن، مجلد (9)، عدد 4، شهر 12 / 2013، ص 21-38.

الملخص
تتناول الدراسة إثبات الإعجاز بالغيب في قوله تعالى: " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " [67: المائدة]، والرد على شبهة تناقضه مع أحاديث صحيحة يُفهَم منها وفاة رسول الله r متأثراً بالسم الذي وضعته له المرأة اليهودية بخيبر.
وقد اشتملت الدراسة تمهيداً سيتم فيه عرض الشبهة المتعلقة بالقضية، وتحرير محل النزاع. ثم المبحث الأول: وفيه تعريف بالنصوص محل الدراسة، ويشمل مطلبين: الأول تناول تفسير الآية الكريمة، والثاني تخريج الحديث الشريف.
ثم المبحث الثاني: وفيه مناقشة دعوى تناقض الإعجاز بالغيب في الآية الكريمة مع أحاديث صحيحة أفادت وفاة رسول الله r متأثراً بالسم، وذلك من خلال تقسيم المبحث إلى خمس مقدمات، ثم الخروج بالنتيجة وهي: إثبات وفاة النبي r متأثراً بالسم، وعدم تعارض ذلك مع الآية الكريمة.

مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
يحاول الطاعنون في الوحي الإلهي إثبات وجود تناقض فيه؛ لأن التناقض دليل بشرية مصدره، وعدمُهُ وجهٌ من وجوه إعجازه، قال تعالى: " أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً " [82: النساء]. كما يؤمن المسلمون بأن كُلاً مِن القرآن وصحيح السنة نصوص موحى بها من عند الله Y، فلا تناقض لآية مع آية، ولا لآية مع حديث صحيح.
موضوع الدراسة وأهميتها:
تتناول الدراسة إثبات صدق الإعجاز بالغيب في قوله تعالى: " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " [67: المائدة]، وأنه لا يتعارض مع قول النبي r حين اقترب أجله: " مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ ".
وتنبع أهمية البحث؛ لما فيه من إثبات صحة القرآن الكريم وسلامته من الخطأ والزلل، وإثبات صدق الوعد الإلهي لسيدنا محمد r بعصمته من أن تصل أيدي مَن يريدون اغتياله إلى تحقيق مرادهم.
أهداف الدراسة: تهدف هذه الدراسة إلى إثبات أمرين رئيسين:
1. عدم تناقض الآية الكريمة التي وعدت النبي الكريم r بالعصمة من الناس، والحديث الذي أثبت وفاة الرسول r بسبب السم.
2. بيان وجوه الإعجاز البياني والغيبي في الآية الكريمة، ووجوه الإعجاز الغيبي والعلمي في الحديث الشريف.
الدراسات السابقة: لم يجد الباحث أي دراسة تناولت إثبات وجوه الإعجاز المختلفة لنصَي الآية والحديث محل الدراسة، والتوفيق بين النصين وإثبات عدم تعارضهما بالأدلة العقلية والتاريخية، وإن كانت هنالك بعض الآراء الواردة في جزئية تفسير الآية الكريمة وإثبات إعجازها بالغيب، أو شرح الحديث الشريف وإثبات إعجازه العلمي، ولكن بدون توسع كما توسعت هذه الدراسة.
وأقرب دراسة إلى هذه الدراسة: ما تقدم به الباحث أ.د. مجاهد أبو المجد إلى مؤتمر الإعجاز العلمي السابع تحت عنوان: " الإعجاز العلمي في حديث الأبهر "، وعرضَه في المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، الذي عُقِد بدبي بتاريخ 22-24 آذار 2004م، وقد تناول فيه الموضوعَ من جهة الإعجاز العلمي في حديث الأبهر ـ تأثير سم الزرنيخ على الشريان الأبهر ـ، بينما أثبتت هذه الدراسة وجوه إعجاز أخرى تزيد تأكيد صحة الخبر الغيبي بعصمة النبي r من الناس، كما أكدت هذه الدراسة صحة ما ذهب إليه الباحث أ.د. مجاهد من خلال الرجوع إلى مراجع علمية أخرى.
محددات الدراسة: الغرض الرئيس لهذه الدراسة: التوفيق بين النصين محل الدراسة، وإثبات وجوه الإعجاز في كلِّ نصٍّ من النصين، ولن يبسِطَ الباحث مختلف الآراء في تفسير النصين، ولن يتوسع في بيان أسباب النزول وتخريج الأحاديث وتتبع رواياتها؛ حتى لا تخرج الدراسة عن هدفها الرئيس، والتزاماً بالمسموح به من عدد الصفحات، وسهولة الوصول إليها في مظانها.
منهج الدراسة: سيستخدم الباحث المنهج الوصفي: لعرض الدعوى، ولتحرير محل النزاع. ثم منهج القياس المنطقي: من خلال ذكر مقدمات خمس واستنباط النتيجة منها. وفي أثناء الدراسة سيتم استخدام المنهج الاستنباطي: لاستنباط أبرز وجوه إعجاز النصين مَدار البحث.
كما سيلتزم الباحث قواعد النشر الخاصة بالمجلة، ولكن عند تخريج الأحاديث سيتم تخريج الأحاديث المروية في صحيحي البخاري ومسلم في متن الدراسة؛ لأن كل ما فيهما صحيح. أما ما ورد في غير الصحيحين، فسيتم تخريجه في الحاشية؛ لبيان الحكم على الإسناد.
تمهيد
عرض الدعوى:
ورد في أحد مواقع الإنترنت غير الإسلامية السؤال التالي ـ منقولاً بتصرف ـ:([1])
جاء في صحيح البخاري أن النبي r قال في مرضه الذى مات فيه: " يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم ".
لقد وعد الله r أن يعصم نبيه r من أذى الناس وذلك في قوله سبحانه: " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " [67: المائدة]، لماذا لم يعصم الله Y محمداً r مِن الوفاة بسبب السم؟ ألم يعلم بوجود السم؟
رفعَ الله Y المسيح u إلى السماء عندما كانت النتيجه ستؤول إلى مقتله؛ تكريماً له، فهل كرامة نبي الإسلام r أقل عند الله Y من المسيح u حتى يسمح ليهوديةٍ بأن تقتله بالسم؟
تحرير محل النزاع:
يزعم كاتب النص عدم صدق الوعد الإلهي الوارد في الآية الكريمة، ليستند إليه على عدم إلهية محل الوعد (القرآن الكريم)؛ لأن الإلهَ المعبودَ بحقٍّ صادقٌ في وعده؛ قال تعالى: " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً " [87: النساء]، وقال: " وَعْدَ اللهِ حَقَّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً " [122: النساء]، وقال: " وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " [115: الأنعام].
في هذه الدراسة إثبات صدق الإعجاز بالغيب الوارد في الآية الكريمة، وعدم تعارض الآية مع الحديث الشريف الذي يدل على وفاة رسول الله r شهيداً متأثراً بالسم، كما سيتم بيانه في المباحث الآتية:
المبحث الأول
فهم النَّصَّين محل الدراسة
تدور الدراسة على نصين: قوله تعالى: " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " [67: المائدة]، وحديث: " كَانَ النَّبِيُّ r يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ "، وسيتم بيان النصين محل الدراسة في المطلبين الآتيين:
المطلب الأول: تفسير الآية الكريمة:
أولاً: تفسير الآية إجمالياً:
قال تعالى في سورة المائدة: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) ".
أي: يا رسول الله r بلِّغ رسالة ربك غير مراقِبٍ أحداً، ولا خائفاً من أن ينالك مكروه، وإن كتمتَ شيئاً منها ـ وحاشاه r ـ فكأنك كتمتَها كلها؛ لأن بعضها ليس أولى من أداء بعض، واللهُ Y يضمن لك عصمتك ممن يريد مكروهاً بك، فلا يوجَد ما يمنع تبليغك الرسالة، حتى لو كان قلة الأتباع وكثرة المعارضين، واعلم أنما عليك البلاغ فقط، فلن تُسأل عمَّن يرفض الهداية جحوداً وكِبراً وعِناداً.([2])
ويرى الشيخ عبدالحميد كشك أن تقدير الآية الكريمة كما يلي: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ " جميع " مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ " لا تخشَ أحداً ولا يهمَّنك شيء أبداً، فإنك إن لم تبلغ الكل ـ ولو إلى أجلٍ ـ " فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ "، فما المسوغ لأن تكتم شيئاً منها " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " ؟
والعصمة من الناس تشمل القتل والفناء، أما الشدائد والحروب فتصنع الرجال، وتُظهِر صدق الإيمان، وتميِّز الصادق من الدعيِّ، " إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " مِن أنْ يصِلُوا إليك ليقتلوك.([3])
ثانياً: من أسرار إعجاز التعبير البياني في الآية الكريمة:([4])
- " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ " نادى الله Y نبيَّه r بصفة الرسالة؛ ليفيد كمال التشريف؛ فالرسول مصطفىً من الله Y و" اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ " [124: الأنعام].
- " بلِّغ ": التبليغ هو جعلُ الشيء بالغاً، والبلوغ: الوصول إلى المكان المطلوب وصوله.
والأمر بالتبليغ للرسول المُبلِّغ: مستعملٌ في طلب الدوام على التبليغ مهما حصل، كقوله Y عند طلب الاستمرار على الإيمان: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ.. " [136: النساء].
- " مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ " : أوصِل إلى الناس كل ما أنزله الله Y إليك، وبما أنه منزل من الله Y إليك وحدك، فأنت أولى بالبلاغ من غيرك.
و(مَا): مِن ألفاظ العموم؛ أي: بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك فلا تخفِ أو تؤجل شيئاً مما أُمِرت بتبليغه لأي سبب.
- " مِنْ رَبِّكَ " كن مطمئناً بأن مالك أمرك الذي رباك وكلأك بعنايته، لن يتركك لعدوه، بل سيمنعك حتى تتم تبليغ الرسالة.
- " وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ": (الواو) استئنافية، و(إِنْ) شرطية، و(لَمْ تَفْعَلْ) فعل الشرط، و(الفاء) رابطة للجواب، و(مَا) نافية، وجملة (بَلَّغْتَ) في محل جزم جواب الشرط.
وفي اتحاد الشرط وجوابه سرّ بديع؛ وذلك أنه لا بدَّ أن يكون الجزاء مغايراً للشرط لتحصل الفائدة، ومتى اتحدا اختل الكلام؛ لأنه يؤول ظاهراً إلى: (وإن لم تفعلْ فما فعلْتَ)، ولكنه أراد هنا أن يتَّحدا؛ لأن عدم تبليغ الرسالة أمرٌ معلوم عند الناس، مستقرٌّ في الأفهام أنه عظيم شنيع ينقم على مرتكبه، ولأن عدم نشر العلم من العالم أمر يستوجب المذمة، فما بالك بالرسالة؟ فجعل الجزاء عين الشرط؛ ليتضح مدى الاهتمام بالتبليغ.
ولم يقل: (وإن لم تبلغ الرسالة فما بلغت الرسالة)؛ ليتغايرا لفظاً ـ وإن اتحدا معنى ـ، وهذا أحسن رونقاً وأظهر طلاوة من تكرار اللفظ الواحد في الشرط والجزاء.
- " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ": الله Y الذي تطمئن بذكره القلوب، وتعود إليه كل الأسماء الحسنى، والمتصف بكل صفات الكمال يتكفلُ بعصمتك من اغتيال المشركين، فعليك البلاغ وعلينا عصمتك ما دام الدين لم يكتمل وما دام الناس بحاجتك؛ لأن ذلك هو الذي كان يهم النبي r، إذ لو استشهِد قبل تمام إبلاغ الهدى؛ لما اكتمَلَ الدين، ولتكلَّف الناس ما لا يطيقون.
وعبَّرَ بالفعل المضارع (يَعْصِمُكَ) للدلالة على الاستمرار والتجدد: استمرار العصمة من القتل وتجدُّدها، مهما استمرت وتجددت وسائل المخططين.
- " إنَّ اللهَ لا يَهْدِيْ القَوْمَ الكَافِرِيْنَ ": يفيد أن الله Y كلف رسوله r بالتبليغ ولم يُعلق نجاح المهمة بكثرة عدد المستجيبين؛ فالله Y يهدي مَن يشاء.
ويجوز أن يكون التفسير: الجزم بأنَّ الكافرين لن يهتدوا إلى سبيل اغتياله r قبل إتمام البلاغ.
كلاً من التفسيرين جائز وذلك من باب التوسع في المعنى الموافق للُّغة، والسياق، وعُرف القرآن الكريم، وأصول الإسلام، والله أعلم.
ثالثاً: المناسبة وسبب النزول:
وردت الآية الكريمة في سياق الحديث عن اليهود واستهزائهم بالدين، فكان الأمر الإلهي للرسول r أن يُبَلِّغ الرسالة مهما وجد في طريقه من إساءات وتجريح، ويظهر من مناسبة الآية الكريمة مع السياق: تنبيهَ الرسول r والصحابة الكرام إلى أن أكبر خطر محتمل على حياة رسول الله r مصدره اليهود.
والآية الكريمة من أوائل ما نزل في المدينة،([5]) بعد أن هددت قريشٌ الرسول r والمسلمين بأنكم لن تنجوا منا حتى لو بلغتم المدينة، فكان الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم جميعاً ـ لا يبيتون إلا في السلاح، ويخصِّصون مَن يحرس النبي r، حتى نزلت الآية الكريمة، فصرف رسولُ الله r الحرسَ.([6])
المطلب الثاني: تخريج الحديث الشريف:
قالت أم المؤمنين السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ: " كَانَ النَّبِي rَ يَقُول فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: كَانَ النَّبِيُّ r يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ ".
الحديث رواه البخاري في صحيحه معلَّقاً بصيغة الجزم،([7]) ويصح الاحتجاج به على وفاة الرسول r شهيداً متأثراً بالسم؛ للأسباب الآتية:
أولاً: تصريح عدد من العلماء بصحة الحديث: فحين رواه الحاكم قال: على شرط البخاري ومسلم ووافقه الذهبي،([8]) وصححه ابن الجوزي،([9]) والألباني،([10]) وحسنه ابن الأعرابي.([11])
ثانياً: واحتج به عدد من العلماء لإثبات أن الرسول r مات شهيداً، وهذه قرينة تدل على صححته عندهم، من أبرزهم:
أ) المفسرون المستدلون بالحديث لإثبات وفاة سيدنا محمد r شهيداً متأثراً بالسم، أثناء تفسيرهم لآيات متفرقة من القرآن الكريم، منها:
1) قال تعالى في سياق سؤال يهود ـ سؤالاً إنكارياً ـ: " ..أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ " [87: البقرة].
جزَمَ الآلوسي ـ عند تفسيره للآية الكريمة ـ أنَّ رسول الله r: " قتِلَ حقيقةً بالسم الذي ناولوه على ما وقع في الصحيح بلفظ: " وَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِيْ مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ " ".([12])
وتحدث قبله ابن مفلح عن سر تعبير الآية الكريمة بالفعل المضارع (تَقْتُلُونَ) مغايراً للفعل الماضي (كَذَّبْتُمْ)، قال: " فظهرَ تأثيرُ ذلك الأثر [أي: أثر السم] لمَّا أراد الله Y إكرامه r بالشهادة، وظهر سر قوله تعالى: " أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ "، فجاء (كَذَّبْتُمْ) بالماضي؛ لوقوعه، وجاء (تَقْتُلُونَ) بالمستقبل؛ لتوقعه ".([13])
وبحسب هذا التفسير: فإن في الآية الكريمة إعجاز بالغيب: بإثبات وفاة رسول الله r شهيداً بسبب تآمر اليهود.
2) قال تعالى: " الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " [183: آل عمران].
قال محمد رشيد رضا في سياق حديثه عن علاقة يهود جزيرة العرب بالنبي r: " بل هم الذين قتلوه؛ فإنه مات بالسم الذي وضعته له اليهودية في الشاة بخيبر ".([14])
3) قال تعالى: " وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ.. " [32: النساء].
قال القرطبي: " أما التمني في الأعمال الصالحة فذلك هو الحسن، وأما إذا تمنى المرء على الله Y.. فذلك جائز، وذلك موجود في حديث النبي r في قوله: " وَدِدْتُ أَنْ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَل ".([15]) قلت [القرطبي]: هذا الحديث هو الذي صدَّرَ به البخاري كتاب التمني في صحيحه، وهو يدل على تمني الخير وأفعال البر والرغبة فيها، وفيه فضل الشهادة على سائر أعمال البِر؛ لأنه r تمناها دون غيرها، وذلك لرفيع منزلتها وكرامة أهلها، فرزقه الله إياها، لقوله: " مَا زَالَتْ أَكَلَةُ خَيْبَرَ تُعَادِنِي [كُلَّ عَامٍ] فَهَذَا أَوَانُ انْقَطَعَتْ أَبْهَرِي " ".([16])
4) قال تعالى: " وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا... " [20: الفتح].
قال الثعلبي: " وكان المسلمون يرون أنّ رسول الله r مات شهيداً مع ما أكرمه الله تعالى به من النبوّة ".([17])
ب) كما احتج عدد من المحدِّثين والمؤرخين وكُتاب السيرة بالحديث الشريف لإثبات وفاة سيدنا محمد r شهيداً متأثراً بذاك السم، منهم: الزهري،([18]) وموسى بن عقبة،([19]) وابن إسحاق،([20]) والواقدي،([21]) وابن سعد،([22]) وابن بطال،([23])، وأبو العباس القرطبي،([24]) وابن الأثير الجزري،([25]) وابن القيم،([26]) وابن منظور،([27]) والمقريزي،([28]) والسيوطي،([29]) والصالحي،([30]) وملا علي القاري.([31])
ثالثاً: ورود شواهد للحديث، منها:
1. عن أنس t: " أَنَّ أمْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ r بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأكلَ مِنْهَا، فَجِيْءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ r فَسَأَلَهَا عَن ذَلِك فَقَالَت: أُرِيدُ قَتلكَ. فَقَالَ: مَا كَانَ الله لِيُسَلِّطَكِ عَليَّ. فَقَالُوا: يَا رَسُول اللهِ، أَنَقْتُلُها؟ قَالَ: لا. قَالَ [أنس]: فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِيْ لَهَوَاتِ النَّبِيِّ r ". البخاري، صحيح البخاري كتاب الهبة باب قبول الهدية من المشركين (2474)، ومسلم، صحيح مسلم، كتاب السلام، باب السم (2190).
2. عن أم مبشر ـ رضي الله عنها ـ قالت: " دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ r فِي وَجَعِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَتَّهِمُ بِنَفْسِكَ؟ فَإِنِّي لا أَتَّهِمُ بِابْنِيْ إِلا الطَّعَامَ الَّذِي أَكَلَهُ مَعَكَ بِخَيْبَرَ ـ وَكَانَ ابْنُهَا بِشْرُ بنُ البَراءِ بنُ مَعْرُوْرُ مَاتَ قَبْلَ النَّبِيِّ r ـ فقَالَ رسول الله r: وَأَنَا لا أَتَّهِمُ غَيْرَهَا، هَذَا أَوَانُ انقِطَاعِ أَبْهَرِي ".([32])
3. عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، أَنّ رَسُولَ اللهِ r مَاتَ مِنَ اللَّحْمِ الَّذِي كَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ سَمَّتْهُ، فَانْقَطَعَ أَبْهَرُهُ مِنَ السُّمِّ عَلَى رَأْسِ السَّنَةِ، فَكَانَ يَقُولُ: " مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنْهُ حِسَّاً ".([33])
4. قول ابن مسعود t: " لأَنْ أَحْلِفَ بِاللهِ تِسْعَاً إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ r قُتِلَ قَتْلاً، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَهُ نَبِيَّاً، وَجَعَلَهُ شَهِيْدَاً ".([34])
المبحث الثاني
نقد الشبهة
من أدلة نبوة سيدنا محمد r عصمته من أعدائه الكثيرين، " فمن معجزاته: عصمته من أعدائه وهم الجَمُّ الغفير، والعدد الكثير، وهُمْ على أتمِّ حنقٍ عليه، وأشد طلب لنفيه، وهو بينهم مسترسل قاهر، ولهم مخالط ومكاثر، ترمقه أبصارهم شزراً، وترتد عنه أيديهم ذعراً، وقد هاجر عنه أصحابه حذراً، حتى استكمل مدته فيهم ثلاث عشرة سنة، ثم خرج عنهم سليماً لم يَكلَم في نفسٍ ولا جسد، وما كان ذاك إلا بعصمة إلهية.. ".([35])
ما الذي دعا محمداً r لصرفِ الحراس عنه لو لم يكن متيقناً مِن صدق الوعد الإلهي له بالعصمة؟ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: " كَانَ النَّبِيُّ r يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " [المائدة: 67] فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ r رَأْسَهُ مِنَ القُبَّةِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا، فَقَدْ عَصَمَنِي الله ".([36])
لو كان الرسول r يشك أدنى شك بصدق الوحي الإلهي ـ وحاشاه r ـ لَكَتَم الآية الكريمة، فالإنسان يستطيع الكذب على كل الناس، أما أن يكذب على نفسه فلا.
وهذا ما لفت نظر أحد المستشرقين فقال: " لمَّا وعد الله رسوله بالحفظ بقوله: " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ "، صرَفَ النبي حراسه، والمرء لا يكذب على نفسه؛ فلو كان لهذا القرآن مصدرٌ غيرَ السماء، لأبقى محمد على حراسته ".([37])
لكن: كيف التوفيق بين الآية الكريمة والحديث الشريف؟
الجواب: ببيان مقدماتٍ خمسٍ ثم الخروج بالنتيجة، مفصلةً بحسب المطالب الستة الآتية:
المطلب الأول
المقدمة الأولى: ثبوت صدق الإعجاز بالغيب لعدم الوفاة مباشرة من السم
لو فرِضَ جدلاً أن الأسباب المادية كانت تعمل دون تدخل العصمة الإلهية: الأصل أن يستشهد رسول الله r بعد أكل الشاة المسمومة بساعات ـ أو أيام على الأبعد ـ. وذلك نظراً لـ: نوع السم وتركيزه، وكمية السم، وتأثير السم على المعدة الفارغة، وتأثير السم على كبار السن، وزيادة سرعة امتصاص السم المتناوَل مع طعام ساخن، وضعف التقدم الطبي زمن الحادثة، والتفصيل بما يلي:
أولاً: نوع السم وتركيز المادة السمِّية:
الراجح أن السم الذي وضعته اليهودية في الشاة هو سم الزرنيخ، فالزرنيخ أكثر السموم انتشاراً منذ زمن بعيد لسهولة الحصول عليه، ومعروف بشدة سميته وقتله أصلب الناس عوداً؛ لذا يُعَد أوسع السموم استخداماً بهدف الاغتيال منذ قرون طويلة؛ بخاصة وأن مركباته تكاد تكون بلا لون أو طعم أو رائحة، فيسهل تقديمه مع وجبات الطعام والشراب دون ريبة.([38]) ولتلك الأسباب ما زال الزرنيخ يعد أكثر السموم المستخدمة في القتل العمد حتى في العصر الحالي.([39])
والذي يزيد من ترجيح نظرية أن السم الذي استخدمته اليهودية هو الزرنيخ: أعراض المرض التي ظهرت على رسول الله r بعد تناوله الشاة المسمومة، وأبرزها: تأثير الزرنيخ على الشريان الأبهر ـ كما سيتم بيانه في المطلب الثاني بالتفصيل ـ، وتأثيره على اللهوات.
لقد لاحظ المقربون من رسول الله r تغيُّراً في لهواته الشريفة r، قال أنس t: " إنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ r بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأكلَ مِنْهَا.. فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِيْ لَهَوَاتِ النَّبِيِّ r ". البخاري، صحيح البخاري، كتاب الهبة، باب قبول الهدية من المشركين (2474)، ومسلم، صحيح مسلم، كتاب السلام، باب السم (2190).
معنى قَوله: " فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِيْ لَهَوَاتِ النَّبِيِّ r "، أي: " أعرِفُ أثَرَها "، إمَّا بتغيّر لون اللَّهوات، وإمَّا بنتوءٍ ـ أو تحفيرٍ ـ فيها. واللهوات: جمع لهاة، وهي اللحمة الحمراء المُعلقة في أصل الحنك.([40])
وهذا ما أثبته علم السموم: فالزرنيخ يسبب التهاب اللهوات؛([41]) لأن اللهاة مغطاة بنسيج طلائي حرشفي، يُسبب التسمم تلفَ الخلايا الطلائية فيتقشَّر النسيج الحرشفي،([42]) حتى إذا زال: حدَثَ الالتهاب.
وقد استعانت المرأة اليهودية بأهل الخبرة من اليهود لاختيار أقوى السموم؛ فقد دلت روايات السيرة النبوية على أن اليهودية كانت تعد لصنيعها منذ زمن، وأنها أخذت تسأل أهل الخبرة من اليهود عن أفضل السموم، فلما توصلت إلى أقوى سم: وضعَته في الشاة.
قال القسطلاني: " إنها عمدت إلى سم لا يبطئ ـ يعني لا يلبث أن يقتل من ساعته ـ وقد شاورت يهود في سموم، اجتمعوا لها على هذا السم بعينه، فسمَّت الشاة وأكثرت في الذراعين والكتفين ".([43])
كما يدل سياق الأحداث على أن أعيان يهود الجزيرة كانوا يعلمون بمخطط المرأة قبل تنفيذه، فقد سألهم رسول الله r: " قَالَ: هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. قَالَ: هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمَّاًََ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِباً نَسْتَرِيحُ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ ". البخاري، صحيح البخاري، كتاب أبواب الجزية والموادعة، باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يُعفى عنهم؟ (2998).
ويستدل على شدة السم بأن بشر بن البراء بن معرور t أكل مع الرسول r من الشاة فمات سريعاً، كما طُرِحَ جزء من الشاة إلى كلبٍ فأكلَ منه، فلم يُتبع يده حتى مات.([44])
ثانياً: كمية السم:
ورد في كتب السيرة أن اليهودية سألت عن أحب أعضاء الشاة إلى رسول الله r قيل لها: الكتف. فأكثرَتْ من السم في كتف الشاة وذراعها، ودليل الأكل من الكتف: أن رسول الله r ـ بعدما أكل من الشاة المصلية ـ دعا اليهودية: " فَقَالَ لَهَا: " أَسَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ؟ ". فَقَالَتْ: " نَعَمْ، وَمَنْ أَخْبَرَكَ؟ " فَقَالَ النَّبِىُّ r: " أَخْبَرَتْنِي هَذِهِ فِي يَدَيَ الذِّرِاعُ ".([45])
وقال موسى بن عقبة: " .. فتناول رسول الله r الكتف وانتهش منها ".([46])
وعلى هذا فإن محمداً r أكل من الجهة التي تحوي كمية أكبر من السم، بينما بِشر بن البراء t أكل من الجهة التي تحوي سماً أقل، لكن بِشراً t مات بسرعة ـ بعكس رسول الله r ـ.
ثالثاً: تأثير السم على المعدة الفارغة:
الذي يعرف هديَ رسول الله r في الأكل، يستنتج أن الرسول الكريم حين يكون مقبلاً على الأكل، فإن معدته تكون غير ممتلئة بالطعام.([47]) والدراسات الطبية أثبتت أن الشخص حين يتناول الطعام المسموم في معدة خالية، فإن امتصاص المعدة والأمعاء للسم والتأثر به سيكون أسرع.([48])
وتم إجراء تجربة على سرعة تأثير السموم بحسب درجة امتلاء المعدة بالطعام، فتبينَ أن السم الذي يحتاج امتصاصه إلى ساعتين أو ثلاثة في المعدة الممتلئة، يحتاج أقل من ساعة في المعدة الفارغة.([49])
وفي دراسة حول تأثير حالة المعدة الفارغة على سرعة امتصاص سم الزرنيخ ـ بالذات ـ فإن تناول ( 0.13 ) جراماً من الزرنيخ ـ أي مايعادل وزن قمحتين ـ يُمتصُّ بشكل كامل في المعدة بعد ربع ساعة من تناوله.([50])
رابعاً: تأثير السم على كبير السن:
وقعت غزوة خيبر في السنة السابعة للهجرة،([51]) وتوفي رسول الله r في السنة الحادية عشرة للهجرة وعمره ثلاثة وستون عاماً.([52])
إذاً، حين تناول رسول الله r الشاة المسمومة كان قد مضى من عمره ستون عاماً، والسموم تؤثر على كبير السن تأثيراً أكبر من الشاب؛ لقلة عدد إنزيماته المضادة للسموم وضعف كفاءتها، وضعف المناعة، وقلة السوائل في الجسم بشكل عام.([53])
كما أن صحة كبار السن غالباً ما تكون أضعف من صحة البالغين؛ فيكون تأثير السم عليهم أشد،([54]) ولهذا يراعَى وضعهم عند إعطائهم عقاقير تحتوي مواداً سُمية.
خامساً: تناول الزرنيخ ساخناً:
من عادات العرب أن الغداء المقدَّم إلى الضيف ينبغي أن يكون ساخناً، واليهودية كان طعامها شاةً مصلية (مشوية)، والزرنيخ يكون امتصاصه في الجسم أسرع إذا تم تناوله مع مشروب ـ أو مطعوم ـ ساخن.([55])
سادساً: ضعف التقدم الطبي في ذلك الزمان:
لم يكن التقدم الطبي قديماً بحال التقدم الطبي زمننا الحالي، ولهذا فلا يُستغرَب ـ في ذلك الزمن ـ ضعف تشخيص التسمم والإسعافات الأولية والعلاج.
فأعراض السمم بالزرنيخ تشبه أعراض المغص المعوي الحاد،([56]) ولهذا اختلط الأمر على الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ، قال ابن عبد البر: " أغميَ عليه r فظنُّوا أنَّ به ذا الجَنْبِ ".([57])
ذات الجنب: مرض باطني يصيب جنب الإنسان، وذو الجَنب: الذي يشكي من جنبِه.([58])
وذكر ابن القيم أنَّ العرب تطلق (ذات الجنب) على أي مرضٍ عَرَضَ في الجنب لأي سبب كان، وهو عند الأطباء نوعان: حقيقي: وهو ورم يعرِض في نواحي الجنب في الغشاء المستبطن للأضلاع، وغير حقيقي: يشبهه، يعرِض في نواحي الجنب إلا أنه ممدودٌ، بينما في الحقيقي: ناخِسٌ.([59])
فالأصل ـ بعد كل تلك الاعتبارات المبيَّنة أعلاه ـ أن تحدث الوفاة فوراً بعد تناول السم، ولكن الإعجاز بالغيب في وعدِ الله Y له بالعصمة منعَ ذلك، قال الزرقاني: " ومن المعجزة أنه [ أي السم ] لم يُؤثِّر فيه في وقته ".([60])

المطلب الثاني
المقدمة الثانية: ثبوت الإعجاز العلمي في حديث الأبهر
أثبتت الأبحاث الطبية الحديثة أن سم الزرنيخ يؤثِّر تأثيراً شديداً على الشريان الأبهر (وهو الشريان الرئيس في القلب)، أحرزَ أ.د. مجاهد أبو المجد قصب سبق الربط بينها وبين الحديث، ومما ذَكرَ:([61])
أعراض سكرات موت الحبيب المصطفى r تشبه أعراض انقطاع الأبهر في الطب الحديث، وأبرزُها ما يلي:
1. آلام شديدة وحادة في منطقة الصدر.
2. صعوبة الحركة.
3. شحوب غير طبيعي في الوجه.
4. عرق شديد.
ويضيف كاتب هذه الدراسة إلى ما ذكر أ.د. مجاهد أبو المجد: يؤدي التسمم بالزرنيخ إلى تحلل جدران الأوعية الدموية وترققها، وسهولة انفجارها، وأحياناً يُسبب تحلل الأوعية نزيفاً يؤدي إلى ضعف الدورة الدموية، مما يقلل من كمية الدم العائد إلى القلب، فيؤثر في كفاءة البطين، وهذا يتسبب بضعف وهبوط في القلب، يقوم حينئذ القلب بمحاولة ضخ الدم بقوة، فيؤدي إلى انقطاع الشريان الأبهر.([62])
ولكن قد يُعكِّر على هذا الرأي ِالقولَ بأن رسول الله r لم يقصد بقطع الأبهرِ الحقيقةَ وإنما المجاز (كنايةً عن الموت). وجوابه أنَّ الأصل حمل اللفظ على الحقيقة، ولا ينصرف عنها إلى المجاز إلا للضرورة ـ ولا ضرورة هنا ـ، ولم يجد الباحث أحداً من شعراء الجاهلية وصدر الإسلام كنَّى عن الموت بانقطاع الأبهر، ولا يوجد ما يدل على استعمال العرب لهذا التعبير كنايةً عن الموت؛ وبناءً على تلك الاعتبارات: فإن رسول الله r كان يقصد انقطاعَ الأبهر على الحقيقة لا المجاز، والله أعلم.

المطلب الثالث
المقدمة الثالثة: ثبوت الإعجاز بالغيب في صدق الإرهاصات التي آذنت بوقوع الوفاة في السنة الحادية عشرة للهجرة
رغم كثرة محاولات اغتيال النبي الكريم، وجهاده في عشرات الغزوات، إلا أن العام الذي توفي فيه r توافرت فيه إشارات نبوية تحمل إرهاصاتٍ دالَّة على دنو أجله r قريباً جداً، منها:
1. عن جابر t: رَأَيْتُ النَّبِيَّ r يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: " لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِه ". مسلم، صحيح مسلم، باب: استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً (1297).
قال النووي: فيه إشارة إلى توديعهم وإعلامهم بقرب وفاته r.([63])
وذكر ابن إسحاق أن رسول الله r رجع من حجة الوداع في ذي الحجة، فأقام بالمدينة بقيته والمحرم وصفر، وبدأت شكواه r في أواخر ليالي صفر، أو بداية ربيع الأول.([64])
2. عن عائشة رضي الله عنها: " إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ r عِنْدَهُ جَمِيعًا لَمْ تُغَادِرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ ـ عَلَيْهَا السَّلَام ـ تَمْشِي، لَا وَاللهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ الله r ـ فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِابْنَتِي، ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ ـ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ـ ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَقُلْتُ لَهَا أَنَا: مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ خَصَّكِ رَسُولُ الله r بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ؟ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ r سَأَلْتُهَا عَمَّا سَارَّكِ، قَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللهِ r سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنْ الْحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الْآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي، قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ: فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أَرَى الْأَجَلَ إِلَّا قَدْ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي.. ". البخاري، صحيح البخاري، كتاب الاستئذان، باب مَن ناجى بين يدي الناس.. (6286). ومسلم، صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل فاطمة..
3. عن أبي سعيد الخدري t: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ r جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: " إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَهِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَعَجِبْنَا لَهُ وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللهِ r، عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَكَانَ رَسُولُ اللهِ r هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمنَا بِه ". البخاري، صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي r وأصحابه إلى المدينة (3691). ومسلم، صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر (2382).
4. عن معاذ t أن النبي r لما بعثه إلى اليمن خرج راكباً والنبي r يمشي معه، فقال: " يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَنْ لاَ تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا فَتَمُرَّ بِقَبْرِي وَمَسْجِدِي، فَبَكَى مُعَاذٌ.. ".([65])
5. قال العباس بن عبد المطلب t: رَأَيْتُ فِيَ الْمَنامِ كَأَنَّ الأَرْضَ تُنْزَعُ إِلَى السَّمَاءِ بِأَشْطَانٍ شِدَادٍ ، فَقَصَصْتُ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ r، فَقَالَ: ذَاكَ وَفَاةُ ابْنِ أَخِيكَ ".([66])
6. عن أبي مويهبة مولى رسول الله r قال: بعثني رسول الله r من جوف الليل فقال: " يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فَانْطَلِقْ مَعِي "، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ.. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: " يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا، وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ، وَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ، وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَالْجَنَّةِ " قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، فَخُذْ مَفَاتِيحَ الدُّنْيَا، وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ، قَالَ: " لَا وَاللهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي، وَالْجَنَّةَ " ثُمَّ اسْتَغْفَرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَبُدِئَ رَسُولُ اللهِ r فِي وَجَعِهِ الَّذِي قبَضَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ حِينَ أَصْبَحَ ".([67])

المطلب الرابع
المقدمة الرابعة: ثبوت الإعجاز بالغيب في استجابة الله لطلب رسوله الكريم بأ
ن ينال مرتبة الشهادة
كان المصطفى r يتمنى على الله Y أن يرزقه الشهادة، قال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ".([68])
وقال r: " لَأَنْ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي الْمَدَرُ وَالْوَبَرُ ".([69])
قال القرطبي: " أما التمني في الأعمال الصالحة فذلك هو الحسن، وأما إذا تمنى المرء على الله Y.. فذلك جائز، وذلك موجود في حديث النبي r في قوله: " وَدِدْتُ أَنْ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَل ".. وهو يدل على تمني الخير وأفعال البر والرغبة فيها، وفيه فضل الشهادة على سائر أعمال البِر؛ لأنه r تمناها دون غيرها، وذلك لرفيع منزلتها وكرامة أهلها، فرزقه الله إياها ".([70])
ودعاء الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ جديرٌ بالقبول؛ لما لهم من الجلالة والحلاوة والبيان والرونق والظهور في الفلاح،([71]) فلو لم يمت النبي الكريم r شهيداً كما أحبَّ، لتساءل الخصم: لو كان نبياً حقاً فلماذا لم يُحقق الله Y أمنيته r بأن يموت شهيداً ؟

المطلب الخامس
المقدمة الخامسة: ثبوت الإعجاز بالغيب في ربط العصمة بأداء البلاغ
حين تتأمل الآية الكريمة تجد علاقةً بين العصمة والبلاغ، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " [67: المائدة]، فهنالك تعلُّقٌ بين (البلاغ) و(العصمة)، على تقدير: " بَلِّغْ " و" اللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ".
لقد صدقت الآية الكريمة، وظهر صدق الإعجاز بالغيب فيها؛ فربطَت العصمةَ مِنَ الناس بأداء الدعوة، حتى لمَّا نزلت آية: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا " [3: المائدة] كان الإيذان بانتهاء البلاغ؛ لذا بكى عمر بن الخطاب t وقال: " ليس بعد الكمال إلا النقص "، (أي وفاة رسول الله r)([72]) كما حزن كبار الصحابة حين نزلت سورة: " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ " [1: النصر]؛ لأنهم فهموا فيها نعياً للنبي r، فحين يدخل الناس في الإسلام أفواجاً تنتهي مهمته في الدنيا.
سألَ عمر t ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن سورة النصر، فأجاب: " أَجَلُ رَسُولِ اللهِ r أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ "، قَالَ عُمر t: " مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ ". البخاري، صحيح البخاري، باب علامات النبوة في الإسلام (3428).
قال البقاعي في تفسير قوله تعالى: " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " [67: المائدة]: " أي مِن أن يقتلوك قبل إتمام البلاغ وظهور الدين.. ولقد وفَّى سبحانه بما ضَمِنَ ـ ومَن أوفى منه وعداً وأصدق قيلاً! ـ فلما أتمَّ الدين وأرغَمَ أنوف المشركين، أنفَذَ فيه السم الذي تناوله بخيبر ـ قبل سنين ـ فتوفاه شهيداً كما أحياه سعيداً ".([73])
كما قال ابن تيمية: " ضَمِنَ له سبحانه أن يعصمه من الناس إذا بلّغ الرسالة ليؤمّنه بذلك من الأعداء.. هذا إنما يكون قبل تمام التبليغ، وفي حجة الوداع تم التبليغ ".([74])
ويرى ابن عاشور أنَّ ما ورد في آية " وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله.. " [145: آل عمران] كان: " لوماً للمسلمين على ذهولهم عن حفظ الله Y رسولَه r من أن يسلَّط عليه أعداؤُه، ومن أن يخترم عمره قبل تبليغ الرسالة، وفي قوله: " وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " [67: المائدة] عقب قوله: " بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ " [67: المائدة] الدالِّ على أنّ عصمته من النَّاس لأجل تبليغ الشَّريعة. فقد ضمن الله Y له الحياة حتَّى يبلِّغَ شرعَه، ويتمّ مراده، فكيف يظنّون قتله بيد أعدائه على أنَّه قبل الإعلان بإتمام شرعه؟ ألا ترى أنَّه لمّا أنزل قوله تعالى: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " [3: المائدة] ـ الآية ـ بكى أبو بكر t وعلمَ أنَّ أجَلَ النَّبي r قد قرب، وقال: ما كمُل شيء إلاّ نقص ".([75])

المطلب السادس
النتيجة
نعم استشهد المصطفى r متأثراً بالسم، فبعدَ أن جمعَ الله Y له بين مقامات النبيين والصديقين والصالحين أضاف إليه مقام الشهداء، ليحوز الكمال البشري من جميع أطرافه.
حصلت له r الشهادة التي تمناها " ليجمع إلى منصب النبوة مقام الشهادة، ولا تفوته مكرمة؛ ولهذا كان ابن مسعود t ـ وغيره ـ يقول: مات شهيداً من ذلك السم ".([76]) شهيداً في سبيل الله كما كان يوَد، لكن بعد أن شارك في الغزوات، وأدى المناسك كاملة، وصام وقام ما شاء الله له أن يصوم ويقوم من أيام وليالٍ، واستقبل الوفود، وتعامل مع أعداء الأمة من منافقين ويهود بحكمة معجزة، وأدار الدولة، ولبَّى حاجات الصحابة والصحابيات، وتحمَّل وأدى بلاغ القرآن الكريم ذاك القول الثقيل.. كلُّه في ثلاث سنوات.
فالمتتبع للسيرة النبوية يجد أن أشهر الأحداث في السنة الهجرية السابعة (بعد فتح خيبر والأكل من الشاة المسمومة): دخوله r بمارية القبطية ـ رضي الله عنها ـ، ومصالحة يهود فدك وتيماء، وغزوة وادي القرى، وزواجه من أم المؤمنين صفية، وغزوة ذات الرقاع، وعمرة القضاء، وزواجه من أم المؤمنين ميمونة.
- وفي السنة الثامنة: إرسال عدد من السرايا، والإعداد لغزو مؤتة، وفتح مكة والخطبة في أهلها، وفتح الطائف، وغزوة حنين، واستقبال وفود هوازن، والصبر على وفاة ابنته زينب ـ رضي الله عنها ـ.
- وفي السنة التاسعة: إرسال عدد من السرايا، والسير إلى تبوك، ومعالجة قضية مسجد الضرار والمخلفين عن تبوك، واستقبال عدد من الوفود، والصبر على وفاة ابنته أم كلثوم ـ رضي الله عنها ـ.
- وفي السنة العاشرة: إرسال عدد من السرايا، واستقبال عدد من الوفود، وحجة الوداع، والصبر على وفاة ابنه إبراهيم.
- وفي السنة الحادية عشرة: بدأ مرض الرسول الكريم r.([77])
ما قام به r بين تناوله السم وحدوث الوفاة من أعمال عظيمة ينوء عن القيام بها أشد الرجال، فكيف بمَن تجاوَزَ الستين؟
" فلا يُعلم أحد مرّ به من المصائب والمصاعب والمشاق والأزمات كما مرّ به r، وهو صابرٌ محتسب.. صبر على اليتم، والفقر، والعوز، والجوع، والحاجة، والتعب، والحسد، والشماتة، وغلبة العدو ـ أحياناً ـ، وصبر على الطرد من الوطن، والإخراج من الدار، والإبعاد عن الأهل، وصبر على قتل القرابة، والفتك بالأصحاب، وتشريد الأتباع، وتكالب الأعداء، وتحزّب الخصوم، واجتماع المحاربين، وصلف المغرضين، وكبر الجبارين، وجهل الأعراب، وجفاء البادية، ومكر اليهود، وعتوِّ النصارى، وخبث المنافقين، وضرواة المحاربين، وصبر على تجهّم القريب، وتكالب البعيد، وصولة الباطل، وطغيان المكذبين.. صبر على الدنيا بزينتها، وزخرفها، وذهبها، وفضتها، فلم يتعلق منها بشيء، وصبر على إغراء الولاية، وبريق المنصب، وشهوة الرئاسة ".([78])
بعد إثبات كل هذا، يقال لمثير الشبهة: إنك أردتَ إثبات أن النبي الكريم قد مات مسموماً، لتنفي الإعجاز بالغيب في الآية الكريمة، لكن انقلب دليلك ضدك؛ فإنك في المقابل أثبتَّ الإعجاز في بقائه حياً ثلاث سنين حافلة بالعمل والجهاد والاجتهاد، وأثبتَّ الإعجاز العلمي في حديث انقطاع الأبهر، وأثبتَّ الإعجاز الغيبي في صحة إرهاصات توقع الوفاة في السنة الحادية عشرة للهجرة، وحصولِ ما تمنى رسول الله r من الموت شهيداً كما كان يودُّ، وصِدقِ الآيةِ الكريمة بربط العصمة بالبلاغ.
فإن كان الأمرُ كذلك، فلا مسوغ لدعوى التناقض بين الآية والحديث، وإن كان تصوُّرُهُ قد يقع في الذهن ابتداءً، ولكن بعد إمعان نظرٍ وتدبر يظهر أن لا تناقض والحمد لله رب العالمين.
يقول الشاطبي معللاً سبب ظن بعض الناس وقوع تناقضٍ في أدلةٍ قطعية الثبوت: " كل مَن تحقق بأصول الشريعة فأدلتها عنده لا تكاد تتعارض، كما أنَّ كلَّ مَن حقق مناط المسائل فلا يكاد يقف في متشابهٍ؛ لأن الشريعة لا تعارُضَ فيها ألبتة؛ فالمتحقق بها متحقق بما في الأمر، فيلزم أن لا يكون عنده تعارض، ولذلك لا تجد ألبتة دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجبَ عليهم الوقوف، لكنْ لمَّا كان أفرادُ المجتهدين غيرَ معصومين من الخطأ أمكَنَ التعارُضُ بين الأدلة عندهم ".([79])
المقصود بالتناقض: لغةً: التخالُف.([80]) واصطلاحاً " اختلاف قضيتين بإيجاب وسلب، بحيث يقتضي لذاته صدق إحداهما وكذب الأخرى. نحو: زيد إنسان، زيد غير إنسان. وأصله: قولهم: " تناقضَ الكلامان "، إذا تدافعا، كأن كل واحد ينقض الآخر، وفي كلامه تناقض: إذا كان بعضه يقتضي إبطال بعض ".([81])
ولا يتحقق التناقض بين نصين، إلا باتفاق النصَّين في أمورٍ ثمانية:([82])
أولاً: الموضوع:([83]) فلو اختلف النصَّان في الموضوع، نحو: (زيد قائم، بكر ليس بقائم)، لم يتناقضا؛ لجواز صدقهما معاً، أو كذبهما معاً.
ثانياً: المَحمول:([84]) فلو اختلفا في المحمول، نحو: (زيدٌ كاتب، زيدٌ ليس بشاعر)، لم يتناقضا.
ثالثاً: الزمان: إذ لو اختلفا فيه، نحو: (زيد نائم ـ ليلاً ـ، زيد ليس بنائم ـ نهاراً ـ)، لم يتناقضا.
رابعاً: المكان: إذ لو اختلفا فيه، نحو: (زيد قائم ـ في البيت ـ، زيد ليس بقائم ـ في السوق ـ)، لم يتناقضا.
خامساً: الإضافة: إذ لو اختلفا فيه، نحو: (زيد أب ـ أي لعمرو ـ، وزيد ليس بأب ـ أي لبكر ـ)، لم يتناقضا.
سادساً: القوة والفعل:([85]) إذ لو اختلفا فيهما بأن تكون النسبة في إحدى القضيتين بالقوة، وفي الأخرى بالفعل، نحو: (الخمر في الدَّن مُسكِر ـ أي بالقوة ـ، الخمر في الدَّن ليس بمُسكِر ـ أي بالفعل ـ)، لم يتناقضا.
سابعاً: الجزء والكل: إذ لو اختلفا فيه، نحو: (الزنجي أسود ـ أي بعضه ـ، الزنجي ليس بأسوَد ـ أي كله ـ)، لم يتناقضا.
ثامناً: الشرط: إذ لو اختلفا فيه، نحو: (الزاني يُرجَم ـ بشرط الإحصان ـ، الزاني لا يُرجم ـ بشرط عدم الإحصان ـ)، لم يتناقضا.
وهذا الأخير دليلٌ منطقي يدفع دعوى التناقض بين النصَّين محل الدراسة (الآية والحديث)؛ فشرطُ الحاجة إلى استمرار عصمة النبي r من قتلِ الناسِ له: الحاجةُ إلى إتمام البلاغ، فلمَّا تمَّ البلاغُ ارتفعتِ العصمةُ من الناس، وظهر أثر السم القاتل على المصطفى r ، فتوفي شهيداً كما طلبَ وأحبَّ r.
ختاماً:
لقد أراد مثير الشبهة إثبات تناقض النص القرآني مع النص النبوي، للوصول إلى دعوى عدم صدق الوعد الإلهي في القرآن الكريم، ولكنه لم يفلح، بل أسهم في إثبات كل تلك الوجوه من الإعجاز، ويكفي بهذا إعجازاً للقرآن الكريم! وصدق الله العظيم: " لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ " [48: التوبة]، وهنيئاً للمصطفى r: " فإنّ الله Y اتّخذه نبيّاً، وجعله شهيداً ".([86])

نتائج الدراسة
1. ثبتَت وفاة رسول الله r متأثراً بالسم شهيداً كما أحبَّ وتمنى.
2. ثبتَ أن لا تناقض بين الإعجاز الغيبي في الآية الكريمة والحديث المثبت لوفاته r شهيداً متأثراً بالسم؛ حين اشترطَت الآية ربط العصمة من اغتيال الناس بالحاجة إلى البلاغ، فلما تم البلاغ ارتفعت العصمة وحصلت الشهادة.
3. تحقق الوعد الإلهي لنبيه الكريم r بالعصمة من اغتيال الناس رغم تناول السم؛ فلم يستشهَد الرسول الكريم r فوراً رغم كبر سنه r، وشدة السم وتركيزه، وتناوله ساخناً على معدة فارغة، وضعف الطب في زمانه، كل تلك العوامل التي الأصل فيها أن تسرع في وفاته r ولكن لم تحدث الوفاة بسبب العصمة.
4. ثبت الإعجاز العلمي في الحديث من جهة صحة انقطاع الأبهر بسبب تناول سم الزرنيخ.
5. لا ينقص من قدر الرسول r أنه مات شهيداً؛ فقد حمل جميع المكارم والفضائل: فهو سيد النبيين، وهو سيد الصِّدِّيقين، وهو سيد الشهداء، وهو سيد الصالحين ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

[1]) انظر: ما ورد في موقع الكلمة المسيحي تحت عنوان: " هل مات النبي مسموماً ؟ " على الرابط:
http://www.alkalema.net/kafer/kafer114.htm
علماً بأن النقل تم بتصرف؛ لتصحيح الأخطاء الإملائية، والاقتصار على مَوضع الشاهد.

[2]) انظر: سعيد حوى، الأساس في التفسير، حلب، دار السلام (ط1)، ج 3، ص1455. ومحمد الصابوني، صفوة التفاسير، بيروت، دار القرآن الكريم، 1984م (ط4)، ج 1، ص355. وصالح آل الشيخ وآخرون، التفسير الميسر، المدينة المنورة، مجمع الملك فهد، 2009م (ط2)، ص117. وعبدالرحمن الدوسري، صفوة الآثار والمفاهيم، الرياض، دارالمغني، 2004م (ط4)، ج 9، ص 134. ود. وهبة الزحيلي، التفسير الوجيز، دمشق، دار الفكر، 1996م (ط2)، ص120.

[3]) انظر: عبدالحميد كشك، في رحاب التفسير، القاهرة، المكتب المصري الحديث، (د/ت،ط)، ج 6، ص1136.

[4]) انظر: محمود شكري الآلوسي، روح المعاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1985م (ط5)، ج 5، ص61. ومحمد الأمين بن عبدالله الهرري، تفسير حدائق الروح والريحان، إشراف: هاشم مهدي، بيروت، دار طوق النجاة، 2001م (ط1)، ج 7، ص393. ومحمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، القاهرة، دار الفكر العربي، (د/ت،ط)، ج 4، ص2286. ومحيي الدين الدرويش، إعراب القرآن وبيانه، دمشق، دار اليمامة (ط4)، ج 2، ص524. ومحمد الطاهر بن عاشور، تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد وتفسير الكتاب المجيد الشهير بالتحرير والتنوير، تونس، الدار التونسية، 1984م، ج 6، ص258.

[5]) جزم بذلك ابن حجر العسقلاني في فتح الباري بشرح صحيح البخاري، بيروت، دار الفكر، 1993م (ط1)، ج 6، ص13. وانظر: أ.د. مصطفى مسلم وآخرون، التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم، الشارقة، جامعة الشارقة، 2010م (ط1)، ج 2، ص286.

[6]) انظر: أ.د. مصطفى مسلم وآخرون، التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم، ج 2، ص351. وورد في الآثار أنَّ للآية الكريمة اثني عشر سبب نزول، انظر دراسة نقدية لها عند: فخر الدين محمد بن عمر الرازي، مفاتيح الغيب، بيروت، دار الفكر، 1994م، ج 12، ص42. ومحمد عزة دروزة، التفسير الحديث، بيروت، المكتبة العصرية، (د/ت،ط)، ج 9، ص181. وابن عاشور، التحرير والتنوير، ج 2، ص256 .

[7]) وعلقه بصيغة: " عن يونس، عن الزهري، قال عروة، قالت عائشة "، الحديث. انظر: صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي r ووفاته (4428). ووصله ابن حجر في تغليق التعليق، تحقيق: د. سعيد القزقي، بيروت وعمَّان، المكتب الإسلامي ودار عمار، 1405هـ (ط1)، ج 4، ص162 (4428).

[8]) انظر: الحاكم، المستدرك، ج 4، ص124 (4393).

[9]) قال: " ويصح عنه أنه قال: ما زالت أكلة خيبر تعادني، فهذا أوان أن قطعت أبهري ". انظر: أبو الفرج ابن الجوزي، تلبيس إبليس، تحقيق: السيد الجميلي، بيروت، دار الكتاب العربي، 1985م (ط1)، ص228.

[10]) انظر لمحمد ناصر الدين الألباني الكتب الآتية: صحيح الجامع وزيادته، بيروت، المكتب الإسلامي، 1988م (ط3)، ج 1، ص499 (5629)، وتحقيق مشكاة المصابيح للتبريزي، بيروت، المكتب الإسلامي، 1405هـ (ط2)، ج 3، ص298 (5965)، وصحيح سنن أبي داود، الرياض، مكتب التربية العربي، 1410 هـ (ط1)، ج 3، ص855 (4512).

[11]) انظر: شمس الحق العظيم أبادي، عون المعبود شرح سنن أبي داود، بيروت، دار الفكر، 1979م (ط3)، ج 13، ص27.

[12]) الآلوسي، روح المعاني، ج 1، ص403.

[13]) محمد بن مفلح المقدسي، الآداب الشرعية والمنح المرعية، تحقيق: عصام الحرستاني، بيروت، دار الجيل، 1997م (ط1)، ج 3، ص202 .

[14]) محمد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار، بيروت، دار الكتب العلمية، 1999م (ط1)، ج 4، ص217.

[15]) تمام الحديث: عن أبي هريرة t قال: " سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلا أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ". رواه البخاري في باب تمني الشهادة (2797).

[16]) محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، القاهرة، دار الحديث، 1994م (ط1)، ج 5، ص163. وانظر: سراج الدين الشهير بابن عادل الحنبلي، اللباب في علوم الكتاب، بيروت، دار الكتب العلمية، 1998م (ط1)، ج 6، ص352. والرواية الواردة في المتن ذكرها ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال، تحقيق: عادل عبدالموجود، بيروت، دار الكتب العلمية، 1997م (ط1)، ج4، ص460 (3901).

[17]) أحمد بن محمد الثعلبي، الكشف والبيان، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 2002م (ط1)، ج 9، ص53. وانظر: الحسين بن مسعود البغوي، معالم التنزيل، الرياض، دار طيبة، 1997م (ط4)، ج 7، ص213.

[18]) قال: " فتوفي رسول الله r شهيداً ". انظر: محمد بن أبي بكر الشهير بابن قيم الجوزية، زاد المعاد، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1994م (ط27)، ج 3، ص299. وإسماعيل بن عمر بن كثير، البداية والنهاية، بيروت، مكتبة المعارف، 1988م (ط7)، ج 4، ص210.

[19]) قال: " فتوفي رسول الله r شهيداً ". انظر: موسى بن عقبة، المغازي، جمع: محمد باقشيش، المغرب، جامعة ابن زهر، 1994 (ط1)، ص255.

[20]) قال: " كان المسلمون لَيَرون أن رسول الله r مات شهيداً مع ما أكرمه الله به من النبوة ". انظر: عبدالملك بن هشام الحميري، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وآخرون، بيروت، دار الخير، 1992م (ط1)، ج 4، ص310.

[21]) قال: " فمات رسول الله r شهيدًا ". انظر: الواقدي، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، بيروت، دار عالم الكتب، 1984م (ط3)، ج 2، ص679.

[22]) قال: " وتوفي رسول الله r شهيداً ". انظر: محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم، 1987م (ط1)، ج 2، ص203.

[23]) قال: " وأراد الله له الشهادة بتلك الأكلة ". انظر: علي بن خلف الشهير بابن بطال، شرح صحيح البخاري، تحقيق: ياسر بن إبراهيم، الرياض، مكتبة الرشد، 2003م (ط2)، ج 5، ص374.

[24]) قال: " فجمع الله لنبيِّه بين النبوَّة والشهادة؛ مبالغةً في الترفيع والكرامة ". انظر: أبو العباس القرطبي، المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم، تحقيق: محيي الدين مستو، بيروت، دار ابن كثير، 1417هـ (ط1)، ج 18، ص62.

[25]) قال: " فكان المسلمون يرون أنه مات شهيداً مع كرامة النبوة ". انظر: ابن الأثير الجزري، الكامل في التاريخ، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، 1994 (ط4)، ج 2، ص98.

[26]) قال: " وكيف يجوز أن يستعانُ بهم [أي: اليهود] على شيء أو يؤتَمنوا على أمرٍ من أمور المسلمين وقد سَمُّوا رسول الله r في الذراع؟ ولمَّا حضرته الوفاة قال: " ما زالت أكلة خيبر تعاودني وهذا أوان انقطاع أبهري " ". انظر: ابن قيم الجوزية، أحكام أهل الذمة، تحقيق: طه سعد، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م (ط1)، ص183.

[27]) قال: " فمات رسول الله شهيداً ". انظر: محمد بن مكرم الشهير بابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، تحقيق: رياض مراد وآخرون، دمشق، دار الفكر، 1989م (ط1)، ج 1، ص291.

[28]) قال: " فمات r شهيداً ". انظر: أحمد بن علي المقريزي، إمتاع الأسماع، بيروت، دار الكتب العلمية، 1999م (ط1)، ج 2، ص129.

[29]) قال: " والسر في ذلك: أن ينضم له r مع النبوة درجة الشهادة أيضاً ". انظر: جلال الدين السيوطي، شروح سنن ابن ماجة، تحقيق: رائد بن صبري، الرياض، بيت الأفكار الدولية، 2007م (ط1)، ج 2، ص1306. وقال السيوطي نحوه في: الخصائص الكبرى، بيروت، دار الكتب العلمية، 1985م، ج 2، ص402.

[30]) قال: " فتوفي رسول الله r شهيداً ". انظر: محمد بن يوسف الصالحي، سبل الهدى والرشاد، القاهرة، وزارة الأوقاف، 1997م (ط1)، ج 5، ص134.

[31]) قال: " جمعاً له بين السعادة والشهادة ". انظر: ملا علي القاري، مرقاة المفاتيح، تحقيق: صدقي العطار، مكة المكرمة، المكتبة التجارية (د/ت،ط)، ج 13، ص314.

[32]) رواه الحاكم في المستدرك ج 4، ص344 (4966)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وأحمد في المسند بنحوه ج 39، ص356 (23933)، وقال شعيب الأرناؤوط في تخريجه: رجاله ثقات، وقد اختلف فيه على الزهري.

[33]) رواه الطبراني في المعجم الكبير، ج 11، ص204 (11503) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ج 8، ص611 (14262) : " إسناده حسن ". والحِسُّ: مَسُّ الحُمَّى أَوّلَ ما تَبْدأ. انظر: محمد بن مكرم الشهير بابن منظور، لسان العرب، تحقيق: عبدالله الكبير وآخرون، القاهرة، دار المعارف، 1982م، ج 2، ص871 (حسس).

[34]) رواه أحمد في المسند ج 6، ص116 (3618)، وقال شعيب الأرناؤوط في تخريجه: " صحيح على شرط مسلم ". ورواه أبو يعلى في المسند ج 9، ص132 (5207)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ج 7، ص12 (12565): رجاله رجال الصحيح.

[35]) جعفر بن محمد الفريابي، دلائل النبوة، تحقيق: عامر صبري، مكة المكرمة، دار حراء، 1406هـ (ط1)، ص61. ثم ذكر بالتفصيل قصص تسع محاولات لاغتياله r تحت عنوان: " أعداؤه يحاولون قتله " وهي محاولات: أبي جهل، والنضر بن الحارث، ومعمر بن يزيد، وكلدة بن أسد، وأبي لهب، وسراقة بن مالك، ودعثور، وشيبة بن عثمان، وأربد بن قيس.
ويمكن إضافة محاولات قتله في الغزوات، ومحاولة بني النضير إلقاء حجر عليه، وسحره، وفضالة (في فتح مكة)، وإرسال ملك الفرس مَن يحاول قتله، واليهودية التي قدمت الشاة المسمومة، ومكر المنافقين كما حدث أثناء رجوعهم من تبوك.. وانظر أيضاً: أحمد بن علي الجصاص الحنفي، أحكام القرآن، تحقيق: محمد قمحاوي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1405 هـ (ط1)، ج 2، ص432.

[36]) رواه الترمذي في سننه، تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة (3046)، وقال: حديث غريب. ورواه الحاكم في المستدرك ج 2، ص342 (3221) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. والقبة من الخيام: بيت صغير مستدير وهو من بيوت العرب، كانت توضع في المسجد للاعتكاف فيها. انظر: ابن الأثير الجزري، النهاية في غريب الحديث والأثر، الدمام، دار ابن الجوزي، 2001م (ط1)،ج 4، ص3 (قبب).

[37]) هو المستشرق (هيلر)، انظر: د. مراد هوفمان، يوميات ألماني مسلم، ترجمة: عباس العماري، القاهرة، مركز الأهرام للدراسات، 1993م، ص122.

[38]) انظر: أ.د. إبراهيم وجيه وآخرون، الطب الشرعي والسموميات، الإسكندرية، منظمة الصحة العالمية، 1993م (ط1)، ص185. وسدني سميث وعبدالحميد بك عامر، الطب الشرعي في مصر، بإشراف: فتحي العقيلي، طبعة خاصة بالمؤلفين معتمدة للتدريس في كليات الطب المصرية، 1995م، ج1، ص534.

[39]) انظر: عبد الوهاب البطراوي، الطب الشرعي والسموم، عمَّان، دار حامد، 1998م (ط1)، ص64.

[40]) انظر: أبو العباس القرطبي، المفهم، ج 18، ص63.

[41]) انظر: أ.د. مجاهد أبو المجد، الإعجاز العلمي في حديث الأبهر، المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، بتاريخ 22-24 آذار 2004م، الهيئة العالمية للإعجاز العلمي، دبي، ص4.

[42]) انظر: ديناميكية السموم والملوثات البيئية واستجابة الجهاز التنفسي والدوري لها، أ.د. فتحي عبدالعزيز عفيفي، القاهرة، دار الفجر، 2000م (ط1)، ص57. وانظر:
Pitchai Balakumar & Jagdeep Kaur, Arsenic Exposure and Cardiovascular Disorders: An Overview, Cardiovascular Toxicology, December 2009.

[43]) أحمد بن محمد القسطلاني، المواهب اللدنية، تحقيق: صالح الشامي، بيروت، الكتب الإسلامي، 1991م (ط1)، ج1، ص534.

[44]) انظر: ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص202.

[45]) ابن كثير، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى عبدالواحد، بيروت، دار المعرفة، 1976م (ط1)، ج 3، ص397.

[46]) موسى بن عقبة، المغازي، ص254. والنهسُ: أخذُ اللحم بأطرف الأسنان، بينما النهش: أخذه بالأسنان جميعاً. انظر: ابن الأثير الجزري، النهاية في غريب الحديث، ج 5، ص285 (نهس).

[47]) انظر: ابن القيم، زاد المعاد، ج4، ص16.

[48]) انظر: سمير عبد العزيز غنيم، التسمم الغذائي الحاد والتسمم طويل المدى، بيروت، دار الجيل، 1996م (ط1)، ص126. وشريف الطباخ ود. أحمد جلال، موسوعة الفقه والقضاء في الطب الشرعي، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة (د/ت،ط)، ج1، ص427. وسدني سميث وعبدالحميد بك عامر، الطب الشرعي في مصر، ج1، ص508. ود. محمد مرسي وسحر كامل، الموجز في الطب الشرعي وعلم السموم، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، (د/ت،ط)، ص114. وانظر:
Valeja, kuligk, American Academy of clinical toxicology, european association of Poisons Centers and clinical toxicologist , Gastric lavage and Cathartics. 2004.

[49]) انظر: د. سمير القماز، علم السموم، عمَّان، دار صفاء، 2003 (ط1)، ص170. و أ.د. إبراهيم وجيه وآخرون، الطب الشرعي والسموميات، ص186.

[50]) انظر: سدني سميث وعبدالحميد بك عامر، الطب الشرعي في مصر، ج1، ص537. وانظر أيضاً: ج1، ص543.

[51]) انظر: ابن هشام، السيرة النبوية، ج 3، ص455. والواقدي، المغازي، ج 2، ص634. وابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص106. وابن حجر، فتح الباري، ج 16، ص14.

[52]) قال ابن حجر في فتح الباري، ج 8، ص151: " الجمهور على أن عمره r حين وفاته كان ثلاثاً وستين سنة ".

[53]) انظر: سدني سميث وعبدالحميد بك عامر، الطب الشرعي في مصر، ج1، ص509. ود. محمدمرسي وسحر كامل، الموجز في الطب الشرعي وعلم المسوم، ص114. وانظر: ص 1024-1027 من المرجع الطبي التالي:
M. Haddad, Poisoning and drug overdose,2nd edition, W.Bsaunders company

[54]) انظر ص676 من المرجع الطبي التالي:
C. K. Parikh, Parikh`s text book of medical Jurisrudence and toxicology, Delhi, India, CBS Puplishers & distributors. 1995.

[55]) انظر: أ.د. إبراهيم وجيه وآخرون، الطب الشرعي والسموميات، ص186.

[56]) انظر: أ.د. إبراهيم وجيه وآخرون، الطب الشرعي والسموميات، ص185. وشريف الطباخ ود. أحمد جلال، موسوعة الفقه والقضاء في الطب الشرعي، ج1، ص427. وسدني سميث وعبدالحميد بك عامر، الطب الشرعي في مصر، ج1، ص540. وعبدالوهاب البطراوي، الطب الشرعي والسموم، ص62 و64. ود. محمود مرسي وسحر كامل، الموجز في الطب الشرعي وعلم السموم، ص126.

[57]) ابن عبد البر القرطبي، الدرر في اختصار المغازي والسيَر، تحقيق: شوقي ضيف، القاهرة، دار المعارف، 1403هـ (ط2)، ص53 (55).

[58]) انظر: محمد الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: علي شيري، بيروت، دار الفكر، 1994م، ج 2، ص369.

[59]) انظر: ابن قيم الجوزية، زاد المعاد، ج 4، ص81.

[60]) الزرقاني، شرح المواهب اللدنية، ج 8، ص260.

[61]) انظر: أ.د. مجاهد أبو المجد، الإعجاز العلمي في حديث الأبهر، ص 5.

[62]) انظر: د. سمير القماز، علم السموم، ص205. و أ.د. فتحي عبدالعزيز، ديناميكية السموم، ص228. وانظر أيضاً:
-Robert H. Dreisbach, Hand book of poisoning, Librairie du Liban, Lebanon, 1987 page 222.
-Lippncott Williams and Wikins, Arsinic and Arcine gas, E.martin caravati, Medical Toxicology, page. 1396.
-Medical Jurisprudence and toxicology, page 745.

[63]) انظر: يحيى بن شرف النووي، المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج الشهير بشرح النووي على مسلم، بيروت، دار الخير، 1994م (ط1)، ج 17، ص313.

[64]) انظر: ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص643.

[65]) رواه البزار في المسند، ج 1، ص406 (2647). ووثق رجالَه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 3، ص104 (4036).

[66]) رواه البزار في المسند ج 1، ص229 (1317), ووثق رجالَه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 8، ص593 (14246).
والأشطان: الحِبال، وقيل: الشطن: الحبل الطويل الشديدُ الفَتْل يُسْتَقى به وتُشَدُّ به الخَيْل. انظر: ابن منظور، لسان العرب، ج 4، ص2264.

[67]) رواه أحمد في المسند ج 25، ص376 (15997)، قال شعيب الأرناؤوط في تخريج الحديث: " حديث صحيح في استغفاره لأهل البقيع واختياره لقاء ربه، وهذا إسناد ضعيف ".

[68]) سبق تخريجه، انظر حاشية رقم (17).

[69]) رواه أحمد في المسند ج 29، ص425 (17894)، قال شعيب الأرناؤوط في تخريجه: صحيح لغيره.

[70]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 5، ص163. والحديث في المتن سبق تخريجه: انظر حاشية رقم: (17).

[71]) انظر: برهان الدين البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م (ط1)، ج 8، ص174.

[72]) انظر: ابن كثير، البداية والنهاية، ج 5، ص189.

[73]) البقاعي، نظم الدرر، ج 2، ص429.

[74]) أحمد بن عبدالحليم بن تيمية، منهاج السنة، تحقيق: محمد رشاد سالم، القاهرة، مؤسسة قرطبة، 1406هـ (ط1)، ج 7، ص313.

[75]) ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج 4، ص144.

[76]) محمد عبدالرؤوف المناوي، فيض القدير، بيروت، دار المعرفة، 1972م (ط2)، ج 5، ص448.

[77]) انظر للأدلة على هذا الترتيب ومزيد من الأحداث وتفصيلها: وحيد بن عبد السلام بالي، الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية، القاهرة، دار الفوائد ودار ابن رجب، 2007م (ط2)، ص53-89.

[78]) د. عائض القرني، محمد r كأنك تراه، بيروت، دار ابن حزم، 2002م (ط1)، ص32.

[79]) إبراهيم بن موسى الشاطبي، الموافقات في أصول الفقه، محمد عبدالله دراز، بيروت، دار المعرفة، (د/ت،ط)، ج 4، ص294.

[80]) محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، القاموس المحيط، بيروت، دار الكتب العلمية، 1995م (ط1)، ص 846، (نقض).

[81]) محمد عبد الرؤوف المناوي، التعاريف، تحقيق: د. محمد رضوان الداية ، بيروت، دار الفكر، 1410هـ (ط1)، ج 1، ص208 (فصل النون).

[82]) انظر: محمد سعيد مجاهد، التعارض والترجيح، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة دمشق، 2002م، ص 24. والحواشي الثلاث الآتية مقتبسةٌ منها.

[83]) أولُ ركنَي القضية، كالمبتدأ ونحوه (في الجملة الاسمية)، والفاعل ونحوه (في الجملة الفعلية). وسُمِّيَ موضوعاً؛ لأنه وُضِعَ ليُحكَم عليه.

[84]) ركن القضية الثاني، كالخبر ونحوه (في الجملة الاسمية)، والفِعلِ ونحوه (في الجملة الفعلية). وسُمي محمولاً؛ لحمله على الموضوع.

[85]) القوة: قابليته لذلك، والفعل: تحقُّق ذلك. فالخمر في الدَّن (الوعاء المخصص لنبذ الخمر) فيه قابلية للإسكار لو شُرِب، وهو في الوعاء دون أن يُشرَب: ليس بمسكر.

[86]) محمد بن أحمد الذهبي، تاريخ الإسلام، تحقيق: د. عمر التدمري، بيروت، دار الكتاب العربي، 1987م (ط1)، ج 1، ص144.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 09:54 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات