صحة أثر مالك " الله في السماء وعلمه .."

[منتدى اهل الحديث]

قمع المارد في تضعيفه لأثر إمام مالك!
قال الإمام عبد الله بن إمام أحمد حدثني أبي رحمه الله، نا سريج بن النعمان، نا عبد الله بن نافع، قال: كان مالك بن أنس يقول:" الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء "
". انظر: "مسائل أحمد من رواية أبي داود 263"، "السنة لعبد الله بن أحمد (1/280) "والشريعة للآجري 289"، "وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي 673"وابن عبد البر في"التمهيد"(7/138).وهو أثر صحيح لا غبار عليه
روأيتُ من ضعف هذا الأثر من أجل الإمام ( عبد الله بن نافع الصائغ ) وهذا شيء غريب جداً فلما عجزوا عن إثبات الأسانيد فيما يَنقُلون من الأخبارِ حِينَها بدأوا الطعنَ في الأئمة الكبارِ والعلماء العظام وأقول جوابًا لهم:
أولاً:نقلتَ عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال:( عبد الله بن نافع الصائغ لم يكن صاحب حديث وكان ضعيفًا فيه. )اهـ فقولك ( وكان ضعيفاً..) هكذا وقع في "تهذيب التهذيب" ط الهندية . أنظر أن فيه خطأ فقد وقع في " الأصل" (ضيقاً ) وأسنده ابن عدي في" الكامل ( 5/398) فقال ابن عدي: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ، حَدَّثَنا أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ عَبد الله بن نافع المديني الصائغ قال لم يكن صاحب حديث كان ضيقا فيه وكان صاحب رأي مالك وكان يفتي أهل المدينة برأي مالك ولم يكن في الحديث بذاك .اهـ.

انظــــــــــــــر قوله: (كان ضيّقاً فيه) والفرقُ بين الضيق والضعيف ظاهر !!
وبتحرير قول الإمام يتبينُ لنا أنه إنما كانَ يريد بهذه المقولة أنه-الصائغ- لا يعرف الحديثَ وإنما كان بمعرفة من أقوال الإمام مالك . أما الحديث فلم يكن يُحسن فيه وهذه هيَ أوقوال إمام أحمد-رضي الله عنه - فيه .
قال أبو داود«سؤالاته» (211): سمعتُ أحمد. قال: عبد الله بن نافع الصائغ، لم يكن يحُسن الحديث، كان صاحب رأى مالك. اهـ
وقال الآجري،«تهذيب التهذيب» 6/ (98) عن أبي داود: سمعت أحمد يقول: كان عبد الله بن نافع أعلم الناس برأي مالك وحديثه، كان يحفظ حديث مالك كله. ثم دخله بأخره شك. اهـ
ثانياً: هناك أئمة صرّحوا بأنه ثقة لو انفرد واحد منهم لكانوا أجل من ابن عدي وأقرانه.
1- الإمام مسلم بن الحجاج فقد أخرج له في صحيحه قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : قلتُ: وعبد الله الصائغ حديثه مخرج في الكتب الستة، سوى (صحيح البخاري) اهـ .
2- قال يحيى بن معين في" الجرح والتعديل " 5 / 184،"والسير (10/373): ثقة.
3- وقال النسائي ( تهذيب الكمال 1/211): ليس به بأس وقال مرة ثقة.
4- وَقَال أبو زُرْعَة ( تهذيب الكمال16/210) : لا بأس به.
5- وقال العجلى تهذيب التهذيب 6 / 52 : ثقة .
6- وقال الإمام ابن قانع تهذيب التهذيب 6 / 52 : مدنى صالح .
7- قال الخليلى "تهذيب التهذيب" 6 / 52 : لم يرضوا حفظه ، و هو ثقة أثنى عليه الشافعى و روى عنه حديثين أو ثلاثة .
8- الإمام القاضي عياض فقد بالغ في تقريظه[السير للذهبي (10/371).]
فهذه ثمانية أنفاس كلهم وثقوا الرجل !!!!.

ثالثاً: أما من ضعفه فلم أر إلا قولَ ابن عدي في الكامل وقد بترتم كلامه- إن لم يكن منقولاً عن غيرك وهو الصحيح فإنه نفس كلام ابن الجماعة- وتمام قول ابن عدي (وعبد الله بن نافع قد روى عن مالك غرائب وروى عن غيره من أهل المدينة، وَهو في رواياته مستقيم الحديث،)[الكامل:ج5/399]وقد سبق.فَلِم لمْ تذكر عبارة :( وَهو في رواياته مُستقِيم الحديثِ) لأنها تدلُ على التعديلِ!!
رابعاً: وأما باقي الأقوالِ في الجرح فيه فقد وردَتْ ما يدل على أنه كان في حفظه شيء قال البخاري: تعرف وتنكر وقال مرة: يُعرف حفظه ويُنكر، كتابه أصح. وقال أبو حاتم: هو لين في حفظه، وكتابه أصح.

والخلاصة في" ابن صائغ" ما قاله الحافظ في " تقريب الهذيب" قال: ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين .اهـ.

خامساً: نقل هذا الكلامَ عن إمام ملك أهلُ مذهبه وهم أدرى من غيرهم مما يدل على أنه لا غرابة فيه فقد رى عنه ابن عبد البر كما سبق .
قال شيخ الإسلام مجموع الفتاوى (5/180 182) : أنَّ المالكية وغير المالكية نقلوا عن مالك أنَّه قال: "الله في السماء وعلمه في كلِّ مكان"، حتى ذكر ذلك مكيّ - خطيب قرطبة - في كتاب التفسير الذي جمعه من كلام مالك، ونقله أبوعمرو الطلمنكي، وأبو عمر بن عبد البر، وابن أبي زيد في المختصر،

وغير واحد، ونقله أيضاً عن مالك غير هؤلاء ممّن لا يُحصى عددُهم، مثل أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله، والأثرم، والخلال، والآجري، وابن بطة، وطوائف غير هؤلاء من المصنّفين في السنة.. اهــ.

سادساً: قلتَ(قال ابن فرحون: كان أصمّ أميًا لا يكتب.) وأما انه كان أمياً لا يكتب فذكر أيضاً القاضي عياض ولا عيبَ لأن الله أرسل إلى البشرية رسولاً أمياً .
قال تعالى ((الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ..} إلي قوله{... فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون [ الأعراف: 157-158].

ومن الغريب بمكانٍ؛ أن الأئمة ذكروا له أنه إن روى بكتابه فهو صحيح وإلا؛ فلين. قال البخاري: وقال مرة: يعرف حفظه وينكر، كتابه أصح. وقال أبو حاتم: هو لين في حفظه، وكتابه أصح.اهـ فكيف يقرأ الكتاب أو يكتب إن كان أمياً.!!! فاعتبروا يا أولي الأبصار.

وأما أنه كان أصمَّ ! فلم أقف من ذكره إلا ابن فرحون ولا أظنه إلا في " "الديباج المذهب في أعيان علماء المذهب" ولم أنظر فيه لأتيقن قوله فإن الناس قد عرفنا فيهم تحريفاً والله المستعان . على كلٍ فهو متأخر ولا نعتمده استقلالاً توفي سنة 799 .

ثم وجدت أن الشيخ بدر الدين ابن جماعة نقل عنه في "إيضاح الدليل " فبرأت رقبة الأخ الصوفي! .

سابعاً: وأما سريج فقد أخرج له الستة إلا مسلم وكفى وليس كل الكلام في الرواة يضر فقد تكلم ناس من كبار أهل العلم في "الشافعي" !!

ثامناً: قولك :( وبمثل هذا السند لا ينسب إلى مثل مالك مثل هذا. فبان مما ذكرناه أنّ ما تنسبه المشبهة للإمام مالك تقوُّلٌ عليه بما لم يق) فأقول أثتبتم عقيدتكم بما لا إسناد له فكيف تعرضون عما له إسناد ((أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين ))؟.

ثم حققنا صحة الإسناد بما لا يدع لمنصفٍ أي شبه فهل من مقنع .؟ قال الذهبي في "العرش" له (2/228-229 ):هذا حديث ثابت عن مالك رحمه الله، أخرجه عبد الله بنأحمد بن حنبل في كتاب "الرد على الجهمية" عن أبيه، عن سريج بن النعمان، عن عبد الله بن نافع تلميذ مالك وخصيصه.اهــ

وقولك(أنّ ما تنسبه المشبهة للإمام مالك تقوُّلٌ عليه بما لم يق) من أبطل الباطل وأشنع ما خرج منك لأنك ترمى الأئمة كأحمد وابنه وأبي داود وابن القدامة والذهبي فهل هولاء مشبة تقوّلوا بما لم يقل الإمام تعنى أنهم كذبة ؟!! كيف تقول هكذا وأن الأمر الذي تضمنه الأثر مجمع عليه بين الأئمة جميعاً قال الإمام ابن عبد البر في" التمهيد" (التمهيد 7/138-139.):علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل قوله عز وجل: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله.. اهــ



والخلاصة أن الأثر صحيح ولا يضره أن عبد الله بن نافع كان في حفظه شيء لأن هذا في الحديث وأما أقوال مالك فكان وهو المرجع فيها . وأما انه كان يروى الغرائب فأولاً: ليس هذا الكلام غريباً لا شرعاً ولا عقلاً ووافق جميعَ أهل العلم في المسألة ثانياً: قد نقل هذا الكلام عنه علماء المذهب وما استغرب فيه أحد هم المعمدة ! .
وبالله التوفيق .

( كان أصله نقاشاً بيني وبين بعضِ الصوفية !)

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك