احذروا القات

[منتدى فرسان الحق]

احذروا القات










مراد باخريصة




حديثنا اليوم عن أمر كثرت أضراره وعمت، وتنوعت أخطاره وتعددت، وظهرت مصائبه وتفشت، ضيّع الصلوات وأهدر الأوقات ونشر السرقات والرشوات وشكا منه الآباء والأمهات إنه القات.


وقد سبق الكلام عن هذا الموضوع من قبل ولكن كثر الحديث عنه في هذه الأيام وتفجرت مشاكله في عدد من الأحياء والمناطق ففي الشحر ثار عليه أهلها وأخرجوا أسواقه من داخل المدينة وفي المكلا حدثت عدد من الاحتجاجات والمظاهرات بسبب أسواق القات.

لقد تأذى الناس من هذه الأسواق الموجودة في وسط الأحياء السكنية لأن فيها أذية لأهل تلك الأماكن حيث يتجمع في تلك الأسواق كثير من قطاع الصلاة ومدمني المخدرات والنشالين والسرق إضافة إلى ما يحدث في تلك الأسواق من خصام ومنازعات وصلت إلى العراك بالأيدي والاشتباك بالأسلحة في بعض الأحيان وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾.

لقد أفسد القات كثيراً من الشباب وأفقدهم شخصيتهم وإنسانيتهم وساقهم سوقاً إلى الإدمان فيصبح الشاب كالبهيمة التي همها الأول والأخير هو البحث عن العلف فتراه تحت وطأة البحث عنه مستعد لفعل كل شيء من نهب وغش وابتزاز وسرقة وخداع ومراوغة وقد تبيّن أن كثيراً من السرقات العامة والخاصة بمختلف أنواعها وصورها وراءها أناس ممن أدمنوا القات والمخدرات فيضطرون إلى كسب المال بهذه الطرق المحرمة والسبل الملتوية.

لقد أفسد القات الأسر وفككها وتسبب في أنماط من الانحرافات الأخلاقية بين أبنائها وأوقع حالات كثيرة من المشاكل الداخلية في البيوت بل وتسبب في ارتفاع معدلات الطلاق وأبعد الأزواج عن زوجاتهم والآباء عن أبنائهم وبناتهم بسبب الساعات الطوال التي تضيع في لهوه ومضغه.

لقد قلب القات سعادة أناس إلى شقاء فكم من رجل ممن ابتلي بالقات ذهب مع أصدقائه ورفاقه وترك أسرته وزوجته وأولاده يتكففون الناس وربما لم يترك لهم شيئاً جميلاً في البيت إلا باعه أو تصرف فيه بل ربما باع ما تملكه زوجته من ذهب وحلي ولهذا طلبت بعض النساء الطلاق أو الخلع من أزواجهن بسبب أخذهم لأموالهن وحليهن في القات.لأن من وقع فيه فإنه يصعب عليه أن يتخلص منه بسهولة فتراه يفقد وعيه ويتصرف كالمجنون حينما لا يجد مالاً يشتري به قاتاً حتى لو وصل الأمر أن يسرق الأشياء الموجودة في المسجد لفعل وقد حدث هذا مراراً وتكراراً في عدد من المساجد والله المستعان.

لقد رأينا شباباً تراكمت عليهم الديون والهموم وتزاحمت عليهم المشاكل والغموم وطار من أعينهم النوم وتغير بهم المزاج وعاشوا في عالم الأوهام والخيالات ثم ازداد بهم السوء سوءً فأضافوا للقات الحبوب والحشيش والمخدرات ففتحوا على أنفسهم باباً عظيماً من أبواب الشر والبلاء والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( لا ضرر ولا ضرار).

بل رأينا شباباً صغاراً يخزنون وهم لا يشتغلون فمن أين يأتون بهذه المبالغ التي يشترون بها هذه الآفة ورأينا آخرين يخزنون بخمسمائة ريال يومياً أو ألف ريال يومياً ورواتبهم لا تتعدى عشرون ألفاَ أو خمسة وعشرون ألفاً فكيف يفعلون ومن أين يغطون بقية مصاريفهم ومصاريف عوائلهم وأسرهم.

عباد الله:
لقد حرَّمه كثير من علماء اليمن منهم الإمام ابن حجر الهيثمي رحمه الله في كتابه "الزواجر عن اقتراف الكبائر" فقال وقد ألفت كتاباً سميته "تحذير الثقات عن استعمال الكفتة والقات" ومنهم البيحاني ( محمد بن سالم البيحاني ) رحمه الله وجزم بتحريمه وغيرهم من علماء اليمن الأجلاء ومشايخه الفضلاء لأن كثيراً من العلل التي حرم الله الخمر بسببها موجودة في القات:

فقد حرم الله الخمر لأنه رجس من عمل الشيطان ومتعاطيه غالباً ما يكون بعيداً عن مجالس الخير والصلاح قريباً من مجالس الشر والشياطين وهكذا القات.

وحرم الله الخمر لأنه يوقع بين الناس العداوة والبغضاء ومن تأمل في هذه العلة فسيجد أنها موجودة في القات أيضاً وماحدث من عراك ونزاع في تلك الأسواق أكبر دليل على ذلك.

وحرم الله الخمر لأنه يصد عن ذكر الله وعن الصلاة وكذلك القات بل من يشرب الخمر فإنه يشربها غالباً في الليل يعني في أوقات ليست بأوقات صلاة أما من يخزنون فإنهم يخزنون في كبد أوقات الصلاة وكثير من المخزنين هنا في حضرموت يضيعون الصلاة وخاصة صلاة العصر والمغرب ومن ضيّع العصر والمغرب فلن يحرص على الظهر والعشاء ومن باب أولى الفجر وخاصة ممن يخزنون إلى الليل.

أضف إلى ذلك ما فيه من الإسراف العظيم فلو فرضنا أن شخصاً يخزن يومياً بخمسمائة ريال فمعنى ذلك أنه سيصرف أكثر من مائة وثمانين ألف ريال في السنة الواحدة وهذا مبلغ رهيب لو أنفقه الشخص فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة لكان أجمل وأفضل.

هذا على مستوى الفرد أما على مستوى المجتمع فقد أجريت دراسة هنا في حضرموت ذكرت أن ما يصرف على القات يومياً يصل إلى أربعة ملايين ريال هذا يومياً فكم سيكون المبلغ شهرياً وكم سيكون سنوياً وكم سيكون لو حسبنا على مستوى اليمن يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال).

الخطبة الثانية
عباد الله:
علينا أن نحذر ونُحذّر من هذه الآفة والمصيبة مصيبة القات وأن لا نمل ولا نشعر بالملل عندما نكرر الكلام في التحذير منها لأنه مفاسدها تفاقمت وأضرارها تعاظمت ولنحذر أبناءنا من رفقاء السوء الذين يزينون لهم هذا الأمر ويوهمونهم بأن القات ينسيهم الهموم ويبدد الغموم ونسوا أنه مصدر الكربات ومولد المشكلات وجامع المعضلات.

واليوم نسمع أن هناك نساء من بناتنا وفتياتنا هنا في حضرموت قد ابتلين أيضاً به بل منهن من ابتلين بتعاطي المسكرات والمخدرات وقد ذكر نائب مدير إدارة المخدرات بحضرموت ذلك فقال (صراحة يؤسفنا جداً أن نذكر بعض القضايا المهمة التي هزت أرجاء المجتمع، وهو انخراط النساء في تعاطي وترويج المخدرات، إذ لاحظنا من عملنا في جانب المخدرات خلال السنوات الماضية بأنه لم يكن للنساء دور إلا دور مساعد أو مشارك من بعيد ولكن في الفترة القريبة لاحظنا أن النساء أصبحن عنصراً أساسياً في جرائم المخدرات، إذ جمعنا معلومات كثيرة عن بعض الفتيات من بنات المكلا وأريافها مشتبهات في تعاطي المخدرات والعجيب من ذلك أنهن لم يصبحن متعاطيات فقط إنما أصبحن من كبار المروجات وناقلات المخدرات، حيث إنه ما من مروج مخدرات يقوم بنقل المخدرات إلا يصطحب معه مجموعة من النساء...).

هذا في المخدرات أما في القات فقد ذكرت عدد من الصحف العربية والعالمية أن شباباً من اليمن يقومون بنقل وتصدير القات إلى عدد من دول العالم بطرق خفية وغير ظاهرة.

إنها والله مآسي وأمور محزنة تبدأ بالتدخين ثم بالتخزين ثم بالحشيش ثم بالمخدرات ثم يصبح من مرويجي المخدرات فعلى الإنسان العاقل اللبيب أن يقطع هذا الشر من أوله فيترك القات حتى لا يقع في المخدرات وعليه أن يقرر تركه ويطلب من الله العون على تركه ويترك رفقاء القات الذين يزينون له القات وليقترب من الله جل جلاله فالله جل جلاله يقول ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ ويقول سبحانه ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.

أخيراً إخواني الكرام إخوانكم في برنامج مكافحة التبغ والقات وإخوانكم في مؤسسة حضرموت لمكافحة السرطان يقومون بحملة جمع تواقيع لجعل حضرموت محمية خالية من القات ويسعون إلى إخراج أسواق القات من وسط الأحياء السكنية ويطلبون منكم التوقيع على ذلك فنرجوا التفاعل معهم بالتوقيع وجزاكم الله خير الجزاء فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك